هل تدفع الاوضاع السياسية والاقتصادية نحو اعلان دستوري في المناطق الجنوبية
أكد محمد جمال الشعيبي، أستاذ الاقتصاد السياسي بجامعة عدن، أن الاقتصاد اليمني في المناطق المحررة يقترب من حافة الانهيار بعد أن اقترب سعر الريال من 1500 مقابل الدولار الواحد، وهو ما يشكل انهيارا كبيرا.
وقال الشعيبي في تصريح، إن ذلك يأتي: “في ظل اعتماد البلاد اعتمادا كاملا على الاستيراد الخارجي للسلع والخدمات والتي تستحوذ على أغلب النقد الأجنبي داخل البلد”.
وأضاف: “بالطبع كنا نتوقع تلك الحالة التي وصلنا لها، وما زاد من حدة هذه الأزمة، توقف صادرات اليمن من النفط والغاز في الفترة الأخيرة نتيجة لتعرض موانئ التصدير للهجمات الحوثية، حيث كانت هذه الصادرات تساعد في مد البلاد بالنقد الأجنبي”.
وتابع الشعيبي: “يمكن القول أن الأوضاع الاقتصادية قد تفاقمت بشكل كارثي في ظل تأكل القيمة الشرائية للعملة المحلية وانخفاض القدرة الشرائية للدخول المكتسبة بفعل التضخم وعدم زيادة الأجور”.
وأشار إلى أن أصحاب الدخول الثابتة في اليمن هم المتضرر الأكبر من هذا الانهيار، مدللا على ذلك بقوله: “على سبيل المثال كان راتب الأستاذ الجامعي في العام 2014 قبل اندلاع الحرب يقدر بنحو 240 ألف ريال يمني أي ما يعادل 1150 دولارا في ذلك الوقت، أما اليوم وفي ظل الانهيارات المتتالية والأزمات المتكررة التي يتعرض لها الاقتصاد والمواطن اليمني في ظل ثبات مقدار الدخل الذي يحصل عليه بنفس المعدل السابق دون أي تغيير، وفي ظل تدهور قيمة العملة المحلية وارتفاع المستوى العام للأسعار، فقد أصبح راتب الأستاذ الجامعي اليوم لا يساوي أكثر من 160 دولارا، وهذا يعني أن الأوضاع في اليمن أصبحت سيئة جدا ولم يعد المجتمع قادرا على تحمل أعباء هذه الحرب بجميع اتجاهاتها سواء العسكرية أو الاقتصادية أو غير ذلك”.
وحول الأوضاع في صنعاء حيث تسيطر جماعة الحوثي يقول الشعيبي: “إذا نظرنا إلى الوضع الاقتصادي في صنعاء والمحافظات الشمالية الواقعة تحت سلطات الانقلاب غير المعترف به دوليا وحتى لا نكون مبالغين، فإن الأوضاع هناك أيضا الى الأسوأ حتى وإن بدا الأمر مغايرا”.
واستدرك بقوله: “قد يقول قائل إن أسعار الصرف هناك ثابتة ومستقرة عكس المناطق المحررة، إذ إن الدولار الواحد يعادل نحو 530 ريالا من الطبعة القديمة من العملة المحلية التي تتعامل بها سلطات الانقلاب في ظل منعها لتداول الطبعة الجديدة”.
وتابع الأكاديمي اليمني: “هذا الاستقرار ليس ناتجا عن وضع اقتصادي مستقر، بل عكس ذلك تماما، إذ أن المواطن اليمني الذي يعمل في المناطق المحررة ويعول أسرة في المناطق غير المحررة إذا أراد أن يرسل المال إلى هناك عليه أن يتحمل فارق السعر بين العملتين فقد يدفع عمولة تحويل تفوق المبلغ الذي يرغب في تحويله، ومنطقيا كلما زاد الاقبال على شراء النقد الأجنبي وبيع الريال اليمني فسوف يؤثر ذلك على قيمة الريال بالانخفاض”.
ولفت الشعيبي إلى أن غالبية المنظمات الدولية العاملة في مجال الإغاثة والتغذية، بما فيها هيئات وصناديق تابعة للأمم المتحدة “تتواجد في مناطق سيطرة الانقلاب، وهذا الأمر يساعد في توفير جزء من الأمن الغذائي للمواطنين هناك وخفف من شبح الانهيار”.
وخلص أستاذ الاقتصاد السياسي إلى أن الوضع الإنساني والاقتصادي في اليمن شمالا وجنوبا يتجه من سيئ إلى أسوأ، ما لم يتم تدارك الأمر والعمل على إيجاد حلول عاجلة وجدية لهذا الوضع المتأزم.
واستعرض الشعيبي عددا من الإجراءات لمنع الانهيار، منها استعادة تصدير النفط والغاز وتوريد المتحصلات للبنك المركزي في عدن، وتوحيد الأوعية الإيرادية السيادية وربطها في الخزانة العامة والحد من الواردات غير الضرورية وتقليص السلع الكمالية، بالإضافة إلى ضرورة وفاء الدول المتعهدة بتقديم مساعدات لليمن، والإسراع في إيجاد آلية عمل يتم من خلالها إعادة توحيد الجهاز المصرفي في اليمن وضمان استقلاليته بعيدا عن الاستغلال من أطراف الصراع.