ممارسات «الحوثي» تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن
تسببت ممارسات جماعة الحوثي في تعطيل فاعلية وقدرة الاقتصاد اليمني في ظل إصرارها على سياسة التجريف المتعمد الذي تمارسه ضد القطاعات الاقتصادية والتجارية، وبحسب إحصائيات رسمية صادرة عن الاتحاد العام للغرف التجارية في اليمن، فإن ممارسات الحوثي تسببت في تراجع الناتج الإجمالي للقطاع الخاص، والمحلي بشكل عام.
وفقد القطاع الصناعي خلال الفترة بين عامي 2015 و2020 نحو 73% من ناتجه، وبلغ معـدل التشغيل في القطـاع 12% من قدرته الإنتاجية، بينما بلغ معـدل التشغيل في القطاع الخاص 64% من قدرته الإنتاجية.
وأوضح المحلل الاقتصادي اليمني، ماجد الداعري، أن القطاع الاقتصادي أكثر قطاعات اليمن تضرراً من ممارسات جماعة الحوثي على مدى السنوات الـ9 الماضية، ما أسفر عن تداعيات إنسانية واقتصادية كارثية وخطيرة جداً، أبرزها ارتفاع معدلات الفقر بشكل غير مسبوق، وشل حركة المؤسسات الاقتصادية، وتراجع دورها الحيوي في الحفاظ على مقدرات الشعب، وتحويل اليمن إلى سوق سوداء تعاني فوضى عارمة.
وفي يونيو الماضي، حذر بيان صادر عن وزارة الصناعة في الحكومة الشرعية اليمنية من خطورة التداعيات الكارثية لمساعي جماعة الحوثي الرامية إلى إقرار تعديلات في التشريعات القانونية المنظمة للقطاع الاقتصادي وموارد الدولة، واستهدافها وتجريفها الممنهج للقطاع التجاري ومؤسساته لخدمة مصالحها الخاصة.
وأكدت وزارة الصناعة أن تعديلات الحوثي على قوانين ضرائب الدخل والجمارك والبنوك تفرض مزيداً من القيود على حركة التجارة والاستثمار وتدفق السلع والبضائع، ما يودي إلى عواقب كارثية على ركائز الاقتصاد وأوضاع الشعب المعيشية.
وقال الداعري في تصريحات لـ«الاتحاد»: «إن جماعة الحوثي لا تهتم باستقرار الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للشعب اليمني، ولا يشغلها إلا تحصيل أكبر قدر ممكن من الأموال والموارد لتمويل ما يُعرف بالمجهود الحربي»، مشيراً إلى أنها تحقق موارد هائلة من وراء الأسواق السوداء التي تُديرها، إضافة إلى الجبايات والضرائب والرسوم الجمركية التي تفرضها بين الحين والآخر على التجار وشركات القطاع الخاص.
وفرضت جماعة الحوثي، خلال سبتمبر الحالي، المزيد من الرسوم الضريبية والجمركية الجديدة على التجار والقطاع الخاص، وتوسيع فئة كبار المكلفين بالضرائب من الشركات الصغيرة والمحال التجارية، في مقابل منح إعفاءات للتجار الموالين لها، ما شكل تهديداً صريحاً للاقتصاد اليمني عبر إنهاك القطاع الخاص.
ومن جانبه، أوضح المحلل السياسي اليمني، عيضة بن لعسم، أن هناك إصراراً حوثياً على خنق الشعب اليمني عبر ممارسات اقتصادية أدت إلى تفاقم أزمات الفقر وانعدام الأمن الغذائي، وهو ما جعل شبح المجاعة يطارد الملايين من أبناء الشعب اليمني.
وقال بن لعسم في تصريحات لـ«الاتحاد»، إن جماعة الحوثي تمارس مخططاً ممنهجاً لتعطيل فاعلية الاقتصاد الوطني، وفي هذا الإطار تأتي محاولاتها الدائمة لفرض العديد من القيود أمام حركة تصدير المشتقات النفطية التي تمثل مصدراً رئيسياً لإيرادات الدولة اليمنية.
وتسببت هجمات عدة نفذتها جماعة الحوثي على الموانئ النفطية في محافظتي حضرموت وشبوة جنوب في توقف صادرات اليمن من النفط الخام منذ أكتوبر 2022، ما فاقم الأزمة الاقتصادية التي يشهدها اليمن، إذ إن 70% من تمويل الموازنة العامة يعتمد على صادرات النفط الخام التي تُعد أهم مصدر لإيرادات الحكومة.
من جانبه، يرى الملحق اليمني السابق لشؤون المغتربين في مصر وشمال أفريقيا، إبراهيم الجهمي، أن ممارسات الحوثي أدت إلى إغلاق العديد من شركات القطاع الخاص، إضافة إلى هروب الاستثمارات الأجنبية، ما تسبب في خسائر فادحة للاقتصاد. وتشير بعض الإحصائيات إلى هروب ما يزيد على 90% من الاستثمارات الأجنبية في اليمن، إلى جانب قيام العديد من رجال الأعمال بسحب أموالهم في المصارف المحلية وتحويلها إلى الخارج بحثاً عن بيئة استثمارية آمنة.
وطالب الجهمي، في حديثه لـ«الاتحاد»، المنظمات الدولية، بممارسة ضغوط على الحوثي حتى تتوقف عن ممارساتها الاقتصادية التي خلقت أكبر أزمة إنسانية يعيشها اليمن في تاريخه، لاسيما أن الأزمة مرشحة للتفاقم في ظل إصرار الجماعة على تخريب الاقتصاد اليمني.