القصة الكاملة لاحتجاز الحوثيين للسفينة والتأثيرات المحتملة على الأمن البحري
عززت واقعة احتجاز الحوثيين لسفينة شحن في البحر الأحمر، المخاوف من مدى تأثير تلك الأحداث وما يرتبط بها من تهديدات مُتكررة باستهداف السفن التي يُعتقد بكونها “إسرائيلية”، في خطٍ متوازٍ مع تصاعد المخاطر الجيوسياسية التي أزكتها الحرب في غزة منذ السابع من شهر أكتوبر الماضي.
والسفينة “غالاكسي ليدر” مملوكة لشركة “راي كار كاريرز” ومقرها جزيرة مان، وهي وحدة تابعة لشركة “راي شيبينغ” المسجلة في تل أبيب، ويشار إلى كونها مرتبطة برجل الأعمال الإسرائيلي رامي أونغر.
وفيما نفت إسرائيل وجود أي من مواطنيها ضمن الطاقم، إلا أن البيان الصادر عن الحوثيين وصف السفينة التي تم اقتيادها إلى ميناءغربي اليمن بكونها “إسرائيلية”.
وبينما جدد الحوثيون خلال الأسابيع الماضية تهديدات باستهداف السفن المرتبطة بإسرائيل، فإن تصاعد تلك التوترات من شأنه أن يثير مزيداً من المخاطر في هذا المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية بالنسبة للتجارة العالمية، بما في ذلك تأثيرات محتملة على أسواق النفط وكلفة الشحن وعلاوة المخاطر، فيما يخص الأمن البحري في المنطقة.
فإلى أي مدى يُمكن أن تصل تداعيات تلك التطورات الحالية والمحتملة في هذا السياق لجهة التأثير الاقتصادي وتهديد الممرات المائية المهمة التي تمثل عصب حركة التجارة؟.
القصة الكاملة لاحتجاز السفينة
احتجزت جماعة الحوثي، سفينة شحن مملوكة لبريطانيين، يديرها يابانيون في جنوب البحر الأحمر، طبقاً لما أعلنته إسرائيل، الأحد. كما أعلنت شركة “نيبون يوسين” اليابانية، التي تدير “غالاكسي ليدر” عن أنه تم احتجاز سفينة حاملة للسيارات في البحر الأحمر.
تشير البيانات الإسرائيلية إلى أن السفينة المذكورة يمتلكها بريطانيون، وتُدار من قبل يابانيين، وقال مكتب نتنياهو إنه “لا إسرائيليين بين طواقمها”.. لكن بياناً للحوثيين ذكر أنه تم احتجاز سفينة شحن “إسرائيلية” جنوبي البحر الأحمر وتم اقتيادها إلى ميناء غربي اليمن.
على متن السفينة 25 فرداً من جنسيات مختلفة، من بينهم أوكرانيين وبلغاريون وفلبينيون ومكسيكيون، بحسب البيانات الإسرائيلية.
حذرت إسرائيل من أن تلك الواقعة التي وصفتها بـ “العمل الإرهابي الإيراني” ستكون لها تداعيات على الأمن البحري الدولي.. فيما نفت طهران -على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية، ناصر كنعاني، في مؤتمر صحافي الاثنين- تورطها في الأمر.
على الجانب الأميركي، أعلن مسؤول عسكري، عن دراية بلاده بالوضع، واكتفى بالقول: “نحن على علم بالوضع ونراقبه عن كثب”، بحسب رويترز.
ناشدت الحكومة اليابانية، الاثنين، السعودية وعُمان وإيران، من أجل إنقاذ طاقم السفينة المحتجزة لدى الحوثيين.
أبرز التداعيات المحتملة حال تواصل التصعيد
من باريس، يشير خبير اقتصادات الطاقة، نهاد إسماعيل، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن:
“القرصنة الحوثية” للسفن التي تستخدم البحر الأحمر ليست جديدة، حيث استهداف ناقلات النفط والسفن التجارية، وقصف منشآت نفطية (..).
هذه العمليات لها تداعيات خطيرة اقتصادياً وسياسياً.
لا يمكن تجاهل التأثير السلبي على اقتصادات الدول المحاذية للبحر الأحمر، وهو ممر بحري هام للتجارة العالمية ونقل الغاز والنفط.
السعودية ومصر والأردن يتكبدون خسائر إذا تم تعطيل الملاحة، علاوة على خسائر قطاع السياحة، وأيضاً ازدحام السفن في الموانىء.
اضف إلى ذلك صعود وتيرة مخاطر العلاوة الجيوسياسية التي ترفع أسعار النفط والغاز، وكذلك تكلفة الشحن البحري والتأمين البحري.
كما يدفع ذلك إلى تجنب شركات الشحن البحر الأحمر وتلجأ لاستخدام طرق بحرية بديلة، مما يرفع التكاليف ويبطئ وصول البضائع والمواد المنقولة بحراً، ما يعني تعطيل سلاسل الإمداد البحري واللوجستيات.
سفينة غالاكسي لييدر
ويوضح أنه بخصوص الحادث الأخير المتعلق باختطاف سفينة غالاكسي لييدر، فإنه قد أعطى إشارة للمخاطر المحتملة، رغم أن تأثير اختطاف السفينة كان ضئيلاً ووجيزاً.
ويضيف خبير اقتصادات الطاقة: “الخوف الأكبر هو سيناريو إغلاق مضيق باب المندب أمام الملاحة وناقلات النفط والغاز، وإذا حدث ذلك سنرى تصاعداً في علاوة المخاطر وسعر نفط فوق 125 إلى 140 دولاراً للبرميل وصعوبة في الحصول على خدمات التأمين بسبب المخاطر”.
ويشدد على أن تكلفة التأمين البحري منذ الحرب في أوكرانيا ارتفعت حوالي 25 بالمئة وقد تتضاعف إذا تكررت الاعتداءات والقرصنة في البحر الأحمر، وقد نرى تدخلاً عسكرياً أميركياً ليس فقط ضد الحوثيين بل أيضاً ضد إيران (..).
ويشار إلى أن متحدثاً باسم الحوثيين، قد هدد الأحد، بأن جماعته “سوف تستهدف جميع السفن التي تملكها أو تديرها شركات إسرائيلية أو ترفع العلم الإسرائيلي”.
كما سبق وأن هدد زعيم الحوثيين، قبل أسبوع، بأن قواته سوف تشن المزيد من الهجمات على إسرائيل ويمكنها استهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
كيف تتأثر إسرائيل؟
من جانبه، يقول الباحث الاقتصادي المتخصص في شؤون النفط والطاقة، عامر الشوبكي، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن حادثة احتجاز السفينة في البحر الأحمر وتبني الحوثي في اليمن لهذه العملية والتهديدات المستمرة باحتجاز سفن إسرائيلية، هي عوامل من شأنها رفع هوامش النفط وعلاوة المخاطر وعقود التأمين على السفن التي تبحر في أحد أهم ممرات العالم البحرية وأكثرها ازدحاماً (..).
ويتحدث الشوبكي في السياق نفسه عن المخاطر التي ينبئ بها التصعيد في هذه المنطقة، وفي ظل التهديدات الراهنة، بالإشارة إلى أن:
هذه التداعيات المتوقعة ترفع الـ Risk premium (علاوة المخاطر أو نسبة العائد الذي يطلبه المستثمر مقابل الاستثمار في أصل معين كتعويض عن تحمله للمخاطر المرتبطة به).
كذلك من شأن تصاعد تلك المخاطر رفع تكلفة التأمين على السفن الناقلة للنفط التي تستخدم البحر الأحمر.
التهديدات سوف تتضح أكثر في الأيام المقبلة.. وهذا في التأكيد قد يضيف أعباءً إضافية على سعر النفط على المستهلك النهائي، وبما قد يعيق أيضاص جهود خفض معدلات التضخم في الاقتصادات المتأثرة.
الأثر سيكون بشكل كبير على إسرائيل تحديداً، التي تتلقى بعض المواد الغذائية عن طريق إيلات عبر البحر الأحمر وتتلقى بعض شحنات النفط من خلاله، ومع مخاطر رسو السفن في ميناء عسقلان القريب من غلاف عزة على البحر الأبيض المتوسط.
ويشار إلى أن حجم واردات إسرائيل من النفط من إجمالي التجارة العالمية للنفط يصل إى 0.3 بالمئة، وهو ما دفع محللين إلى التقليل من أثر ما يمكن أن تواجهه إسرائي لمن إشكالات فيما يتعلق بالنفط على الاقتصاد العالمي.
المصدر