اخبار محليةعدن تايم

تعددت الأسباب.. ما الذي يدفع اليمنيين للانتحار؟


تتحول ظروف اليأس في المجتمع اليمني إلى حافز قاتل يدفع المئات من مختلف الفئات العمرية للإقدام على إنهاء حياتهم الشخصية، في ظل غياب التدخلات العاجلة من المجتمع والدولة للحؤول دون ذلك.
وسجلت وزارة الداخلية اليمنية، مؤخرًا، 148 حالة انتحار في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، خلال العام الماضي، فضلًا عن 23 حالة شروع بالانتحار.
ويشير التقرير الحكومي المرتبط بالجزء الأكبر من البلاد، إلى أن ضعف الوازع الديني والأخلاقي كان سببًا في معظم الحالات، إلى جانب الأمراض والعاهات النفسية، ووجود الخلافات الأسرية.
وكانت ميليشيات الحوثيين أعلنت، في العام 2020، تسجيل 340 حالة انتحار في مناطق سيطرتها شمال البلاد، قبل أن تقرر عدم استعراض مثل هذه البيانات خلال الأعوام التالية.
وجاءت اليمن في المرتبة الثالثة على قائمة أكثر البلدان العربية بمعدلات الانتحار، خلف مصر ثم السودان، بعد تسجيلها 2335 حالة انتحار، خلال العام 2016، وفق تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية.
*تعدد الأسباب*
ويرى أستاذ علم الاجتماع في جامعة عدن الدكتور فضل الربيعي، أن “ظاهرة الانتحار لها أسبابها النفسية والبيئية المتعلقة بالأوضاع، كوضع الأسرة مثلًا وشخصية المنتحر، ومدى عزلته أو اندماجه في المجتمع”.
وفسّر الربيعي، في حديثه لـ”إرم نيوز”، انتشار هذه الظاهرة خلال الفترة الحالية، بأنها “أمر متوقع وطبيعي في ظل الحروب وما تلاها من تداعيات أمنية واقتصادية، وهي فترات تزداد فيها مثل هذه الحالات بسبب التأثيرات التي تتركها الحروب على الناس، كالحالات النفسية التي تقود البعض إلى الانتحار”.
وقال إن “تأثيرات العنف تجعل البعض يألف القتل حتى وإن كان ضد نفسه، ولربما قد يلجأ آخرون إلى مثل هذا السلوك رغبة في إنهاء دوامة العنف التي يعيشونها، أو لأسباب مرتبطة بتأنيب الضمير نتيجة لموقف خاطئ ارتكبوه أو ذنب ما في بعض الحالات”.
وتطرق الربيعي إلى انتشار ظاهرة المخدرات، خاصة مادة “الشبو” الخطيرة، التي قال إنها “قد تكون سببًا كبيرًا في تزايد حالات الانتحار، إلى جانب بعض العوامل الأخرى المرتبطة بالإدمان بأنواعه المختلفة”.
وأضاف أن “قلة الوعي لدى الأفراد لمخاطر العزلة الاجتماعية، وضعف الوازع الديني، رغم مجتمعاتنا الإسلامية والمحافظة خاصة في بلادنا، يجعلان المقبلين على الانتحار في حالة غير طبيعية، ليست بعيدة عن الاختلال الذهني”.
*ضغوط نفسية*
ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن عدد اليمنيين الذين يعانون من الصدمات النفسية والإجهاد الناجم عن النزاع المستمر، يصل إلى 7 ملايين شخص، أي ما يقارب ربع سكان اليمن.
ويقول مدير مركز “أوكسجين حياتك” للصحة النفسية والعلاج الطبيعي، محمد إسماعيل، إن “الضغوط والاضطرابات النفسية قد تقود إلى الانتحار، وإن هناك علاقة وطيدة بين الانتحار والاكتئاب من الدرجة الثالثة أو ما يسمّى بالاكتئاب السوداوي “إذ يصبح الشخص المصاب بهذا النوع غير قادر على مواكبة الحياة ولا يستطيع الاستمتاع بها، وبالتالي يفقد شغفه في متعة العيش، ويفقد اتصاله بالمجتمع والآخرين، بل حتى اتصاله مع ذاته، وهنا يلجأ إلى الانتحار”.
وأضاف إسماعيل، في حديثه لـ”إرم نيوز”، أن “ثقافة السلاح المنتشرة في أوساط المجتمع اليمني، تسهّل طريق الانتحار عبر وسيلة متاحة وفي متناول الجميع، دون اللجوء إلى وسائل أخرى مقعدة”.
وشكك الإخصائي النفسي في مدى دقّة الأرقام التي أشارت إليها وزارة الداخلية اليمنية، التي قال إنها “قد تكون مرتبطة بالبلاغات المقدمة”.
ورجح أن تكون الأرقام أكبر بكثير، خاصة أن شريحة اليمنيين المصابين بالاضطرابات النفسية كبيرة، نتيجة لأوضاع الحرب التي يعانيها البلد وتداعياتها المنعكسة على مختلف مجالات الحياة، فضلًا عن أن الكثير لا يتلقون العلاجات اللازمة إما بسبب قلة الوعي أو خشية من نظرة المجتمع للمريض النفسي، ولذلك تتفاقم حالة الكثيرين وتوصلهم إلى إنهاء حياتهم.
*موارد الرعاية*
ومع تزايد الصدمات والضغوط نتيجة للعنف، والنزوح، والبطالة، والجوع، والفقر؛ ترتفع حاجة اليمنيين إلى رعاية صحية نفسية، في ظل نقص الموارد، وتدهور المستشفيات المتخصصة البالغ عددها 5 مستشفيات حكومية، و3 أخرى أهلية في مختلف محافظات البلد.
وقال الوكيل المساعد لقطاع السكان في وزارة الصحة العامة، الدكتور عبد الرقيب الحيدري، إن الوزارة تبذل جهودًا كبيرة من أجل تحسين الوضع الصحي، خاصة فيما يتعلق ببرنامج الصحة النفسية الذي أنشأته من الصفر، إلى جانب مطالبتها باعتماد دبلوم الصحة النفسية التخصصي لأطباء الطب النفسي.
وذكر في تصريح خاص لـ”إرم نيوز”، أنه تم فتح حوالي 17 وحدة صحة نفسية جديدة في المستشفيات والهيئات خلال العام الماضي، لتقديم الرعاية لكثير ممن تعرضوا لصدمات نفسية بسبب الحرب أو نتيجة لظروف الاعتقال والسجون.
وأشار الحيدري إلى جملة من الخطوات الأخرى التي تقوم بها وزارة الصحة بالتعاون مع شركائها لمواجهة هذا التحدي عبر عدة برامج، تشمل: التوعية والتثقيف، وزيادة قدرة المستشفيات والمراكز الصحية على تقديم الخدمات النفسية، وتوفير العلاج للمرضى، وتدريب الكوادر الصحية بما يعزز كفاءتهم.
وطبقًا للمسؤول الحكومي، فإن الوزارة تسعى إلى إصلاح القوانين والسياسات المتعلقة بالصحة النفسية، لضمان توافر الخدمات اللازمة، وتحسين الرعاية للمرضى، عبر تشريعات تحمي حقوقهم، وتعزز من الخدمات النفسية المناسبة.
وأضاف أن هناك تعاونًا مع المنظمات غير الحكومية المعنية بالصحة النفسية لتعزيز توافر الخدمات والبرامج، إضافة إلى مساعي الوزارة بالشراكة مع الهيئات والمؤسسات الصحية لتشجيع البحث العلمي في هذا المجال.
إرم نيوز


المصدر

جوجل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى