المقالات

محمد بن زايد.. رؤية استراتيجية في مواجهة الإرهاب

د. علي بن تميم

قبل سنوات قليلة، لم تكن صحيفة أو موقع إخباري أو قناة تلفزيونية، فضلاً عن منصات التواصل الاجتماعي، تخلو من أخبار الفظائع التي يرتكبها تنظيم داعش الإرهابي. لم يعد الأمر كذلك اليوم. فقد خفتت الأخبار، وربما اختفت، إلا من بعض المقالات أو التحليلات هنا أو هناك.. لكن هل حقاً انتهى داعش؟

‏‎الإجابة المؤسفة أنه لم ينته، فما زالت الأفكار التي زرعها التنظيم الإرهابي تعشّش في عقول الآلاف، داخل المنطقة العربية وخارجها، وما زالت الصورة المشوهة التي رسمها عن الإسلام مطبوعة في أذهان الملايين، بعد ما قام به من قتل وتعذيب وحرق وسبي ونهب تحت راية ما ادعي أنه الإسلام.
‏‎ربما نسي بعضنا ما فعله داعش، وأنسته التغيرات التي تحدث في العالم الفظائع التي ارتكبها التنظيم الإرهابي، لكن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، صاحب الفكر الاستراتيجي الذي يستشرف المستقبل، لم ينس، وآثر أن يذكرنا قبل يومين، بإحدى المجازر الفظيعة، فكتب عبر حسابه على منصة إكس، تويتر سابقاً: “الذكرى التاسعة للجريمة البشعة التي ارتكبها تنظيم داعش الإرهابي بحق الإيزيديين وغيرهم في سنجار العراق في 3 أغسطس عام 2014، مناسبة أليمة تذكر العالم كله بأهمية العمل من أجل ترسيخ مبادئ التسامح والتعايش، ورفض التطرف وازدراء الإنسان بسبب الاختلاف في الدين أو المذهب أو العرق.”
‏‎كانت الكلمة في اليوم نفسه لذكرى المجازر التي ارتكبها داعش بحق الإيزيديين في العراق، لنتذكر ما حدث، ونفتح عيوننا عن آخرها ولا ننسى ما عشناه وعايشناه من مآس، وننتبه إلى ما تبقى من أذيال ذلك التنظيم سواء على الأرض أو في أفكار الآلاف والتي تكشفها تعليقاتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
‏‎لقد أراد الشيخ محمد بن زايد أن يذكرنا ببشاعة ما ارتكبه التنظيم في حق الإيزيديين من جهة وفي حق الإسلام نفسه من جهة أخرى. ولمن لا يتذكر ففي 3 أغسطس 2014 شن مسلحو تنظيم داعش الإرهابي هجوماً على الإيزيديين في قضاء سنجار بمحافظة نينوى شمالي العراق، وقتلوا مئات السكان إما عبر الإعدام الجماعي، أو بالرصاص أثناء هروبهم، وتركوا جثامينهم في مقابر جماعية مجهولة بحسب الأمم المتحدة، كما اختطفوا النساء والأطفال من عائلاتهم لسنوات طويلة، وقاموا باستعباد ما يقدر بـ7 آلاف سيدة وفتاة إيزيدية، بعضهن بعمر 9 أعوام، ونقلوهن قسراً إلى أماكن سيطرتهم في العراق وشرقي سوريا، واحتجزوهن للاسترقاق الجنسي، وقالت ناجيات إنهن تعرضن للبيع عدة مرات، أو منحن كهدايا، أو تم تناقلهن بين مقاتلي داعش، فيما أجبر الأطفال على الانضمام إلى مقاتلي التنظيم.
‏‎وبالإضافة إلى ذلك، فقد دمر داعش حوالي 80 في المائة من البنية التحتية العامة لسنجار، و70 في المائة من منازل المدنيين، وقضى على الموارد الطبيعية للمنطقة، وخرّب قنوات الري والآبار، وسرق وأتلف المعدات الزراعية وجرف الأراضي الزراعية، وحتى الآن لا يزال أكثر من 2700 شخص في عداد المفقودين، وأكثر من 200000 ناجٍ في عداد النازحين، ويعيشون داخل المخيمات وخارجها في إقليم كردستان العراق.

‏‎صورة الإسلام

‏‎ما هي صورة الإسلام التي قدمها تنظيم داعش حين فعل كل هذا؟ كيف سينظر العالم كله لسنوات مقبلة إلى الإسلام والمسلمين حين يقرأ عن هذا القتل والتخريب والتدمير والإهلاك والاغتصاب والاسترقاق والاستعباد، تحت راية الإسلام؟
لقد فطنت الإمارات منذ البداية إلى خطورة التنظيم الإرهابي على الإسلام، وحذرت من ربطه به، وفي العام 2014، وخلال البيان الذي أدلى به الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية أمام الاجتماع الوزاري لمجلس الأمن الدولي الذي ترأسه وزير خارجية الولايات المتحدة آنذاك جون كيري بحضور قرابة 35 دولة من داخل وخارج إطار عضوية المجلس، قال: “أود من على هذا المنبر، وكعربي مسلم أن أرفض رفضاً قاطعاً تسمية كيان داعش الإرهابي “بالدولة الاسلامية”، وأدعو الجميع لمشاركتي هذا الرفض والتضامن مع مئات الملايين من المسلمين استهجانهم استباحة ما هو عزيز لديهم جميعاً من شرذمة إرهابية مجرمة”.
لقد أدرك العالم فظاعة ما ارتكبه داعش، وقبل أيام اعتبرت الحكومة البريطانية، أن ممارسات التنظيم الإرهابي في حق الإيزيديين تشكل “إبادة جماعية”، وجاء هذا الاعتراف الرسمي بعد حكم صادر عن محكمة العدل الفدرالية الألمانية، يدين مقاتلاً سابقاً في داعش بتهم ارتكاب ممارسات تشكّل إبادة جماعية في العراق.
‏‎وإذا كانت هذه الإدانة الدولية قد تأخرت طويلاً، فإن دولة الإمارات قد فطنت إلى خطر داعش مبكراً، فكانت منذ البداية طرفاً رئيساً في التحالف الدولي ضد داعش، وفي الحرب على الإرهاب وعلى جميع التنظيمات المتطرفة.
‏‎ولم تكتف بهذا، ففي مجال مكافحة تمويل الإرهاب، بذلت الدولة جهوداً كبيرة لتعزيز نظام مواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وذلك من خلال القوانين التي أصدرتها والخطوات التي تتخذها. أما في مجال محاربة الفكر المتطرف، فقد اتخذت خطواتها مبكراً، حيث أسست في العام 2012 مركز “هداية” بالشراكة مع المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، وهو مركز دولي معني بالتدريب والحوار والأبحاث والتعاون في مجال مكافحة التطرف، وتعتبر دولة الإمارات عضواً مؤسساً في “المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب”، ورئيساً مشاركاً لـ”مجموعة عمل مكافحة التطرف العنيف” التابعة للمنتدى مع المملكة المتحدة من عام 2011 إلى عام 2017، كما عملت مع الولايات المتحدة الأمريكية على تأسيس مركز “صواب” الذي انطلقت أعماله في مارس 2015، وهي مبادرة تفاعلية للتراسل الإلكتروني، تهدف الى دعم جهود التحالف الدولي في حربه ضد التطرف والإرهاب.‎

‏‎إعادة الإعمار

‏‎ولم تكتف الإمارات بمحاربة داعش الذي دمر أجزاء واسعة من العراق، بل لعبت دوراً مهماً في إعادة الإعمار، في أكثر من مكان، لا سيما إعادة بناء مدينة الموصل والحفاظ على هويتها والتراث الإنساني داخلها، الذي دُمر أثناء الحرب على التنظيم الإرهابي، الذي احتل المدينة خلال الفترة من 2014 إلى 2017.
‏‎يدرك الشيخ محمد بن زايد خطورة الإرهاب على الشعوب وعلى الأمم وعلى الإنسانية بأكملها، وقد سبق أن حذر منه كثيراً، فهو القائل: “إن الإرهاب هو أكبر تهديد للسلام والتنمية في العالم، والإمارات من منطلق نهجها في دعم التسامح والتعايش ترفض استغلال الشعارات الدينية لبث خطابات الكراهية التي تُسيء إلى العلاقات بين الشعوب”، وهذا الاستغلال الذي أشار إليه يقصد به الجماعات الإرهابية التي تتخذ من الإسلام مطية لغايات سياسية وهي تمثل أسوأ تجليات الإرهاب، إذ لا تكتفي بتدمير البنيان بل تدمر الإنسان، وتشوه الأفكار، وتغسل عقول الشباب بأفكار سوداء، وتشوه صورة الإسلام في الخارج.
‏‎إن رئيس الدولة يدرك أن الحرب مع داعش وأشباهه من تنظيمات الخراب، هي في جوهرها حرب قيمية وحضارية، بين إسلام دخيل يروج له الإسلام السياسي الذي يعادي المسلمين قبل من هم غير مسلمين، وإسلام منفتح على الجميع بسماحته وعدله ومحبته.
‏‎ومن هنا وجب علينا الانتباه إلى الجزء الثاني من كلمة الشيخ محمد بن زايد في الذكرى التاسعة للجريمة البشعة التي ارتكبها تنظيم “داعش” الإرهابي بحق الإيزيديين وغيرهم، والتي أكد فيها “أهمية العمل من أجل ترسيخ مبادئ التسامح والتعايش، ورفض التطرف وازدراء الإنسان بسبب الاختلاف في الدين أو المذهب أو العرق”، فقد كان هذا هو جوهر الدور الرائد الذي قامت به الإمارات بالموازاة مع حربها ضد الإرهاب.
‏‎إذ لم تكتف الدولة بدورها في دحض الأفكار السوداء للتنظيمات المتطرفة، ولا بدورها العسكري في هزيمتها وطردها من الأماكن التي احتلتها، بل قامت بدور أكبر وهو إعادة تصحيح صورة الإسلام التي شوهها داعش، عن طريق نشر صورة الإسلام الحقيقية التي تحض على التسامح والتعايش.

‏‎التسامح

‏‎فقد قامت الإمارات بإطلاق وزارة للتسامح لنشر قيم التسامح والتعايش السلمي في البلاد وخارجها، وأنشأت المعهد الدولي للتسامح لبث روح التسامح في المجتمع ولترسيخ ثقافة الانفتاح والحوار الحضاري ونبذ التعصب والتطرف والانغلاق الفكري. وفي يوليو 2015 أصدرت الإمارات قانون مكافحة التمييز والكراهية الذي يهدف إلى إثراء ثقافة التسامح العالمي، ومواجهة مظاهر التمييز والعنصرية.
‏‎وفي فبراير 2019، استضافت الإمارات مؤتمر الأخوة الإنسانية بهدف تفعيل الحوار حول التعايش والتآخي بين مختلف الديانات والثقافات، وتبنت “وثيقة الأخوة الإنسانية من اجل السلام العالمي والعيش المشترك” والتي وقع عليها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، كما دشنت “بيت العائلة الإبراهيمية” الذي يضم مسجداً وكنيسة وكنيساً لكي يعكس رؤية الدولة وقيمها حول أهمية التعايش السلمي وحوار الثقافات وضمان التسامح وكفالة حرية العقيدة وحماية دور العبادة، والاحترام المتبادل من أجل الأجيال المقبلة.
‏‎لقد كان الشيخ محمد بن زايد يقف وراء كل هذه الجهود الجبارة لمحاربة الإرهاب منذ البداية، ومن المفيد التذكير بالجهود الاستثنائية التي قادها في اليمن، ليس فقط لمنع هيمنة الحوثيين على مقدرات البلاد والسطو على قرارها السياسي، بل إن جزءاً كبيراً من الدافع وراء المشاركة الإماراتية، مثلما يفيد الصحافي المتخصّص في الشؤون العسكرية والأمنية في الخليج العربي مايكل نايتس في كتابه “25 يوماً إلى عدن – فصول لم تروَ عن قوات النخبة العربية في الحرب” والذي ترجمه مشروع “كلمة”، كان منع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، من استغلال حالة الفوضى والفراغ، لكسب موطئ قدم له والتوسع إلى مناطق جديدة في اليمن.
‏‎لذا من الطبيعي أن يبدي الشيخ محمد بن زايد اهتماماً بذكرى ما حصل في سنجار، ليؤكد دور الإمارات الحضاري في التصدي للإرهاب في كافة المجالات، وضرورة محاربة ما تبقى منه، وأهمية تصحيح صورة الإسلام في الخارج عبر تقديم قيمه الصحيحة، وتعزيز كافة القيم الإنسانية التي تحض على المحبة والتآخي، ولكي يؤكد أيضاً أن دولة الإمارات وهي تبني المستقبل ستظل عينها مفتوحة لتحرس هذا المستقبل من التنظيمات الإرهابية.
‏‎لم تكن كلمة الشيخ محمد بن زايد مجرد تذكير بالبشائع التي ارتكبها تنظيم داعش في حق الإيزيديين والإسلام شرقاً وغرباً، بل هي تحذير من اختطاف عقول شبابنا مجدداً ممن يزعمون أنهم يملكون مفاتيح الجنة، وتحذير من سرقة الهوية الثقافية ممن لا يريدون لهذه الشعوب أن تتقدم للأمام، وتأكيد دور الإمارات الذي لا يتزحزح في كونها مدافعاً أساسياً عن التسامح والتعايش، ورفضها القاطع للتطرف والكراهية.

المصدر

جوجل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
احلى افلام سكس arabnsex.com سكس مصري فيديو new sexy 2015 pornharbour.net indian naked teen girls هالة صدقى سكس porn2you.org s;s uvfn thubzilla xxxhindifilm.com www xxxmo blue film karnataka cowporn.info hot love girl kannada adult videos momandboyporn.net hotmalayalam mysore mallige scandal desixxxtube.info open sex video open sex video dirty linen episode 1 full teleseryepinoytv.com darna december 7 2022 full episode konayama kata hentaivsmanga.com liquid hentai بينيك اخته free-xxx-porno.net سكس بنات الجامعه beeg search mehrporn.com hindisaximovi dangal online movie pornomania.info you porn india tuvidy doodhwali.net pune girl sex video kiss x video hindisexyporn.com itorrentz telugu marwadi sex open faphub.mobi www.sexvid.com