كيف ينظر الجنوبيون إلى محاولات تجاوز قضيتهم في مسار المساعي الأممية والإقليمية لحل الأزمة؟
( (الأمناء) تقرير/ سالم لعور:)
ما الأسباب الخفية لمحاولات حصر الأزمة بين الحوثيين والشرعية والتحالف؟
ما الأثر السلبي لتجاوز القضية الجنوبية على مستقبل السلام؟
ما الذي يمكن للجنوبيين فعله في حال استثناء قضيتهم من المفاوضات؟
الرئيس الزبيدي: قضية الجنوب مفتاح الحل لإنهاء الصراع
سياسيون: الانتقالي القوة الحقيقية على الأرض وتجاوزه لن يخدم أي سلام
البيض: لن نقبل أي شروط مسبقة قبل الدخول في مفاوضات سياسية
السلام مرهون بالجنوب
يرى مراقبون لمسارات العملية السياسية والحل السلمي الشامل للأزمة في اليمن أن تركيز الأطراف الدولية على حصر الأزمة اليمنية في صراع بين الحوثيين والسلطة الشرعية ومن خلفهم التحالف العربي يعكس قصورًا واضحًا في إدراك طبيعة الأزمة المركبة والمتعددة الأطراف والجوانب.
ويؤكدون أن عدم أخذ الاعتبار لموقف مكون أصيل في هذه الأزمة، وهم الجنوبيون، يعني استحالة تحقيق الاستقرار في هذا البلد الذي طحنته رحى الحرب طيلة ثماني سنوات، وإن تم التوصل إلى توافق مع الحوثيين.
وتشهد محافظات الجنوب – وتحت قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي وقواته المسلحة الجنوبية – حالة رفض جمعي وامتعاض شديد من غياب الوضوح في التحركات الأممية والإقليمية لحل الأزمة السياسية ووقف الحرب، أكانت تلك التحركات تهدف للتسوية بين أطراف الصراع على مستوى اليمن أو بين التحالف العربي ممثلاً بالمملكة العربية السعودية – على وجه التحديد – من جهة وبين الحوثيين من جهة أخرى بوساطة عمانية.
الانتقالي.. حراك دبلوماسي مكثف
وخلال الفترة المنصرمة خاض المجلس الانتقالي الجنوبي – وما زال حتى اليوم – حراكًا دبلوماسيًا مكثفًا في ظل تخوّفه من تهميش قضية الجنوب ضمن المفاوضات الماراثونية التي ترعاها الأمم المتحدة بدعم إقليمي ودولي لإنهاء الأزمة اليمنية، وهذا ما جسدته مباحثات ولقاءات الرئيس القائد عيدروس الزبيدي – رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي – مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية ودبلوماسيين عرب وأجانب، وهيئات ومنظمات حقوقية وإنسانية، وتأكيده على وجوب أن تكون قضية الجنوب جزءاً أصيلاً من أي مسار مستقبلي للعملية السياسية، وعلى ضرورة وضع إطار خاص لقضية شعب الجنوب في العملية السياسية القادمة باعتبارها مفتاح الحل ومدخلاً رئيسياً لإنهاء الصراع في المنطقة.
البيض: لن نقبل شروطًا مسبقة
من جانبه قال عَمْرو البِيض، عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، الممثل الخاص للرئيس عيدروس الزُبيدي للشؤون الخارجية، خلال حلقة نقاشية في البرلمان البريطاني حول دعم العملية السياسية في اليمن: إنه من غير الممكن تحقيق عملية سياسية تنتج حلولاً مستدامة دون إقرار جميع الأطراف بمشكلة الوحدة (قضية شعب الجنوب) في خارطة الطريق المقدمة، ووضع إطار تفاوضي لحلها”.
وأضاف البيض: “لا نقبل وضع شروط مسبقة لمحاولة تغيير ميزان القوى قبل الدخول في مفاوضات سياسية بمزاعم إنسانية”.
