المقالات

كيف استطاع نظام صنعاء إلغاء الشراكة واعادة انتاج نفسه تحت غطاء الوحدة اليمنية؟ (1)

الجـــزء الأول :

قامت الوحدة اليمنية 1990 بين شريكين متساويين بالسيادة القانونية والمسؤولية الاعتبارية وبالمنافع المترتبة على قيام هذه الوحدة السياسية وهما جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية و الجمهورية العربية اليمنية وذلك بموجب الاتفاق الموقع بينهما في 30 نوفمبر 1989.

وسبق هذا الاتفاق حوارات استمرت لسنوات افضت إلى صياغة دستور جديد لدولة الوحدة قائم على مبداء الندية والمساواه بين الشريكين واخذ كلما هو افضل عند أي شريك في نظام الدولة واعتماده في نظام دولة الوحدة واذا تعذر ذلك يتفق الشريكان على بديل ثالث يكون أفضل مما لديهما.

واثبتت التجارب فيما بعد ان نظام ج ي د ش دخل الوحدة باعتبارها حلم كبير وباب (ريان) من أبواب الوحدة العربية تم تكريسه في وجدان الغالبية العظمى شعبا وقيادة وبالتالي طغت العاطفة على كيفية ادارة هذا الشريك للاجراءات العسكرية والسياسية والقانونية والإدارية وغيرها اللازمة لاكمال قيام دولة الوحدة… ومن ( العاطفة) ما قتل.

بينما دخل نظام ج ع ي الوحدة اليمنية باعتبارها مغنم سياسي كبير لاغير بكل مايترتب على هذا التوصيف من اعتبارات من خلال اختيار التوقيت المناسب ( لحظة كان نظام عدن حينها يعاني من تبعات صراع داخلي مرير انفجر في ٨٦ ومن حالة اهتزاز كبير لدى حلفائه في دول المنظومة الاشتراكية)

او من حيث الأهداف ( اي العمل على احتواء الشريك وهضمه تحت غطاء الدخول في شراكة سياسية معه) لقد صلى نظام صنعاء باسم الوحدة لأجل يقرب إليه نظام عدن.

1)) في عشية قيام الوحدة 21 مايو 1990في اتفاق اعلان دولة الجمهورية اليمنية تنازل نظام عدن عن رئاسة الدولة وعاصمة الدولة لصالح نظام صنعاء دون أي مقابل بحسب قاعدة الندية بين الطرفين.

وهذا هو التنازل الكبير الأول الذي قدمه نظام ج ي د ش للطرف الاخر دون أي مقابل مدروس.

2)) قبلها بأيام، وفي خظم الترتيبات العسكرية تم الاتفاق على تبادل قوة عسكرية ضامنة من الطرفين بحيث ينقل كل طرف عدة الوية عسكرية تمكنها من انجاز سيطرة عسكرية على عاصمة الطرف الآخر وذلك على النحو التالي :

اولا : تموضع قوات ج ع ي حول العاصمة عدن :

1) اللواء الثاني مدرع في العند ومنطقة الراحة شرق العند م لحج.

2) لواء العمالقة ( اكبر الوية ج ع ي يتكون من 14 كتيبه معززه) شرق مدينة زنجبار ابين

ثانيا : تموضع قوات ج ي د ش حول العاصمة صنعاء:

1)اللواء الثالث مدرع في معسكر الفرقه الاولى مدرع في الضاحية الشمالية لصنعاء

2)اللواء الخامس مظلات في معسكر الصباحه شمال غرب صنعاء

3) اللواء الاول مدفعيه في الحفا جنوب شرق صنعاء

4) لواء باصهيب ميكانيكي في معسكر الحرس الجمهوري جنوب غرب صنعاء.

5) اللواء 14 مشاه في معسكر جبل الصمع شرق مطار صنعاء

وعليه.. ودون الدخول في بقية التفاصيل العسكرية، فأن هذا الاختيار المتبادل لافضل ما لدى كل طرف من الوية عسكرية وهذا التموضع المدروس بفرض كل طرف طوق عسكري على عاصمة الطرف الآخر والتحكم بالمداخل الرئيسية اليها يوفر ضمانة عسكرية متبادلة لكلٍ منهما من اي قرار انفرادي للغدر بالاخر.

لكن ماذا حصل على الواقع؟؟

عشية انتقال هذه القوات بعد اعلان الوحدة استخدم نظام صنعاء المكر من اجل ضمان تحقيق المغنم السياسي الذي يخطط له من عملية الدخول بمشروع دولة الوحدة ، وقابل هذا الدهاء والمكر صدق نوايا ( وبراءة سياسية قاتلة) من نظام عدن الحالم بتحقيق الوحدة.

حيث طلب نظام صنعاء بتشتيت الاولوية العسكرية الجنوبية من حول طوق صنعاء الي أماكن متباعدة في عمق ارياف ج ع ي بحجة ان فيها اطرف معادية لقيام الوحدة ويريد نظام عفاش الاستعانة بالقوات الجنوبية لتثبيت دولة الوحدة هناك.

وبالفعل قبل الطرف الجنوبي وبقرار سياسي هذا التعديل العسكري دون أي تفسير عسكري لذلك ودون اي تغيير مقابل في التموضع العسكري لقوات صنعاء حول العاصمة عدن.

وعليه تم انتقال اللواء الثالث مدرع من موقعه حول صنعاء الي عمق قبيلة حاشد في عمران

مع وجود لوائيين عسكريين من ج ع ي مقابله له في نفس الموقع

وانتقل اللواء الخامس مظلات من موقعه المفترض حول صنعاء الي خولان م ذمار مع وجود لواء عسكري شمالي مقابل له في نفس الموقع.

وانتقل لواء باصهيب من موقعه المفترض حول صنعاء الي مدينة ذمار

وانتقل اللواء الأول مدفعية بدلا عن ضواحي صنعاء الشرقية الي منطقة يريم م ذمار.

وبهذه الخطوة قدم نظام ج ي د ش هذا التنازل العسكري دون أي مقابل حلما بالوحدة وهو التنازل الثاني الكبير بينما حقق نظام ج ع ي خطوة مهمة تضمن له الاقتراب اكثر للوصول إلى مغنمه الساسي بتامين وعاصمته وتوفير الشروط العسكرية لتطويق عدن وعزلها عن اي مدد من اتجاه لحج او ابين.

3)) بعد شهور قليلة من الوحدة فُتحت على الشريك الجنوبي ثلاث جبهات داخلية هدفها خلخلة ثقله السياسي في مناطق حكمه وتعميق اي شقاق سياسي في جبهته الداخلية بالاضافة الى اشغاله المتعمد بهذه الألغام المصطنعة على حساب اي تركيز يمكن ان تبذله القيادة لضمان إكمال بقية اجراءات قيام دولة الوحدة بالشكل الذي يضمن التوازن الاستراتيجي بين شريكي الوحدة وعدم التفريط باي مكاسب فرضها مبداء الندية والتساوي لكل طرف بحسب اتفاق الوحدة.

حيث كانت الجبهات الثلاث كالتالي :

أ) فتح المجال لعملية الاغتيالات للقيادات الوسطى لنظام عدن دون أن يبذل الشريك في صنعاء اي جهد حقيقي للحد من ذلك

ب) زيادة تعميق الانقسام الجنوبي المترتب على احداث يناير ٨٦ من خلال افهام افهام الفريق المحسوب على الطرف المهزوم في تلك الاحداث بان خروج قياداته من الجمهورية اليمنية هو شرط اساسي لنظام عدن لاكمال قيام الوحدة.

ج) فتح باب إعادة الممتلكات الخاصة بسبب اجراءات تاميم سابقة وذلك حصرا على مناطق نظام حكم عدن دون تنفيذ نفس الإجراء ( اذا كان وحدوي حقا) على إعادة اي ممتلكات خاصة اممها نظام صنعاء بعد ثورة سبتمبر 62.

هذه الجبهات الثلاث لم يقصد بها نظام صنعاء الإنصاف للمتضررين من نظام عدن بقدرما ارادها لغرض تأليب هذه الشرائح الاجتماعية عليه والدليل على ذلك انه بعد حرب ٩٤ لم يكتفي نظام صنعاء بنهب الممتلكات العامة بالجنوب بل تعدي الامر البسط على ممتلكات خاصة كثيره من عقارات وحقوق ووكالات تجارية وغيرها واستخدم بذلك القوة والترهيب وكذلك لي كل أدوات القضاء وانفاذ القانون وتجييرها لصالحه.

4)) هذه الجبهات الثلاث وغيرها اشغلت الطرف الجنوبي حقا، وفي عام 1992 تم الاتفاق على قانون جديد للانتخابات للجمهورية اليمنية،

تنازل فيه الطرف الجنوبي على حقوقه المتساوية في السلطة التشريعية ( مجلس النواب) وقبل ان يمثل الجنوب 57 نائب فقط مقابل 244 نائب للشمال بحجة توزيع الدوائر الانتخابية حسب المعيار السكاني فقط دون الأخذ باي معايير اخرى وتحولت القوة القانونية تشريعيا للجنوب في دولة الوحدة لأقل من 20 % فقط بدل الندية القانونية مع الشريك الاخر للوحدة.

هذا التنازل الثالث والكبير والكارثي قدمه الجنوب دون أي مقابل …..

لقد راهن الجنوب في هذه الخطوة الكارثية على التوجهات السياسية ( التي يمكن أن تتغير في اي وقت) لكسب الدولة من خلال الانتخابات دون الرهان على الارض التي كان يحكمها وهي عامل ثابت لايتغير .

بعد هذه الخطوة تغير محتوى دولة الوحدة بين شريكين متساويين الي دوله اخرى تعتبر الجمهورية العربية اليمنية صاحبة الاغلبية الساحقة فيها و جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية مجرد مجموعة اقلية فيها.

لماذا هذا الاستنتاج؟

الجواب هو لان مجلس النواب هو مصدر كل قوانين الدولة وهو المكلف انتخاب السلطة السياسية للدولة ( مجلس الرئاسة) والسلطة التنفيذية ( الحكومة) بحسب دستور دولة الوحدة.

هنا حقق نظام ج ع ي مكسب كبير في سبيل تحقيق المغنم الذي يريد مقابل استرسال جنوبي غير منطقي في الحلم الوحدوي

يتبع…

المصدر

جوجل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى