من وراء تشكيل ما يسمى "بالإقليم الشرقي"؟ وما علاقته بمشاريع الإخوان ودعاة يمننة الجنوب؟
(الأمناء/ تقرير: سالم لعور:)
سياسيون وإعلاميون جنوبيون يعبرون عن رفضهم المطلق لما يسمى “المجلس الموحد للإقليم الشرقي”
ما سر توقيت هذا المكون بصبغته الإخوانية مع نجاح انعقاد مجلس العموم الجنوبي؟
الإخواني باتيس يلد “مكونا مسخا”
إلى متى سيظل الإخواني باتيس وشلته في قوقعة العمالة والولاء لأعداء الجنوب؟
من المستفيد من الضغوطات الإقليمية على الانتقالي بإحياء مكونات هشة على أرض الواقع؟
أثار البيان الصادر عن من سمّوا أنفسهم بالشخصيات الاعتبارية فيما سمّوه بالإقليم الشرقي ووقعوا عليه، والموجه لمجلس القيادة والمملكة وعُمان والمبعوث الدولي، والذي اختار منظموه عقده في سيئون، مركز منطقة وادي حضرموت الواقعة عمليا تحت سيطرة قوى الاحتلال اليمني، للمطالبة بالبقاء ضمن دولة يمنية فيدرالية – ردود فعل جنوبية رافضة لما احتواه البيان من مغالطات طالبت بحضور متوازن وعادل وندي لأبناء الإقليم الشرقي، ضمن مسار السلام الجاري العمل على إطلاقه في اليمن.
وأُعلن، الثلاثاء، في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت الجنوبية، عن إنشاء لجنة منبثقة عن الهيئة التأسيسية لإشهار المجلس الموحد للمحافظات الأربع المشكّلة للإقليم، تضم (شبوة وحضرموت والمهرة وسقطرى)، ينوط بها “استكمال اللوائح والنظام الأساسي وإجراءات تشكيل الهيئات القيادية ورسم السياسات والأهداف العامة” حسب البيان الذي وقع عليه نحو 230 شخصية ممن أسموا أنفسهم وجاهات محافظات حضرموت، وشبوة، والمهرة.
ويبدو من خلال ذلك وجود قوى تابعة لنظام الاحتلال اليمني تقف وراء إنشاء الإقليم المذكور، لا تقتصر فقط على سعيها لتأمين موقع لها في مرحلة ما بعد التسوية السياسية المرتقبة للصراع اليمني، من قيادات حزب التجمع اليمني للإصلاح فرع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، وكذلك قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام المنضوية تحت لواء شرعية الإخوان المتدثرة بلباس الحكومة الشرعية، بل تتعداها إلى المملكة العربية السعودية التي تجد في فكرة “الأقلمة” مساعدًا لها على تسهيل تمرير التسوية التي تحرص على إطلاقها.
ويعني تشكيل الإقليم المنشود من المحافظات الأربع المذكورة محاولات ستبوء بالفشل هدفها حرمان المجلس الانتقالي الجنوبي، والذي يحظى بشعبية واسعة النطاق من قبل أبناء محافظات حضرموت والمهرة وشبوة وسقطرى وكل محافظات الجنوب لإقامة الدولة الجنوبية المستقلة.
وتضمّن البيان، الذي تلاه رئيس اللجنة عبدالهادي التميمي، دعوة ضمنية لإحياء مشروع الأقاليم الستّة الذي كان قد انبثق مطلع سنة 2014 عن مؤتمر الحوار الوطني ونصّ على تحويل اليمن إلى دولة اتّحادية من ستة أقاليم.
وكان القيادي الإخواني في حزب الإصلاح صلاح باتيس أول من بادر في منتصف نوفمبر الماضي بالدعوة لإنشاء الإقليم الشرقي، قائلا في منشور على منصّة إكس: “مع هذا الحراك السياسي المتصاعد بخصوص الملف اليمني، أدعو أهلي في المحافظات الشرقية، حضرموت والمهرة وشبوة وسقطرى، إلى التكاتف والتماسك والتمسك أكثر من أي وقت مضى بالاستحقاق الذي تحقق في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل”.
وأظهرت قائمة الشخصيات الموقّعة على البيان التقاء مصلحة طيف واسع من القوى المتباعدة فكريًا وأيديولوجيًا، لكنّها مجتمعة على مواجهة الحراك القوي للمجلس الانتقالي والحفاظ على مظلّة الدولة الاتحادية التي تكفل لها مصالحها في مرحلة ما بعد التسوية السياسية الجاري التمهيد لإطلاقها في اليمن من قبل الأمم المتّحدة وقوى إقليمية.
أجمع سياسيون وناشطون وإعلاميون جنوبيون عن رفضهم المطلق ما يسمى المجلس الموحد للمحافظات الشرقية.
