بالأرقام.. انتعاش حركة السفن في ميناء الحديدة على حساب ميناء عدن
(الأمناء نت / خاص :)
أفادت إحصائية منسوبة لمؤسستي موانئ البحر الأحمر وموانئ خليج عدن بانخفاض عدد السفن الواصلة إلى ميناء عدن مقارنة بميناء الحديدة، الذي تسيطر عليه مليشيا الحوثي الإمامية- ذراع إيران في اليمن.
وأوضحت الإحصائية، التي تداولها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي منتصف الأسبوع الجاري، عدد السفن الراسية والمنتظرة في الغاطس والمتوقع وصولها إلى ميناء الحديدة خلال يوليو الجاري، مقارنة بالسفن الراسية والمنتظرة والمتوقع وصولها إلى ميناء عدن.
حيث بلغت السفن الراسية في ميناء الحديدة 12 سفينة، والمنتظرة في الغاطس 12 سفينة، والمتوقع وصولها 8 سفن، مقابل سفينة واحدة راسية في ميناء عدن وسفينة واحدة منتظرة في الغاطس، و5 سفن متوقع وصولها.
وتحقق “نيوزيمن” من هذه الإحصائية عبر الموقعين الإلكترونيين لكلٍ من ميناء الحديدة وميناء عدن، ووجد تطابقاً في أعداد السفن في الإحصائية المتداولة مع إحصائيتي الموقعين باستثناء عدد السفن الراسية في ميناء الحديدة ليوم (16 يوليو) التي أظهرتها إحصائية الموقع 8 سفن وليست 12.
كما قارن “نيوزيمن” عدد السفن الراسية والمنتظرة والمتوقع صولها في ميناء الحديدة ليوم 13 يوليو الجاري، وكانت الإحصائية الرسمية: 8 سفن راسية و10 منتظرة في الغاطس و9 متوقع وصولها.
وتشير هذه الأرقام الإحصائية إلى تراجع ملحوظ في حركة السفن التجارية في ميناء عدن مقابل انتعاش حركتها في ميناء الحديدة بعد موافقة الحكومة الشرعية على رفع القيود عنه بموجب اتفاق الهدنة المبرمة برعاية أممية بين الحكومة ومليشيا الحوثي في أبريل 2022.
وكان خبراء ونشطاء حذروا من هذا التراجع مطلع العام الجاري عندما بدأت بعض الشركات التجارية تحوّل رسوّ السفن المحملة ببضائع تخصها من ميناء عدن إلى ميناء الحديدة بمجرد رفع القيود عنه بصورة جزئية.
وبعد رفع المزيد من القيود عن الميناء الذي تسيطر عليها جماعة الحوثي، زاد عدد الشركات التي حولت نشاطها نحوه، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها الحكومة جراء الحرب الاقتصادية التي تشنها ذراع إيران عليها منذ أواخر العام الماضي.
وتضمنت تقارير صحفية في وقت سابق من العام الجاري، بيانات أوردها موقع Marine Traffic المتخصص في متابعة السفن والمراكب، أشارت إلى تراجع فعلي في نشاط ميناء عدن خلال شهري يناير وفبراير من العام 2023، مقارنة بنشاط الميناء في الفترة ذاتها من العام 2022.
وطبقا للبيانات، التي جمعها ورصدها موقع “سوث24″، استقبل ميناء عدن خلال يناير وفبراير 2022م، 82 باخرة نفط وبضائع ومواد سائبة وغيرها من الشحنات، مقابل 69 باخرة خلال الفترة نفسها من العام 2023.
عوامل التراجع
وبالمقابل، ارتفع عدد البواخر التي وصلت ميناء الحديدة الخاضع لمليشيا الحوثي من 27 باخرة خلال يناير وفبراير 2022، إلى 42 باخرة خلال الفترة نفسها من العام الجاري. وتؤكّد هذه البيانات زيادة نشاط الميناء على حساب ميناء عدن.
ونقل الموقع المتخصص بصحافة البيانات في أحد تقاريره تصريحاً لرئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، قال فيه إنَّ “فتح ميناء الحديدة بالتأكيد ستكون له تداعيات سلبية على ميناء عدن والموانئ الأخرى التابعة للحكومة لا سيما إذ تمَّ فتح الميناء لدخول الحاويات”.
ويُرجع خبراء الاقتصاد اليمنيون تراجع نشاط ميناء عدن إلى عوامل مساعدة أخرى، بينها قرار مليشيا الحوثي بإجبار الشركات التجارية ورجال الأعمال في مناطق سيطرتها على تحويل السفن المحملة ببضائعهم من ميناء عدن إلى ميناء الحديدة وتوقيع تعهدات خطية بعدم التعامل مع ميناء عدن أو الموانئ الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية.
كما تأثر انخفاض نشاط ميناء عدن، بحسب الخبراء، بإقرار رئيس الحكومة الشرعية مطلع العام الجاري إجراءات عبر المجلس الاقتصادي الأعلى، برفع سعر الدولار الجمركي بنسبة 50%، من 500 ريال يمني إلى 750 ريالًا. ورغم قرار المحكمة الإدارية في عدن بتعليق ذلك القرار في 6 فبراير الماضي، نقل موقع “سوث24” عن مصادر خاصة في الحكومة وجمارك عدن استمرار العمل بالقرار، رغم تزامنه مع محاولات الحوثيين لإضعاف دور ميناء عدن.
وكان ضمن العوامل التي أضعفت دور ميناء عدن، آلية التفتيش المسبق للسفن في ميناءي جدة وجيبوتي، لكن هذه الآلية ألغيت مطلع أبريل الماضي، بحسب وكالة الأنباء اليمنية “سبأ”- النسخة الحكومية. ومع ذلك لا يزال سعر الدولار الجمركي المرتفع في ميناء عدن مقارنة بميناء الحديدة، ضمن عوامل تراجع حركة السفن في الميناء العريق.
تقييم قدرات ميناءي عدن والحديدة
في مارس الماضي، قلل الخبير الاقتصادي د. يوسف محمد من مخاطر تأثير فتح ميناء الحديدة على ميناء عدن. وقال محمد: “لا يزال ميناء الحديدة يفتقد للرافعات الحديثة العملاقة. في الوقت الراهن لا يمكن أن نقول إن ميناء الحديدة أصبح بمقدوره أو يستطيع أن يسحب عملية الاستيراد من ميناء عدن”.
وأضاف: “من منظور المنافسة بين ميناء الحديدة وميناء عدن أعتقد أنَّ المنافسة ستكون لصالح ميناء عدن بسبب موقعه وسرعة عمليات التفريغ فيه. ميناء الحديدة ميناء داخلي مغلق بعكس ميناء عدن”.
وبرغم هذه الأفضلية لميناء عدن، فقد تأثر بالسلوك العدائي لمليشيا الحوثي تجاه الشركات التي كانت تتعامل مع الميناء، ضمن حربها الاقتصادية التي تشنها ضد الحكومة الشرعية.
من ناحية أخرى، وبحسب تقرير “تقييم القدرات والأضرار” الذي أجراه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أواخر العام 2020 لميناءي عدن والمكلا، فإن ميناء عدن “بحاجة إلى حزمة استثمارية” بقيمة 21 ملياراً و560 مليون دولار للحفاظ على قدرته التشغيلية آنذاك واستعادة نشاطه إلى ما كان عليه قبل الحرب.