تقرير خاص بـ"الأمناء" يستعرض تطورات الأوضاع بحضرموت ومآلات التصعيد الشعبي
(الأمناء نت / خاص :)
قبائل حضرموت تطلق شرارة “النفط”.. وإشارات متضاربة بشأن تدخل هذه الدولة
حضرموت في مواجهة ثلاثي الشر (حوثي – قاعدة – إخوان)
هل يكتمل حلم الحضارم “بشراكة حقيقية فاعلة” بشأن المخزون النفطي في ميناء ضبة وحقل المسيلة ؟
ما الذي دفع قبائل حضرموت للمطالبة بحقها من الثروات النفطية ؟
هل هناك علاقة لمطالب أبناء حضرموت بعجز الحكومة عن توفير الخدمات ؟
ما سر صمت الرئاسي والحكومة على التحركات الميدانية لحلف قبائل حضرموت ؟
تعيد مهلة منحتها قبائل محافظة حضرموت في اليمن للحكومة المعترف بها دوليا لتنفيذ مطالبها الخاصة “بشراكة حقيقية فاعلة” بشأن المخزون النفطي بميناء ضبة وحقل المسيلة، صراع قديم إلى الواجهة مجدداً بعد عقد على تشكل حلف لهذه القبائل.
وأعلنت قبائل حضرموت كبرى المحافظات اليمنية، الأربعاء الماضي، أنها أمهلت الحكومة المعترف بها 48 ساعة لتنفيذ مطالبها، مؤكدة في بيان، عقب لقاء استثنائي لقيادات الحلف، اطلعت عليه وكالة رويترز، أن على المجلس الرئاسي “الاعتراف بحق حضرموت وتفعيل دور الشراكة الفاعلة والحقيقية ممثلة في مؤتمر حضرموت الجامع أسوة بالأطراف الأخرى المشاركة في التسوية الشاملة في البلاد”.
انتهاء مهلة “حلف قبائل حضرموت” للمجلس الرئاسي
انتهت، أول امس الجمعة، المهلة التي قدمها “حلف قبائل حضرموت” لمجلس القيادة الرئاسي، المحددة بـ48 ساعة، والتي تطلب بإجراء إصلاحات حقيقية في محافظة حضرموت.
وفي بيان صادر عن اللقاء الاستثنائي لقيادات ورموز حلف قبائل حضرموت، الذين اجتمعوا في هضبة حضرموت الأربعاء الماضي، حذر الحلف المجلس الرئاسي من أي تصرف بنفط المحافظة إلا بعد ضمان حقوق حضرموت.
وتشير التقارير الواردة من حضرموت أن القبائل ستتخذ إجراءات كبيرة من بينها السيطرة على حقول النفط؛ بما فيها ميناء الضبة النفطي وحقول شركة بترومسيلة.
وشدد بيان الحلف على ضرورة اعتراف رئيس مجلس القيادة الرئاسي بحق حضرموت وتفعيل دور الشراكة الفاعلة و الحقيقية، ممثلة في مؤتمر حضرموت الجامع، أسوة بالأطراف الأخرى المشاركة في التسوية الشاملة في البلاد.
وحذر المجتمعون “من الاقدام على أي تصرف بنفط حضرموت أو تصديره أو تسويقه إلا بعد تثبيت مكانة حضرموت وضمان حقوقها بما يرتضيه أهلها”، مطالبين بتنفيذ القرارات المتخذة من مؤتمر حضرموت الجامع في 13 يوليو الجاري.
وكان رئيس حلف قبائل حضرموت الشيخ عمرو بن حبريش قد أكد في زيارة له مساء الخميس الماضي لمعسكر للقبائل في مخيم العليب في ريده المعاري بمديرية غيل بن يمين المعروفة بهضبة حضرموت، على تمسكهم بما ورد في البيان الأخير رغم الوساطات المكثفة، داعيا القبائل للاستعداد للسيطرة على حقول النفط.