وأعلن السياسي الجنوبي ومحافظ المهرة السابق راجح سعيد باكريت، رفضه لمساعي تقسيم الجنوب، تحت مسمى الإقليم الشرقي، مؤكدا أن المهرة وأرخبيل سقطرى سيكونان إقليمًا في إطار دولة الجنوب الفدرالية، من حوف شرقًا حتى باب المندب غربًا.
وقال الإعلامي محمد العولقي: “نحن أبناء شبوة كغيرنا من أبناء حضرموت والمهرة وسقطرى نوضح أن ما يسمى المجلس الموحد للمحافظات الشرقية التابع لحزب الإصلاح والحوثي، الذي يروج له الإخواني صلاح باتيس لا يمثلنا ولا نعترف به لا من قريب ولا من بعيد”.
وأضاف العولقي: “نحذر باتيس وغيره من التحدث باسمنا، ونؤكد أننا لم نفوض أحدًا من هؤلاء الذين فشلوا في حياتهم الاجتماعية والسياسية والشعبية، الذين يسعون بمشاريعهم التخريبية إلى إبقائنا تحت حكم الإخوان والحوثي ويخدمون بها أجندات خارجية معادية”.
وقال الصحافي الجنوبي خالد سلمان في تدوينة على منصة إكس، الاثنين: «في حروب التمثيل وصناعة الكيانات يأتي بيان ما يطلق على نفسه بالإقليم الشرقي، الذي يضم حضرموت وشبوة والمهرة وسقطرى، وهو تكوين ورقي لا يوجد له حضور حقيقي ملموس له على الأرض».
وأضاف: «هذا البيان الذي تحدث عن الشرق اليمني، نكاية بلغة الانتقالي التي تتحدث عن حضرموت الجنوبية، يعيد إلى الواجهة محاولات يائسة لمعركة تفتيت الوحدة المكانية للجنوب، وبالتالي إسقاط مشروع استعادة الدولة، حيث لا دولة من دون حضرموت وشبوة ومناطق الكثافة السكانية والمساحة والثروات».
وقال الصحفي الجنوبي “سعيد الجريري”: “منذ خطيئة يمننة استقلالنا بجعلنا جنوباً يمنياً، والتيه السياسي يراكم تيهاً على تيه، فغدًا الاستقلال منقوصاً لا يكتمل إلا بخرافة إعادة الوحدة حتى انتهى بنظام الاشتراكي أن (يكب) نفسه وما تبقى من استقلال في (ثبان) قبيلة صنعاء السياسية، في مشهدية نشاز غدا بها الحدث، بكوميديا سوداء، انتصاراً تاريخياً”.
وأضاف: “الآن، على نهج من جعلوا دولة استقلالنا جنوباً يمنياً، أو يمناً جنوبياً، أو شطراً جنوبياً، على خلفية قومية هشة، يروّج آخرون، للالتحام باليمن السياسي، وإرباك مسار تصحيح خطيئة يمننة الجنوب، فرية سياسية تزعم أن شبوة وحضرموت والمهرة وسقطرى شرقاً يمنياً، تبدأ منه يمننة سياسية جديدة أشد وأعتى، يقف خلفها أتباع لحزبين من أحزاب القبيلة السياسية في صنعاء هما: الإصلاح والمؤتمر ، متخذين من وادي حضرموت منصة ترويج “.
دعاة الإقليم الشرقي والخروج من المولد بلا حمبص:
وقال الكاتب والصحفي الجنوبي ناصر التميمي: “تحاول اليوم بعض الأدوات القديمة الجديدة فتح جبهة أخرى من الصراع في حضرموت تحديدا، عبر إعلانها عن بعض المكونات التي ماتت وشبعت موت، وتحاول اليوم هذا الشخصيات غير المقبولة لدى أبناء حضرموت اللعب بالنار، عبر بوابة اليمن الكبير كما يحلو لهم تسميتها هؤلاء النفر الذين يلهثون وراء مصالحهم الشخصية أكثر من ما يصرحون به أنهم يعملون من أجل الشعب هذا كله هراء ويحاولون تزييف الحقائق على الأرض والتاريخ ،ويريدون جر حضرموت وأهلها إلى مربع اليمننة بهكذا مكونات مشبوهة رفضها شعب حضرموت ولن يقبل بها مهما حاول دعاتها التشبث بها، فأمرهم معروف وواضح للكل بأنهم يريدوا شق الصف الجنوبي وإعاقة مشروعه التحرري عبر هذه البالونات المشروخة والمدعومة من قبل القوى اليمنية التي وضعت نفسها في موقف المتفرج، وهي رأس البلاء والافعى التي تريد التهام الجنوب بهكذا مشاريع الأيادي جنوبية باعت نفسها للدولار ولكنها لن يفلحوا بحضرموت قالت كلمتها أنها جنوبية الهوى والهوية، وما حدث اليوم في سيئون هو مسرحية سخيفة ستزول مع غروب شمس اليوم نفسه”.
