صحيفة.. مليونا لغم تبقي على شبح الموت متربصا باليمنيين خلال الحرب وبعدها
(الأمناء نت / العرب)
تهدّد مئات الآلاف من الألغام المزروعة في عدّة مناطق باليمن حياة عدد كبير من سكّان البلد الممزق بالحرب والذين لا تكاد تنقطع الأخبار بشأن هلاك أفراد منهم في حوادث تفجّر تلك الألغام.
وتمثّل كثرة الألغام المزروعة في الأراضي اليمنية تهديدا يتجاوز ظرف الحرب الدائرة في البلد منذ أكثر من عشر سنوات بين جماعة الحوثي ومعسكر الشرعية اليمنية الذي يضم العديد من القوى المناهضة للجماعة والمدعوم من تحالف عسكري تقوده المملكة العربية السعودية، إلى مرحلة ما بعد الحرب إذا قُيّض لها أن تنتهي في أمد منظور.
ويرجع ذلك إلى الصعوبات التي تواجهها جهود نزع تلك الألغام التي تقودها الأمم المتحدة وتشارك فيها السعودية بشكل مستقل، بسبب كثرة العدد المزروع منها والطرق العشوائية التي زرعت بها من جهة ثانية دون وضع خرائط لأماكن زرعها، فضلا عن تأثير عوامل الطبيعة من سيول ورياح في تغيير الملامح الأصلية لحقول الألغام وجرف العديد منها إلى أماكن غير تلك التي زرعت فيها أول مرّة ما يحوّلها إلى موت متنقل لا يمكن توقع مكان وجوده.
المخزون الهائل من الألغام الذي ظهر بين أيدي الحوثيين يتناقض مع كون اليمن من أول البلدان المنفذة لمعاهدة أوتاوا
وكما تعصف الألغام بحياة الآلاف في اليمن وتتسبب بجروح خطرة وعاهات مستديمة لآلاف آخرين، فإنّها تعصف أيضا بمصادر رزق السكان الذين يعيشون على الزراعة ورعي الحيوانات والتنقل بقطعانها من مكان إلى آخر بحثا عن الغذاء لها.
وأصبحت مناطق شاسعة في البلد محرّمة على المزارعين ومربي الحيوانات كونها مزروعة بالألغام، بينما فقدت أسر عائلها إما بمقتله أثناء ممارسة الزراعة والرعي والتنقل بين المناطق للتجارة والتبضع وغيرها، أو ببتر أحد أعضائه وتحوّله إلى عالة على الأسرة.
كما قتلت الألغام أعدادا كبيرة من النساء والأطفال كونهم يشاركون أيضا بفاعلية في الأعمال المرتبطة بحياة سكان الأرياف من رعي وجمع للحطب وجلب للمياه من العيون والآبار.
ويعتبر اللجوء إلى استخدام الألغام كسلاح في الحروب عملا موجّها بالدرجة الأولى ضد المدنيين، كون الأرقام تثبت أنهم الضحايا الرئيسيين لهذا السلاح، مثلما هي الحال بالنسبة لليمن.
وللمفارقة يعتبر اليمن أول بلد عربي ينهي عملية تحطيم مخزونه من الألغام المضادة للأفراد منذ سنة 2007، وذلك بموجب توقيعه على معاهدة أوتاوا لنزع الألغام وتحريم صنعها واستيرادها وزرعها.
لكنّ ظهور مخزون هائل من الألغام بين أيدي الحوثيين الذين استولوا على الجزء الأكبر من ترسانة الجيش اليمني لدى استيلائهم على السلطة واحتلالهم العاصمة صنعاء ومناطق شاسعة من البلاد، أثار التساؤلات حول مصداقية ما أعلن في السنة المذكورة.
وأعلن المرصد اليمني للألغام، الخميس، مقتل 41 مدنيا بانفجار ألغام في مناطق متفرقة من البلاد منذ مطلع العام 2024.
وجاء ذلك في بيان صادر عن المرصد غير الحكومي بمناسبة اليوم العالمي للتوعية بخطر الألغام، الموافق للرابع من أفريل من كل عام.
وقال المرصد في بيانه “تواصل الألغام والذخائر غير المنفجرة حصد أرواح المدنيين خاصة الأطفال والنساء في محافظات يمنية عدة، ويتسبب هذا التلوث بوقوع فجائع وخسائر بشرية ومادية في عدد من المحافظات”.
وأضاف أن “خلال الفترة من 1 يناير 2024 وحتى 4 أبريل، تم رصد وتوثيق سقوط 105 ضحايا في صفوف المدنيين بينهم 41 قتيلا و64 جريحا، معظمهم من الأطفال والنساء، كما أصيب عدد من الجرحى بإعاقات مستديمة”.
محافظة الحُديدة بغرب اليمن تصدّرت قائمة ضحايا انفجارات الألغام والذخائر بينما توزعت خارطة الحوادث والضحايا على مناطق ملوّثة بمحافظات لحج وتعز والبيضاء
ولفت المرصد إلى أنّ “محافظة الحُديدة بغرب اليمن تصدّرت قائمة ضحايا انفجارات الألغام والذخائر بينما توزعت خارطة الحوادث والضحايا على مناطق ملوّثة بمحافظات لحج وتعز والبيضاء ومأرب والجوف وصعدة وحجّة”.
وفي يوليو الماضي حذّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أن البقايا الحربية غير المنفجرة تهدد الملايين من اليمنيين.
وبحسب تصريحات سابقة لمسؤولين يمنيين، تجاوز عدد الألغام المزروعة في البلاد منذ بدء الحرب حوالي مليوني لغم.
ومن جهتها قالت بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة “أونمها”، الخميس، إن إزالة الألغام في اليمن طريق نحو السلام.
وأفادت في بيان “اليوم هو اليوم العالمي للتوعية بالألغام والمساعدة في الأعمال المتعلقة بالألغام وإن شعار حملة هذا العام هو حماية الأرواح وبناء السلام”.
وأضافت البعثة أنها تدعم بقوة الجهود المبذولة لإزالة الألغام الأرضية والمخلفات الحربية في محافظة الحُديدة والمناطق المحيطة بها.
وأوضحت أن هذا العمل الحيوي يسمح للنازحين بالعودة إلى ديارهم بأمان، كما يسهل إيصال المساعدات الإنسانية ويمهد الطريق للانتعاش الاقتصادي.