التكتل الاقتصادي اليمني خطوة ضرورية نحو الاستقرار والتنمية المستدامة
اليمن يمر بمرحلة حساسة للغاية تتطلب حلولا غير تقليدية و مبادرات تعاونية لإنقاذه من التدهور الاقتصادي والمعيشي المتزايد. ومع استمرار التحديات السياسية والانقسامات الداخلية، بات من الضروري إنشاء تكتل اقتصادي يضم كلاً من المستثمرين اليمنيين والأجانب، ويعمل بدعم من الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي. هذا التكتل الاقتصادي يجب أن يكون متكاملاً ويتماشى مع احتياجات الاقتصاد اليمني، مستهدفاً معالجة الأزمات الأساسية، وتوفير فرص عمل، وضمان تحسين حياة المواطنين.
#مكونات التكتل الاقتصادي المقترح:
– المستثمرين اليمنيين يجب أن يكون لديهم دور جوهري في دعم الاقتصاد الوطني، حيث يمكنهم الاستثمار في قطاعات مثل الزراعة، والتجارة، والخدمات، والبنية التحتية، مما يساعد في خلق فرص عمل وتحقيق استقرار محلي.
– اليمن بحاجة الى المستثمرين الأجانب و الاستثمارات الأجنبية التي تساهم في إدخال التكنولوجيا الحديثة وتنويع الاقتصاد. يمكن للمستثمرين الأجانب أن يشاركوا في تطوير قطاعات جديدة مثل السياحة البيئية، والصناعات التحويلية، ومشاريع الطاقة المتجددة، مما يعزز من قدرة اليمن على التنافس إقليميا ودوليا.
– الحكومة اليمنية: يتطلب نجاح هذا التكتل التزام الحكومة بدعم المستثمرين من خلال تسهيل الإجراءات الإدارية، وتقديم حوافز استثمارية، وسن تشريعات توفر بيئة اقتصادية مشجعة. ويجب أن تعمل الحكومة أيضا على مكافحة الفساد و تعزيز استقلالية القضاء وتطبيق معايير الشفافية لضمان عدالة التوزيع والاستفادة من هذه الاستثمارات.
– من الضروري أن يحصل التكتل على دعم المجتمع الدولي، سواء عبر التمويل المباشر أو من خلال المساعدات التقنية من المؤسسات المالية العالمية والدول المانحة، حيث يمكن توجيه هذا الدعم لإعادة بناء البنية التحتية الأساسية وتمويل المشاريع التنموية.
#القطاعات الأساسية للاستثمار:
يجب أن يركز التكتل على القطاعات التي تسهم بشكل مباشر في تحسين الوضع المعيشي وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، ومنها:
الزراعة: الاستثمار في تحديث أساليب الزراعة وتحسين البنية الزراعية سيسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية وتقليل الاعتماد على الاستيراد، إلى جانب توفير فرص عمل للمجتمع الريفي.
البنية التحتية: من أهم الخطوات لإنعاش الاقتصاد تطوير البنية التحتية، بما يشمل الطرق، والكهرباء، وشبكات المياه، مما يعزز من قدرة الاقتصاد على جذب الاستثمارات ويساهم في تحسين جودة الحياة.
الطاقة المتجددة: يمثل قطاع الطاقة فرصة كبيرة للاستثمار، حيث يمكن لليمن أن يستفيد من مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح للتغلب على مشكلات انقطاع الكهرباء، وتلبية الاحتياجات المحلية بتكلفة أقل.
التعليم الفني والتدريب المهني: دعم قطاع التعليم الفني والتدريب المهني يساعد في تأهيل الشباب وتطوير مهاراتهم، مما يعزز فرص توظيفهم وإعدادهم للمساهمة في الاقتصاد الوطني.
لن يكتب النجاح لأي مشروع اقتصادي دون تحقيق الاستقرار السياسي. لا يمكن أن ينمو الاقتصاد أو يتعافى في ظل الانقسامات الداخلية والاختلافات بين القوى السياسية المختلفة. لذا فإن إنهاء الانقسامات والاتفاق على الإطار العام لشكل الدولة يمثل حجر الأساس لبناء اقتصاد مستدام. يتطلب ذلك اتفاقا وطنيا يجمع كافة الأطراف حول رؤية مشتركة، تعزز الأمن والاستقرار، وتتيح الفرصة أمام المستثمرين للعمل بثقة.
#التحديات وكيفية التغلب عليها:
التكتل الاقتصادي سيواجه تحديات عديدة، منها:
الفساد: من الضروري وضع تشريعات صارمة لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية.
ضعف البنية التحتية: يحتاج إلى دعم دولي كبير لإعادة بناء البنية التحتية الأساسية.
الأمن: تحقيق بيئة آمنة للمستثمرين يعد شرطا ضروريا لجذب رؤوس الأموال.
إن إنشاء تكتل اقتصادي متكامل في اليمن، يرتكز على التعاون بين المستثمرين اليمنيين والأجانب بدعم من الحكومة والمجتمع الدولي، يعتبر خطوة محورية لإنقاذ البلاد من أزمتها الاقتصادية. غير أن نجاح هذه المبادرة يعتمد أولاً وأخيرا على تحقيق استقرار سياسي ينهي الانقسامات الداخلية ويوحد الجهود نحو بناء دولة عادلة. بهذا التكامل بين الاقتصاد والسياسة، يمكن لليمن أن ينطلق نحو مستقبل أفضل، يوفر حياة كريمة ومستقرة للمواطنين، ويضع أساسا لتنمية مستدامة تضمن استقرار البلاد وتطورها.
بقلم: د/ عارف محمد عباد السقاف
استاذ اقتصاد الاعمال المشارك
كلية المجتمع / عدن