وقال الصحفي الجنوبي عبدالله الصاصي: “الظاهر أن ضمائر شلة باتيس لا تستطيع الخروج من قوقعة العمالة ومن الولاء للأعداء على حساب وطنهم الجنوب العربي، ولكن هيهات، فلن يجدوا ضالتهم فيما يرومون وما يشتهون من تمزيق للنسيج الجنوبي الموحد ولن ينالوا من وراء دعاوى فجورهم سوى الخيبة والثبور نظير غبائهم اللامحدود، ومهما حاولوا التكرار سيظلون منبوذين مسلوبي النخوة والكرامة التي يتحلى بها الحضارم الأحرار”.
وعلق فريد الدويل باراس: “ضاقت بهم أرض شبوة وحضرموت والمهرة وسقطرى الجميلة بما رحبت ليعقدوا مؤتمرًا صحفيًا في سيئون يوم الثلاثاء باسم (دعاة الإقليم الشرقي) لتدشين العودة الجماعية لأربع محافظات جنوبية كبيرة وبرعاية إعلامية من وسائل إعلام حزب الإصلاح اليمني أعلن عنه الإخونجي والإصلاحي الحضرمي “صلاح باتيس” في مدينة سيئون القابعة تحت نير وسطوة الاحتلال اليمني بحماية ورعاية الحاشدي (يحيى أبوعوجا)”.
وعلق الكاتب السياسي الجنوبي صالح علي الدويل باراس قائلاً: “الكل يعلم أن أوضاع شبوة ليست مثالية كغيرها في الجنوب واليمن وفي سياق حرب أنتجت ظروفًا وأحوالا غير مثالية لكن معالجة ؟أي اختلالات فيها تكون بتكاتف الجميع مع محافظها وسلطاتها وأمنها وليس بمن يقوم بدور “رقية المصلية” لجهات لا تريد لشبوة خيرًا ويراد بها تنفيذ مخطط خبيث للزج بها في صراعات باسم المطالب المشروعة التي لن يحققوا منها شيئا للمواطن بل يريدونها مجرد شعار للفوضى”.
الكاتب عادل الحنشي قال: “يسارع بعض الأذناب في المحافظات الشرقية الجنوبية، وبالذات في وادي وصحراء حضرموت، التي تسيطر علية جماعة الإخوان المسلمين، وبدعم من الأحزاب اليمنية العفنة، إلى تأسيس ما يسمى بـ(مجلس أبناء المحافظات الشرقية اليمنية) في محاولة منهم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه مما يسمى بمجلس حضرموت الوطني، الذي سقط سقوطا مريعا، وتعرض لفشل ذريع بين أوساط أبناء محافظة حضرموت الأحرار”.
وأضاف الحنشي: “تأتي تلك التحركات المريبة لتأسيس كيان مسخ يبعث على السخرية، في ظل حراك دبلوماسي وسياسي دولي، يقوم به المجلس الانتقالي الجنوبي، الكيان الجامع لكل أبناء الجنوب من المهرة إلى باب المندب، حتى استطاع أن يصل بالقضية الجنوبية إلى أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، بينما هناك يتداعى مجموعة من الأوغاد، تقف خلفهم أحزاب يمنية، في محاولة للرد على انعقاد مجلس العموم الجنوبي بالعاصمة عدن الذي ضم كل أبناء الجنوب من المهرة إلى باب المندب، وتأتي تلك التحركات المشبوهة كذلك لعرقلة الاستحقاقات الجنوبية القادمة”.
وألمح إلى أن السعودية لا تريد إسقاط المجلس الانتقالي الجنوبي فحسب، ولكن إسقاط الجنوب وقضيته الوطنية؛ في إشارة إلى أن الرياض ترغب في إنهاء المقومات التي تستند عليها القضية الوطنية الجنوبية، والمتمثلة في الإعلان التاريخي لفك الارتباط يوم الـ21 من مايو 1994م.
كتب الناشط عبد الله الجعيدي، رافضًا للبيان قائلاً في تدوينة له: «معظم الذين سمّوا أنفسهم بالشخصيات الاعتبارية فيما سمّوه بالإقليم الشرقي ووقعوا اليوم على بيان موجه لمجلس القيادة والمملكة وعُمان والمبعوث الدولي، هم من دعاة «يمننة» محافظاتهم وأعضاء في أحزاب صنعاء ومسؤولين سابقين فقدوا مناصبهم ومصالحهم، وهم لا يمثلون إلا أنفسهم».
وقال موقع عين المهرة: “إن خصوم المجلس الانتقالي الجنوبي عادوا للمراهنة على مشاريع تفتيت الجنوب بإحياء ورقة “الإقليم الشرقي” والمطالبة به كطرف ثالث ضمن التسوية السياسية القادمة”.