تفاصيل الجلسة الاولى من محاكمة المتهم بقتل فتاة "توب سنتر"
(عدن/الامناء نت/خاص:)
عربة مصفحة واطقم ترافقها تمر امام مجمع عدن مول الشهير ، وصوت يشبه جرس سيارة الاسعاف يدوي في المكان ، يلتفت احد الجنود الى زميله داخل المحكمة ويقول له : “اسمع الصوت لقد حضر المتهم”.
توقفت العربة داخل ساحة مبنى محكمة استئناف عدن ، نزل منها شاب عشريني مقيد اليدين يرتدي لباس السجناء الازرق ، التفت ببصره الى اعلى المبنى متأملًا ، قبل ان يقتاده الجنود ليصل الى قاعة المحكمة من البوابة الخاصة لدخول المتهمين.
*بداية الجلسة*
عقدت محكمة المنصورة الابتدائية جلستها الاولى صباح اليوم الخميس برئاسة فضيلة القاضي / فهد محمد البناء عضو محكمة المنصورة وبحضور امين السر فهمي شمسان ، للنظر في قضية مقتل الشابة فاطمة محمد عمر سرور دومان ، والتي عرفت اعلاميا بـ “جريمة توب سنتر” ، والمتهم فيها محسن رشاد محسن احمد المخيري.
حضر من جانب النيابة العامة القاضي يحيى ناصر الشعيبي رئيس نيابة استئناف شمال عدن ، والقاضي هاني احمد عمير عضو نيابة المنصورة ، كما حضر من جانب اولياء الدم والد ووالدة المجني عليها ، ومحامية اولياء الدم ليزا مانع القباطي.
*تنصيب محامي للمتهم*
سأل القاضي المتهم عن اسمه فكان يقرب المكرفون من فمه ثم ينزله عدة مرات ولا يتكلم ، امر القاضي باحضار المتهم الى منصة قريبة من القاضي لكنه ظل على وضعه لا يتكلم ، وحين قرأ عليه اسمه اومأ براسه موافقا.
— ساله القاضي: هل لديك محامي ؟
– المتهم لم يرد.
— القاضي: هل يوجد احد من ذوي المتهم في القاعة ؟
رفع اثنان ايديهما ، احدهم عمه والاخر شقيقه.
– عم المتهم : كنا سنوكل له محامي لكن المتهم رفض ذلك.
– شقيق المتهم: بحثنا عن محامين للترافع عن المتهم لكن ذلك قوبل بالرفض.
— القاضي للمتهم: يا محسن ، حين حققت معك النيابة قلت انك لن تتكلم الا في وجود محامي ، لماذا الان لا يوجد معك محامي ؟
– المتهم صامت لا يرد.
عرض القاضي على المحامي عبدالعزيز بن صلاح الموجود في القاعة الترافع عن المتهم لكنه رفض ذلك بشدة ، حاولت محامية اولياء الدم اقناعه ايضا بالترافع عن المتهم لكي تستقيم الاجراءات ولا تتعطل الجلسة لكنه رفض.
— القاضي يلتفت لمحام اخر : هل ستترافع عن المتهم ؟
يتقدم المحامي محمد عبدالرحيم موافقا ويقدم بطاقته للقاضي ، فتقرر المحكمة تنصيبه محاميا عن المتهم.
*قرار الاتهام*
بعد تنصيب المحكمة محاميا للمتهم ، طلب القاضي من النيابة العامة قراءة قرار الاتهام ، وطلب من المتهم الاصغاء للقرار لكي يرد عليه.
وجاء نص قرار الاتهام كالتالي:
(( تتهم النيابة العامة ، محسن رشاد محسن احمد – 21 عاما ، بانه بتاريخ 1 اغسطس 2023 بدائرة اختصاص نيابة ومحكمة المنصورة الابتدائية قتل عمدا وعدوانا نفسا معصومة الدم هي المجني عليها فاطمة محمد عمر سرور دومان ، بان قام بتوجيه طعنات قاتلة في جسد المجني عليها بواسطة سكين خنجر ، اثناء تواجدها في الدور الثالث من مركز توب سنتر التجاري في المنصورة ، في الصدر والظهر والرقبة واخترقت التجويف الصدري والاوعية الدموية نتج عنها النزيف الدموي الغزير والوفاة ، كما اوضح ذلك تقرير الطبيب الشرعي بقصد قتلها ، وعلى النحو المبين تفصيلا في الاوراق.
وتقدم النيابة العامة المتهم المذكور امام محكمة المنصورة الابتدائية لمحاكمته وتطلب الحكم عليه بالاعدام قصاصا وتعزيرا ، مع مصادرة سلاح الجريمة )).
*رد المتهم على قرار الاتهام*
طلب فضيلة القاضي فهد البناء من المتهم الرد على قرار الاتهام الذي تلته النيابة العامة ، فظل صامتا ولم يتكلم.
امر القاضي بالسماح للمتهم بالاقتراب منه اكثر ، وتم اقتياده الى امام القاضي مباشرة ، وظل القاضي يسأله هل تقر ام تنكر بما جاء في قرار الاتهام ؟ .. لكن المتهم اقترب من القاضي وكان يتكلم بصوت خافت غير مسموع للحاضرين.
