المقالات

عدم إقامة الحكومة للمؤسسات المعنية بتقليل الفساد : يعني ضمنا إطلاق  ممارسته ؟!

مرت سنوات طويلة نسبيا  على تشكيل حكومة الشرعية منذ انتقال العاصمة مؤقتا من صنعاء الى عدن عقب أحداث 21سبتمبر 2014 .
ومنذ ذلك الوقت تعاقبت على الحكم  ثلاث حكومات كان اطولها بقاءا واستمرارا هي حكومة الدكتور معين عبد الملك  رئيس مجلس الوزراء الحالي .
  لكن الفساد استمر وتعاظم  رئسيا وافقيا وأصبح  محدد مهم وقاسم مشترك في ممارسات مختلف  الحكومات المتعاقبة مع بعض الاختلافات النسبية لكن للحكومة الأخيرة المعمرة  النصيب الأكبر  تقريبا.

كانت الحجة  لدى حكومات  الشرعية  من عدم  إقامة المؤسسات المعنية بمكافحة الفساد والتقليل منه أو إعادة بناءها يربطه المسؤولين  بظروف الحرب وكنا نرى ذلك أنها حجة موضوعية  على الأقل في الثلاث السنوات الأولى .
غير أن الفساد  استمر  يتعاظم حجما ونوعا  وطولا  وعرضا ويمارس علنا ولم يعد هناك من يفرق بين المال العام والمال الخاص ولذلك  مثل الفساد  على الدوام أحد أكبر التحديات الذي شوه السياسات العامة ‘واساء إلى  تخصيص الموارد ‘ ‘واثر  سلبا على عمل القطاع ‘و احدث ضررا بالغا بالسواد الاعظم من الناس وفي المقدمة منهم الفقراء  أصحاب الدخل المحدود . وفي الاخير شوه الفساد صورة الدولة وخلق صورة ذهنية ونمطية  لدى مختلف الشرائح الاجتماعية أن لا حكومة ولا وزير ولا وكيل ولا مدير مؤسسة خدمية عامة  بمنا عن الفساد وروح الافساد حتى وإن افترضنا  الأمر غير ذلك .
في هذا السياق يجدر بي  ان أشير أن أحد  القيادات العليا الكبيرة جدا  قال في لقاء متبجحا في حديثة لتبرير عدم الحاجة لمؤسسات مكافحة الفساد في الوقت الراهن” ليس لدينا استثمارات عامة ولا قروض تنموية خارجية حتى نسارع كاولوية في إعادة بناء هذه المؤسسات” رغم أنه يعرف أن الفساد أعاق عودة الحياة الطبيعية الى عدن ومثيلاتها  وعطل النمو الاقتصادي وانسياب المساعدات الدولية إلى المستهدفين  .
في مثل هذه الظروف المثالية التي لا احد فيها عرضة للمسائلة في استخدام المال العام استمرىء  المسؤولون هذا الوضع واستمر بقوة  التحايل على سيادة القانون وإضعاف الإطار المؤسسي الذي يمكن أن يقوم عليه أي نمو اقتصادي مفترض يمكن أن يسهم في تحسين معيشة الناس  وإن جاء عبر المساعدات الإنسانية لليمن .وذهبت المشاريع المدعومة دوليا ادراج الرياح أو على الأقل ضعفت عوائدها الاجتماعيةوالاقتصادية والإنسانية  .
واستطرادا فإنه  في أعقاب تشكيل مجلس القيادة الرئاسي  وجه الدكتور العليمي رئيس مجلس الرئاسة الحكومة بضرورة الإسراع في إعادة  تشكل اللجنة العليا لمكافحة الفساد وكاولوية وجه بتشكيل اللجنة العليا للرقابة على المناقصات لكن بمجرد أن  وصل  التوجيه  إلى أروقة الحكومة امتصت إسفنجة الفساد  الفكرة من أساسها  وتوقفت  الإجراءات فجأه. وتمر أشهر وسنوات وتعاد الفكرة عبر توجيه رئاسي من جديدة وتنتحل الحكومة شروط ومواصفات بعيدا عن روح قانون المناقصات والمزايدات  ورغم ذلك حجبت الفكرة نهائيا .
وجاءت اتفاقية الرياض لتضيف تعقيدا جديدا أمام بناء وإعادة تشكيل مؤسسات مكافحة الفساد والتقليل منه لان الفكرة شوهت وتحولت إلى محاصصة بعيدا عن معنى وجوهر ومنطلقات و اهداف وغايات وجود  مؤسسات  مكافحة الفساد.  وهكذا استمرعملية  إهدار الموارد وسؤ تخصيصها بمافي ذلك تلك المقدمة من المنظمات الدولية الإنسانية .

وخلاصة القول لا احد اليوم  من الناس المخلصين  بكفاءاتهم  المختلفة ولدى العامة من الناس يمكن أن يأمل اويتوقع  أن مهمة  تقليل الفساد على الأقل بات مشروعا مطروحا في المستقبل  أمام  حكومة الشرعية أو  أمام مجلس الر ئاسة  والمفارقة أن المانحين الإقليمين والدوليين هم أكثر حرصا على بقاء دينامية منظومة الفساد في بلادنا .

د.يوسف سعيد احمد



المصدر

جوجل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى