بعد إسقاط قرارات مركزي عدن .. الشرعية تواصل الانبطاح وتقديم التنازلات للحوثي
(عدن السبق)متابعات:
كشفت تقارير إعلامية وتصريحات لقيادي حوثي عن ترتيبات لعقد جولة مفاوضات اقتصادية مرتقبة بين الحكومة وجماعة الحوثي قبل أقل من أسبوع على الإعلان الأممي عن الاتفاق لوقف التصعيد في الملف المصرفي.
وقال القيادي المقرب من زعيم جماعة الحوثي علي ناصر قرشة وأحد القيادات المكلفة بالتواصل مع الجانب السعودي في تغريدة على منصة إكس بأنه “تم الاتفاق على تشكيل لجنه لمناقشة بقية المواضيع الاقتصادية المرتبات وغيرها على ضوء خارطة الطريق”.
وفي هذا السياق كشف مراسل وكالة “شينخوا” الصينية الصحفي فارس الحميري عن مصادر مطلعة قولها بأن ترتيبات تجرى حاليا لعقد جولة مفاوضات بين الحكومة والحوثيين، لبحث عدد من القضايا الاقتصادية؛ أبرزها موضوع المرتبات المتوقفة ووضع آلية لسحب العملة المعدنية (فئة 100 ريال) من السوق، والتي كان قد صكها الحوثيون في مارس الماضي.
والثلاثاء أعلن مكتب المبعوث الأممي، هانس غروندبرغ، عن اتفاق لخفض التصعيد بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، وجماعة الحوثي، من أربعة بنود بخصوص إجراءات البنك المركزي اليمني، والخطوط الجوية اليمنية.
ونص البند الأول على إلغاء القرارات والإجراءات الأخيرة ضد البنوك من الجانبين والتوقف مستقبلا عن أي قرارات أو إجراءات مماثلة، ونص البند الأخير على “البدء في عقد اجتماعات لمناقشة كافة القضايا الاقتصادية والإنسانية بناء على خارطة الطريق”.
إلا أن هذه الخطوات المتسارعة نحو عقد مفاوضات اقتصادية تحت لافتة ما تُمسى بخارطة الطريق التي تمخضت عن مفاوضات سرية عقدتها السعودية مع جماعة الحوثي بوساطة عُمانية، تأتي رغم عدم الكشف رسمياً عن تفاصيلها وقبل التوقيع عليها رسمياً من قبل الأطراف ممثلة بالحكومة وجماعة الحوثي.
وهو ما يُثير الشكوك من وجود تنازلات قادمة قد يتم فرضها على الحكومة الشرعية من خلال هذه المفاوضات، خاصة مع استمرار الغضب الشعبي من الاتفاق المُعلن مؤخراً، والذى اعتبره قطاع واسع من اليمنيين بأنه تنازلات من جانب الشرعية لصالح جماعة الحوثي دون أي تنازل من الأخيرة.
كما أن الحديث عن ترتيبات لمفاوضات تتعلق بالملف الاقتصادي يتزامن مع تسريبات ومزاعم يروج لها إعلام وناشطو الجماعة الحوثية بأن هذه المفاوضات تهدف إلى الخروج باتفاق حول مسألة صرف الرواتب المنقطعة عن الموظفين بمناطق سيطرة مليشيا الحوثي ومنح المليشيا تحت هذه الذريعة 70% من عائدات تصدير النفط مقابل السماح باستئناف تصديره.
ويحذر مختصون في الملف الاقتصادي من نجاح المليشيا في انتزاع ذلك، عقب نجاحها في إسقاط قرارات البنك المركزي اليمني في عدن بموجب الاتفاق الأخير، والتي كانت تمثل عائقاً حقيقياً في قدرة المليشيا على انتزاع أي تنازلات في ملف المرتبات وتقاسم موارد النفط.
موضحين بأن قرارات البنك المركزي كانت تستهدف بدرجة أساسية فرض سلطته الشرعية والقانونية على القطاع المصرفي في اليمن وعلى حركة التحويلات الداخلية والخارجية، والأخيرة تندرج تحتها عائدات الدولة من العملة الصعبة وعلى رأسها عائدات النفط.
كما أنها مثلت ضربة قاصمة لخطط المليشيا الحوثية لطباعة عملة محلية لمعالجة أزمة السيولة الحادة التي تعاني منها جراء تلف الطبعة القديمة من العملة المحلية، وهي معضلة كبيرة تعاني منها المليشيا وتعيق قدرتها على صرف المرتبات في حالة التوصل لاتفاق بتقاسم إيرادات النفط والغاز.
بل إن هذه المعضلة كانت تهدد تنفيذ الحل المؤقت الذي اقترحته السعودية لتخطي عقبات خارطة الطريق وعلى رأسها الاتفاق على تقاسم إيرادات النفط والغاز، باقتراحها الالتزام بسداد فاتورة المرتبات لفترة مؤقتة حتى يتم الاتفاق على هذا البند.
وهو ما كشفه مؤخراً القيادي الحوثي علي ناصر قرشه في تغريدته بمنصة “إكس” الجمعة، حول موضوع المرتبات، حيث كشف بأن السعودية أبدت استعدادها لتسليم المرتبات لمدة عام “حتى يتم جمع إيرادات جمارك النفط من ميناء الحديدة ويضاف عليه قيمة تصدير النفط من الحقول اليمنية ويتم إيراد الكل في حساب موحد ثم يتم صرف ذلك مرتبات”.
إشارة قرشة إلى اتفاق بوضع الإيرادات في “حساب موحد”، يُعيد التذكير بالتقارير التي نُشرت خلال الأشهر الماضية عن وجود مقترحات أولية من قبل مكتب المبعوث الأممي حول توحيد إدارة البنك المركزي لتجاوز عقبة بند المرتبات وعائدات النفط لتنفيذ خارطة الطريق وما يتطلبه الأمر من حل لمشكلة الانقسام النقدي والمصرفي في اليمن.
حيث يخشى مراقبون من أن يشكل الموقف الضعيف حالياً للحكومة الشرعية جراء التنازل عن القرارات المصرفية، فرصة مواتية للجماعة الحوثية في انتزاع تنازلات مؤلمة تحت لافتة “تحييد” الملف الاقتصادي تُنهي معها شرعية إدارة البنك المركزي في عدن والمعترف به عالمياً، وهو ما قد يشكل مدخلاً خطيراً لإنهاء سلطة الشرعية ونزع كل أوراقها.