اخبار محليةالأمناء نت

ضعيف ومجزأ ومطارَد..  "إصلاح اليمن" يتشبث بأحلام الخلافة من تركيا (1-3)

ضعيف ومجزأ ومطارَد..  “إصلاح اليمن” يتشبث بأحلام الخلافة من تركيا (1-3)

(الأمناء/ متابعات خاصة :)

كشف تحليل نشرته “مجلة نيو لاينز” جانباً من الوضع الذي يعيشه حزب الإصلاح اليمني -جناح تنظيم الإخوان المسلمين في اليمن- في الوقت الراهن عقب نحو 10 سنوات من الحرب الدائرة، وكيف أصبح هذا الحزب يبحث عن العودة لما أسموها “الخلافة” عبر بوابة “تركيا” التي أصبحت الملاذ الآمن والأخير لعناصر وقيادات “إخوان اليمن”.

 

التحليل أعده الباحث في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مركز الأبحاث البريطاني “تشاتام هاوس”، فارع المسلمي تحت عنوان “في المنفى في تركيا، يتشبث الإخوان المسلمون في اليمن بأحلام الخلافة”. وأكد أنه بعد ما يقرب من عقد من الحرب في الداخل، أصبح حزب الإصلاح في واحدة من أدنى المستويات في تاريخه، ومصيره مرتبطاً بالأولويات المتغيرة لحلفائه الدوليين، مشيرا إلى أن الحزب يعيش أسوأ أيامه، فهو ضعيف ومجزأ ومطارَد، وفوق كل شيء يفتقر إلى القيادة الجيدة.

 

بحسب التحليل فإن الكثير من أعضاء حزب الإصلاح يعيشون اليوم في المنفى؛ العديد من قادته يقطنون تركيا. وكحزب سياسي يتغذى على السلام والانتخابات بدلًا من الحرب، فإن إخوان اليمن يمرون بواحدة من أدنى المراحل في تاريخه، ويعاني من الضعف والتشرذم وضعف القيادة.

 

تكريم الغزاة

 

أعاد التحليل التركيز على القرارات السابقة التي اتخذها إخوان اليمن عقب وصولهم للسلطة بعد أحداث 2011. التي تمكن فيها حزب الإصلاح من السيطرة على الحكومة.

 

وجاء في التحليل: “عام 2012، كان أحد القرارات الكبرى الأولى للحكومة التي وصلت إلى السلطة في اليمن بعد ثورة 2011، والتي كان يسيطر عليها حزب الإصلاح، فرع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، هو بناء نصب تذكاري عملاق للجنود الأتراك الذين غزوا واحتلوا البلاد مرتين، عامي 1538 و1849، وبقي -النصب التذكاري- هناك في صنعاء حتى قرر الحوثيون تفجيره أوائل 2023.

 

أزعج النصب التذكاري اليمنيين القوميين؛ بعدما نُظر إليه كتكريم للغزاة. وانسحب بعض الوزراء غير المنتمين لحزب الإصلاح من اجتماع مجلس الوزراء؛ اعتراضًا على القرار، لكن الحزب كان قد أجرى حساباته بالفعل. وبدا حليفه، رئيس الوزراء آنذاك محمد سالم باسندوة، مصرًا على القيام بخطوة من شأنها أن تقرّبه من نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حتى لو كان ذلك يعني ما اعتبره العديد من اليمنيين إعادة كتابة التاريخ اليمني وتجاهل الروايات والمشاعر القومية اليمنية.

 

ولم يكن هذا هو الرهان الأخير الذي سيضعه الإصلاح على تركيا. طوال السباق الرئاسي التركي لعام 2023، الذي شهد منافسة شديدة، وقف اليمنيون المنتمون إلى التجمع اليمني للإصلاح (الاسم الرسمي لحزب الإصلاح)، في طليعة الإسلاميين العرب الذين كانوا يهتفون ويدعون في صلاتهم لأجل أردوغان وحزبه. ولكن لفهم تطور الحزب إلى تلك النقطة، يجب على المرء أن ينظر إلى تاريخه.

 

العودة للتأسيس..

 

زُرعت بذور حزب الإصلاح في الأربعينيات على يد الفضيل الورتلاني، الداعية الجزائري الذي كلّفه حسن البنا، مؤسس الإخوان في مصر، بإنشاء جناح للحركة في اليمن. وسوف تمرّ 50 سنة أخرى حتى يتم تشكيل حزب الإصلاح رسميًا، عندما أصبحت الأحزاب السياسية قانونية في اليمن، تسعينيات القرن المنصرم.

 

التفاهم بين الرئيس السابق علي عبد الله صالح والزعيم القبلي القوي عبد الله بن حسين الأحمر، سمح للأخير بالمساهمة في تأسيس حزب الإصلاح بدعم سعودي؛ لتحقيق التوازن على حساب الاشتراكيين في اليمن الموحد حديثًا، وفقًا لسيرة الأحمر الذاتية.

 

ووفقاً للتحليل “فإن الكثير من أعضاء الحزب اليوم يعيشون في المنفى. ويعيش العديد من قادة حزب الإصلاح في تركيا بينما تقترب حرب اليمن من عامها العاشر. وكحزب سياسي يتغذى على السلام والانتخابات بدلًا من الحرب، فإن الإصلاح يمر بواحدة من أدنى المراحل في تاريخه، ويعاني من الضعف والتشرذم وضعف القيادة. ومع استمرار المفاوضات لإنهاء الحرب، يجد الإصلاح حليفه الرئيسي، المملكة العربية السعودية، يجري محادثات مع عدوه الأكبر، الحوثيين، في ظل تغييب تام له”.

 

كان لمنفى الحزب تأثير مزدوج على حظوظه، بعدما أصبح ضعيفًا في اليمن ومدينًا للدولة التي استقبلت كوادره وسمحت باستمرار وجوده. ويتابع الحزب الآن بتمعن أبرز الشخصيات في الحركة الإسلامية التركية فيما يدخل نفسه في السياسة التركية. بالنسبة لبعض أعضائه، فإن فوز أردوغان في الانتخابات الأخيرة يحمل أهمية أكبر من حتى هزيمة منافسيهم السياسيين في اليمن.

بين الهجرة إلى الحبشة وتركيا

 

ومثل بقية المؤسسة السياسية التركية، لا يفهم أردوغان التعقيدات الحالية في اليمن، وإن كان لديه ارتباط عاطفي بالبلاد على أساس الماضي العثماني. يتشابك تاريخ اليمن بشكل عميق مع تاريخ تركيا، يشمل الغزوين العثمانيين في القرنين السادس عشر والتاسع عشر، والاحتلال الطويل الذي شهد مغادرة آخر القوات التركية أو اندماجها في المجتمع اليمني عام 1919. ونتيجة لذلك، يمكن وصف النهج التركي في التعامل مع اليمن بأنه متعدد ومتحفظ في الوقت نفسه حتى لو كان الإصلاح رهينة له، فيما تستضيف تركيا في عهد أردوغان قادة حزب الإصلاح وإلى جانبهم بعض خصومهم السياسيين والعسكريين اليمنيين. وفي شوارع إسطنبول، يمكنك أن تصادف الحوثيين وقادة حزب صالح ورجال الأعمال ومجموعة واسعة من الفصائل اليمنية.

 

وأوضح الباحث في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مركز الأبحاث البريطاني “تشاتام هاوس”: “بالنسبة لأعضاء حزب الإصلاح على وجه التحديد، فإن إسطنبول ليست مثل أي مدينة أخرى في العالم. إن هجرتهم من اليمن التي مزقتها الحرب تحمل أصداء دينية وتاريخية عميقة، وهي إرث فصل من تاريخ الإسلام المبكر عندما عانى أتباع الدين الجديد في مكة من اضطهاد أبناء جلدتهم، وبالتالي هجرة كثيرين منهم إلى الحبشة، عبر فرقتين بأمر النبي محمد الذي أثنى على حاكم الحبشة “النجاشي” قائلًا: “إن بها ملكًا لا يُظلم عنده أحد”.

 

ويقال إن النجاشي -الذي يشبهه بعض أعضاء حزب الإصلاح بأردوغان- كان متعاطفا مع أتباع الدين الجديد. ولا تعي هذه الصورة حقيقة أن قاعدة سلطة أردوغان وشرعيته ترتكز على القومية التركية، على الرغم من الجذور الإسلامية. ومع ذلك، فإن هذه الحقائق المتباينة تعني أنه حتى اليوم، ما زال العديد من كوادر الحزب يحلمون بفكرة الخلافة التي كانت متمركزة في تركيا.

 

خلال زيارات عديدة على مدى السنوات السبع الماضية، استكشفت مجتمع الوافدين الجدد في إسطنبول، وتحديدًا القادمين من بلدي اليمن. بالنسبة لي، على عكس أبناء وطني من الإصلاحيين، لم تكن إسطنبول “دار هجرة وقرار” (هجرة دائمة)، بل كانت “دار عبور” عرضية حيث يمكنك الاستفادة من خطوطها الجوية الرائعة بين الشرق والغرب.

 

احتضان وانتهازية أردوغان

 

ويؤكد التحليل أن أعضاء حزب الإصلاح في تركيا ممزقون بين الالتزام بنظام أردوغان وديناميكيات البلاد، والمخاوف الناجمة عن عبث المنفى وخطر الانزلاق إلى مرحلة عدم الأهمية. وترجع جذور هذه المخاوف إلى أسلوب عمل أردوغان، الذي اعتمد إلى حد كبير على الاحتضان الانتهازي للحركات الإسلامية من أجل النفوذ، والتخلص منها عندما تصبح عائقًا. لقد تحالف مع الحركات الإسلامية في جميع أنحاء المنطقة وتخلى عنها في الوقت الذي سعى فيه إلى إصلاح علاقاته مع الدول العربية مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، اللتين تعارضان بشدة جماعة الإخوان المسلمين والإسلاموية بشكل عام.

 

وأضاف: “منذ عام 2015، دعمت تركيا أو عارضت الدورين السعودي والإماراتي في حرب اليمن، وفقًا للطبيعة المتغيرة لعلاقاتها المضطربة مع كل منهما. بعد الخلاف مع الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بشأن مقاطعة قطر عام 2017 -أي عندما اندلعت أزمة دبلوماسية بين قطر من جهة والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية من جهة أخرى وتحولت إلى حصار كامل، ويرجع ذلك جزئيًا إلى دعم الدوحة لجماعة الإخوان المسلمين- دعا أردوغان إلى إنهاء حرب اليمن ومعاناته. وعندما عاد إلى علاقات جيدة مع الملك السعودي سلمان، أدان دور إيران هناك. علاوة على ذلك، عندما أراد التنمر على السعوديين خلال قضية جمال خاشقجي، عرض على الرئيس اليمني – وحزب الإصلاح – خيار تفعيل البروتوكول العسكري الذي وقعته تركيا مع اليمن عام 2002. وآخذًا بعين الاعتبار المكان الذي يعيش فيه الرئيس اليمني بالضبط (الرياض)، رفض حينها العرض”. 

 

دور ثانوي

 

كانت هناك حالات قليلة في السنوات السابقة واللاحقة حيث باعت شركات تركية خاصة العشرات من الطائرات بدون طيار إلى الحكومة اليمنية لاستخدامها على وجه التحديد في دفاعها ضد الحوثيين، لكنها كانت بسيطة للغاية لدرجة أن قائدًا عسكريًا شارك في الصفقة، مازح بالقول إنها طائرات دورنز بالكاد تنفع “لتصوير حفلات الزفاف.”

 

في النصف الأول من القرن العشرين، كان المجتمع اليمني (وخاصة الجزء الشمالي منه) مجتمعًا محافظًا مقارنة بمعظم الدول العربية الأخرى. وعلى الرغم من أنها كانت تحكم من قبل نظام ثيوقراطي في عهد المملكة المتوكلية، وهي ملكية دينية زيدية بقيادة أئمة هاشميين كانت أقرب إلى الإسلام الشيعي من السني، إلا أن ولادة حركة المعارضة الإسلامية لا يمكن اعتبارها ظاهرة يمنية بحتة.

 

 



المصدر

جوجل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى