حرب غزة.. ذريعة للحوثيين لانهاء بوادر السلام التي تلوح في الأفق
بعد بوادر ازدادت وتيرتها خلال العام الماضي، بشأن إمكانية التوصل إلى سلام ينهي المعاناة التي يعيشها اليمن منذ نحو 8 سنوات، وتحديدا منذ انقلاب الحوثيين الموالين لإيران على الحكومة ، اندلعت الحرب بين حركة حماس في قطاع غزة وإسرائيل، لتجر معها المنطقة إلى توترات إقليمية زادت المشهد تعقيدا وأثرت على فرص السلام هذه.
وخلال العام الماضي، قبل إقدام الحوثيين على مهاجمة السفن في البحر الأحمر بذريعة دعم الفلسطينيين في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس، كان اتفاق “السلام” بين اليمن والتحالف الذي تقوده السعودية يلوح في الأفق، لكن مع ما يحدث من توترات أمنية، تتضاءل الفرصة يوما بعد يوم.
المبعوث الأميركي الخاص لليمن، تيم ليندركينغ، بدأ مؤخرا جولة إلى منطقة الخليج، لبحث سبل التخفيف من التوترات الإقليمية، ووضع حد لهجمات الحوثيين التي تقوض حرية الملاحة، وتعرقل إحراز التقدم في عملية السلام في اليمن.
وأكد بيان للخارجية الأميركية، أن واشنطن “تعمل بشكل وثيق.. لدعم جهود السلام برعاية الأمم المتحدة، والتخفيف من الأزمتين الإنسانية والاقتصادية المعقدتين، اللتين تثقلان كاهل الشعب اليمني”.
ويجدد ليندركينغ في لقاءاته بمسؤولين في المنطقة، “تركيز” واشنطن على “ضمان تحقيق السلام الدائم للشعب اليمني”.
ويقول محللون تحدثوا لموقع “الحرة”، إن مسار السلام في اليمن قد لا تظهر ملامحه بشكل واضح “إلا بعد انتهاء الحرب في غزة”، وهذا ما يؤكد أهمية الجهود الأميركية في “التهدئة في الشرق الأوسط، واتباع مسار حل الدولتين في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”، لقطع الطريق أمام من يستخدم النزاع كذريعة لـ”تفجير حروب أخرى في المنطقة”.
وقال السفير الأميركي في اليمن، ستيفن فاغن، في منشور عبر منصة إكس: “تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية سيدخل حيز التنفيذ نهاية الأسبوع المقبل، إذا لم توقف الميليشيا هجماتها على السفن”.
وأسفرت جهود الوساطة بين الحوثيين والسعوديين عن “خارطة طريق غير رسمية” لنحو 3 أعوام، وهو ما تأمل الأمم المتحدة أن يصبح أساسا لحل طويل الأمد ومستدام للصراع، بحسب ما نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، عن مسؤوليين أميركيين وسعوديين ويمنيين ومسؤولين من الأمم المتحدة، في تقرير سابق لها.
وأشارت الصحيفة إلى أن المحادثات كانت تتجه نحو المزيد من النجاح هذا العام، لكن “الحرب في غزة تهدد بقلب المفاوضات الحساسة بين أطراف الصراع”.
واندلع النزاع في اليمن عام 2014، مع سيطرة الحوثيين على مناطق شاسعة في شمال البلاد، من بينها العاصمة صنعاء. وفي العام التالي، تدخلت السعودية على رأس تحالف عسكري دعماً للحكومة الشرعية في اليمن، مما فاقم النزاع الذي خلف مئات آلاف القتلى. وتراجعت حدة القتال بشكل ملحوظ منذ إعلان هدنة في أبريل 2022.
توترات البحر الأحمر وفرص السلام
محمد الباشا، كبير محللي الشرق الأوسط لدى مجموعة “نافانتي” الاستشارية الأميركية، قال إنه رغم “الاختراقات التي حققتها المفاوضات” مع السعودية، والتي لعبت فيها سلطنة عُمان دورا مهما خلال الفترة السابقة، فإن “التوترات الإقليمية تلقي بظلالها على فرص السلام في اليمن”.
وقال في حديث لموقع “الحرة”، إن مفاوضات السلام كانت قد توصلت لـ”رؤى لحلحلة الأزمة، لا سيما بعد المفاوضات بين الرياض وصنعاء، والتوافق على خارطة طريق لحل أزمة اليمن”.
وأواخر عام 2023، أعلن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أن طرفي النزاع في اليمن “التزما بالانخراط في عملية سلام” تقودها الأمم المتحدة، كجزء من خريطة طريق لإنهاء الحرب.
المبعوث الأميركي الخاص لليمن، ليندركينغ، قال في تسجيل مصور نشر الثلاثاء، إن جهودا دبلوماسية جارية لمحاولة الحد من نشاط مسلحي حركة الحوثي في اليمن، حتى تتوقف هجماتهم على السفن في البحر الأحمر، بحسب تقرير لوكالة رويترز.
وأشار ضمن هذه الجهود، إلى المحادثات التي أجراها في عُمان مؤخرا وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، ونائب وزير الخارجية النرويجي والمبعوث الخاص للأمم المتحدة هانس غروندبرغ.
واتهم ليندركينغ إيران بدعم هجمات الحوثيين، من خلال تزويدهم بالأسلحة ومعلومات المخابرات “وتحديد الأهداف المهمة”. وتنفي طهران دعم الضربات.
وقال إنه “كلما طال أمد هجمات الحوثيين، زاد خطر تجدد القتال في اليمن وتعطيل شحنات الغذاء والدواء اللازمة في اليمن وغزة”، مضيفا أنه يأمل في إجراء محادثات تفضي إلى خارطة طريق لإنهاء الحرب في اليمن.
من جانبه، اعتبر الباحث السياسي اليمني، نبيل البكيري، أن “فرص السلام تكاد تكون منعدمة”، مضيفا أن ذلك “ليس بسبب ما يحدث من توترات في البحر الأحمر فقط، إذ أن جذور الأزمة اليمنية لا يتم النظر إليها في الحديث عن السلام”، مشيرا إلى وجود تأثيرات لـ”تدخلات إقليمية ودولية”.
وأضاف لموقع “الحرة”: “البنية الفكرية والعقائدية لجماعة الحوثي، هي أكبر عائق أمام أية عملية سلام في اليمن، خاصة أنها قائمة على فكرة الحق الإلهي في حكم البلاد، حيث ينظرون لزعيمهم عبد الملك الحوثي على أنه بمثابة إمام وعالم وملك متوج من السماء، لا يحق لأحد منازعته، بحسب مصطلحاتهم”.
المصدر