اخبار محليةالأمناء نت

تحليل يكشف حقيقة العلاقة بين المملكة العربية السعودية والمجلس الانتقالي الجنوبي

ماذا وراء الضغط السعودي على الانتقالي؟
تحليل يكشف حقيقة العلاقة بين المملكة العربية السعودية والمجلس الانتقالي الجنوبي

(الأمناء/ قسم التقارير:)

كيف استطاع الانتقالي الحفاظ على علاقته الوطيدة مع الشقيقة الكبرى؟

ما الذي أثار غضب السعودية من الانتقالي؟

ما دور القوى المعادية بمحاولة شيطنة الانتقالي؟

ألم يكن مطلب استقلال الجنوب حاضرًا منذ انطلاق الحرب؟

ما الذي تغير الآن؟ وهل هناك علاقة بالمتغيرات على الأرض؟

لماذا تراجعت الرياض عن تصنيفها للحوثي واتجهت للحوار معه؟

 

دون الخوض في المقدمات التي تتحدث عن العلاقة بين الانتقالي والمملكة العربية السعودية من عدمها، وموقفها من مشروع استقلال الجنوب وإعادة بناء دولته المستقلة. ما نود تناوله هنا هو معرفة التغيرات الأخيرة في مسار العملية السياسية التي تخوضها مختلف الأطراف الداخلية والخارجية للتوجه نحو إنهاء الحرب والدخول في مفاوضات التسوية النهائية، فالمملكة العربية السعودية هي التي تقود التحالف العربي الداعم للشرعية في حربها مع الحوثي، وقد تميزت العربية السعودية في علاقاتها الخارجية بحالة من التغير والتبدل في أدوارها المختلفة بحسب منطق القوة والإمكانية، فعندما تشعر بضعفٍ في قدراتها الداخلية العسكرية أو السياسية نجدها تلجأ لعقد التحالفات والمعاهدات والاتفاقيات التي تعتمد فيها على دبلوماسية الشيكات بدرجة رئيسية، منطلقة من همها الرئيسي المتمثل في استراتيجية الحفاظ على الاستقرار الأمني في المملكة وخوفها من أي تأثيرات خارجية على الداخل السعودي، لذا كانت تدفع في تصعيد بؤر التوتر داخل دول الجوار ظنا منها أن انشغال دول الجوار بأوضاعها الداخلية يبعد أي تأثيرات لها على المملكة.

لم تكن الحركة الحوثية حالة يمنية طارئة بل هي مشروعا يتماشى مع مجريات الصراع الإقليمي والدولي في المنطقة، حيث تشكل خطرًا على أمن واستقرار المنطقة عامة، ومنذ بداية الحرب عمل الحوثي على تصوير الحرب الدائرة في اليمن بأنها بينه وبين المملكة، بوصفها اعتدت على اليمن – بحسب ما تردده ماكنة إعلام الحوثي منذ بداية الحرب – بينما كانت السعودية على رأس تحالف عربي أخذ مشروعيته الأممية بالتدخل لمساعدة الشرعية اليمنية، حيث أقدم الحوثي على مواجهة المملكة بالرد على تدخلها في الحرب، وقصفه أراضي المملكة بالصواريخ البالستية والطيران المسير أوجد حالة من الهلع والخوف داخل الأراضي السعودية.

 

لماذا تراجعت الرياض عن تصنيفها للحوثي واتجهت للحوار معه؟

المملكة لديها مشروع نهضوي كبير، كما أوضحته رؤية الأمير الشباب الطموح محمد بن سلمان20/30، هذا المشروع لم ولن يتحقق إلا في حالة الاستقرار الأمني وإبعاد بؤر التوتر والصراع في المنطقة عامة، كما أن إطالة زمن الحرب دون حسمها عسكريا بحسب الفرضية التي وضعها التحالف والشرعية اليمنية في بداية الحرب في حسمها لصالحهم بوقت قصير.. كل ذلك دفع بالمملكة للتوجه للبحث عن مخرج يخلصها من مازق تدخلها في الحرب لاسيما بعد أن تبددت أهدافها من التدخل، لذا لجأت للتحاور مع الحوثي منفردة، دون بقية أطراف الحرب الأخرى، فالحوثي لم يكن هو الطرف الوحيد في هذه الحرب، لكنه الطرف الرافض لتدخل التحالف في الحرب واعتبره عدوانًا على اليمن وسوقه خطابه الإعلامي منذ بداية الحرب، بينما كانت السعودية وبقبة دول التحالف قد أعلنت بأنها تقود تحالفًا عربيًا بموجب القرار الدولي بهدف مساعدة الشرعية اليمنية وتخليصها من مليشيات الحوثي التي انقلبت على السلطة الشرعية وسيطرتها على صنعاء، لهذا جاء التدخل من أجل عودة الشرعية إلى صنعاء والقضاء على المليشيات الحوثية.

إلا أن ما جرى على أرض الواقع وبعد تسع سنوات من الحرب، لم تنجح الشرعية اليمنية في محاربة الحوثي ودخولها صنعاء رغم مساعدة التحالف لها، كل ذلك أثبت للمملكة وبقية دول التحالف بأن الحوثي قد تمكن من استمرار فرض سيطرته على صنعاء وبقية المحافظات الشمالية، بل استطاع ترويض المجتمع بهذه المحافظات ذات الكثافة السكانية والخلفية السنية، وقبولها بحكم الحوثي ذو الخلفية اليزيدية السلالية، هذا ما دفع بالسعودية إلى الإقرار بتواجد الحوثي على الأرض والتفكير في إعادة النظر في سياستها تجاهه، والدخول في حوار مباشر معه يمكن تقدم من خلاله التنازلات ما دام الأمر يتعلق بمصالحها وإبعاد الخطر عن أراضيها، بدءا في تراجع الطرح الذي يرى بأن الحوثي مشروعا طائفيا يهدد أمن المملكة ومدعوما من عدوها التقليدي إيران.

إذ ذهبت إلى التفكير باستحضار علاقتها القديمة التي كانت داعمة لحكم الأئمة الزيدية، الذي هو نفس توجه الحوثي المرتبط بالمذهب الشيعي، النقيض للتوجه السعودي السلفي السني، في هذه الجزئية اعتمدت السعودية سياسية التكتيك في تأجيل الصراع الديني ودخلت في حوار مع الحوثي يتعلق بالحالة السياسية والاقتصادية أظهرت استعدادها لتقديم المساعدات الاقتصادية للحوثي مستغلة بذلك أوضاعه الاقتصادية وحاجة الحوثي للدعم، مقابل الوصول إلى اتفاق لتأمين حدودها معه، إذ يركز الحوثي في حواره مع السعودية بهدف الحصول على المكاسب الاقتصادية فهو في أمس الحاجه لها وهي مكاسب آنية يستلمها الحوثي تساعده على تقويته نفوذه، وربما قد توصل الطرفان إلى تفاهمات في ذلك.

أما فيما يتعلق بالمصالح الاستراتيجية فإنها تأخذ طابع المعاهدات ذات البعد الاستراتيجي، والحوثي معروف بعدم التزامه لأي اتفاقيات، أو معاهدات، وطالما كانت الحرب اليمنية التي فجرها الحوثي بسبب ما أنتجه مؤتمر حوار صنعاء الذي أقر تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم حصر بموجبها الحوثي في إقليم المرتفعات الجبلية الخالي من الموارد وبعيدًا عن المنافذ البحرية، وهذه رؤية لعبت السعودية دورًا كبيرًا في إنتاجها، ذلك ما دفع الحوثي بالسيطرة على صنعاء والتمدد تجاه الموانئ ومناطق الثروات في الجنوب، وعليه فإن تباحث السعودية مع الحوثي حول ذلك انطلق من إعادة النظر لديها برؤية تقسيم الأقاليم بحسب مؤتمر الحوار، حيث اقتنعت بأن يكون للحوثي الحكم على إقليم اليمن الشمالي (مناطق سيطرته الحالية).

