في وداع فارس الحرف والكلمة والاخلاق الرفيعة
في وداع فارس الحرف والكلمة والاخلاق الرفيعة فقيد الصحافة والوطن الصحافي المخضرم فريد صحبي
بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره ، تلقيت نبأ وفاة الكاتب الصحفي والاعلامي المخضرم ابن عدن البار وصاحب الشخصية الوطنية والاخلاق الرفيعة والنادرة الاستاذ القدير فريد عبده حسن صحبي المعروف في الوسط الصحفي والاعلامي بفريد صحبي ، رئيس تحرير صحيفة ( الزمان ) الاهلية ، ونائب رئيس مجلس ادارة نائب رئيس تحرير صحيفة ومؤسسة 14 أكتوبر للصحافة والطباعة والنشر ( الاسبق ) والذي وافته المنية يوم امس الجمعة الخامس من شهر رمضان 1445 هجرية الموافق 15 مارس 2024م وذلك عقب حياة حافلة بالعمل الصحفي والعطاء الوطني ، وايضاً بعد معاناة مؤلمة له مع المرض الذي انهك جسده المثخن بحب الوطن وهموم الصحافة والناس وتطلعاتهم .
وبالحديث عن ذكرياتي الشخصية وتجربتي العملية في الصحافة مع استاذنا القدير الصحبي ، فانها تعود لبداية تعرفي على هذا الرجل الراقي في اخلاقه وتعامله خلال فترة عملي السابق لدى مؤسسة وصحيفة 14 أكتوبر في الفترة مابين عام 1995 – و 1996م .. وتحديداً عندما جرى تعيينة نائباً لرئيس مجلس ادارة المؤسسة نائباً لرئيس تحرير الصحيفة الصادرة عن المؤسسة الوطنية العريقة ، وقد كنت حينها التحقت حديثاً بالعمل في صحيفة 14 أكتوبر بوظيفة ( مخرج صحفي ) الى جانب عملي وممارستي لفنون الكتابة الصحفية التقليدية الاخرى مثل كتابة مقالات الراي وتحرير الاستطلاعات والتقارير الصحفية وممارسة هوايتي المفضلة في رسم الكاريكاتير في الصحيفة بل وفي عدة صحف محلية انذاك ، وقد كان الرجل بالنسبة لي مرجعاً هاماً من مراجع الصحافة ممن تتلمذت على ايديهم بكل تواضع وفخر واعتزاز ، وقد كنت استند على العديد من ارائه وتصوراته وملاحظاته وافكاره التي كان يضعها لي ويزودني بها سواء على كتاباتي واعمالي الصحفية ، او حتى رسوم الكاريكاتير التي كنت ارسمها ، ليس لصفته الرسمية او الوظيفية في اطار المؤسسة والصحيفة ، وانما بصفته شخصية وطنية وقامة اعلامية سامقه ولكونه – من وجهة نظري – كان كاتباً صحافياً مخضرماً لايشق لقلمه غبار ، وصاحب خبرة ورؤية ثاقبة في كثير من مناحي الحياة وبالاخص منها مجال العمل الصحفي والاعلامي .
اما اكثر ماكان يشدني ولفت انتباهي واثار اعجابي في هذا الرجل الرائع سواء في احاديثي اوتعاملي معه ، هي هدؤه واتزانه في احاديثه ورصانته في تصرفاته واخلاقه الرائعة واسلوبه الراقي في تعاملاته بل وتواضعة الجم مع الجميع دون استثناء صغيرهم وكبيرهم ، والاهم من ذلك تمسكه بمبادئه وقناعاته التي جبل عليها ، وللامانه اقولها والشهادة لله اني لم اسمعه او اشاهده يوماً يتحدث عن اي انسان اخر يعرفه بسوء حتى ولو كان هذا الانسان لايستحق مجرد ذكر اسمه ، كما لم اعرف بانه قد جرح مشاعر واحاسيس انسان او اهان كيان موظف لديه في اطار المؤسسة او الصحيفة يوماً ما كما يفعل ( بعض ) المسئولين اليوم وبكل اسف ، بل كانت سمعته الطيبة وتواضعة ودماثة اخلاقه وتمسكه بالقيم العدنية الاصيلة التي تربى عليها ورفضه لكافة مغريات السلطة والمسئولية ، تسبقه دائماً في اي حديث عنه من قبل الاخرين او من عرفوه وزاملوه خلال مسيرة حياته .
وبخلاف دوره التنويري والمدني الذي كرسه استاذنا الراحل فريد صحبي ، عن طريق عمله في الوسط الصحفي والإعلامي في ( عدن ) من خلال كتاباته الصحفية وعمله في الإدارة الصحفية الحكومية والمستقلة ، فقد كانت له ( رحمه الله ) بصمات في عدة أدوار رافقت مختلف مراحل حياته ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر دوره الاجتماعي في مساعدة الاخرين وبعض الاسر الفقيرة عن طريق اهل الخير ، والاهم من ذلك دوره التربوي والتنويري في مدارس عدن خلال الستينيات ، ودوره النضالي خلال فترة الكفاح المسلح من خلال تأطره بالقطاع الفدائي وباعتباره أحد مناضلي حرب التحرير ضد الاستعمار .
كما كان الرجل وطوال مراحل حياته الحافلة بالعمل والعطاء متسماً بالعصامية والأخلاق الرفيعة ومتحلياً بروح المدنية التي جعلت منه شخصية عدنية اصيلة كان لها تأثيراً كبيراً ودوراً ملموساً في الوسط الاجتماعي والإعلامي ، ويكفيه من الدنيا بانه عاش نزيهاً متمسكاً بمبادئه وقيمه التي تربى عليها ومات شريفاً لم يملك مصاريف وتذاكر السفر الى الخارج بغرض تلقي العلاج او حتى مصاريف استمرار علاجه في المستشفى في اخر ايامه .
في الأخير ولأنّ الحديث عن الفقيد الراحل يطول ، ويطول اكثر بالتطرق لما خاضها من تجارب ومامر بها من منعطفات في حياته الشخصية ، وماتركها من اثار طيبة في نفوس كل من عرفوه ومواقف مشهودة له ، وماقدمها من اعمال انسانية ووطنية سواء عن طريق اشتغاله في بلاط صاحبة الجلالة او من خلال عمله في سلك التربية والتعليم ومابذلها من جهود لما فيه مصلحة الوطن والناس ، فاني اجد نفسي مضطراً للاكتفاء بما وردت من كلمات الرثاء بحق الفقيد الراحل ، واختتام هذه السطور ، متقدماً للإعلام الوطني الحر والوسط الإعلامي الجنوبي وإلى أهل الفقيد وذويه وكافة رفاق دربه وابناء عدن قاطبه .. بخالص العزاء وعظيم المواساة ، مبتهلاً للمولى عز وجل بأن يتغمد روح فقيد الصحافة والوطن الراحل الاستاذ فريد صحبي ، بواسع المغفرة وان ينزل عليه شأبيب رحمته بحق هذا الشهر الفضيل والكريم ، وأن يعصم قلوبنا المكلومة بفراقه ، والقانعة في ذات الوقت بقضاء الله وقدره ، ويلهمنا وكافة زملاء المهنة وجميع أهله ورفاقه الصبر والسلوان ، و ” إنا لله و إنا اليه راجعون ” .
المصدر