الإرهاب في الجنوب كما يراه البعض بعينٍ عوراء!
(الأمناء/ كتبَ/ صلاح السقلدي: )
من جُملة ما ورَدَ في التحقيق الاستقصائي- الذي قامت به مراسلة قناة البي بي سي bbc الصحفية نوال المقحفي عن عمليات الاغتيالات التي شهدتها عدن منذ نهاية ٢٠١٥م وحتى ٢٠١٨م وطالت عددا من الشخصيات معظمهم بحسب التحقيق الاستقصائي ينتمون لحزب الإصلاح، ونُشر أمس في موقع القناة المذكورة- قول التحقيق إن أحد منفذي الجرائم الإرهابية واسمه ناصر الشيبة يعمل حاليا ضمن قوات تابعة للانتقالي الجنوبي، وهو بحسب التقرير المذكور وعلى لسان أحد الوزراء التابعين للحكومة اليمنية المعترف بها أحد أبرز المشاركين بالهجوم على المدمرة الأمريكية في عدن عام ٢٠٠٠م ومحكوم عليه بالإعدام أثناء حكم الرئيس الراحل صالح.
يبدو أن الوزير المذكور قد تشابهت عليه البقر، فالشيبة الذي شارك بالهجوم على المدمرة الأمريكية وأُدرج ضمن قائمة الإرهاب هو رمزي الشيبة وليس ناصر الشيبة الذي لم نسمع عن هذا الاسم ضمن تلك القائمة، ولا نعتقد بالتالي أن شخصا بهذا الاسم يشغل اليوم موقعا بأجهزة الأمن الجنوبية بحسب ذلك الزعم، أو حتى موجود أصلاً، على حد علمنا.
وبصرف النظر عما ورد في ذلك التقرير من معلومات خطيرة أخرى، وما إذا كان يتضمن حقائق أم لا، علاوة على تباين تعريف الإرهاب ومفهومه داخليا وخارجيا، فمثل هكذا ملف (الإرهاب) معقد للغاية ومتداخل يستحيل الجزم بصحة كل ما يقال فيه نفياً أو إثباتا، فكل جهة محلية وإقليمية ودولية ظلت توظفه حسب مصالحها وضد خصومها، وبالتالي يستعصي البت فيه.
ولكن إن ثمة ضرورة لفتح هذا الملف فيجب أن يفتح من أول طلقة حتى آخر صفحة، منذ مطلع ٩٠م مرورًا بأزمة ٩٣م وحرب ٩٤م وصولا إلى اليوم.
فالجنوب الذي يُتهم اليوم بأنه بؤرة للإرهاب كان أول الضحايا منذ عودة تلك المجاميع المتشددة من أفغانستان مطلع التسعينيات والتي شكلت قبل وأثناء وبعد حرب ٩٤م رأس حربة بيد القوى الحزبية والسياسية والقبلية بنحر الجنوب وأودى بحياة قيادات ورموز جنوبية وازنة مثل الشهيد ماجد مرشد وما بعده.
أما التقارير المجتزأة والانتقائية والتي تتمحور حول الإرهاب بجزئيته الفردية (اغتيالات فردية) ولا تتحدث بشكل شمولي وتكشف بحيادية وجوهه المتوحشة الأعم (اغتيالات، تفجيرات انتحارية، فتاوى…) ولا تكشف كل القوى التي رعته من المهد إلى التوحش، فهي تظل تقارير مرفوضة جملة وتفصيلا، وعلى الجهات المعنية وبالذات في الجنوب التصدي لها بالمثل، أي من خلال تقارير ودراسات وأفلام وثائقية وسواها من الوسائل.
بقي أن نُذّكر المتحاذقين بهذا الملف أن الجنوب يقف اليوم وحيدًا بمواجهة الإرهاب في ظل ليس فقط تخاذل القوى المحلية والإقليمية بل في ظل دعم معظم هذه القوى للإرهاب بالجنوب اعتقادًا منها أن تسير على خُطى الأمس بذات الأداة ولنفس الغاية، أي إخضاع الجنوب بأداة الإرهاب ووصمه بها.