تداعيات خطيرة لهجمات مليشيات الحوثي على إسرائيل
تداعيات خطيرة لهجمات مليشيات الحوثي على إسرائيل، قد تهدد بجر اليمن إلى دوامة عنف جديد وحرب هي الأوسع، رغم انخفاض تأثير هذه الهجمات وما تحمله من رسائل سياسية.
وكانت مليشيات الحوثي أطلقت للمرة الثالثة “طائراتها المسيرة وصواريخها الباليستية باتجاه إسرائيل انطلاقا من سواحلها في البحر الأحمر كساحة مواجهة بعيدة توجد في أقصى قدرات إسرائيل الاستخباراتية”، وفقا لمراقبين.
وتضع الهجمات الحوثية اليمن على طاولة رسم الخرائط الدولية باعتبار المليشيات عضوا فيما يسمى “محور المقاومة”، وهذا ما أكده مسؤول إسرائيلي بأن “هجمات الحوثيين لا يمكن التسامح معها دون تقديم تفاصيل عن الرد الإسرائيلي”.
فيما قال مدير الاستخبارات الأمريكية إن “أفعال حماس وحلفائها ستوعز بتهديدات لم تر منذ دشن تنظيم داعش قبل سنوات”.
تسلسل الهجمات
والثلاثاء، أطلق الحوثيون دفعة جديدة من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة على مدينة إيلات جنوب إسرائيل قبل أن يعلن الجيش الإسرائيلي أنه استخدم نظام الدفاع الجوي السهم “آرو” للمرة الأولى لاعتراض هذه الهجمات.
والجمعة الماضي، قالت مصادر أمنية في اليمن لـ”العين الإخبارية”، إن “الطائرات المسيرة الحوثية التي انطلقت باتجاه إسرائيل وسقطت في مصر انطلقت من مديرية اللحية الواقعة شمالي محافظة الحديدة غربي اليمن”.
والخميس 19 أكتوبر/تشرين الأول، كشفت مصادر أمنية في اليمن لـ”العين الإخبارية”، أن “مليشيات الحوثي أطلقت أكثر من 10 طائرات مسيرة وأكثر من 3 صواريخ من مزارع (الجر) في مديرية عبس غربي محافظة حجة باتجاه إسرائيل قبل أن تتصدى لها بارجة أمريكية بالبحر الأحمر”.
وأقرت مليشيات الحوثي بتنفيذ هذه الهجمات، مشيرة إلى أنها ستستمر في “تنفيذ المزيد من الضربات النوعية بالصواريخ والطائرات المسيرة حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي على غزة”.
انخراط رسمي في الحرب
ويرى خبراء يمنيون أن هجمات مليشيات الحوثي تحمل رسائل سياسية أكثر من كونها عسكرية إثر تأثيرها المنخفض على إسرائيل، مشيرين إلى أن “الضربات الحوثية ستصبح أخطر حال استمرارها”.
وقال رئيس مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية في اليمن ماجد المذحجي إن “مسار هذه الضربات الحوثية يعد انخراطا رسميا في الحرب التي تدور بين حماس وإسرائيل”.
وحول توقيت الهجوم، أكد المذحجي لـ”العين الإخبارية”، أنه “يتزامن مع ما قاله وزير الخارجية الإيراني إنه إذا حدث غزو بري لغزة فإن المقاومة سترد وكان هذا في بداية الأزمة وقد بدأ وأن الرد الحوثي وكأنه يتكيف مع هذا التوقيت”.
وأشار إلى أنه في المجمل فإن “تداعيات الهجمات الحوثية تعتمد على مدى توالي هذه الهجمات”، لافتا إلى أن “هجمات مليشيات الحوثي لا تزال هي رسائل سياسية أكثر من كونها عسكرية لأن التهديد لا يزال منخفض الشكل”.
ووفقا للمذحجي، فإن هجمات مليشيات الحوثي ستصبح أخطر “في حال قام الحوثيين باستهداف المصالح الأمريكية في جنوب البحر الأحمر أو مواقع واشنطن في المنطقة”.
وأوضح أن “هجمات مليشيات الحوثي على مواقع أمريكية في المنطقة هو ما سيجر اليمن إلى الحرب الأوسع وسيجعل حرب غزة تبشر بمعضلة إقليمية حقيقة تتعدى الدائرة التقليدية فيها”.
من جهته، قال رئيس تحرير صحيفة الثوري التابعة للحزب الاشتراكي اليمني سابقا خالد سلمان إنه في “الأدبيات الأمريكية حين يقتل الحوثي الشعب اليمني فهو طرف سياسي قابل للتفاوض، لكنه حين يرسل مفرقعاته نحو إسرائيل فهو عضو محور الشر وخطر مميت”.
