تقرير خاص لـ"الأمناء" يرصد مخاوف طبخة سرية لسيناريوهات الحل الشامل والمخاطر المتوقعة لنسف مساعي السلام..
(الأمناء/ تقرير خاص:)
ما الحلول التي يتم تحضير طرحها بمعزل عن الطرف الجنوبي؟
لماذا يحاول صناع القرار تجاهل مطالب الطرف الأقوى على الأرض؟
مراقبون: أي حلول هشة للحل الشامل ستنذر بحرب جديدة في اليمن والإقليم
لماذا تحاول المملكة إخراج نفسها من الحرب وتقديم نفسها كوسيط؟
طبخة الحل الشامل
أجرى وفدان: سعودي وعماني، في مطلع أبريل الماضي، زيارة لصنعاء الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي المدعومة من إيران، في مسعى لتجديد اتفاق التهدئة آنذاك، تمهيدًا للتوصل إلى حل سياسي دائم ينهي الحرب في اليمن.
وبدأت محاولات تتشكل من خلالها ملامح جديدة لحل النزاع الذي دخل عامه التاسع، في ظل جهود إقليمية ودولية حثيثة لإنهاء الحرب بين القوات المدعومة من التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وقوات الحوثيين، المدعومين من إيران، والمسيطرين على عدد من المحافظات وغالبيتها في نطاق الجمهورية العربية اليمنية منذ سبتمبر/ أيلول 2014.
وكشف مصدر مسؤول لوسائل الإعلام حينها عن التوصل إلى اتفاق لتمديد الهدنة مع الحوثيين من ستة أشهر إلى سنة، وتوسيعها لتشمل إجراءات إنسانية واقتصادية، يعقبها حوار سياسي مباشر لحل شامل ينهي الحرب.
وكشف المصدر أن بنود الاتفاق المتوقع الإعلان عنه رسميا، تشمل توسيع إعادة الرحلات إلى مطار صنعاء الدولي، واستئناف تصدير النفط من الموانئ، وفتح الطرقات في محافظة تعز، وإطلاق سراح الأسرى (الكل مقابل الكل)، ونقل البضائع مباشرة إلى ميناء عدن.
وفي 2 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي انتهت هدنة استمرت 6 أشهر، وتتبادل الحكومة والحوثيون اتهامات بشأن المسؤولية عن فشل تجديدها.
ويرى مراقبون أن تداعيات حرب غزة قد عكست آثارها على الوضع في اليمن من خلال استغلال أوضاع انشغال الرأي العربي بما يجري في غزة للتسريع بطبخ الرياض لإعلان عملية سلام في اليمن أو ربما إعلان شامل وإنهاء التحالف العربي لعملياته في اليمن.
طبخات سرية لإنهاء الأزمة اليمنية
ورغم انشغال المجتمع الدولي أجمع بمستجدات الحرب على غزة إلا أنه في المقابل هناك إصرار خليجي بقيادة المملكة العربية السعودية على قطع أشواط، في سرية للغاية، باتجاه اتخاذ خطوات حاسمة ومتسارعة مع انشغال الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي بالحرب في غزة لجهود محاولة إنهاء الأزمة اليمنية دون وضوح لأطراف النزاع وعلى أسس ومعايير تراعي دخول الأطراف المعنية والقوية على أرض الواقع من النواحي التاريخية السياسية والعسكرية والأمنية، ويرى مراقبون ومحللون سياسيون وعسكريون أن مآل أية تجاوزات لهذه الأطراف من معادلة الحل الشامل للأزمة لن يكتب لهذه المساعي الإقليمية والدولية أي نجاح، وأنه باستطاعة تلك القوى تعطيل أي محاولات للالتفاف على ميزان العدالة لامتلاك هذا القوى أوراقا قوية ستفشل أي مخططات من شأنها تجاهل تلك القوى الحية، ويؤكد المراقبون والمحللون أن تلك التحركات غير الواضحة يعني محاولات تهرب التحالف العربي عن الأهداف التي جاء من أجلها في اليمن والتي قدم خلالها الآلاف من الشهداء والجرحى دماؤهم الزكية الطاهرة، وأن انعكاسات ذلك ستكون لها نتائج كارثية ليس في اليمن، بل على المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي عامة، وسيزيد المشهد السياسي تعقيدات جمة وستدفع جميع الدول المجاورة ثمن هذا التخاذل واختلال المعايير في معطيات ونتائج الحل الشامل للأزمة وستبقى الحروب والتوترات مستمرة وسوف تتجاوز تداعياتها الحدود اليمنية إلى السعودية ودول الخليج عامة.
لم تشفع الأحداث الجارية في غزة وارتكاب آلة الاحتلال الإسرائيلي أبشع الجرائم هناك باهتمامات مجلس التعاون الخليجي – الذي تقوده المملكة العربية السعودية – لتوجيه الرأي العام الإقليمي والدولي إلى ما يحدث في غزة من مجازر، بل اكتفى بدعواته إلى ضبط النفس ووقف الحرب بين حماس فلسطين وآلة الحرب الإسرائيلية المدمرة المدعومة بالسفن والبوارج الحربية الأمريكية والأوروبية، وإنما تستغل ظروف حرب غزة من جانب آخر للتسريع في تكثيف اللقاءات فيما يخص الحل الشامل للأزمة اليمنية، والذي تراه بعض أطراف النزاع أنه غامض ولم تظهر ملامحه واضحة لها، وهو ما سيتم اتخاذ مواقف مضادة لهذا الحل في حال محاولة فرضه بتجاوز هذه الأطراف.
وفي وقت تتجه أنظار العالم أجمع لحرب غزة، هناك جهود متواصلة ومتزامنة مع مستجدات الحرب في منطقة الشرق الأوسط لحل الصراع في اليمن خلسة، حيث شدد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، جاسم محمد البديوي، الخميس 19 أكتوبر/تشرين الأول، على أهمية استمرار جهود إنهاء الأزمة اليمنية، واستئناف المشاورات السياسية بين الأطراف اليمنية، وأكد ”البديوي“، خلال استقباله المبعوث الأمريكي تيم ليندركينغ، وسفير واشنطن لدى اليمن ستيفن فيغن، على “دعم دول مجلس التعاون لجهود تحقيق الأمن والاستقرار، ودعم جهوده للتوصل إلى الحل السياسي الشامل في اليمن”.
وطبقا لبيان نشره الموقع الرسمي لمجلس التعاون، بحث اللقاء الجهود الإقليمية والدولية، ودور الولايات المتحدة الأمريكية ومساعيها وجهود المبعوث الأمريكي في إنهاء الأزمة اليمنية للوصول إلى الحل السياسي المنشود.
وتتكثف منذ مدة مساعٍ إقليمية ودولية لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة في اليمن، شملت زيارات لوفدين سعودي وعماني إلى صنعاء، وجولات خليجية للمبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ والأممي هانس غروندبرغ.
سياسيون جنوبيون: الجنوب طرف أصيل في الحرب
ويرى ناشطون ومحللون سياسيون جنوبيون أن أي حل شامل للأزمة يتجاوز حق الجنوبيين في المشاركة في مباحثات الحل الشامل لن يكتب له النجاح، باعتبار الجنوب شريكًا وطرفًا أصيلًا في الحرب ويمتلك عددًا من الأوراق التي تؤهله للمشاركة في هذه المفاوضات وإنجاحها، والعكس صحيح.
السقلدي: تداعيات حرب غزة على الوضع في اليمن
وكتب الكاتب والمحلل السياسي الجنوبي صلاح السقلدي منشورًا بمنصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية الإخبارية جاء في سياقه: “قال وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، خلال لقائه مجلس القيادة الرئاسي اليمني في الرياض، إن بلاده تعمل على تشجيع الأطراف اليمنية للتوصل إلى حلٍ سياسي شامل ومستدام لإنهاء الأزمة اليمنية تحت إشراف الأمم المتحدة”.
وأضاف السقلدي: “السعودية وعبر هكذا تصريحات ولقاءات بهذا الوقت المضطرب بالمنطقة العربية واتساقا مع نتائج مفاوضات مسقط وصنعاء والرياض بوساطة عمانية تؤكد (المملكة) على أنها تعمل على إخراج نفسها من هذه الحرب والتنصل منها بسلاسة أكثر وبخفة لا نظير لها بتقديم نفسها وسيطا وإحالة الأطراف اليمنية الموالية لها والمنضوية تحت لواء التحالف الذي تقوده – إلى الأمم المتحدة بعد أن توصلت – أي المملكة – لاتفاق ضمني وربما مكتوب مع الحوثيين لتتوج الأمم المتحدة هذا الاتفاق وتصبغ عليه الصفة الشرعية الدولية سواء بتبنيها – أي الأمم المتحدة – للاتفاق والإشراف على التوقيع أو بإصدار قرارات دولية جديدة تنسجم مع الواقع الجديد أو بالأحرى مع التوافقات السعودية الحوثية”.
حرب غزة وطبخة تسريع فرض الحل الشامل في اليمن
وفي منشور كتبه الصحفي الجنوبي أديب السيد على صفحته الشخصية بالفيس بوك بعنوان (طبخة الرياض حول الجنوب واليمن) واستغلالا لأوضاع انشغال الرأي العربي بما يجري في غزة قال في مستهله: “هناك طبخة تطبخ في الرياض لغرض إعلان عملية السلام في اليمن أو ربما إعلان شامل وإنهاء التحالف العربي لعملياته في اليمن، وبالأساس ربما هناك اتفاق يتضمن (تمديد الهدنة) تحت اسم عملية سلام”.