قبائل حضرموت تنصب تجمعات مسلحة قرب الشركات النفطية
وشهدت محافظة حضرموت، توتراً عسكرياً عقب انتهاء المهلة المحددة التي وضعها حلف قبائل حضرموت لأجل انتزاع عدد من المطالب الخاصة بالشراكة في السلطة ورفض استنزاف الثروة النفطية من المحافظة.
وأول أمس الجمعة، دشن رئيس حلف قبائل حضرموت الشيخ عمرو بن حبريش، التجمع الأول لرجال حلف القبائل، في أول تصعيد علني ومباشر قرب الشركات النفطية العاملة في هضبة حضرموت. ويأتي هذا التصعيد القبلي في ظل الزيارة التي يقوم بها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي وعدد من أعضاء المجلس منذ أيام للمحافظة.
وبحسب مصادر قبلية: “توافد المئات من المسلحين من عدة قبائل منضوية تحت مظلة حلف قبائل حضرموت، للمشاركة في التصعيد الذي جرى الإعلان الأربعاء، بشأن انتزاع الحقوق والحفاظ على الثروات”.
وقالت المصادر إن مجاميع قبلية انطلقت من معسكر حلف قبائل حضرموت في منطقة العليب، حيث تم وضع خطوات وإجراءات لبدء عملية التصعيد الميداني لانتزاع الحقوق بالقوة عقب رفض المجلس الرئاسي والحكومة اليمنية للمطالب التي تم رفعها خلال البيانات السابقة للحلف. وأن التحرك القادم هو البسط على الأرض ومنع التصرف بالثروة النفطية المستخرجة من باطن حضرموت.
وأشارت المصادر أن مسلحي القبائل بدأوا الانتشار فعلياً في هضبة حضرموت التي تتواجد فيها معظم الشركات العاملة في التنقيب وإنتاج النفط على رأسها شركة “بترومسيلة”. مشيرة إلى أن المسلحين نصبوا أول تجمع لهم في الهضبة وسط توتر شديد مع القوات العسكرية التي تتولى تأمين الهضبة والشركات.
من جانب آخر شهدت مدينة المكلا، مركز محافظة حضرموت، الجمعة، انتشاراً كثيفاً من قبل قوات الأمن والشرطة. في حين عززت النقاط الأمنية العسكرية في مداخل المدينة من إجراءات التفتيش للسيارات والمركبات الداخلة والخارجة من المدينة.
ويضع حلف قبائل حضرموت عدداً من المطالب الرئيسية في مقدمتها الاعتراف بحق حضرموت وتفعيل دور الشراكة الفاعلة والحقيقية، ممثلة في مؤتمر حضرموت الجامع، أسوة بالأطراف الأخرى المشاركة في التسوية الشاملة في البلاد. وكذا عدم التصرف بنفط حضرموت أو تصديره أو تسويقه إلا بعد تثبيت مكانة حضرموت وضمان حقوقها بما يرتضيه أهلها. إضافة إلى عدد من المطالب الحقوقية التي تهدف إلى تحسين الوضع المعيشي والخدمي للمواطنين بالمحافظة.
وأكد الحلف أن المخزون النفطي الحالي في خزانات ميناء ضبة و المسيلة حق من حقوق حضرموت، ولن نتنازل عنه، على أن يسخر كامل قيمته لشراء طاقة كهربائية لحضرموت. متوعداً بوضع يده على الأرض والثروة في حال عدم تنفيذ هذه المطالب.
بن بريك : حضرموت لن تكون بقرة حلوب لناهبي الثروات
من جانبه دعا اللواء الركن أحمد سعيد بن بريك محافظ محافظة حضرموت السابق، كافة ” شرائح المجتمع الحضرمي إلى التكاتف والتلاحم ليكونوا على قلب رجل واحد لينتزعوا حقوق حضرموت كاملة غير منقوصة، خاصة أن محافظة حضرموت تمر بلحظات عصيبة ” .
وشدد اللواء أحمد بن بريك ” على الجموع الغفيرة، المحافظة على المنجزات التي حققها أبناء حضرموت، والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، حاثّاً إياهم على الاصطفاف في هذه اللحظات حول مخرجات مؤتمر حضرموت الجامع وتنفيذها، مطالباً كل حضرمي أن يهبّ للدفاع عن حقوق حضرموت كاملة” .
وأكد اللواء بن بريك ” أن حضرموت لن تكون البقرة الحلوب لناهبي الثروات، داعياً منتسبي النخبة الحضرمية إلى حماية شعبها، وأن تمنع المندسين الذين يهدفون إلى تشويه هذه الهبة المباركة ” .
واختتم محافظ محافظة حضرموت السابق بقوله: ” سيروا على بركة الله، فأنتم أهل حق وأهل حضارة وعلم، واضربوا للناس مثلاً في انتزاع الحقوق، وأن صبركم حكمة بعيدة كل البعد عن الضعف ” .
صمت رئاسي وحكومي :
ولم يصدر أي تعليق من مجلس القيادة الرئاسي أو الحكومة اليمنية على التحركات الميدانية التي يقوم بها حلف قبائل حضرموت. واكتفت وسائل الإعلام الرسمية ببث أخبار عن تأدية رئيس المجلس رشاد العليمي لصلاة الجمعة في أحد مساجد المكلا بحضور عضو المجلس عثمان مجلي ومحافظ حضرموت مبخوت بن ماضي.
قبائل حضرموت: لا مانع من مرور صهاريج وقود الكهرباء
أعلن حلف قبائل حضرموت إنه لا يمانع في السماح لمرور صهاريج الوقود المخصص للكهرباء لخدمة المواطنين.
وأكد الناطق الرسمي للحلف الكعش سعيد السعيدي أنه ضمن إجراءات حلف قبائل حضرموت المتخذة على الأرض لحماية الثروة النفطية من نهب وسلب المتنفذين، والضغوط لأجل تنفيذ مطالب حضرموت لا نمانع من السماح لمرور صهاريج الوقود المخصص للكهرباء لخدمة المواطنين.
وأوضح في تصريح له أنه ” بشرط يصب مباشرة في خزانات الكهرباء وتكليف مشرفين من طرفنا لمرافقة ذلك والتأكد من سلامة وصولها ” .
تأسيس حلف قبائل حضرموت :
وتأسس حلف قبائل حضرموت في يوليو من عام 2013، إذ يجمع مختلف القبائل والعشائر الحضرمية تحت قيادة، سعد بن حمد بن حبريش، زعيم “الحموم” كبرى قبائل المحافظة، الذي قتل بعد تأسيس الحلف بنحو 6 أشهر في اشتباكات مع قوات الأمن اليمني ، بسبب “المطالبة بحقوق حضرموت النفطية”، بحسب بيان أصدرته القبائل قبل 10 أعوام في ذكرى مقتله ونشره موقع “المصدر” المحلي.
ومنذ ذلك الحين، يطالب الحلف الذي يترأسه حاليا، عمرو بن علي بن حبريش، بحقوق حضرموت وحصتها في صادرات النفط اليمنية، وفق ما يقول خبراء ومحللون تحدثوا مع موقع “الحرة”. لكن البيان الصادر مؤخراً يثير المزيد من التساؤلات حول ما إذا كان هذا يشير إلى تزايد حدة التوترات؛ مما يعقد المشهد اليمني المتأزم بالحرب منذ عام 2014.
“بين نفوذ إقليمي وصراع محلي”
وفي اتصال هاتفي مع موقع “الحرة”، يقول الأكاديمي والمحلل السياسي اليمني، فارس البيل، إن “هذه المطالب ليست جديدة، فقد تكررت من قبل في حضرموت، حيث تشعر القبائل بعدم التقدير والتمييز من السلطة المركزية سواء الحالية أو السابقة”.
ومع ذلك، فإن المكونات السياسية في المحافظة تشعر أيضا بأنها مستقطبة، إذ “تسعى القوى أو التيارات في الجنوب، لاستقطاب حضرموت لمشاريعها الخاصة، وبالمثل، تسعى القوى الشرعية لاستقطاب حضرموت لمصالحها”، حسبما يضيف البيل، الذي يشير إلى أن المحافظة “مستهدفة كذلك من الحوثيين”.
بدوره، يعتبر المحلل السياسي اليمني، علي البخيتي، أن التهديدات التي أطلقتها قبائل حضرموت “مدعومة من أحد الأطراف الإقليمية التي تلعب دورا في الصراع باليمن”.
ويقول البخيتي في تصريحات لموقع “الحرة” إن “هذا التجمع القبلي لم يكن ليجرؤ على مواجهة الحكومة بهذه القوة لولا دعم السعودية، التي تسعى لإحياء مشروع قديم”.
ويضيف: “السعودية تركز على حضرموت وتسعى لتحقيق حلم قديم بمد خط نفط عبر المحافظة، ودعمت المجلس الوطني الحضرمي لتنفيذ ذلك في الماضي، وكذلك في عهد الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، الذي رفض تنفيذ المشروع”.
ويعتقد البخيتي أن السعودية تدعم القبائل الحضرمية لتحقيق “أهداف جيوسياسية” أيضا مشيرا إلى أن “استمرار ضعف الحكومة قد يؤدي إلى مزيد من الانقسامات والعودة إلى النظام القبلي”.
وتدخلت السعودية عام 2015 على رأس تحالف عسكري لمحاربة الحوثيين ودعم الحكومة الشرعية في اليمن عندما كان المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران يسيطرون على أجزاء واسعة من البلاد، بما في ذلك العاصمة صنعاء.
في المقابل، استبعد المحلل السياسي اليمني، علي العبسي، أن بيان القبائل جاء بدعوة من قوى إقليمية، إذ يقول لموقع “الحرة” إن السعودية “هي الداعم الرئيسي للحكومة اليمنية، وقد أسستها وشكلتها”.
ويضيف أن “نفوذها (السعودية) على القبائل الحضرمية يضمن الاستقرار، حيث إن الأزمة كلها لا تخرج عن سوى مطالب تنموية محلية”.
مدير مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، ماجد المذحجي، يتفق مع ذلك الرأي قائلا إن الحصار الحوثي على أغلب الموارد الاقتصادية فاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، خاصة مناطق مثل حضرموت.
وفي حديث مع موقع “الحرة”، يضيف المذحجي: “أدى هذا الوضع إلى عجز الحكومة عن توفير الخدمات الأساسية، مما دفع قبائل حضرموت إلى هذه الخطوة”.
وتنتج حضرموت من حقل المسيلة الذي تديره شركة (بترو مسيلة) الحكومية نحو 100 ألف برميل يوميا مخصصة للتصدير إلى الخارج، وتشكل إجمالي إنتاج اليمن من النفط الخام في الوقت الراهن مع توقف عدد من القطاعات النفطية عن التصدير.
وقطاع النفط والغاز أهم مورد لإيرادات الحكومة في اليمن، إذ يشكل ما نسبته 70 بالمئة من دخل البلاد.
بلومبيرغ: السعودية تسعى لتجنب تجدد الحرب مع الحوثيين
قالت وكالة “بلومبيرغ” الأميركية، إن السعودية تشعر بقلق متزايد بشأن الوضع في اليمن، حيث صعد المسلحون الحوثيون المدعومون من إيران أعمالهم العدائية مع إسرائيل، وهددوا بمهاجمة المملكة الغنية بالنفط بسبب مزاعم بأنها تشن حربا اقتصادية ضدهم.
وفي البيان الأخير، حذر حلف قبائل حضرموت من الإقدام على أي تصرف بنفط المحافظة أو تصديره أو تسويقه “إلا بعد تثبيت مكانة حضرموت وضمان حقوقها بما يرتضيه أهلها، تنفيذا للقرارات المتخذة من مؤتمر حضرموت الجامع في 13 يوليو الجاري”.
