حالة تقارب ورسائل ود بين الشرعية والحوثي
إستقال المعبقي او لم يستقل لن يغير في الأمر شيئاً.
فلم يكن بيان الحكومة الذي أدان بلغة أكثر صرامة من لغة الحوثي، الهجوم الإسرائيلي على ميناء الحديدة، من فراغ بل هو رسالة ود له ما قبله من تفاهمات سياسية ، تجري خارج دوائر الضوء وفي سرية كاملة ، كشف عنها يوم أمس الاثنين المبعوث الأممي في بيان لمكتبه، أعلن فيه موافقة الحكومة الشرعية على إلغاء جميع قراراتها المصرفية، وعودة الوضع إلى ماكان عليه: عملتان وبنكان ومصادر تمويل للحوثي مفتوحة ومتعددة، ووقف حق الحكومة بالإشراف على السياسة النقدية للبلاد المشطرة، ،وترحيل الكثير من القضايا إلى حوارات قادمة وفق خارطة الطريق وبرعاية سعودية.
كنا ندرك إن مثل هكذا قرارات سابقة تتسم بالجذرية ،هي غير قابلة للحياة، ولِدت لتوضع في الحضَّانة وستموت لأحقاً وسريعاً عقب أيام من إتخاذها في موجة من الترحيب الشعبي واسع النطاق ، والإعتقاد أن حزمة تلك الإجراءات ستجبر الحوثي على تقديم التنازلات ،وتليين موقفه والذهاب متخففاً من التشدد ، مرناً نحو التسوية ، فإذا نحن أمام شرعية تذهب بعيداً في جديتها ثم تعود صاغرة إلى خلف كل شيء ، بعد أن تحرق أوراق قوتها بما في ذلك قوة الدفع والإسناد المجتمعي ، وتبدأ ثانية من نقطة الصفر ضعفاً وتنازلاً.
هكذا تقدم الحكومة نفسها لشارعها الذي ينفض تباعاً من حولها ، كسلطة ملوية الذرع منزوعة الأنياب ، عاجزة عن إدارة شأن البلاد سلماً أو حرباً أو حتى قرارات سيادية.
كادت الشرعية أن ترمم علاقتها مع الشارع وتستعيد بعض من صدقيتها المفقودة، وتؤسس لحالة من الإلتفاف غير المسبوق حول سياستها النقدية، فإذا نحن أمام حالة إنكشاف مريع لهذه الشرعية ، وفي وجه حقيقة أنها سلطة بلا سيادة، وبلا قرار مستقل وليست سيدة نفسها ، الإجراء النقدي من الإقليم وإسقاط الإجراء من الإقليم ، ولا مكان لورقة ضغط واحدة تدير بها الشرعية سياساتها ، وتستثمرها لفرض تنازل على الحوثي ،بما في ذلك إعادة إنتاج وتصدير النفط ولو بالمحاصصة.
الحلقات مترابطة والسياسة الشرعية ملحقة بدائرتي الإقليم وصناع السياسات الدولية، تعمل بالتوجيه وخارج تقديرات الموقف المستقل ومصالح كل الشعب.
قلنا سابقاً أن المعبقي عنوان الرغبة الشعبية الجارفة ،ليس لشخصه بل للبحث عن بطل ، وهو في لحظة فارقة برز كبطل الشعب ، أنتجته المخيلة الشعبية، لسوبر مان وجودو يأتي من بين الحرائق ومن تحت الدمار ،ينتصر للإرادة المستقلة وينحاز للناس ،فسرعان ما أوعيد الرجُل بإرتداد الحكومة ، قبل أن يتحول إلى حالة إجماع إلى تحت الركام ، وكل مايستطيع أن يفعله الآن للحفاظ على هالة البطولة تلك، أن يضع إستقالته فوق الطاولة ، ويسجل للتاريخ موقفاً لمسؤول في ذات منعطف تصدى وواجه وقال لا.
العملة تنهار ومعها ينهار كل ماحولنا خبزاً وسكينة إجتماعية ، بما في ذلك في نظر الشعب المطحون إنهيار مصداقية سلطة مهزوزة ، حيث لا قيمة لمن لايملك قراراه.
المصدر