أهالي ثمان قرى محرومة بيافع المفلحي يتحدون المستحيل ويحولونه إلى واقع بشق طريق في أصعب التضاريس الجبلية
(يافع / الأمناء / تقرير – صالح البخيتي :)
لطالما عانت ثمان قرى في مديرية المفلحي يافع بمحافظة لحج من عزلة شديدة بسبب غياب الطرق المؤدية إليها، مما جعل نقل المواد الضرورية والمرضى أمراً بالغ الصعوبة،وهذه ال هي : عدن ظهه، الساكن، البقعة، أركان، الحنجور، العشرة، المسمور، وأسفل ظهه، والتي ظلت محرومة من الطرق منذ زمن جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، واستمر هذا الحرمان خلال فترة حكومة الوحدة اليمنية والحكومات المتعاقبة، بالرغم من هذه العقود من الإهمال، قرر أبناء هذه القرى في عام 2021 أن يأخذوا المبادرة بأيديهم ويشقوا الطريق بأيديهم وبجهودهم الذاتية.
التحديات المستمرة :
منذ عقود، عانت هذه القرى من إهمال حكومي تام، لم تحظَ بأي إهتمام من الحكومات المتعاقبة، ولم يتم تنفيذ أي مشاريع تنموية فيها، بما في ذلك مشروع الطريق الذي كان سيغير حياة الناس بشكل جذري،التنقل بين هذه القرى كان يتم باستخدام وسائل نقل قديمة مثل الحمير، وحتى نقل المرضى على الأكتاف والمجانز كان يتم مشياً على الأقدام لمسافات طويلة ووعرة.
الخطوة الأولى نحو الحل :
بداية عام 2021، قرر أبناء القرى الثمانية أن يتحركوا بأنفسهم. بدأوا بمبادرة تطوعية لشق الطريق إلى قراهم. ومع تزايد الضغط والمعاناة الإنسانية التي ظهرت عبر وسائل الإعلام والقنوات المحلية مثل قناة YCS، تفاعل الخيرون مع هذه المبادرة، وبدأوا في تقديم الدعم المالي واللوجستي.
مساهمة المجتمع المحلي :
عندما شاهد أبناء يافع حجم المعاناة، استجابوا بسرعة ووضعوا بصمتهم في هذا المشروع، كان المشهد مؤلماً عندما رأوا كيف يتم نقل المرضى على الأكتاف والمشي لمسافات طويلة عبر الجبال الوعرة، وهذا الأمر دفع العديد من الخيرين إلى تقديم التبرعات والدعم لإنقاذ هذه القرى من عزلتها.
العمل الجماعي والإنجاز :
تحت قيادة الأستاذ عادل أحمد ناشر، مدير المشروع، وفريق عمل متفانٍ يضم شخصيات مثل أبو حسين ومحمد خميس أبو صالح العولقي، بدأ العمل على شق الطريق في أصعب التضاريس الجبلية. استمرت جهودهم على مدار ثلاث سنوات متواصلة، حيث عملوا ليلاً ونهاراً في ظروف بالغة الصعوبة حتى تم الوصول إلى قرية عدن ظهه، وهي أول قرية من بين القرى المحرومة التي تصل إليها السيارات.
الفرحة بالإنجاز :
اليوم يشعر أهالي الثمان القرى بثمرة عملهم الجاد، لقد انتهت معاناة نقل المواد الغذائية عبر وسائل النقل البدائية، وأصبحت السيارات تصل إلى قرية عدن ظهه. هذا الإنجاز ليس فقط اختصاراً للمسافات، بل هو أيضاً إنقاذ لحياة الكثيرين الذين كانوا يعانون في السابق أثناء نقل المرضى.
خلال زيارة عبود الصلاحي، مسؤول العمل التطوعي في يافع، إلى قرية عدن ظهه للاحتفال بهذا الإنجاز، عبر عن سعادته الكبيرة بما تحقق، وفي كلمته للأهالي أكد أن هذا اليوم سيدخل التاريخ وسيظل ذكرى عالقة في أذهان الجميع، وأشاد الصلاحي بالصمود والتعاون بين أبناء القرى، مشيراً إلى أن هذا الإنجاز هو ثمرة جهودهم المشتركة ودعم الخيرين من يافع.
واختتم رسالته بدعوة الجميع إلى الاستمرار في دعم هذا المشروع حتى تصل الطريق إلى القرى المتبقية، مؤكداً أن ما تحقق كان بفضل الله، ثم بفضل التكاتف والعمل بروح الفريق الواحد.
إن قصة شق الطريق إلى قرية عدن ظهه هي قصة أمل وتعاون، رغم العقود الطويلة من الإهمال، أثبت أبناء هذه القرى أن بالإرادة والعمل الجماعي يمكن تحقيق المستحيل، ما تحقق اليوم هو إنجاز كبير، لكن الأمل ما زال معقوداً على إستكمال الطريق إلى القرى الأخرى، حتى تنتهي معاناة الجميع.