تقرير وثائقي لـ"الأمناء" يستعرض كيف فشلت وحدة الثقب الأسود وتحققت إنجازات عملاقة للجنوب على كل المستويات..
(الأمناء / تقرير / جمال باهرمز 🙂
لماذا فشلت الوحدة بعد عامين من تأسيسها وتحققت الانتصارات للجنوب بعد تأسيس الانتقالي مباشرة؟
ما الخطوات السياسية التي تحققت للجنوب بقيادة الزبيدي وتحدياتها الراهنة والحلول الممكنة لتجاوز مخاطرها؟
ثاني رئيس يمني: لتحكم اليمن الأعلى عليك أن تكون سيدًا فاطميًا
لماذا يجب استبعاد المسؤولين الهاربين والمتخادمين مع صنعاء من إدارة محافظات الجنوب؟
ما السبب الخفي لتهديد “الحوثي” بتأميم ممتلكات وأموال اليمنيين الهاربين إلى الجنوب؟
من المتضرر الأكبر من رفض الانتقالي صرف مرتبات العربية اليمنية من إيرادات الجنوب؟
كيف يستطيع الانتقالي الجنوبي إلغاء العمل بدستور وقوانين دولة الوحدة الفاشلة؟
فشلت وحدة الثقب الأسود وانتصر الجنوب
توحد البلدان ج.ي.د.ش (الجنوب العربي) والجمهورية العربية اليمنية في عام 1990، واعتقد الجنوبيون أنهم سيكونون بهذه الوحدة قوة إقليمية ودولة محورية.
وبعد سنتين اتضح لهم أن أكبر أعدائهم هم من توحدوا معهم، وبدلاً من أن يكونا قوة إقليمية أصبحت دولة الوحدة فاشلة وتحت الوصاية الدولية.
وأصبح الفاسدون وقادة العصابات والتكفيريون يسيطرون على مفاصل الدولة الفاشلة ويحظون بالرعاية والاهتمام من بعض دول الإقليم والدول العظمى.
الثقب الأسود دولة عميقة للفساد والإرهاب
هذا الثقب الأسود هي دولة عميقة للفساد والإرهاب، ويقودها ثلاثي مكون من: (شيخ دين للفتوى، وشيخ قبيلة لحشد القبائل، وعسكري فاسد يقود المليشيات جميعها).
ثقافة الثقب الأسود تنتشر كالنار في الهشيم لتنهي ما تبقى من مؤسسات الدولة وإفساد أخلاق البشر.
والثقب الأسود يعني:
١- استحلال نهب المال العام ٢- توريث مؤسسات الدولة ٣- نشر الرق والعبودية وتقسيم البشر إلى طبقات ٤- تحويل الجيوش إلى مليشيات عائلية وحزبية ٥- تسخير الدين للاستحواذ والقتل والنهب السياسي ٦- تقديم الوساطة والولاء قبل الكفاءة ٧- زيادة عدد المهمشين لخدمة عصابات الحكم ٨- تسخير منح ووظائف وامتيازات الدولة لأبناء العصابة الحاكمة فقط جيلا بعد جيل ٩- تعطيل عمل مؤسسات الدولة وقوانينها مقابل تمكين سلطة الشيخ الموالي للحاكم ١٠- إضعاف التعليم العام مقابل نمو وزيادة معاهد التطرف الديني ١١- إفساد المجتمع أخلاقيا بنشر المخدرات والممنوعات واجتماعيا بتعميم ثقافة الذل والتمييز الطبقي وإداريا بتسهيل الرشوة وشراء الذمم والتزوير وماليا باستحلال نهب الأموال العامة والخاصة، وهناك الكثير من المفاسد.
فشل دولة الوحدة
حقيقة لقد خاب ظن أبناء الجنوب وهم الذين صنع حماسهم للوحدة الوعي القومي بوحدة العرب، والحقيقة الكاملة أن المقارنة بين وعي الشعبين اللذين انتجتهما ثورتا 14 أكتوبر و 26 سبتمبر كان سببا رئيسا في فشل دولة الوحدة.
ثورة 14 أكتوبر وانقلاب 26 سبتمبر
ثورة لا تصنع وعيًا وطنيًا في مجتمعها ولا تحقق له أهدافًا، من ضمنها وأهمها التعليم والصحة والحرية والسيادة والكرامة، فليست بثورة.
ثورة ٢٦ سبتمبر ٦٢م كما يسمونها، من وجهة نظري ما هي إلا مجموعة انقلابات بين الأئمة الدينيين والأئمة القبليين تحت الجامع الزيدي الطائفي، ولم تنتج إلا مزيداً من التهميش والقهر والجهل والتخلف والإرهاب والرق ولهذا أعيد هذا الشعب للمربع الأول وقد قالها ثاني رئيس للجمهورية اليمنية القاضي الإرياني: (اليمن الأعلى يؤمن بأن من عليه أن يتولى الحكم فقط يجب أن يكون سيدًا فاطميًا).
على عكس ثورة ١٤ أكتوبر ٦٣م في الجنوب العربي التي كانت ولا زالت منبع الوعي الوطني وأعطت لشعبها الحرية والسيادة والكرامة والتعليم والصحة المجانية والضمان الاجتماعي والغذائي على أعلى مستوى في الإقليم والعالم.
ولهذا من قاد مسيرة شعب الجنوب العربي في الاستقلال الأول للوحدة مع صنعاء كان الوعي الوطني والقومي بوحدة العرب.
ومن يقود ثورة شعب الجنوب العربي للاستقلال الثاني عن صنعاء وفك الارتباط وإنهاء الوحدة الفاشلة هو أيضا الوعي الوطني الذي أنتجته ثورة ١٤ أكتوبر ١٩٦٣.
مسار الانتصار للجنوب العربي والدعم العربي
شعب الجنوب العربي حرر أرضه بعد حراك سلمي استمر لسنين ومقاومة جنوبية مسلحة انتصرت في وقت قياسي بدعم مادي وسياسي من قيادة دول التحالف العربي، وأصبح لشعب الجنوب قوات مسلحة وأمن ضارب ينتصر في كل موقعة للحرب.
وكل لحظة يقدم هذا الشعب الشهداء في سبيل منع تقدم الغزاة اليمنيين إلى أرضه، ولكي تستمر الانتصارات وبأقل الخسائر أمام أي سيناريو حرب شاملة قادمة كانت الخطوات السياسية الكبيرة والناجحة التي أتمتها قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس اللواء عيدروس الزبيدي، ومن أهمها اتفاق ومشاورات الرياض والحوار الجنوبي – الجنوبي واللقاء التشاوري والتوقيع على مسودة الميثاق الوطني الجنوبي.
التحديات والمخاطر
مع العلم أن المخاطر لا زالت موجودة وأهمها اعتماد صنعاء على الكم العددي للبشر، وعلى الخلايا بأعداد هائلة التي أرسلتها طوال السنوات كنازحين ومسئولين في منظومة الشرعية وقوانينها إلى الجنوب، وعلى التحكم بالاتصالات وشبكات الإنترنت، وعلى دعم القوى الإقليمية والدولية لخططها في الحرب على الجنوب لاستعادته إلى باب اليمن.
وهذه الأسلحة من أخطر أسلحتهم؛ لأن صنعاء بكل جيوشها لم تستطع التقدم حتى كيلو مترًا واحدًا ولا الصمود أمام مقاتلي وأبطال شعب الجنوب.
زيارة الرئيس الزبيدي والمسار القادم
لذلك فزيارة الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزبيدي إلى أميركا مؤخراً كانت هي لحظة اختيار المسار القادم، فإما انفراجةً سياسيةً وحلولًا دوليةً لقضية شعب الجنوب بما يرضاه شعبه، وإما نفيرًا للحرب الأخيرة والفاصلة.
ولذلك فالاستعداد لكل الاحتمالات والانتصار في المعركة الأخيرة واجب كل أبناء الجنوب، فحتى إذا انقسمت الرباعية وحاولت بعض دولها دعم صنعاء وعكس بوصلة الحرب من صنعاء باتجاه عدن، فليعلموا أنه عندها من حق قيادة الجنوب البحث عن شركاء دوليين وإقليميين حقيقيين لدعم انتصاره واستقلاله من صنعاء.
وتدرك قيادة الجنوب أنه بإمكانهم التعطيل على أعدائهم لأسلحتهم في الجنوب وأهمها سلاح النزوح المسيس وسلاح الاتصالات والسلاح الأخطر “دستور وقوانين دولة الاحتلال اليمني” وبسببهما تسير منظومة الشرعية لتعطيل استعادة مؤسسات الجنوب.
الطابور الأخطر في الجنوب
شيء طبيعي أن حكام صنعاء الحاليين يستغلون وجود أعضاء وقادة أحزاب صنعاء في منظومة الشرعية لصالح صمودهم، بل وانتصارهم سياسياً على التحالف والجنوب العربي، لأنه من غير المنطقي في الحروب أن تولي الهاربين من بلاد عدوك الذي يحاربك مسؤولية إدارة بلادك؛ لأن الهارب لديه نقاط ضعف سيستخدمها عدوك ضدك وهذه النقاط تتعلق بمصالح مجتمعية أو قبلية أو اقتصادية أو سياسية أو أمنية أو عسكرية أو غيرها.
استبعاد المسؤولين الهاربين والمتخادمين مع صنعاء من إدارة محافظات الجنوب
اليوم حاكم صنعاء الحوثي يهدد بتأميم ممتلكات وأموال اليمنيين الهاربين إلى الجنوب، والسبب المخفي هو أنهم لم يستطيعوا بأدوات وقرارات سلطة الشرعية أن يجبروا قادة المجلس الانتقالي الجنوبي الرضوخ لإملاءات الحوثي ومن يدعمه في الإقليم والعالم.
واعتقد مع قادم الأيام أن استمرار رفض قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي لمطالب صنعاء مثل صرف مرتبات محافظات العربية اليمنية من إيرادات الجنوب العربي وغيرها سيؤدي بحكام صنعاء بزيادة الضغط والتهديد لهؤلاء الهاربين.
لذلك العقل والمنطق يستدعي استبعاد هؤلاء المسؤولين الهاربين والمتخادمين مع حكام صنعاء من إدارة محافظات الجنوب العربي وفي الحال.
أهمية تنفيذ اتفاق الرياض حالا
كلام رئيس الوزراء معين عبدالملك ورده على محافظ عدن حين قال “إن موارد عدن سيادية لكل اليمن” ينطلق من القوانين والدستور اليمني، فقد فُصِّلت القوانين واللوائح من مواده لتسيير عمل الوزارات والمرافق، فكل محافظة جنوبية لها من إيراداتها فقط ٢٠٪ وللدولة المركزية الباقي وأيضا النفط والغاز تعتبر ثروات سيادية.
وقد وضحنا سابقا بأنه لا يستطيع قادة الجنوب استعادة مؤسسات الجنوب وفك ارتباطها بقوانين ودستور الجمهورية اليمنية.
وأعتقد أن الحل على قادة الجنوب صياغة لائحة تنفيذية لاتفاق ومشاورات الرياض والعمل بها من طرف واحد بعد رفض أحزاب صنعاء تنفيذه.
إن استطاعوا فقد ألغوا العمل بدستور وقوانين دولة الوحدة الفاشلة، والتي حكوماتها في منظومة الشرعية مستمرة ومازالت تنهب الثروات وتبيد شعب الجنوب بالقوانين المستمدة من الدستور اليمني، ولن ولم ولا يستطيع أن يحاسبها في الإقليم أو الرباعية أحد؛ لأن الدستور اليمني يجيز لها ذلك.
الحلول الممكنة
إذن الحل ليس في استقالة قادة الجنوب من مؤسساتهم؛ لأن الوضع سيتكرر، إنما الحل بإلغاء الدستور الحالي وإطلاق إعلان دستوري بتنفيذ اتفاق ومشاورات الرياض كما أسلفنا، ولكن بعد أن تظهر نتائج زيارة الرئيس القائد عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي لأمريكا.
اتفاق ومشاورات الرياض أخرجت توافقًا وشراكة مرحلية كان نتاجها تشكيل مجلس قيادة رئاسي وحكومة بين ممثل شعب الجنوب “المجلس الانتقالي الجنوبي” وبين اليمنيين ممثلي أحزاب صنعاء في منظومة الشرعية.
وأهم بنوده هو توجيه كل القوى والإمكانات للحرب ضد أذرع إيران في صنعاء، وأيضا إعطاء الجنوبيين سلطات إدارة بلادهم.
وبعد أكثر من سنتين نجد أن ممثلي أحزاب صنعاء في المجلس الرئاسي والحكومة استفادوا من الشراكة لتوجيه الدعم لحكام صنعاء لاشتداد عود سلطتهم وجيوشهم واقتصادهم ومواقفهم السياسية المحلية والإقليمية والدولية.
وفي المقابل أمعن ممثلو هذه الأحزاب في إضعاف الشريك الجنوبي الذي يحتضنهم وإشعال حرب الخدمات والحرمان من الرواتب ضد شعب الجنوب، وأصبحت القرارات بدلاً من أن توجه للمعركة شمالا فقد عكست بوصلتها جنوباً.
ولازالت هذه الأحزاب في منظومة الشرعية بواسطة رئيس الوزراء ومعاونيه تمارس بكل صلف ممارسة الظلم والاحتلال نفسه الذي مارسه نظام عفاش بإصدار القرارات الأحادية تطبيقا لقانون ودستور دولة الاحتلال اليمني تاركا بنود اتفاق ومشاورات الرياض خلف ظهره.
فمثلا يتم توريد إيرادات كل محافظات الجنوب إلى البنك السعودي في الرياض، ويترك فقط ٢٠٪ لقيادات السلطة المحلية في محافظات الجنوب.
وكل ذلك لكي يتم صرف رواتب بالعملة الصعبة لقيادات أحزاب صنعاء وتابعيهم المنتسبين لمنظومة الشرعية وكل موظفي السفارات اليمنية في دول العالم.
ويتم من نفس الإيرادات شراء الوقود وإرسال السفن إلى حكام صنعاء، وبدلاً من تعزيز وزيادة كميات الوقود في محافظات الجنوب لاستمرار تشغيل الكهرباء يتم قطع عدد ساعات التشغيل لكي تنعم قيادات هذه الأحزاب وأعضاؤها بالرواتب بالعملة الصعبة، ولا يستطيع أحد منع ذلك؛ لأن من يسير منظومة وعمل حكومات الشرعية هي قوانين ودستور الجمهورية اليمنية نفسها.
الإعلان الدستوري بتنفيذ اتفاق ومشاورات الرياض
لذلك فالإعلان الدستوري بتنفيذ اتفاق ومشاورات الرياض في الجنوب أصبح هو الحل والوسيلة لاستعادة دولة الجنوب فيما بعد مع إطلاق الإرادة الشعبية الجنوبية بممارسة فك الارتباط الشعبي بين الشعبين والاستعانة بالوثائق للجهاز المركزي للإحصاء للسكان والمساكن في عام ١٩٨٨ م قبل الوحدة في الجنوب.
عودة الدولتين إلى ما قبل عام ١٩٩٠م
مع أن الأسلم هو الحل السلمي والعقلاني والنهائي للحرب بين العربية اليمنية والجنوب العربي، أي التعامل مع واقع عودة المملكة المتوكلية الهاشمية بقيادة الحوثي، والتعامل مع واقع الجنوب العربي بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة الرئيس القائد عيدروس الزبيدي، بمعنى عودة الدولتين إلى ما قبل عام ١٩٩٠م.