وعن طبيعة هجمات مليشيات الحوثي على إسرائيل، قال سلمان في حديثه لـ”العين الإخبارية”، إنه من “هنا ينتقل اليمن من خلفية التطورات المتلاحقة كقضية ثانوية، إلى صدارة القضايا الواجب حسمها بقوة وبلا تردد”.
وأضاف: “نحن أمام رؤية جديدة تجعل مبادرات احتواء الحوثي عبر التسوية، خلف ظهر التطورات المتسارعة للأحداث”.
واعتبر سلمان أن رسائل الحوثي الصاروخية “قطعت كل الآمال التي تم تسويقه بها ككيان حكم يمكن مساعدته، لإدماجه في المنطقة، والتعايش معه بلا خضات حروب، أو نزق طائفي أو ارتهان بالمطلق للخارج، حد التماهي بالتفاصيل مع المشاريع غير العربية”.
التداعيات
في السياق، قال القيادي في المجلس الانتقالي في اليمن سيلان حنش الباراسي إن “الضربات الحوثية على إسرائيل جزء من استعراض القوة إذ توحي للعالم الخارجي والإقليمي بأنها تملك منظومة صاروخية قادر على ضرب أي منطقة”.
وبحسب سيلان في حديث لـ”العين الإخبارية”، فإن الضربات الحوثية على إسرائيل “تستهدف استدعاء التعاطف الشعبي لتقوية جبهته الداخلية التي تنهار يوما بعد يوم وهو مدرك تماما أن هذه الضربات غير مجدية نهائيا من خلال عدم فاعليتها في إحداث أي ضرر في أي مكان حيوي لإسرائيل”.
وأضاف مستدركا: “بالفعل يستثمر الحوثيون هذه الهجمات لزيادة التعاطف الشعبي وللتغطية على إخفاقاتهم في حل المشاكل الداخلية”.
وعن تداعيات الهجمات، قال سيلان إنها “ستجر المنطقة إلى صراع إقليمي يهدف منه خلط الأوراق وإدخال اليمن في دوامة صراعات إقليمية لصالح إيران”.
وأوضح أن هذه “الضربات هي مناورات لبدء صراع إقليمي الهدف منه إشعال المنطقة ككل ويدرك الحوثي تماما أن هذه الضربات هي للضحك على الشعب اليمني الذي يقتله الحوثي كل يوم ويرسل الموت لكل بيت في اليمن وجاء اليوم ليركب موجة القومية العربية والإسلامية وهو منها براء” .
وأشار إلى موقع اليمن الاستراتيجي المطل على البحر الأحمر “وهو موقع لكثير من الدول الكبرى مصلحة كبيرة في استقراره وعدم إشعاله وجعله بؤرة توتر لكن الحوثي له وجهة نظر مختلفة فهو يدرك تماما مدى قوة وسيلة الضغط هذه ليستخدمها لصالح تنفيذ أجنداته التوسعية في اليمن”.
وأكد أن الضربات الحوثية سوف “تستدعي التدخل الدولي في اليمن لوقف هذه الضربات وزيادة التوتر في المنطقة”.
واتفق مع ما قاله حنش، رئيس مجلس شباب سبأ في اليمن خالد بقلان الذي أكد لـ”العين الإخبارية”، أن “دخول الحوثي ساحة المواجهة يأتي إثر وقوعه في أقصى قدرات إسرائيل الاستخباراتية وبهدف تجنيب حزب الله المعركة والحرج”.
وبحسب بقلان فإن “هجمات الحوثي مؤشر على رغبة الحوثي بإعادة الحرب في الداخل اليمني وعلى الحدود وأيضا في البحر الأحمر، وإشعال حرب مع التحالف والمجلس الرئاسي في جبهات القتال وترويجها كمعركة مع إسرائيل وتأليب العامة من الناس ضد الحكومة الشرعية وحلفائها”.
وأشار إلى أن “الهدف الحوثي الرئيسي من الهجمات يكمن في استثمارها محليا للتمدد في كل الأراضي والمياه اليمنية وبالتالي تحويلها قاعدة متقدمة أخرى على غرار حزب الله”.
ويعتقد بقلان أنه “سيسبق الحرب إعادة تصنيف واشنطن لمليشيات الحوثي كمنظمة إرهابية لتنطلق عمليات عسكرية برية وبحرية قادمة مع الحوثي ولن يكون لإسرائيل بالطبع أي شراكة في الحرب المقبلة الذي سيخوضها اليمنيون”.