المدارس الخاصة بين الواقع والمأمول

4 مايو/خاص- استطلاع: مريم بارحمة

انتشرت المدارس الخاصة في كل محافظات الجنوب ومع أنها خففت جزء من اكتظاظ الطلبة بالمدارس الحكومية، وساهمت في تشغيل بعض الأيادي العاملة من خريجي الجامعة والثانوية العامة، لكن يشكو كثير من أولياء الأمور من الزيادة المستمرة في ارتفاع الرسوم المدرسية بالمدارس الأهلية أو الخاصة مع بداية كل عام دراسي وكل فصل دراسي، وكذلك المستوى التعليمي بالمدارس الخاصة ليس بالمستوى المأمول. ومع ذلك يضطر أولياء الأمور لاستمرار أبنائهم في المدارس الخاصة برغم كل الظروف الاقتصادية والمعيشية التي تعيشها الأسرة.

فما أسباب لجوء أولياء الأمور لتسجيل ابنائهم بالمدارس الخاصة بدلاً من الحكومية رغم ان البعض من ذوي الدخل المحدود؟ وما أسباب زيادة رسوم المدارس الخاصة في كل عام وفصل دراسي؟ وهل هذه الزيادة بالرسوم تواكب التطور في الاداء التعليمي وتوفير البيئة التعليمية المناسبة؟ وهل هناك ضوابط ولوائح تحدد الرسوم الدراسية في كل مرحلة دراسية بالمدارس الخاصة من قبل وزارة التربية والتعليم أو الحكومة؟ وما موقف أولياء أمور الطلبة أمام هذه الزيادة بالرسوم المدرسية؟ وكيف يمكن الحد من هذه الزيادة بالرسوم المدرسية كل عام دراسي؟
لإزاحة الغموض على هذه التساؤلات التقينا بنخبة من أولياء الأمور والتربويين ومدراء المدارس وخرجنا بهذه الحصيلة:

-اهتمام أفضل

الدكتورة حفيظة صالح ناصر الشيخ الأمين العام للجنة الوطنية اليمنية للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) تقول:” يعتقد بعض الآباء أن المدارس الخاصة تقدم تعليما نوعيا ومتميزا وان الاهتمام بأبنائهم سيكون أكبر وأفضل من المدارس الخاصة …انطلاقا من هذا الاعتقاد الذي لا يكون صائبا في أغلب الحالات يذهب الآباء بأبنائهم إلى المدارس الخاصة. وقد يكون سبب تسجيل الأبناء في المدارس الخاصة من قبل التفاخر لدى بعض الأسر وان كانت ظروفهم المادية صعبة …وهذا تفاخر في غير محله باعتقادي”.

-اكتظاظ الطلبة

بينما تتحدث التربوية الأستاذة نادرة مصطفى حنبله، قائلة:” هناك أسباب كثيرة تجمعت ودفعت ولي الأمر لنقل ابنائه إلى المدارس الخاصة منها على سبيل الذكر لا الحصر: اكتظاظ الصفوف بالطلاب، وغياب الكتاب المدرسي مع وجوده بالمدارس الخاصة، ومشاكل الكهرباء وعدم وجود حلول لها، السلاسة ومرونة التعامل مع الطالب بالمدارس الخاصة، تركيز البعض على المستوى التعليمي جيد، النشاطات المتنوعة في بعض المدارس الأهلية، المقاصف المدرسية التي تلبي احتياجات الطالب بشكل جيد. هذه بعض من الأسباب التي دعت ولي الأمر للجوء إلى المدارس الخاصة”.

-كثر الإضرابات وعدم الإخلاص

بدورها الأستاذة نسرين البغدادي، مدرس بقسم التاريخ، جامعة لحج ورئيس قسم التدريب والتأهيل، مركز المرأة في جامعة لحج، تقول:” كان العلم هو رسالة الرسل والانبياء، بالعلم نحن نخطو نحو تأمين حياة طيبة وآمنة ومجتمع ذو فكر سليم متعافي، نحن اليوم نشهد حركة تحول هائلة نحو المدارس الخاصة وذلك لا يعد ظاهر إيجابية متعافية لمجتمع يعتبر العلم أحد أهم ركائزه، والتعليم بنيانه وأساسه، ولكننا للأسف نشهد تراجع ملحوظ في كيفية وآلية التدريس في بعض المدارس الحكومية التي أصبحت تعاني من فقدان هدفها الاسمى وهو التعليم، وأصبحت الاجيال تزف لمراحل دراسية عليا وهي في الأصل لا تفقه القراءة والكتابة السليمة، وكل ذلك بسبب عدم الإخلاص في هذه المهنة من جهة أي من الكادر التدريسي، وكثر الإضرابات التي اصبحت مدارس الحكومة تنهجها اليوم بحجة عدم نيل المستحقات المادية للمعلم والتي بدورها تسهم في كف حاجته وحاجة اسرته”.

-اهتمام ومتابعة

بينما الأستاذة رشا عمر حسن الهيج مديرة مدارس الرائـد الأهلية الحديثة – الممدارة / الشيخ عثمان- العاصمة عدن تقول :” يلجأ أولياء الأمور لتسجيل أولادهم في المدارس الخاصة وذلك للاهتمام والمتابعة في المدارس الخاصة أكثر من الحكومي وانعدام الإضراب كما يحصل في المدارس الحكومية للأسف وتجنب كثرت الاعداد للطلاب في المدارس الحكومية ….الخ”.

-ظاهرة المدارس الاستثمارية

ولكشف أسباب زيادة رسوم المدارس الخاصة مع بدابة كل عام دراسي تتحدث أ. نسرين قائلة :” الاقبال الذي تشهده هذه المدارس ليس بقليل في ظل تفشي ظاهرة المدارس الاستثمارية بحجة التعليم السليم، دفع ببعض المدارس إن لم يكن اغلبها تشريع الأبواب نحو حصاد المادة بحجة جودة التعليم بين جدرانها”.

-تجهيز المدارس

بدورها أ. رشاء تردف:” زيادة الرسوم السنوية؛ وذلك لارتفاع أسعار الصرف، لأن مدراء وملاك المدارس الخاصة يتنافسون في تجهيز مدارسهم بأحدث التجهيزات والأثاث والمواد القرطاسية والوسائل الحديثة والمختبرات والمعامل والشاشات والأجهزة …الخ، وكل هذه الأمور مكلفة وبالعملة الصعبة للأسف، فيشكل عبئ على ميزانية المدرسة بشكل مستمر وتضطر المدارس لرفع الرسوم لهذا السبب”.

-مشاريع للاستثمار

بينما د. حفيظة تقول:” المدارس الخاصة مشاريع فردية للاستثمار ومن هنا ترتفع أسعار الرسوم فيها كلما تحرك الوضع الاقتصادي باتجاه الارتفاع في الأسعار وانخفاض العملة المحلية”.

-منافسة مع المدارس

ولمعرفة مدى مواكبة الزيادة بالرسوم مع التطور في الاداء التعليمي وتوفير البيئة التعليمية المناسبة، تتحدث أ. رشاء قائلة:” نعم.. ويعتمد بشكل كبير جدا على عامل تخطيط المدير وتنفيذ الاستراتيجيات والنية الخالصة لمواكبة كل جديد في الجانبين العلمي والعملي والمنافسة مع بقية المدارس تعليمياً”.

-الحًكم على مخرجات التعليم

بدورها أ. نسرين تضيف :” لا يمكننا الحكم إلا من خلال قراءة تلك المخرجات الطلابية، حينها نوصف هل تمكنت المدارس الخاصة من استغلال الرسوم لصالح العلم والمتعلم، مع العلم أن اغلبها ليست بهذه الجودة”.