قال القاضي ان المتهم طلب منه ان تكون الجلسة مغلقة ، وابدى القاضي استعداده لذلك اذا قدم المتهم سببا وجيها لذلك ، وطلب منه تقديم سبب مقنع ، لكن المتهم ظل صامتا بعد ذلك ووجهه امام القاضي مباشرة.
مرت عشر دقائق والقاضي يحاول اقناع المتهم بالرد دون جدوى ، واخيرا امر باعادته الى مكانه.
— القاضي: اكثر من هكذا ساعتبر نفسي اضغط على المتهم ، المتهم التزم الصمت واعتبرت المحكمة ذلك انكارا وفقا للقانون ، وتطلب المحكمة من النيابة العامة تقديم ادلتها.
*النيابة تقرأ اعترافات المتهم*
قام عضو النيابة بقراءة ادلة الاثبات واولها الاعتراف ، حيث اعترف المتهم في محاضر جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة ، بقوله : (( كلمت فاطمة اني باكلم اختي تجي تخطبها من اهلها لكنها رفضت ، واثناء ما كنا في الدور الثالث من مركز توب سنتر بالمنصورة زاد غضبي ، وكانت فاطمة تغلف الثياب ، اتيت لها من الخلف وكان بيدي سكين خنجر وقمت بطعنها خمس طعنات في الظهر والصدر والرقبة ، والطعنة الاخيرة اتت في عينها ودخلت السكينة في عينها ، وكنت اشتريت السكين قبل فترة من الواقعة ، وكنت لابس يوم الحادثة جرم كوم لونه اسود وسروال جينز ازرق والاصابة التي في اصبعي هي من السكين اثناء محاولة طعن فاطمة )).
— القاضي للمتهم : ادليت باعترافات في البحث الجنائي وامام النيابة والان تلتزم الصمت ليش ؟
– المتهم صامت لا يرد ، يرفع المكرفون الى قريب من فمه ثم ينزله للاسفل دون ان يتكلم.
*مواجهة المتهم باقوال الشهود*
قرات النيابة العامة اقوال شهود الاثبات في محاضر جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة ، كالتالي:
•شهادة الشاهد ع.ع.ن.ك في محاضر جمع الاستدلالات والتي قال فيها : (( بعد صلاة العشاء من تاريخ 1 اغسطس 2023 صعدت الى الممر في الدور الثالث في مركز توب سنتر بالمنصورة ، وبعد ان خرجت ونزلت الدرج سمعت بنت تقول ابو ناصر ابوناصر ، ورجعت الى مصدر الصوت في الدور الثالث ، وعندما اقتربت من المكان شاهدت المتهم يجري مسرعا نحو الدرج ، ووصلت الى مكان فاطمة وكانت مرمية على ظهرها في الارض ، والدماء تسيل من فمها وانفها من الجانب الايمن وشاهدت السكين مغروس في عينها اليسرى ، وحاولت اخرجه من عينها وما قدرت ، ثم نزلت الى الدور الارضي وصيحت للعمال وتم نقل فاطمة الى مستشفى البريهي وعلمت لاحقا انها توفت )).
كما افاد الشاهد بقوله في محاضر التحقيقات: (( حضرت الى ادارة البحث الجنائي مع محققي المنصورة اثناء اخذ اقوال المتهم ، وقد اعترف امامي بدون ضغط او اكراه من احد وبكامل ارادته بانه قام بقتل فاطمة محمد عمر )).
•كما استعرضت النيابة عدد من اقوال الشهود تلاوة من المحاضر ، اكد احداها انه شاهد المتهم يجري باتجاه شرطة المنصورة قبل اكتشاف الجريمة بلحظات ، واكدت الاخرى على ان المتهم ادلى باعترافاته في محاضر جمع الاستدلالات دون ضغط او اكراه ، وسيتم الاستماع لاقوال الشهود حضوريا امام القاضي في الجلسة القادمة.
*تقرير الطبيب الشرعي*
جاء في تقرير الطبيب الشرعي المؤرخ بتاريخ 8 اغسطس 2023 والذي قراته النيابة في الجلسة ما يلي : (( بعد فحص جثة المجني عليها فاطمة محمد عمر سرور ، تبين انها تعرضت لعدة اصابات طعنية وقطعية بواسطة آلة حادة تقترب من التجويف الصدري ومزقت الاوعية الدموية الهامة والكبيرة نتج عنها النزيف الدموي الغزير والوفاة )).
*التقرير الفني المصور*
ضم التقرير الفني صورا فوتوغرافية لمسرح الجريمة وجثة المجني عليها ، حيث لوحظ تطابق الاصابات على جسد المجني عليها ، مع الاصابات التي ذكرها المتهم في اقواله.
*رد المتهم على ادلة الاثبات*
ولدى مطالبة المتهم بالرد على ادلة الاثبات بقي صامتا كما كان منذ بداية الجلسة ، حينها عرض عليه القاضي صورة له ماخوذة من كاميرات المراقبة ، وسأله :
— القاضي: من هذا الشخص الذي في الصورة ؟
– المتهم يحملق بنظره في الصورة ولا يرد.