 

الدور السعودي والعلاقة مع الانتقالي

وتبقى المسألة هنا هو ما يتصل بالوضع في الجنوب الذي استطاع طرد الحوثي منه بدعم التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات عندما اتفقت مصالحهم مع الجنوبيين وخاضوا الحرب ضد الحوثي، حيث دخلت السعودية بعلاقة مع المجلس الانتقالي الجنوبي الحامل السياسي للقضية الجنوبية، والساعي إلى استعادة الدولة الجنوبية، فضلا عن علاقتهما مع ما تسمى بالشرعية اليمنية التي أعطت التحالف شرعية التدخل.

كان تحالف الضرورة مع الانتقالي قد تميز بعلاقاته القوية مع التحالف لأنه الطرف الوحيد القوي في مواجهة الحوثي، حيث أظهرت قواته المسلحة تفوقها في الدفاع عن المناطق الجنوبية وصد هجمات الحوثي، على العكس من ذلك كانت قوات ما تسمى بالشرعية قد أظهرت تواطؤها وعدم جديتها بالحرب ضد الحوثي، بينما كانت القوات الجنوبية تتقدم إلى العمق في الساحل الغربي وصولا إلى مشارف ميناء الحديدة، كانت الشرعية تتفاوض مع مليشيات الحوثي في السويد، وفي هذا التفاوض أسقط عنهم تهمة المليشيات الانقلابية وتم مساواتهم مع الشرعية اليمنية.

الأمر الذي زاد من تأزم العلاقة بين الشرعية التي يتحكم فيها تنظيم الإخوان وبين المجلس الانتقالي لا سيما في حربها على الخدمات في المناطق الجنوبية المحررة، وإثارة الصراع مع الانتقالي بدلا من توجيه صراعها مع الحوثي، إذ اتجه الإخوان في الشرعية إلى نقل الصراع للداخل الجنوبي والتصادم بينهما، لتكون النتيجة تمكن الانتقالي من السيطرة العسكرية على المناطق الجنوبية.

تجاه ذلك تدخلت السعودية وعملت على التقارب بينهما من خلال عقد اتفاق الشراكة بالحكومة بحسب اتفاق ومشاورات الرياض، على أمل معالجة أوضاع الجنوب المتردية، إلا أنه للأسف الشديد لم يتغير شيء في الواقع، بل زادت الأوضاع سوءًا.

كان دخول المجلس الانتقالي في تحالف مع عدوه وضع غير منطقي، وهو الأمر الذي زاد من تعقيد الأوضاع في المحافظات الجنوبية.

ظل المجلس الانتقالي متمسكًا بتوجهه السياسي الثابت والمتمثل باستقلال الجنوب الذي قدم الجنوبيون من أجل ذلك عشرات الآلاف من الشهداء.

هذا التوجه لم يرضي الشرعية وعملت حكومات الشرعية على بقاء الجنوب كعهده بيدها حتى تنتهي الحرب، وعدم السماح بإعادة مؤسسات الدولة في الجنوب وهذا الأمر ساعد الحوثي على تقويته.

 