السلام مرهون بالجنوب
وأطلق – مؤخراً – ناشطون سياسيون وإعلاميون جنوبيون هاشتاج (السلام مرهون بالجنوب) حذروا خلاله من أن أي تجاوز لقضية شعب الجنوب، أو تجاهلها، أو حتى ترحيلها، فإن ذلك لن يقود لنجاح أي عملية سلام في البلاد، فالسلام مرهون بالجنوب، ولا سلام دون الجنوب.
واعتبروا أن المجلس الانتقالي الجنوبي يُعد “شريكاً أساسياً للمجتمعين الإقليمي والدولي ومصالحهما، باعتباره القوة الحقيقية على الأرض، وتجاوزه لا يصب في مصلحة السلام الذي ينشده الجنوب وشعبه، وأكدوا أن السلام مرهون بحل عادل، ومنصف لقضية شعب الجنوب العادلة، وأشاروا إلى أن أي محاولة لإبعاد الجنوب وقضيته، وحاملها السياسي (المجلس الانتقالي الجنوبي)، عن المسار التفاوضي، سيُعقد الأزمة الراهنة، وسيدخل البلاد في فوضى عارمة ” .
وشدد الناشطون الجنوبيون على “أن أي محاولة لإبعاد المسار الجنوبي عن العملية التفاوضية، أو تأجيل وتجاوز لقضية شعب الجنوب، أو محاولة إعادة إحياء مبادرات سياسية تجاوزها الواقع الذي تشكّل على الأرض، فلن يُفضي إلى حلول تنهي الأزمة، بل سيزيدها تعقيداً”.
ودعوا إلى “ضرورة تعزيز موقف المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، في الحرب السياسية التي يخوضها، وأكدوا بأن الجنوب وطن سيدافع عنه ويحميه أبناء الجنوب مهما كانت الظروف، وأن المجلس الانتقالي الجنوبي – بقيادة الرئيس الزُبيدي- يمثل الجنوب، وقضيته العادلة، وشعبها الأبي، ولا ممثل لهم غيره ” .
ردود أفعال
ورصدت صحيفة “الأمناء” ردود أفعال نشطاء سياسيين وصحفيين وإعلاميين وكتاب ونخب مجتمعية جنوبية على أي محاولات للالتفاف على قضية شعب الجنوب، وتطلعاته في استعادة دولته، وحذر الناشطون الجنوبيون خلالها من أن أي تجاوز لقضية شعب الجنوب، أو تجاهلها، أو حتى ترحيلها في إطار مسارات العملية السياسية ومباحثات الحل السلمي للأزمة من قبل المجتمعين الدولي والإقليمي، لن يقود لنجاح أي عملية سلام في البلاد، كون السلام مرهون بالجنوب، ولا سلام دون الجنوب.. وهذه خلاصتها:
محاولة إبعاد الجنوب عن المسار التفاوضي لن يُفضي إلى أي حلول
وكانت هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، الثلاثاء الماضي، قد عقدت اجتماعها الدوري برئاسة اللواء أحمد سعيد بن بريك نائب رئيس المجلس.
ووقفت الهيئة ، أمام آخر المستجدات المرتبطة بالعملية السياسية، محذرة من أن أي محاولة لإبعاد المسار الجنوبي عن العملية التفاوضية، أو تأجيل وتجاوز لقضية شعب الجنوب، أو محاولة إعادة إحياء مبادرات سياسية تجاوزها الواقع الذي تشكّل على الأرض، لن يُفضي إلى حلول تنهي الأزمة، بل سيزيدها تعقيدا.