وأوضح البيان أن المخزون النفطي الحالي في خزانات ميناء الضبة والمسيلة “يعد حقا من حقوق حضرموت ولن تتنازل عنه على أن يسخر كامل قيمته لشراء محطة كهربائية لحضرموت”.
وتأتي تهديدات قبائل حضرموت في وقت قالت تقارير إخبارية إن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا تجري ترتيباتها لاستئناف تصدير النفط الخام خلال أيام من حضرموت، بعد فترة توقف إجباري لنحو عامين كبد الخزينة العامة خسائر بنحو ملياري دولار، وذلك نتيجة هجمات الحوثيين على ميناء تصدير النفط في الضبة بمحافظة حضرموت.
ويؤكد هذا العبسي بقوله إن “أبناء حضرموت يرون أن عليهم الاستفادة من إيرادات صادرات النفط. والبيان جاء غضبا بعد تداول أنباء تقول إن 70 بالمئة من العائدات ستذهب للحوثيين”.
وتسيطر الحكومة الشرعية في اليمن بشكل كامل على عدة محافظات بجنوب البلاد في مقدمتها حضرموت والمهرة، فيما يسيطر المتمردون الحوثيون على مناطق أخرى، بما في ذلك العاصمة.
ويقول البيل إن “حضرموت ليست موحدة في مواقفها، بل تتكون من تيارات مختلفة. ومع ذلك، هناك تحركات جديدة تشير إلى أن حضرموت تريد صوتا أقوى في المشهد السياسي اليمني، يضمن استفادتها من الموارد الطبيعية وخطط التنمية”.
ويشكو أبناء كبرى المحافظات اليمنية من تدهور غير مسبوق في الخدمات العامة، خاصة الكهرباء والماء وارتفاع أسعار الوقود.
وشهدت مدن المحافظة خلال الأشهر القليلة الماضية احتجاجات غاضبة وقطع للطرق بسبب الانقطاع المستمر للكهرباء خاصة في فصل الصيف، وفقا لوكالة رويترز.
ولم يتسنَ لموقع “الحرة” الحصول على تعليق من الحكومة الشرعية في اليمن بعد التواصل مع وزير الإعلام والثقافة والسياحة، معمر الإرياني، عبر تطبيق “واتساب” دون رد حتى نشر هذا التقرير.
إلى ذلك، يؤكد المذحجي أن المهلة التي منحتها القبائل للحكومة هي “رسالة واضحة” تعبّر عن حجم الغضب الشعبي، وتطالب بتحرك عاجل لحل الأزمة في البلاد.
بدوره، يقول البخيتي إن “المشكلة الحقيقية تكمن في الصراعات الداخلية التي تغذيها القوى الإقليمية في اليمن، مما يهدد بكل شكل من الأشكال أي فرصة لتسوية الأزمة السياسية”.
ويضيف أن “القرار في اليمن مشتت في الداخل بين مختلف أطراف الصراع، وكذلك بين القوى الإقليمية التي تختلف أجنداتها أيضا”.
“إلى أين؟”
وكانت المحافظة حاضرة عام 2014 حينما تجمع الآلاف من أنصار الحراك الجنوبي في عدن كبرى مدن الجنوب، وفي المكلا، عاصمة محافظة حضرموت للمطالبة بـ”الاستقلال” عن الشمال، ورفض الدولة الاتحادية التي تقرر إقامتها في ذلك الوقت، وذلك بمناسبة الذكرى العشرين لاندلاع الحرب الأهلية بين شطري البلاد.
لهذا، لا يستبعد البخيتي تجدد مثل هذه المطالب مرة أخرى في المستقبل القريب بعد البيان الصادر عن القبائل، إذ يقول خلال حديثه إن “الدول التي تسقط بها الحكومة المركزية تكون مؤهلة للانقسام، خصوصا فيما يتعلق باليمن التي كانت دولتين قبل عام 1991”.