-زيادة الرسوم لزيادة الربح

وتؤكد د. حفيظة قائلة:” لا علاقة لزيادة الرسوم بمواكبة التطور في الأداء التعليمي …هذه المواكبة لكل جديد في مسيرة التعليم على مستوى الإقليم والعالم لا تكون اطلاقا بدوافع تجارية اقتصادية، وانما بدوافع تربوية فكرية أخلاقية ..زيادة الرسوم لزيادة الربح ليس إلا”.

-لا رقابة من الوزارة أو الحكومة

بينما أ. نادره تضيف:” هذه الزيادة لا تواكب التطور في الأداء التعليمي ولا توفير البيئة التعليمية المناسبة في الوقت الحالي؛ لأن المدارس الأهلية أو الخاصة دخلت في سباق سعري مع مثيلاتها من المدارس، ولا تلبي إلا احتياجات ذوي الشأن، والأدهى أنه لا توجد ضوابط تحدد الرسوم المدرسية لكل مرحلة؛ ولذلك ألحق كثير من الاذى للطالب وولي الأمر، ففي كل سنة تزداد الاسعار بحسب قيمة الدولار وتباع الكتب الدراسية بقيمة الدولار بما فيها الكتب المحلية، فلا رقابة من الحكومة أو وزارة التربية والتعليم. فلا مواكبة للتطور في الأداء التعليمي. والبيئة التعليمية تعني مبنى متكامل له خصوصيات المبنى التعليمي وليس ملحقات من شقق أو فلل، المساحات الواسعة مطلوبة للعملية التربوية لتبني وتصقل شخصية الطالب من خلال الأنشطة المتعددة”.

-لا ضوابط تحدد الرسوم

ولمعرفة هل توجد ضوابط ولوائح تحدد الرسوم الدراسية في كل مرحلة دراسية بالمدارس الخاصة من قبل الحكومة أو وزارة التربية والتعليم، تقول أ. نادرة:” للأسف لا توجد ضوابط تحدد الرسوم للطالب الواحد”.

-صعوبة ضبط ارتفاع الرسوم

وتردف أ. رشاء :” تسعى وزارة التربية والتعليم ومكتب التربية والتعليم بالمحافظة إلى ضبط الزيادة في الرسوم الدراسية، ولكن نظراً للأسباب التي ذكرتها آنفاً وأهمها ارتفاع أسعار الصرف، وايضا نظراً للظروف المعيشية الصعبة التي تجبر ملاك ومدراء المدارس إلى رفع رواتب المعلمين والمعلمات سنوياً، وصرف الحوافز، والمكافآت لاستمرار الكادر في العمل بإخلاص وتفاني؛ يجعل من الصعوبة بمكان ضبط ارتفاع الرسوم الدراسية. أضف إلى ذلك أزمة انقطاع الكهرباء وارتفاع أسعار المشتقات النفطية لتشغيل المولدات الكهربائية، وأمور كثيرة تصعب عملية ضبط ارتفاع الرسوم ووضع لوائح لذلك”.

-لا سلطة فعلية للوزارة

بدورها د. حفيظة تؤكد بقولها :” لا أعتقد أن لوزارة التربية والتعليم أي سلطة فعلية على تحديد الرسوم ..الرسوم تخضع لمزاج أصحاب المدارس الخاصة ولا تتقيد بأية لوائح؛ لأنه بالمقابل لا يوجد لوائح للعقاب والمتابعة”.

-الموافقة رغم ثقلها

وتضيف د. حفيظة :” يوافقون على زيادة الرسوم وان كانت تثقل كاهلهم”.

-معاناة أولياء الأمور

ولتوضيح موقف أولياء امور الطلبة أمام هذه الزيادة بالرسوم المدرسية، تتحدث أ. نادرة قائلة:” بعض أولياء الأمور يشتكون ويستمرون بالدفع وكل له طريقته؛ لأنه يبحث عن المكان الملائم لابنه، والبعض الآخر لم يتمكن من مواصلة الدفع فأضطر لإخراج ابنه إلى مدرسة أهلية أخرى أقل سعراً أو إعادته إلى المدارس العامة الحكومية”.