شروط تعجيزية غير مقبولة
المحلل السياسي والعسكري العميد خالد النسي قال: “إن الحوثيين يتحدثون بمنطق المنتصر ضد الجنوبيين، وهم الوحيدون الذين هزموهم وأفشلوا مشروعهم ومرقوا أنوفهم بالتراب، وذلك من خلال وضع شروطهم لرعاة العملية السياسية من القوى الإقليمية والدولية، وأهمها تفكيك وتشتيت وإضعاف القوات المسلحة الجنوبية وتسليم المحافظات الغربية لهم مع أكثر من ٨٠٪ من موارد الجنوب، نحن نعلم أن هناك مشاورات تتمحور حول وضع الجنوب وأبنائه لا يعلمون شيئًا لكن في الأخير لا يستطيع أحد تمرير مشروع واحد على أرض الجنوب لا يتوافق مع أهداف شعبه”.
حوار ندي
الإعلامي الجنوبي صلاح بن لغبر قال: “سيحظى المجلس الانتقالي بفرصة ذهبية للتحلل من كل الالتزامات في حال لم تنفذ شروطه، وأراد أحدهم تجاوز الجنوب وقضيته في أي تسوية قادمة، ويمكن ببساطة أن ينسحب من مجلس القيادة والحكومة ويطلب من الإخوة الشماليين في (الشرعية) مغادرة أراضيه والذهاب إلى مأرب أو تعز، وليتفاوض الشماليون فيما بينهم على صيغة استسلام معينة للحوثي ولن يكون هناك عائق أمامهم”.
وأضاف بن لغبر: “ومن زاوية ما، كل الأطراف ستكون مستفيدة ، وبالتزامن ينفذ الانتقالي خطوات جادة نحو الاستقلال والسيطرة على كل أرض الجنوب ، وبعد أن يتفاوض الشماليون سيكون الخيار لهم، فإما أن يدخلون مع الجنوبيين في حوار ندي، أو يشنون غزواً جديداً باتجاه الجنوب، وفي الحالتين تلك المرحلة ستكون الفاصلة والجنوب وقيادته يستعدون جيداً للأمرين”.
الصحفي وضاح بن عطيه قال: “إذا كنتم تريدون إبعاد الجنوب من أي استحقاق في الإطار التفاوضي، وتمارسون الضغوط العبثية معتقدين أنكم تستطيعون لي ذراع المجلس الانتقالي، فأنتم واهمون لأن الانتقالي يمثل قضية وطن وهوية وسيادة ومصير يقف خلفها شعب عظيم اسمه شعب الجنوب فأنتم بهذه العقليات تجار حروب”.
وأضاف بن عطية: “شعب الجنوب مع استقرار المنطقة وفق قاعدة الحق، وهو ليس طرفاً في أي صراعات عبثية بين دول المنطقة، وليس للجنوبيين أي عداء مع أحد ، وهو صاحب الحق والسيادة على أرضه وثرواته”.
واختتم: “شعب الجنوب هو الذي قدم أكبر التضحيات في السنوات الماضية، لأن الحرب وقعت على أرضه، ومن يعتقد أنه سوف يفتح صراعاً لتقاسم ثروات الجنوب لكي ينجو، فهو واهم؛ لأن ثروات الجنوب لشعب الجنوب، وقد كانت وستكون سمًا لكل من يريد أن يلتهمها أو يتآمر عليها”.
هل يستطيع الانتقالي تعطيل المسار العماني؟
وقال الناشط السياسي والإعلامي عبدالله بن هرهرة: “أيام الحراك الجنوبي السلمي استطاعت القوى السياسية اليمنية التقليدية والأطراف الدولية في تمرير مشروع الأقاليم.. ولولا سيطرة الحوثي على صنعاء، ربما يتم تنفيذ المشروع وسوف يستمر الحراك الجنوبي في التعطيل ولكن بالطرق الناعمة السلمية”.
وأضاف: “والسؤال الأهم هنا: هل يستطيع الجنوبيون تعطيل المسار السياسي العماني السعودي الحوثي؟ نعم، بكل تأكيد، والأوراق كثيرة منها الوصول إلى آبار النفط والغاز والطاقة في حضرموت وشبوة، وليس بالتصريحات النارية في مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية، وتبقى ورقة الشارع الجنوبي هي الرقم الصعب والجوكر في ظل الموقف الأمريكي والغربي الجديد في المنطقة”.