نعمان الحذيفي لـ "المفوضية السامية لحقوق الإنسان": من واجبي الوقوف ضد الظلم
عدن/صوت الشعب/صوت المهمشين:
ذات يوم، وأنا في طريقي إلى العمل، صادفتُ امرأة سوداء وطفلها جالسين أمام مستشفى في اليمن. كانت المرأة تبكي بغزارة. سألتها عما حدث لها، فقالت إنها وابنها طُردوا للتو من المستشفى لأنهم من السود، فهم بالتأكيد قذرون”.
استذكر #نعمان_الحذيفي هذا المشهد بوضوح بعد نحو 20 عامًا، ووصفه بأنه نقطة التحول التي جعلته يقرر ترك وظيفته التفتيشية في وزارة الأشغال العامة والطرق ويتحوّل إلى مدافع عن حقوق مجتمع السود في اليمن.
قال الحذيفي: “شعرت أنني ملزم، بوصفي إنسانا أسود، بالتحدث ضد هذا الظلم، وهكذا بدأ كفاحي ضد التمييز العنصري في اليمن. أردت أن أدافع عن حقوق قومي، وأن أقاتل من أجلهم”.
الحذيفي (51 عاما) هو رئيس مجلس الأقليات القومية في اليمن، وهو حاليًا من أبرز المدافعين عن حقوق المنحدرين من أصل أفريقي في اليمن.
قال الحذيفي: “في اليمن، التشريعات الوطنية ليست تمييزية، ومع ذلك، يسود التمييز العنصري بشدة في الممارسات الاجتماعية، وتنتقل من جيل إلى جيل، منذ الاحتلال الحبشي لليمن”.
ويشير الناشط الأسود في كلامه السابق إلى الاحتلال الذي تم فيه غزو اليمن وأُدخلت ممارسات تمييزية مثل العبودية ضد السكان السود، بوصفه نقطة تحول تاريخية عزلت اليمنيين السود، وجعلتهم يعيشون في عزلة وعلى هامش المجتمع، على حد وصفه.
ويحكي الحذيفي عن الواقع السابق: “اليمنيون السود كانوا تجارا ونبلاء وملوكا، وقد أدى الاحتلال إلى الانقسامات الاجتماعية، وفجأة تعرض السود للاضطهاد ونُظر إليهم بازدراء. لقد أصبحنا عرقا من درجة ثانية، ونعامل مثل العبيد. جُردنا من جميع حقوقنا، ولم يُسمح لنا بامتلاك ممتلكات أو ممارسة التجارة أو إرسال أطفالنا إلى المدرسة”.
ساعد الحذيفي في إنشاء كثير من المنظمات الحقوقية والمدنية التي تمثل المنحدرين من أصل أفريقي في اليمن. كان أبرزها الاتحاد الوطني للمهمشين، والذي يترأسه منذ عام 2007، وهو أيضًا مؤسس الموقع الإخباري “صوت المهمشين”.
بالنسبة إلى الحذيفي، نشأ التمييز العنصري في اليمن من التمييز التاريخي، الذي كُرّس لاحقًا في عادات الناس وتقاليدهم.
قال الحذيفي: “الثقافة العربية تتمركز حول العادات والتقاليد، وثقافتنا تمييزية تمامًا ضد السود، والتقاليد تملي علينا نحن السود كيف يجب أن نتزوج وكيف يجب أن ندفن موتانا”.
يذكر الحذيفي، بعد مشاركته في كثير من ورش العمل والدورات التدريبية حول حقوق الإنسان، أن غياب العدالة الاجتماعية هو السبب الرئيسي وراء التمييز العنصري في الدولة.
وقال: “يجب تجريم التمييز العنصري والممارسات بشكل واضح في التشريعات الوطنية، وإلا فإن سيادة القانون ستظل بعيدة المنال في بلدي”.
ويشرح الحذيفي بأن التعليم عامل رئيسي للتغيير في المجتمع. ووصف مناهضة العنصرية بأنها ممارسة اجتماعية يجب أن تبدأ من المنزل والفصول الدراسية للأطفال. ويقول: “يتعرض الأطفال السود باستمرار للتخويف في المدارس اليمنية.
ومع ذلك، بفضل جهود الدعوة والتوعية التي يبذلها تحالفنا، شهدنا عددًا متزايدًا من الطلاب السود يتخرجون من المدرسة الثانوية ويلتحقون بالجامعات المحلية أو الدولية”.
شارك الحذيفي في الاجتماع الإقليمي للشرق الأوسط، كجزء من العقد الدولي للمنحدرين من أصل أفريقي (IDPAD) الذي نظمته المفوضية السامية لحقوق الإنسان في أكتوبر 2022.
وجمع الاجتماع ناشطين سودا من المنطقة لمناقشة التحديات والفرص. وقال الحذيفي إنه مسرور لتمكنه من تكوين صداقات جديدة تتشارك في رؤية مشتركة ونضال مشترك.
خلال الاجتماع، اجتمع عدد من النشطاء السود من المنطقة وقرروا أنهم يريدون إنشاء شبكة إقليمية للنشطاء المناهضين للتمييز. قال الحذيفي معلقا على ذلك: “قد يكون مجرد حلم، لكن كل الأحلام تبدأ بخطوات صغيرة، أليس كذلك؟”
بعد أربعة أشهر من الاجتماع الإقليمي، تحقق هذا الحلم، ففي 21 مارس 2023، انضم الحذيفي إلى 33 ناشطًا أسود آخرين من 13 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لإطلاق أول شبكة إقليمية للتنمية ومكافحة العنصرية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (RNDAR-MENA) رسميًا.
الشبكة مدعومة من قبل حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة. والحذيفي هو أول رئيس للشبكة، وقد وصف الشبكة بأنها تتويج لكثير من العمل الجاد والآمال.
ويختم الحذيفي حديثه: “اليوم، الشبكة هي أداة ملموسة من شأنها تعزيز التضامن البشري للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري خاصة في المنطقة حيث تتسع الفجوة بين القانون الدولي لحقوق الإنسان والواقع المرير للحياة اليومية”.
– منقول من الصفحة الرسمية للمفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.