ما الذي أثار غضب السعودية من الانتقالي؟

بعد التقارب السعودي الحوثي اتسع الموقف الجنوبي الأكثر تشبثًا بموضوع استقلال الجنوب وتأييد ذلك من قبل بعض القوى التي كانت على خلاف مع الانتقالي، ومنهم قوى الشرعية المنتمين للجنوب وبعض الأحزاب السياسية وقد عزز ذلك تحركات الانتقالي خلال الشهرين الأخيرة المتمثلة بدعوته لعقد ملتقى الحوار الجنوبي الذي جمع معظم المكونات السياسية والاجتماعية الجنوبية وتوقيعها على الميثاق الجنوبي الذي أكدوا فيه على مشروعية استقلال الجنوب، فضلا عن تحركات قيادة الانتقالي في المناطق الشرقية، وإعلانها عن نتائج إعادة الهيكلة للمجلس الانتقالي الذي أضاف في تركيبته قيادته أبرز الشخصيات القيادية والعسكرية إلى قوام هيئة رئاسة الانتقالي مثل اللواء أبو زرعة المحرمي الذي يقود أكبر قوات عسكرية منظمة واللواء فرج البحسني واللواء هيثم قاسم طاهر، والشخصية الاجتماعية البارزة في محافظة المهرة راجح باكريت.

كل هذا جرى بقرار جنوبي داخلي بحت لم يأخذ رأي أحد بذلك، ربما إقدام الانتقالي على عمل مثل هذا لم يرضي بعض الأطراف ومنها السعودية.

حيث لوحظ بعض التحركات التي تتعاكس مع توجهات الانتقالي وتحاول اللعب على ورقة جغرافيا الجنوب وهنا ربما تقاطعت المصالح السياسية بين تلك الأطراف التي تحاول إضعاف الانتقالي، فالسعودية تحاول أن تجد مساحة تابعة لها في اليمن بعد حوارها مع الحوثي والاقتناع بحكمه على الشمال، بينما تفكر بالوقت نفسه أن تعمل مع بقايا الشرعية بأن تجد لهما مساحة ينطلقون منها، هذا يشير إلى عدم جدية إنهاء الأزمة في اليمن بل العمل على خلق بؤر التوترات هنا وهناك، حيث تحاول استحضار أحلامها القديمة/الجديدة امتداد نفوذها على إقليم حضرموت الغني بالموارد.

وتوجسها من نفوذ الانتقالي بهذا الإقليم لعدم ثقتها بتبعيته المطلقة لها، لهذا لم تسمح لقوى تحكمه غير موالية، حيث تعتبر تحالفها مع الانتقالي هو تحالف مرحلي فرضته حالة الحرب، لم تثق بأن الانتقالي موالي وتابع لها، بل ترى بأنه أقرب للإمارات منها، ومن ثم فهي تحاول الاحتفاظ بالشرعية اليمنية والاعتماد عليها في حكم الإقليم، وهذا لم يتم إلا من خلال إضعاف الانتقالي من خلال ما تمتلكه من أوراق ضاغطة عليه عبر إضعاف حاضنته الاجتماعية من خلال الدفع بتأسيس مكونات أخرى تنافس الانتقالي. أو عبر الضغوط التي تمارسها في قطع المساعدات المالية ووقود الكهرباء ورواتب العسكريين.

 

توصيات للانتقالي

  • أولًا: يجب الإدراك جيدًا إلى أن السعودية دولة محورية مهمة جدا لا يمكن الخروج عنها في هذا الوقت، إذ ينبغي العمل معها بهدوء وصبر والتقرب منها والتوصل إلى تفاهمات معها في الوقت الداهن.

 

  • ثانيًا: الحذر من أي عمل يجر الانتقالي إلى اتخاذ أي مواقف متشنجة في مواجهة السعودية، فهذا ما تريده الأطراف المعادية للجنوب ومشروعه التحرري.
  • ثالثًا: ننصح بعدم حشر الانتقالي في أي صراعات قد تظهر بين التحالف والنأي به بعيدًا عن ذلك.
  • رابعًا: السير في استكمال الهيكلة وبالذات العسكرية وتعزيز التواجد العسكري على أرض الجنوب.
  • خامسًا: مراجعة الأخطاء التي رافقت عمل الانتقالي في الفترة الماضية واتخاذ المعالجات لها سريعًا.
  • سادسًا: تعزيز العلاقة مع الخارج وبالذات بريطانيا ربما كانت رؤيتهم من اللازمة والأحداث تقترب من التفهم للحالة الجنوبية.



المصدر

جوجل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى