تقرير خاص لـ"الأمناء" يكشف كيف تحول وادي عومران إلى منصة عملياتية للإرهاب في الجنوب
(الأمناء / تقرير خاص 🙂
كيف استطاعت القوات الجنوبية تطهير معقل القاعدة في جزيرة العرب من الإرهاب؟
ما سر تنامي عمليات استهداف القوات الجنوبية في أبين؟
لماذا لجأ تنظيم القاعدة إلى العبوات الناسفة؟
خبير أمريكي: “سهام الشرق” وجهت ضربة قاتلة للقاعدة في اليمن
منذ حرب صيف عام 1994م واجتياح قوى الاحتلال اليمني للجنوب مدعومة بالقوى الدينية المتطرفة كحزب الإصلاح وتنظيمي الإخوان والقاعدة، دأبت قوى نظام صنعاء على تصدير الإرهاب إلى محافظات الجنوب بهدف إظهار أن المناطق الجنوبية منبعًا للإرهاب ومعاقله، وكان التركيز على محافظات أبين وشبوة وحضرموت وعدن ولحج، وأخذت محافظة أبين نصيب الأسد من هذا الاستهداف.
وتعرضت محافظة أبين لموجات من هجمات تنظيم القاعدة، وسيطرت التنظيمات الإرهابية على معظم أجزاء محافظة أبين في عامي 2011 و 2012م وعاثت فيها فسادًا ودمرت البنية التحتية لمحافظة أبين خلال هذه الفترة، وفي العام 2015م أعلن تنظيم القاعدة سيطرته الكاملة على مدينتي زنجبار وجعار وتم إخراج عناصر هذا التنظيم خلال تلك الفترات بقوات الجيش المسنودة باللجان الشعبية.
وظلت مناطق محافظة أبين منذ حرب صيف 1994م هدفاً استراتيجيا بتنامي عناصر أنصار الشريعة والقاعدة حتى أصبح وادي عومران شمال شرقي مديرية مودية معقلا لتنظيم القاعدة الذي تتوافد العناصر الإرهابية وقياداتها إليه من محافظات البيضاء ومأرب كأكبر معلقين للتنظيم في محافظات الشمال اليمني.
عومران.. المعقل الرئيس لتنظيم قاعدة جزيرة العرب
وتحول وادي عومران في السنوات الماضية إلى منصة عملياتية لتنظيم القاعدة في إدارة نشاطه الإرهابي وخلاياه في أبين وعدن ولحج والبيضاء وشبوة، وكذا إدارة لتهريب الأسلحة نحو الصومال ودول أفريقية أخرى عبر بحر العرب.
وأكد خبراء عسكريون ومهتمون بشؤون الإرهاب إلى أن معسكر عومران يتوسط جبالاً وعرة، وكان يستخدم في تجهيز العبوات الناسفة والسيارات والدراجات المفخخة ومركزا لتدريب العناصر الإرهابية، إلى جانب استخدامه كمقر للإنتاج الإعلامي والفني للقاعدة وتنظيم “أنصار الشريعة”.
وتتمثل مخاطر معسكر “عومران” في أنه كان في عام 2012 منطلقا للقاعدة لإسقاط مدينة “زنجبار” حاضرة محافظة أبين، ويعد سقوطه ضربة موجعة لتنظيم القاعدة الإرهابي في محافظة أبين بصورة خاصة والجنوب بصورة عامة.
انطلاق عملية سهام الشرق:
وفي أغسطس 2022، أطلقت القوات الجنوبية عملية “سهام الشرق” التي أطاحت بالقاعدة في المناطق الوسطى بأبين وأسقطت أكبر معسكرات التنظيم في اليمن والجزيرة العربية، واستطاعت القوات الجنوبية تأمين عدد من مديريات أبين.
وفي مطلع يناير من العام الحالي، تم إطلاق المرحلة الثانية من العملية لوقف جماح التفجيرات والعبوات التي لجأ لها التنظيم بعد إنهاء وجوده العسكري بشكل شبه كامل.
وكانت القوات المسلحة الجنوبية قد أعلنت تحرير كامل محافظة أبين من التنظيمات الإرهابية، باستكمال المرحلة الرابعة من عملية سهام الشرق التي أطلقها الرئيس عيدروس الزبيدي في 20 أغسطس الماضي، وبدأت من ميناء شقرة في مرحلتها الأولى ثم امتدت المرحلة الثانية إلى المنطقة الوسطى بأبين، وفي المرحلة الثالثة نجحت القوات الجنوبية من تحرير وادي عومران الذي كان يعد المعقل الرئيس لتنظيم القاعدة الإرهابي.
قائد محور أبين: لا تراجع عن دك أوكار الإرهاب
وقال العميد مختار النوبي قائد محور أبين القتالي في تصريح لوسائل إعلام محلية وأجنبية: “إن عملية سهام الشرق بمراحلها الأربع استكملت تطهير كامل محافظة أبين، بدخول القوات أحور وتحريرها من التنظيمات الإرهابية المتطرفة”.
وأوضح أن عدد شهداء عملية سهام الشرق بلغ 32 شهيدا و42 جريحا، فيما كان عدد قتلى التنظيمات الإرهابية 24 قتيلا.
أهداف عملية “سهام الشرق”
وتضمن بيان المجلس الانتقالي الجنوبي الأهداف الاستراتيجية لعملية “سهام الشرق” عند انطلاقها والتي تتمثل في: “تطهير محافظة أبين من التنظيمات الإرهابية وإزالة خطر التخادم الإخواني الحوثي مع تنظيم القاعدة، إضافة إلى تعزيز تأمين العاصمة عدن، وحماية الطرقات الرابطة بين محافظات الجنوب وإيقاف عمليات تهريب الأسلحة والممنوعات عبر الشريط الساحلي لمحافظة أبين”.
خبير أمريكي : “سهام الشرق” وجهت ضربة قاتلة للقاعدة
رأى الخبير الأمريكي في شؤون الجماعات المتطرفة، وعضو فريق الأمم المتحدة الخاص باليمن، فرناندو كارفاخال، أن عملية “سهام الشرق” التي نفذتها القوات الجنوبية وجهت “ضربة قاتلة” لتنظيم القاعدة في أبين وأفقدته السيطرة على ملاذاته الآمنة في المحافظة وخسر خلالها قادة ميدانيين بارزين.
تضحيات كبيرة للقوات المسلحة الجنوبية
وفي 6 سبتمبر 2022م استشهد 21 من أفراد الحزام الأمني في هجومٍ دامٍ لتنظيم القاعدة على حاجز أمني في الطريق الرئيس بمديرية أحور بمحافظة أبين.
وفي 12 سبتمبر 2022م نجا مسؤولان عسكريان من 4 محاولات اغتيال بسلسلة تفجيرات لتنظيم القاعدة عبر زراعة عبوات ناسفة فجرت عن بعد في مديرية مودية في أبين وأسفرت عن استشهاد وإصابة 18 جنديا.
وفي 14 سبتمبر 2022م أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي، إصابة 6 من القوات المسلحة الجنوبية في وادي عومران ، إثر تفجيرين، نفذهما تنظيم “القاعدة ” الإرهابي، وخلال فترة دخول القوات المسلحة الجنوبية إلى معاقل الإرهاب بمحافظة أبين استشهد المئات من أفرادها بين شهيد وجريح إثر كمائن نفذتها “القاعدة” بعبوات ناسفة كانت تقوم بزراعتها على الطرق العامة في مديرية مُودية بمحافظة أبين.
انتصارات متتالية حققتها عملية “سهام الشرق”
نجحت القوات الجنوبية المشتركة في تأمين 6 مديريات، وذلك بعد معارك عنيفة وسلسلة من العمليات الإرهابية للقاعدة، والتي شنتها ردا على انطلاق عملية “سهام الشرق” في محافظة أبين.
وانطلقت العملية العسكرية في 23 أغسطس الماضي، وشهد اليوم الأول من العملية العسكرية نشر الحزام الأمني قواته على امتداد الخط الساحلي في خنفر و”خبر المراقشة” وشرق أحور من جهة شبوة، وتسلمت القوات الجنوبية معسكر العرقوب في شقرة وسلاسل المرتفعات، فيما انتشرت شرطة أبين في مدينة زنجبار.
وأجبرت العمليات الإرهابية التي شنتها القاعدة، القوات المسلحة الجنوبية على إطلاق المرحلة الثانية من “سهام الشرق” في 11 سبتمبر العام الماضي، واستهدفت مديريات المنطقة الوسطى بأبين.
وسيطرت القوات الجنوبية على معسكرات “عكد”و ”سلي” في مديرية لودر، وطهرت معسكر “السري” قرب جبال “موجان” في “خبر المراقشة” بأبين .
وفي 18 سبتمبر العام الماضي، أعلنت القوات الجنوبية رسميا السيطرة على المعسكرين الرئيسيين للقاعدة في عومران، وهي أهم معقل للتنظيم، وتوصف بأنها “تورا بورا “ .
وشهدت أبين منذ منتصف ديسمبر 2022 نحو 20 هجمة إرهابية بالعبوات الناسفة وقع مجملها في بلدات “وادي عومران”، “المحفد” و”مودية” شرقي أبين وخلفت عشرات الشهداء والجرحى من القوات الجنوبية .
تلك الهجمات التي زادت وتيرتها في الفترة الأخيرة خاصة في محافظة أبين، مع امتصاص تنظيم القاعدة الإرهابي لزخم العمليات التي انطلقت ضده، وتحوله لتكتيكات العبوات الناسفة.
ونعت القوات المسلحة الجنوبية, مساء أول أمس استشهاد قائد الكتيبة الأولى في اللواء الثالث دعم وإسناد النقيب صدام حسين السعدي، وقائد سرية بالكتيبة الأولى في اللواء الثاني دعم وإسناد غسان القديمي وعدد من الجنود من قوات محور أبين “سهام الشرق” خلال تفجيرات إرهابية في منطقة امبقيرة بوادي عومران شرق مديرية مودية في محافظة أبين.
وادي عومران.. الجرح النازف
تضحيات بطولية قدمتها القوات المسلحة الجنوبية في مكافحة إرهاب عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي في محافظة أبين وغيرها من محافظات الجنوب الأخرى ، لكن يظل وادي عومران باعتباره المعقل الرئيس التنظيمات الإرهابية المتطرفة ليس على مستوى اليمن بل والجزيرة العربية هو الجرح النازف بدماء الشهداء والجرحى الذي نذروا حياتهم رخيصة في سبيل استئصال هذه الآفة الدخيلة على محافظات الجنوب ، والتي تعتبر بيئة طاردة للإرهاب وفي اللجان الشعبية لمديرية لودر نموذجا يشار إليه بالبنان في مواجهة تنظيم القاعدة أثناء سيطرته على مديريات المنطقة الوسطى بمحافظة أبين في العام ٢٠١٠م ، واستطاعت اللجان الشعبية إلحاق الهزيمة بعناصر القاعدة والتي كانت تضم في صفوفها ما يربو على 3000 إرهابي من المحافظات الشمالية ومن دول عربية كالعراق وسوريا وافغانستان والصومال وغيرها .
وينبغي التأكيد بأن هذه العمليات الإرهابية التي تستهدف قواتنا المسلحة الجنوبية وأبناء شعبنا الجنوبي لن تنال من عزيمة وإصرار وصمود قواتنا المسلحة الجنوبية في استكمال اقتلاع جذور الإرهاب الذي عملت قوى الاحتلال اليمني وقوى إقليمية ودولية تصديره إلى الجنوب وعلى وجه التحديد إلى محافظة أبين ، ويتطلب ذلك تكاتف وتوحيد الجهود من أجل استئصال آفة الإرهاب بكل أشكاله ومظاهره ، لا سيما وأنه يحتضر ويلفظ أنفاسه الأخيرة ، ليسجل التاريخ هذه المواقف الوطنية والإنسانية لمواجهة الأفكار الهدامة وإرهابها الذي طالت مناحي الحياة وأهلكت الزرع والصرع وعاثت فساداً في البلاد .