— القاضي: ليش ما ترد ، هل تحاول تقنعني انك مجنون او فيك حالة نفسية ؟
– المتهم صامت لا يرد.
*مواجهة المتهم بسلاح الجريمة*
كما تم عرض سلاح الجريمة المحرز وهو سكين خنجر على المتهم وتم سؤاله عما اذا كان هذا هو السلاح الذي استخدمه فاومأ براسه موافقا دون ان يتكلم.
*محامية اولياء الدم تطلب القصاص من المتهم والتعويض من مالك توب سنتر*
وفي الجلسة قدمت المحامية ليزا مانع القباطي ، محامية اولياء الدم ، دعوى مطالبة اولياء الدم بالقصاص الشرعي من المتهم لقتله المجني عليها التي كانت تعمل لمساعدة واعالة اسرتها كما كانت على وشك الالتحاق بالتعليم الجامعي.
كما تقدمت محامية اولياء الدم بدعواها المدنية ضد مالك محل توب سنتر الذي ارتكبت فيه الجريمة ، قائلة ان (( المحل توجد فيه كاميرات مراقبة ولكن لا يتوفر فيه موظف مختص بمشاهدة الكاميرات ، ولو كان فيه موظف مختص بذلك لكان بامكانه الحيلولة دون ارتكاب الجريمة خاصة وان الجريمة قد اخذت وقتها )) – حد تعبيرها.
واضافت المحامية : (( تأكد من خلال الشهود انه لا توجد حراسة امنية في المحل ، الامر الذي سهل هروب المتهم ، ولولا ستر الله ولطفه لكان لا يزال طليق السراح ، الامر الذي يترتب عليه تحميل محل توب سنتر ومالكه مسؤولية الاهمال والتقصير )).
وطالبت محامية اولياء الدم بالامر بالقصاص الشرعي والقانوني من المتهم ، والامر بالتعويض المدني تجاه مالك محل توب سنتر بتعويض اولياء الدم عما اصابهم من ضرر مادي ونفسي وجراء تحميله المسؤولية التقصيرية مبلغ وقدره خمسون مليون ريال يمني.
*محامي المتهم يطلب عرضه على طبيب نفسي والنيابة تعترض*
وفي الجلسة طالب محامي المتهم باحالته الى الطب النفسي لما ظهر عليه من سلوكيات في المحكمة ، ولما ظهر من ظروف اعتقاله حيث تم الامساك به ياكل بسكويت بجانب الجامعة اللبنانية بعد ارتكابه للجريمة.
واعترضت النيابة العامة على طلب محامي المتهم ، حيث تحدث القاضي بحيى ناصر الشعيبي قائلا : (( المتهم طبيعي جدا وحالته طبيعية ، ويحاول امام المحكمة ان يتظاهر بأن لديه حالة نفسية مصطنعة ، فالمتهم اعترف تفصيلا في محاضر جمع الاستدلالات وامام شهود الاقرار بتفاصيل سليمة متطابقة مع واقع الحادثة ، كما هي اعترافاته امام النيابة العامة طبيعية وتفصيلية )).
كما عقبت محامية اولياء الدم على طلب محامي المتهم ، قائلة بان الموظفين ومالك محل توب سنتر نفسه اقر بالصحة العقلية للمتهم منذ التحاقه بالعمل قبل ثلاث سنوات ولحين ارتكاب الجريمة ، كما ان المتهم تمسك بحضور محام منذ البداية وحضر محام في الجلسة الثانية اثناء تحقيق النيابة.
*قرار المحكمة*
قررت المحكمة ان التزام المتهم بالصمت امام المحكمة لا يدل الا على كمال وعيه ، وقال القاضي : (( ان الثابت للمحكمة انه قد طرحت عدة أسئلة على المقربين من المتهم كأخيه محفوظ الذي سئل في محاضر جمع الاستدلالات ان كان اخيه يعاني من حالة نفسية ، فاجاب انه ليس فيه شيء سوى شحنات في رأسه تسبب له الدوخة أحيانا ، كما ان الشاهدة (م) افادت بذلك حرفيا وان المتهم لا يتعاطى اي نوع من انواع الادوية )).
واضاف القاضي : (( اتضح للمحكمة ان الطلب المقدم لا يقصد منه سوى المماطلة ليس الا ، فمن الطبيعي ان كان المتهم يعاني من حالة نفسية ان يتم الدفع بذلك قبل المحكمة وعرض التقرير امام النيابة العامة خاصة وان اقواله اخذت مع وجود محامي له )).
وتابع القاضي : (( وكيف يمكن لن يكون المتهم يعاني من حالة نفسية وصلت الى هذا الحد من العدوانية دون ان يعرف عنه ذلك )).
وقررت المحكمة ما يلي:
1- رفض الطلب المقدم من محامي المتهم.
2- اعطاء النيابة العامة فرصة لتقديم ادلة وشهود الاثبات ، والتأجيل الى يوم الاثنين 21 اغسطس.
من :عبدالرحمن أنيس