8 ملايين مريض.. حرب الحوثي تفاقم الأزمات النفسية في اليمن
بشكل أسبوعي يصطحب محمد أنور والدته مريم سعد لحضور موعد جلسات العلاج النفسي في مدينة الخوخة غربي اليمن، إثر إصابتها بصدمة نفسية حادة.
وفي صف طويل أمام مركز للطب النفسي في مدينة الخوخة جنوبي محافظة الحديدة، جلست السيدة اليمنية مريم سعد (44 عاما) القرفصاء وهي تحدق إلى المارة في انتظار دورها للدخول إلى الطبيب النفسي، بعد أن تعرضت لصدمة نفسية إثر هجوم حوثي دمر منزلها وأودى بحياة اثنين من أطفالها.
جبايات حوثية جديدة.. تصعيد لشل حركة التجارة باليمن
في حديثه لـ”العين الإخبارية”، يقول محمد أنور (23 عاما) إنّ والدته تعرضت للمرض النفسي الحاد بعد أن قصفت مليشيات الحوثي منزلهم مطلع عام 2019، وتسببت بتدمير منزلهم وفقدان اثنين من إخوانه الصغار.
ويضيف أن الصدمة الكبيرة التي أثرت على والدته بحسب الطبيب المعالج لحالتها مشاهد أطفالها تحت أنقاض المنزل والدماء من حولهم، مؤكدا أنها تعيش في هلوسة مستمرة منذ أكثر من 4 سنوات، وفي بعض الأوقات تحاول إنهاء حياتها.
8 ملايين مريض
السيدة اليمنية مريم سعد واحدة من 8 ملايين شخص يعانون مشكلات نفسية وعقلية بسبب حرب الحوثي المستمرة منذ 9 أعوام، بحسب تقديرات لمنظمة الصحة العالمية، إذ أكدت أن الأمراض النفسية من أكثر الحالات الصحية انتشاراً في اليمن.
وزادت حرب مليشيات الحوثي ضد اليمنيين من أعداد مرضى الاضطرابات النفسية، بعد أن فقدوا مصدر دخلهم، واعتقلوا، وعذبوا، وشردوا بالنزوح فضلا عن تفشي معدلات البطالة والفقر، وشن الحوثي أكثر من حرب آخرها الحرب الاقتصادية.
وتمارس المليشيات جرائمها بحق اليمنيين كالاختطاف، الإخفاء القسري وقصف الأحياء السكنية المكتظة بالمدنيين وزراعة الألغام، كل هذا سبب انتشارا واسعا للاضطرابات والأمراض النفسية والإصابة بالاكتئاب في اليمن.
جحيم اقتصادي ومعيشي
ويرى مختصون في علم النفس أن حرب مليشيات الحوثي ضد اليمنيين رفعت عدد الحالات المصابة بالمرض النفسي والاكتئاب.
وأكدوا، في تصريحات لـ”العين الإخبارية”، تزايدت الحالات في مناطق شهدت مواجهات مسلحة، كما أن المواطنين في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة المليشيات يعانون حالات اكتئاب شديدة.
وأرجعوا ذلك إلى تدني المستوى المعيشي في تلك المناطق، وحرمان المليشيات الموظفين من مرتباتهم، وحملات الاعتقالات المستمرة بحق المواطنين وإرهابهم، إضافة إلى الدفع بأطفالهم إلى التجنيد واستخدامهم كوقود لحرب المليشيات.
وحذروا من استمرار ارتفاع أعداد مرضى الاضطرابات النفسية في اليمن لاستمرار حرب المليشيات، مع الضعف الكبير في عدد الأطباء والمتخصصين النفسيين.
ويقول أستاذ علم النفس الإكلينيكي بجامعة الحديدة اليمنية فهمي فاضل، لـ”العين الإخبارية”، إن تدهور الظروف المعيشية والاقتصادية تؤثر على نفسية المواطنين، ويترك الفقر المدقع ندوبا نفسية لا تندمل بسهولة.
ويؤكد أن الفرد حينما يجد نفسه عاجزا عن إيجاد أي حل لمشاكلته المالية والمعيشية تزداد حالته النفسية سوءا، ويصبح عرضة للإصابة بالمرض النفسي.
واحد من كل أربعة
تؤكد تقارير أممية وأخرى حقوقية أن الانقلاب الحوثي الذي فجر الحرب يعد من أبرز الأسباب التي أدت إلى زيادة الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية وعقلية.
وبحسب تقارير حديثة لمنظمة الصحة العالمية، اطلعت “العين الإخبارية” على نسخة منها، فإن واحداً من كل أربعة أشخاص في اليمن يعانون من مشاكل عقلية ونفسية واجتماعية بسبب النزاع المسلح والنزوح القسري والبطالة ونقص الغذاء، وغيرها من الظروف القاسية.
وتشير المنظمة إلى إطلاق استراتيجية وطنية للصحة النفسية في اليمن، تهدف إلى الحدّ من العبء المتزايد من تفاقم الاضطرابات النفسية، مع استمرار الحرب منذ 9 أعوام.
ورأت المنظمة أن انهيار الاقتصاد في البلاد تسبب في شل المرافق الصحية، وتفاقم الأمراض النفسية التي تؤثر في كل فئات المجتمع، مشددة على أن حرب المليشيات طالت غالبية مستشفيات الأمراض النفسية الحكومية وتسببت بإغلاقها وتحويل بعضها إلى ثكنات عسكرية لعناصرها.
يشار إلى أن اليمن البالغ تعداده السكاني أكثر من 30 مليون نسمة، ويوجد فيه 59 طبيبا نفسيا ما يعني توافر طبيب نفسي واحد لكل نصف مليون شخص.
المصدر