-تفاوت في المواقف

بدورها أ. رشاء تؤكد قائلة:” تتفاوت مواقف أولياء الأمور فالبعض يتعاطف مع مدراء وملاك المدارس ويتقبل الزيادة السنوية في الرسوم الدراسية ويتفهم ذلك، وهو متمسك بالمدرسة نظرا لعوامل إيجابية كثيرة فيها .. والبعض ينتقد ذلك ويضطر للاستمرار فيها للإيجابيات التي تمتلكها المدرسة وارتياحه لها .. والبعض يضطر أن يسحب أولاده من المدرسة حيث لا يستطيع سداد رسومها ويضطر إلى نقله إلى المدارس الحكومية”.

-المواطن مظلوم

فيما تردف أ. نسرين :” المواطن غالبا هو المظلوم في هذا الموضوع، خاصة ذوي الدخل المحدود الذين لا يقدرون على كف احتياجاتهم الأسرية ومنها مسؤولية التعليم، ويقف ولي الأمر كالمتفرج في زحام سوق السوداء التعليمية، ويكتفي بأن يلحق ابناءه بالمدارس الحكومية”.

– الاهتمام بالتعليم الحكومي

ولوضع المعالجات والحلول للحد من الزيادة في ارتفاع الرسوم الدراسية بالمدارس الخاصة كل عام، تتحدث أ. نسرين قائلة:” الحلول تكمن في الاهتمام بالتعليم الحكومي وتأهيل كادره، وهناك حلول وزارية يفترض تقوم بها وزارة التربية والتعليم لفرض قوانين تجبر جشع تجار التعليم ومستثمريه على الالتزام بها وفرضها عليهم”.

-الزيادة في كل شيء

بينما تضيف د. حفيظة:” الزيادة تشمل كل شي ولا يستطيع أحد الحد من زيادة الرسوم لأنها جزء من زيادة كل الاسعار في البلاد ايجارات اكل وشرب وعلاج وبترول ..كل شيء يزيد، ولا أحد يستطيع حتى الآن الحد من هذه الزيادة ..وإذا تم الحد من مجمل هذه الزيادة في كل شي سيتم الحد من الرسوم”.

-رفع مستوى التعليم

وتقترح أ. نادره: تحديد المدارس الخاصة الملائمة، وتقليصها بحسب الضوابط الأساسية من حيت المساحة والفصول…الخ، وإعادة ترميم المدارس الحكومية، والغاء أي استحداثات في مساحة المدارس سواءً محلات أو مباني خاصة، والعمل الدؤوب على رفع مستوى التعليم من المنهج والمدرس والإدارات المدرسية، وإيجاد آليات جديدة لضبط ورفع أنشطة المدارس والنهوض بها”.

-صعوبة الحد من زيادة الرسوم

وتؤكد أ. رشاء بقولها:” من الصعب جدا الحد من زيادة الرسوم الدراسية؛ وذلك لعدم استقرار سعر الصرف حيث أن أهم المواد والتجهيزات للمدارس الخاصة مكلفة وبالعملة الصعبة، وايضا انقطاع التيار الكهربائي بشكل مستمر وبمعدل أكثر من خمس ساعات انطفاء مقابل ساعتين تشغيل فقط وارتفاع المشتقات النفطية لتشغيل المولدات الكهربائية وكذلك مطالبة الكادر التعليمي والاداري برفع رواتبهم بشكل سنوي، نظرا للظروف التي يعانيها المواطن في بلادنا كل هذه الأسباب وغيرها تشكل عبئ كبير على الميزانية السنوية للمدارس الخاصة وبالتالي يلجأ ملاك ومدراء المدارس إلى رفع الرسوم الدراسية سنويا”.