رحلة اليمن نحو السلام المفقود: التوازن بين السلاح والدبلوماسية والواقع الجنوبي
(الأمناء / علاء العبدلي :)
تشهد الساحة اليمنية تناقضات حادة، إذ تسعى قوى الشرعية، بدعم من المجتمع الدولي، إلى إعادة السلام في ربوع الوطن، من خلال مفاوضات سياسية مع مليشيات الحوثي التي لا تعرف إلا لغة السلاح.
ويرى مراقبون بأن الحوار مع هذه المليشيات المجردة من الإنسانية لا يجدي نفعاً، ولا يؤدي إلى أي نتائج ملموسة قد تسهم في إنهاء الحرب أو حتى إيقافها مؤقتا .
في ظل واقعٍ معقدٍ وصعب، حيث تواصل مليشيات الحوثي استخدام لغة السلاح والتلاعب بالسياسات لإحكام قبضتها، تبدو الجهود المبذولة لإحلال السلام وكأنها تفتقر إلى الجدوى المرجوة. فما تفعله الشرعية مرارًا وتكرارًا من إجراء مفاوضات مع عدو لا يفهم إلا لغة السلاح، يجعلنا نشعر بأن هناك تلاعب واضح بين الطرفين، يستهدف الجانب الجنوبي وزعزعة الأمن في المنطقة الجنوبية.
ولا نجد تفسيرًا منطقيًا لذلك إلا إذا اعتبرنا أن هناك مؤامرة تحاك في الخفاء، يقف خلفها المجتمع الدولي والدول التي تنتمي لتحالف دعم الشرعية، وفي مقدمتها السعودية، لتمرير أجندات تحرم القضية الجنوبية من المنحنى الصحيح.
لا تخفى على أحد الأضرار التي خلفتها تصرفات الحوثيين، فقد أسهمت أعمالهم العدائية في تفكيك النسيج الاجتماعي، وزعزعة الاستقرار، وتهديد الأمن الإقليمي. وعندما نجد أنفسنا أمام طرف غير مستعد للتفاوض أو الالتزام بالسلام، يصبح من الواضح أن الحوار وحده لن يحقق الأثر المطلوب.
إن منطق القوة الذي تتبعه مليشيات الحوثي، والذي يندرج تحت شعار القوة الغاشمة، يتطلب منهجًا مختلفًا يتجاوز حدود الكلمات الدبلوماسية.
إن الحل الأمثل يكمن في مواجهة هذه المليشيات بلغة يفهمونها، لغة تتسم بالعزم والقوة. فالعمليات العسكرية المدروسة والمخطط لها بعناية تعد السبيل الوحيد لإزالة التهديد الحوثي جذريًا، واستعادة الأمن الذي يتوق إليه كل يمني.
إن استعادة السيطرة على الأرض يتطلب جهدًا موحدًا من جميع القوى الوطنية، تحت إشراف استراتيجي يضمن التقدم الفعلي نحو تحقيق الأهداف المنشودة.
لكن لا يمكننا أن ننكر أن استخدام القوة يجب أن يكون مدعومًا برؤية شاملة لمرحلة ما بعد الصراع، مرحلة تستلزم التخطيط لإعادة الإعمار وبناء الدولة، وتعزيز الوعي السياسي، وإشراك جميع فئات المجتمع في عملية صنع القرار، وضمان عدم تكرار التجارب السابقة التي أدت إلى الفوضى والانقسام.
إن الشعب اليمني اليوم في حاجة إلى رؤية واضحة وشاملة، تجسد إحساسه بالأمل في مستقبل آمن ومستقر. لذلك، يجب أن تتضافر الجهود، وأن تتبنى الأطراف المعنية نهجًا متكاملًا يجمع بين الحسم العسكري والدبلوماسية الهادفة، من أجل إنجاز أهداف نبيلة تتمثل في استعادة الدولة وبناء قاعدة قوية للسلام المستدام.
في نهاية المطاف، إن المعركة التي نخوضها ليست فقط من أجل الأرض، بل هي معركة من أجل الهوية والقيم والمبادئ التي يجب أن تسود في مجتمعنا. لذا، فإن التضحيات التي يقدمها أبناء هذا الوطن لن تذهب سُدًى، فمع كل خطوة نحو الحسم، تقترب بلادنا أكثر نحو تحقيق العدالة التي يستحقها كل مواطن، والإفراج عن حقه في حياة كريمة تحت سماءٍ لا تعكرها الصراعات والمواجهات.