وحسب توقعات الصحفي الجنوبي أديب السيد حول الاتفاق يرى أنه ربما تكون هناك ثلاث مراحل لتنفيذ هذا الاتفاق تتمثل في المرحلة أولى: تهدئة وتمديد هدنة واستكمال بقية بنود فتح المعابر والمنافذ وإطلاق الأسرى وما إليه ويعني مرحلة (تجربة) إيقاف الحرب، وكذلك وقف لإطلاق نار شامل لمدة ستة أشهر متتالية، وربما يتضمن صرف الرواتب حسب الكشوفات إلى عام 2014م وباقي الأعوام تناقش فيما بعد”.
وأضاف السيد: “وربما يتضمن فتح مطارات صنعاء والمعابر في تعز بشكل أوسع، وتصدير النفط من الموانئ دون أي إعاقة من أي جهة”.
ويرى الكاتب الجنوبي السيد “أن المرحلة الثانية ستشمل حوارات يمنية – يمنية على أساس أن المملكة العربية السعودية تكون وسيطا وليست طرفا، وهذا أمر للاتفاق حول ما يجب مناقشته بعد وقف إطلاق النار وربما يقصد به موضوع الجانب الإنساني وتكثيف المساعدات. والمرحلة الثالثة يتم خلالها مناقشة موضوع شكل الدولة الجديدة، وهو حسب التصريحات السعودية أنه أمر يمني – يمني”.
رقم صعب في ميزان المعادلة السياسية للحل الشامل
ويرى الصحفي الجنوبي السيد أن الجنوب طرف أصيل ورقم صعب في المعادلة السياسية لحل الأزمة في اليمن، وبدونه تختل موازين حل المعادلة، وقال: “في هذا الأمر قد تعود الحرب مجدداً إذا لم تتدخل دول الجوار، لكي يكون الجنوب مستقلا بحكم ذاتي لفترة مزمنة بما لا يقل عن سنتين، وإلا فإن الحرب قادمة لا محالة، حرب لن يسكت شعب الجنوب عن حقه في استعادة استقلال دولته… وأن لا يكون يوما تابعا لأي جهة أو حزب أو فئة عميلة لأي من مكونات الزيدية والشيعية في اليمن الشمالي”.
ويتوقع السيد أن هناك “حلولا هشة تبشر بحرب جديدة على شعب الجنوب العربي، وعليه أن يستعد لها، وعلى قيادة الجنوب في المجلس الانتقالي الجنوبي أن توضح للشعب في قادم الأيام ما سيجري.. وما يتم من اتفاقات، مؤكدًا أن كل شعب الجنوب يثق بقيادته في المجلس الانتقالي الجنوبي الذين لن يقبلوا أي اتفاق ينتقص من حق شعب الجنوب وإرادته… وهذا أمر لا نقاش فيه بحكم ثقة الشعب بقيادته ممثلة بالقائد المناضل الرئيس عيدروس الزبيدي”.
واستطرد السيد قائلاً: “شعب الجنوب لا تستطيع أي قوة في العالم أن تفرض عليه ما تريد، فهو شعب حر يريد استعادة استقلال دولته الجنوبية العربية، وبغير تحقيق هدف شعب الجنوب واستعادة استقلال دولته، سيكون أي حلول تتجاوز حقه المشروع في مفاوضات الحل الشامل كطرف أصيل في الحرب وعلى أرض الواقع خيانة لدماء الآلاف من الجنوبيين الذين قاتلوا للدفاع عن أمن واستقرار دول التحالف، وأثبتوا وفاءهم ومشاركتهم الفاعلة إلى جانبه في ميادين المعركة وتحقيق الانتصارات وتحرير ما يقارب ثلثي المساحة الجغرافية حتى اليوم”.
وقال السيد: “نتمنى لدول الجوار أن تتفهم الأمور، وأن لا ترضخ لسياسات مؤقتة وهشة، فالأمور الاستراتيجية أكبر وأعمق من اتفاقات هنا وهناك”.
واختتم بالقول: “من الجنوب العربي تم ويتم الدفاع عن آخر قلاع العروبة، وآخر دفاع عن المقدسات في السعودية، وهذا لن يتم إلا بإنهاء ما تسمى (وحدة يمنية) أصبحت إيران تستخدمها شماعة للسيطرة الناعمة بعدما فشلت عسكريا وقدم شعب الجنوب العربي آلاف الشهداء لإفشال مشروع إيران العدواني ضد السعودية وضد العرب، فالجنوب العربي صمام أمان الدول العربية، والذي إذا سقط مرة أخرى فسيسقط معه كثيرون وأولها قبلة العرب والأراضي المقدسة في السعودية مكة المكرمة”.