وعلى النقيض تماما، لا يعتقد البيل ذلك قائلا إن “هناك دعوات قديمة من أجل أن تتحول حضرموت إلى إقليم مستقل بذاته، وقد يغذي الاستقطاب الجاري حاليا هذا التوجه، رغم أن حضرموت معروفة بأنها ليست من المحافظات التي تتخذ مواقف متشددة”.
ويضيف: “سواء كانت التحركات من الحراك الجنوبي أو المجلس الانتقالي، فإن تحقيق الانفصال يتطلب ترتيبات داخلية واعترافا دوليا، وهذه قضايا ما زالت بعيدة عن الواقع”.
ويتابع بقوله: “رغم ذلك لا يمكن تجاهل التوترات في المشهد السياسي والتحالفات والتحركات في حضرموت”.
وكانت اليمن منذ خمسينات وحتى نهاية تسعينات القرن الماضي دولتين، واحدة في الشمال تحولت إلى النظام جمهوري منذ عام 1962 تحت اسم “الجمهورية العربية اليمنية”، وأخرى في الجنوب تحمل اسم “جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية”، قبل أن إطلاق مفاوضات للوحدة أفضت إلى دولة واحدة برئاسة علي عبدالله صالح عام 1990.
ويقول البخيتي: “للأسف هناك توجه سياسي من قادة القبائل الحضرامية والجنوبية للعودة إلى هذا الماضي، فيما يريد بعضهم انضمام حضرموت إلى السعودية التي هي تسعى إلى ذلك”.
ويتابع: “إذا عاد الجنوب دولتين، فهذا ليس مشكلة كبيرة بحد ذاتها. لكن الخطر الأكبر هو أن يؤدي الانفصال إلى انقسامات داخلية أعمق وعودة الجنوب إلى ما قبل توحيد الحزب الاشتراكي اليمني إلى نظام السلطنات والمشيخات الذي كان سائدا، ومن ثم حرب أهلية واسعة النطاق في هذه المنطقة”.
الناشط الجنوبي عبدالقادر أبو الليم قال :
” إن حلف قبائل حضرموت بدأ تدشين عمله الميداني لانتزاع حقوق حضرموت في السلطة والثروة لينقلب السحر على الساحر ، إذ أراد رشاد العليمي ان يرسم لنفسه صورة المتفرد بالقرار وبأن حضرموت تحت طوعه، فكان الرد عليه بأن حضرموت لها رجالها وما انت الا عابثاً بثرواتها كمن سبقوك ” .
بدوره، يرى المذحجي أن الأزمة الحالية تتطلب حلا سياسيا شاملا يعالج جذور المشكلة، ويضمن توزيعا عادلا للثروات، محذرا من أن “استمرار الوضع على ما هو عليه قد يؤدي إلى مزيد من الانقسامات والتفكك في البلاد”.
وهنا، يقول العبسي إن “هناك نوع من الغضب المكتوم موجه نحو أجهزة الدولة بشكل عام بسبب عجزها عن حل مشاكل المواطنين في حضرموت، لكن هذا لا يمنع أن يتم احتواؤه في القريب العاجل”.
ويضيف: “يمكن احتواء هذه الأزمة بسهولة بسبب طبيعة المجتمع اليمني القبلية، والتي تعتمد على الحوار والمقابلات لحل المشاكل وتهدئة الأوضاع”.
أما البيل فيرى أنه “يمكن حل هذه القضية بتخصيص حصة جديدة لحضرموت، بما يضمن تنمية أكبر وموازنة أفضل لحل مشاكل الخدمات وغيرها من الأزمات التي يعاني منها السكان”.
في المقابل، لا يعتقد البخيتي أن الحكومة الشرعية قادرة على تلبية مطالب قبائل حضرموت؛ لأن ذلك سيشجع قوى أخرى على انتزاع مطالبها بالقوة.
ويقول: “الدول تُبنى بالقوة والنظام والقانون وليس بمراضاة المطالب القبلية؛ لأن ذلك سيؤدي إلى ظهور كيانات جديدة تطالب بحقوق بذات الطريقة”.