الأطفال خلف مقود باصات الأجرة في عدن
تعيش العاصمة عدن حالة من الاضطراب المروري المستمر، إذ أصبح مشهد الحوادث المرورية المروعة ظاهرة شبه يومية، وسط غياب واضح للإجراءات القانونية الرادعة من قبل الجهات المعنية.
ومع تصاعد عدد الضحايا والمصابين، يعزو الأهالي أسباب هذه الظاهرة إلى استهتار السائقين، وغياب الالتزام بقواعد السير، إضافة إلى منح مركبات الأجرة لفتيان قصر يقودون السيارات بسرعة عالية، غير مبالين بأرواح الركاب والمارة.
ظاهرة خطيرة: الأطفال خلف مقود الأجرة
من الظواهر المستفحلة التي تؤرق سكان عدن هي قيادة أطفال لم يبلغوا السن القانونية باصات الأجرة المعروفة بـ”الدباب”، حيث بات من الطبيعي رؤية فتيان في الخامسة عشرة أو أقل يقودون هذه المركبات على الطرقات المزدحمة بالركاب والسيارات
. هؤلاء السائقون القصر يقودون بسرعات مفرطة ويتجاوزون المركبات الأخرى بطرق خطرة، ما يهدد حياة الركاب ويعرضهم لخطر الإصابات البالغة، كما يشكل تهديداً على حياة سائقي السيارات والمارة على حد سواء.
يقول عبد الله محمد، أحد السكان في عدن : “لا يمر يوم تقريباً دون أن نسمع عن حادث مروع وقع بسبب تهور أحد السائقين القصر الذين يقودون سيارات الأجرة دون أي رقابة أو محاسبة.. نشعر بالخطر كلما قررنا ركوب سيارة أجرة، خصوصاً مع انتشار القيادة العشوائية وسرعات عالية دون مراعاة لقوانين المرور أو سلامة الركاب”.
حوادث مروعة شهدتها عدن
في الآونة الأخيرة، سجلت عدن عدة حوادث مرورية مروعة، راح ضحيتها العشرات وأصيب العديد بجروح متفاوتة. و شهد خط الجسر حادثاً مروعاً حيث اصطدم باصان بشكل عنيف، ما أسفر عن بتر يد أحد الركاب وإصابة عدد آخر بجروح بالغة، جرى نقلهم بعدها إلى المستشفى لتلقي العلاج.
وقد أثار هذا الحادث قلق السكان بشأن سلامة الركاب في ظل الاستهتار الواضح من بعض سائقي سيارات الأجرة.
ولم يكن هذا الحادث الوحيد، حيث وقع صباح السبت الماضي حادث آخر في الخط الرئيسي بمنطقة اللحوم بدارسعد، عندما حاول سائق باص من نوع “دباب” تجاوز الخط الرئيسي ليصطدم بسيارة “هيلكس” قادمة من الجهة المقابلة ونتج عن هذا الاصطدام إصابة أربع فتيات بإصابات بالغة، إضافة إلى إصابة السائق.
وقد أدى هذا الحادث إلى استنفار كبير بين الأهالي الذين يعبرون عن استيائهم من فوضى المرور المتزايدة في المدينة.
كما تكررت الحوادث في مناطق أخرى من عدن، حيث أفاد شهود عيان عن حوادث مماثلة على مدار الأيام الأخيرة، تؤدي غالباً إلى إصابات بليغة أو وفاة بعض الركاب ويعزو الكثيرون السبب إلى تهور السائقين وعدم التقيد بقوانين المرور.
خوف وقلق على الأرواح
عبر عدد من المواطنين في عدن عن غضبهم وقلقهم من تصاعد وتيرة الحوادث المرورية في المدينة، مطالبين السلطات المحلية بالتدخل الفوري لحماية الأرواح وضبط المرور.
يقول أحمد علي، وهو أحد سكان منطقة دارسعد : “نشعر أننا نعيش في خطر دائم لا يمكنك أن تعرف متى سيقع الحادث القادم أو أين، فالطرق تعج بالسائقين المتهورين والأطفال الذين يقودون الدبابات بسرعات جنونية دون أدنى احترام للسلامة هؤلاء السائقون لا يعرفون قوانين المرور أو يتجاهلونها عمداً، ولا نجد أي وجود لدوريات المرور لردعهم”.
ومن جانبه، أكد خالد محمد، موظف حكومي في منطقة كريتر أنه اضطر إلى عدم ركوب سيارات الأجرة في كثير من الأحيان خوفاً على حياته، قائلاً: “أشاهد الأطفال يقودون الدبابات دون أدنى مسؤولية، وهم لا يتوقفون أبداً عن تجاوز المركبات الأخرى بطريقة خطرة.. أتمنى أن تتدخل السلطات بجدية وتفرض قوانين صارمة قبل أن تزداد هذه الحوادث. فقدان اليد أو إصابات بالغة هي أمور شائعة الآن بسبب القيادة المتهورة”.
دعوات لتدخل مرور عدن: هل من استجابة؟
تشهد عدن ازدحاماً مرورياً كبيراً نظراً لعدد المركبات المتزايد وانتشار سيارات الأجرة الصغيرة “الدباب” بشكل واسع وفي ظل هذا الازدحام، يبدو أن مدينة عدن تعاني من فراغ قانوني فيما يتعلق بالرقابة على السائقين وفرض قوانين المرور ويطالب المواطنون إدارة مرور عدن بالتدخل الفوري لإجراء إصلاحات جذرية في النظام المروري من أجل حماية الأرواح وضبط السائقين المتهورين.
ويرى المختص في شؤون المرور العقيد سالم عبد الحميد، أن الوضع يتطلب إجراءات عاجلة، قائلاً: “لقد أصبح الوضع المروري في عدن خارج السيطرة بشكل كبير، ونرى زيادة في عدد الحوادث مع ازدياد الاستهتار بقوانين المرور. المطلوب هو تفعيل دوريات المرور بشكل منتظم، وتحديد عقوبات رادعة على السائقين الذين لا يلتزمون بالقوانين، خصوصاً السائقين القصر الذين يتعاملون مع قيادة سيارات الأجرة كوسيلة للربح السريع دون أن يكونوا مدركين لمخاطر القيادة”.
خاتمة
مع استمرار تصاعد الحوادث المرورية في عدن، بات من الضروري اتخاذ إجراءات صارمة ومباشرة لضبط النظام المروري، والحد من هذه الظاهرة المأساوية التي تهدد حياة المواطنين يومياً.
فبينما تشكل السيارات “الدباب” وسيلة أساسية للتنقل، أصبحت أيضاً مصدر خطر دائم على سكان المدينة، خصوصاً مع استمرار قيادة الأطفال لهذه المركبات دون أي رقابة.
تنتظر عدن أن تبادر الجهات المعنية بحل هذا الوضع المأساوي، وإيجاد حلول تحمي الأرواح وتحسن من جودة الحياة في المدينة.