اليمن : مخاض سياسي بعد تسع سنوات من الحرب
نشر مركز سوث24 للأخبار والدراسات اليوم الثلاثاء التقرير السنوي الشامل لعام 2023 بعنوان: ” اليمن: مخاض سياسي بعد تسع سنوات من الحرب”. وتكون التقرير الذي تألف من 162 صفحة من أربعة محاور رئيسية هي: المحور السياسي، المحور العسكري والأمني، المحور الاقتصادي والإنساني.
ورصد التقرير الذي أشرف عليه رئيس المركز إياد قاسم، وعمل عليه فريق من المركز لمدة 3 أشهر نحو 600 خبرا مشار إليها بمصادرها الأصلية. وأوضح التقرير الأحداث البارزة لكل محور من خلال انفوجرافيك ومجموعة رسوم بيانية توثّق الأرقام الأساسية لمجمل تطورات العام.
وفي المقدمة، قال التقرير النزاع المسلح في اليمن دخل عامه التاسع في عام 2023، مع بروز بوادر تشي بإمكانية التوصل لوقف نهائي ودائم لإطلاق النار في البلاد عقب ماراثون من المحادثات التي أجرتها المملكة العربية السعودية وجماعة الحوثيين اليمنية بصورة منفردة وثنائية مع سلطنة عمان ورئيس المجلس الرئاسي اليمني ، مضيفًا: “دون تحقيق أي تقدّم حاسم بشأن الاتفاق على بدء عملية سلام شاملة، واصلت الأمم المتحدة جهودها للتوصل إلى حل سياسي للنزاع، لكنها واجهت صعوبات كبيرة في ذلك، بسبب تعقيدات الأزمة اليمنية وارتباطاتها الإقليمية، إلى جانب سعي جماعة الحوثيين لتعزيز وتوسيع مكاسبها على الأرض دبلوماسيا. في غضون ذلك نجحت جهود الأمم المتحدة بإبرام اتفاق تبادل الأسرى بين الأطراف اليمنية. في حين رفعت المملكة العربية السعودية والأمم المتحدة آليات التفتيش عن ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين، الأمر الذي عزز من تهديداتها البحرية”.
الصعيد السياسي
وأوضح التقرير أنه على الصعيد السياسي، استمرت سيطرة جماعة الحوثي المدعومة من إيران على العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في شمال وغرب البلاد. في حين استمرت سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا والمجلس الانتقالي الجنوبي على عدن ومناطق أخرى في جنوب وشرق البلاد.
في الأثناء، شكّل عقد اللقاء التشاوري الجنوبي في شهر مايو، الذي ضم العشرات من المكونات والقوى الجنوبية في عدن، والذي قاد لتوقيع عدد من الوثائق التاريخية، نقطة تحول استراتيجية في الحراك السياسي والمصالحة المجتمعية في جنوب اليمن. وقاد اللقاء لتوسيع حصة المجلس الذي يطالب باستعادة دولة الجنوب، داخل مجلس القيادة الرئاسي. كما أنّ الزيارات الثنائية، الأولى من نوعها، بين جماعة الحوثيين والمملكة العربية السعودية، التي رعتها سلطنة عمان، وتقديم المملكة خارطة طريق لحل الأزمة في اليمن، فتحت الآفاق نحو تحوّل نوعي في سياسة المملكة مع خصومها الإقليمين كإيران، وهو الأمر الذي سينعكس إيجابا وسلبا على الملف اليمني وفق تقديرات الخبراء. في غضون ذلك استمرت التكهنات بشأن وجود تباينات أو خلافات بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات بشأن الملف اليمني، وانعكس ذلك على تصريحات النشطاء الموالين للبلدين في وسائل الإعلام.
وأضاف التقرير: “تمخضت الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى حل سياسي للنزاع، حتى الآن، بإصدار المبعوث الأممي لدى اليمن، هانس غروندبرغ، بيانا رحّب فيه بالتزام الأطراف بتدابير ضمن خارطة طريق يعمل عليها، تشمل وقف إطلاق النار، وإجراءات لتحسين المعيشة كدفع رواتب موظفي القطاع العام واستئناف تصدير النفط وفتح الطرق، والعمل نحو عملية سلام شاملة، وهو البيان الذي رفضه المجلس الانتقالي الجنوبي”.
الصعيد العسكري والأمني
عسكريا وأمنيا، قال التقرير: “لقد شهد الوضع العسكري في اليمن عام 2023 حالة من الجمود الاستراتيجي، دون أي تغييرات سيطرة وتقدم على الأرض. ورغم ذلك استمرت الهجمات الحوثية والبينية في عدة جبهات محلية مع القوات الجنوبية والقوات الموالية للحكومة، بينها الضالع ويافع وأبين ومأرب وشبوة وتعز. وثّق هذا التقرير السنوي نحو 58 هجوما للحوثيين على القوات الجنوبية خلال العام 2023، أودت بحياة نحو 24 جنديا ومدنيا، كذلك أعلنت جماعة الحوثين مقتل عدد من أفرادها دون أن تحدد مكان ذلك. شهد العام 2023 أيضا محاولات اغتيال طالت وزير الدفاع اليمني ورئيس هيئة الأركان اليمنية ومحافظ مأرب. وُجهت أصابع الاتهام لمليشيا الحوثيين.
مضيفًا: “ورغم توقف الهجمات الجوية العابرة للحدود للسعودية والحوثيين منذ إعلان الهدنة في أبريل 2022، استمرت الاشتباكات الحدودية البرية المحدودة بين الحوثيين وحرس الحدود السعودي، خصوصا في منطقة صعدة، ما أدى لمقتل وإصابة العشرات من الجانبين، فضلا عن هجوم الحوثيين بطائرة مسيرة على قوة بحرينية تتمركز في جنوب المملكة، أودت بحياة أربعة جنود وإصابة آخرين.
وأشار التقرير أنه “على المستوى الإقليمي انخرطت مليشيا الحوثيين المدعومة من إيران في الصراع الدائر بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، ووسّعت تهديداتها للملاحة الدولية في البحر الأحمر عقب احتجاز ومهاجمة عدد من السفن، دفع واشنطن لتأسيس تحالف دولي يضم نحو 20 دولة لتوفير الحماية للسفن وصد هجمات الحوثيين. تُنذر هذه الخطوة بتعقيد عملية السلام في اليمن وتوسيع الصراع الإقليمي مع إيران. دفعت تلك الأحداث المجلس الانتقالي الجنوبي للتعبير بوضوح عن إدانته لهجمات الحوثيين البحرية، ووقوفه لجانب دعم جهود حماية وتأمين الممرات المائية التي يقع الجزء الأكبر منها ضمن جغرافيا جنوب اليمن، خصوصا مضيق باب المندب الاستراتيجي وخليج عدن”.
وتابع: “في غضون ذلك، استمرت في الثلاثة الأرباع الأولى من العام 2023 هجمات تنظيم القاعدة في التصاعد ضد القوات الأمنية والعسكرية في جنوب اليمن، لكنها انخفضت بشكل كبير مع دخول الربع الأخير. شنّ التنظيم 51 هجوما ضد القوات الجنوبية في محافظتي أبين وشبوة. أودت الهجمات بحياة نحو 53 جنديا وضابطا وأصابت 114 آخرين. من بين ضحايا تلك الهجمات كان القائد البارز لقوات الحزام الأمني بأبين، عبد اللطيف السيد”.
الصعيد الاقتصادي
لازم التدهور الوضع الاقتصادي في اليمن عام 2023، مع وصول سعر العملة المحلية أرقاما قياسية، واستمرار التوقف عن تصدير النفط والغاز من موانئ الحكومة نتيجة هجمات الحوثيين الجوية، الأمر الذي كلف الحكومة خسائر قُدرت بنحو 2 مليار دولار حتى أكتوبر. كما فاقمت أزمة الكهرباء وتوقف الخدمات وارتفاع معدل التضخم الأزمة الاقتصادية والمعيشية للأهالي. كان الإفراج عن جانب من المنح السعودية المعلنة في 2022 بمثابة المنقذ للحكومة المعترف بها دوليا لمواجهة تلك التحديات. ورغم ذلك زادت معدلات الفقر والبطالة بشكل كبير.
الصعيد الإنساني
على الصعيد الإنساني، لفت التقرير إلى أن اليمن “أصبح مهدًا للأوبئة والأمراض المعدية، مثل الكوليرا والدفتيريا. كما استمر نزوح عشرات الآلاف من اليمنيين محليا، وهجرة نحو 95 ألف من القرن الإفريقي إلى البلاد. وتفاقمت الأزمة الإنسانية بسبب تعليق أو الحد من مشاريع المساعدات الأممية، مع استمرار تهديدات الحوثيين لموانئ عدن والجنوب. حيث يحتاج أكثر من 21 مليون يمني إلى المساعدة. كما استمرت القيود المفروضة على النساء والأقليات الدينية في مناطق سيطرة الحوثيين، وكذلك سُجلت انتهاكات بحق الصحفيين في مناطق سيطرة الحكومة. في عدة محافظات استمرت الألغام بحصد أرواح نحو 69 من المدنيين بينهم أطفال”.
مضيفًا: “على الرغم من كل هذه الصعوبات، إلا أنّ هناك بعض بوادر الأمل في إمكانية التوصل إلى حل سياسي للنزاع في اليمن. فقد بدأت الأطراف المتحاربة في تبادل الرسائل الدبلوماسية، وقد يكون هذا مؤشرًا على استعدادهم لبدء مفاوضات جادة. ولكن، لا يزال من المبكر الجزم بما إذا كانت هذه المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة ستؤدي إلى حل سياسي نهائي للنزاع في اليمن يأخذ بعين الاعتبار القضايا الأساسية في البلاد كقضية الجنوب”.
واشتمل التقارير على أقسام ملحقة مثل قسم “مركز سوث24 في الصحافة الدولية” الذي رصد عينة من وسائل الإعلام الدولية التي أشارت أو استندت أو نقلت عن مركز سوث24 خلال العام 2023، بالإضافة لرصد بأهم مشاركات وأنشطة المركز خلال هذا العام.
لتحميل نسخة مجانية من التقرير بصيغة PDF: