تحليل يستعرض " سيناريوهات الحرب والسلام في اليمن " وخيارات الجنوبيين لفرض مشروعهم الوطني ..
(الأمناء / تحليل / أحمد عمر بن فريد :)
ما أبرز العوامل الخارجية التي يمكنها ترجيح سيناريو على آخر في المشهدين السياسي والعسكري ؟
فيم تتمثل النتائج الكارثية الناجمة عن سيناريو ” لا حسم عسكري ولا سلام مستدام ” ؟
كيف يستطيع الجنوبيون فرض خياراتهم لتعزيز مشروعهم لمواجهة الخيارات الأخرى ؟
سيناريو تسليم التحالف ملف الحرب للأمم المتحدة :
– ما فرص الحوثيين لاجتياح الجنوب وفق هذا السيناريو ؟
السيناريوهات المحتملة ومصير قضية الجنوب
في تحليل له بعنوان ” سيناريوهات الحرب والسلام في اليمن .. ومصير قضية الجنوب ” قال السياسي الجنوبي أحمد عمر بن فريد إنه : ” يكاد يكون هنالك إجماع كبير لدى مختلف السياسيين والخبراء والمنشغلين بالشأن اليمني حول إمكانية حدوث واحداً من أربعة سيناريوهات محتملة يمكن ان تنتهي إليها الأمور في اليمن بشكل عام ، ويمكن أن ترجح كفة سيناريو على آخر ويصبح سائدا في حال إذا ما توفرت له مجموعة من الشروط الموضوعية التي ستجعل حظوظه في البروز مرتفعة جداً خلافاً لبقية السيناريوهات الأخرى ” .
وأكد ” بن فريد ” أن كل من السيناريوهات الأربعة مرتبط بمجموعة من العوامل الخارجية تشكل في مجموعها نواتج لما قد تفرزه ملفات الصراع المحتدمة والساخنة في منطقة الشرق الأوسط وخارجها وقال :
” لكن الأكيد في الأمر أن كل سيناريو مرتبط بنتائج الصراع المحتدمة في منطقة الشرق الأوسط وملفاته الساخنة، والتي يأتي في مقدمتها مستقبل الصراع ( الإيراني – الأمريكي – الإسرائيلي ) ، وملف الحرب في غزة ، وكذلك ملف القضية الفلسطينية ككل، ومستقبل العلاقة السعودية – الإيرانية ، وإمكانية توقيع اتفاقية تاريخية ما بين الرياض وواشنطن ، إضافة إلى ما يمكن أن تنتجه الانتخابات الرئاسية الأمريكية من فوز للحزب الديمقراطي أو للجمهوري ، وهي في مجموعها ” عوامل خارجية ” لا نملك نحن في الجنوب أن نؤثر فيها ، بقدر ما يمكن أن نجهز أنفسنا لكيفية التعامل معها ومواجهة ما يمكن أن تنتجه من تداعيات سلبية أو إيجابية على قضيتنا ، وفيما يلي سوف نستعرض هذه السيناريوهات الأربعة بشكل سريع ، مع إمكانية العودة لكل منها لاحقاً في مقالات منفصلة تحمل بعض ملامحها ونتائجها بشقيها السلبي والإيجابي :
لا حسم عسكري ولا سلام مستدام :
السيناريو الأول : إن يستمر الوضع على ما هو عليه حالياً ، فلا حرب ستحسم الوضع عسكرياً، ولا سلام مستدام يمكن أن يتحقق ما بين أطراف الصراع في عملية سلام تقودها الأمم المتحدة ، ولا ستكون هنالك دولة مكتملة الأركان في الشمال ولا حتى في الجنوب ، ولا استقرار اقتصادي يمكن تحقيقه في هكذا ظروف ولا انهيار كبير يمكن حدوثه .. بمعنى أن الوضع العام سيبقى في حالة ” تأرجح ” كما هو عليه حالياً ، ومن المؤسف ان نتائج هذا السيناريو ستكون كارثية على مستوى المعيشة للمواطن البسيط ، وعلى مستوى الخدمات التي ستتراجع أكثر مما هي عليه حالياً ، ومن المحتمل إذا ما استمر هذا الحال لفترة طويلة أن ينتج مجموعة من ” الكانتونات ” التي ستتحكم فيها مراكز قوى ، وسوف تتقاسمها سلطات النفوذ الداخلية والإقليمية وحتى الدولية ” .
تعزيز المشروع الوطني الجنوبي ومقاومة الخيارات :
السيناريو الثاني : إن تأخذ القوى الجنوبية وعلى رأسها المجلس الانتقالي الجنوبي بزمام الأمور ، وتبدأ من الآن العمل الجاد على خلق بيئة جنوبية حاضنة للمشروع الوطني الجنوبي المتمثل في استعادة الدولة ، وتتمكن هذه القوى من توحيد صفوفها بالصورة المثلى التي تضمن وصول منظومة الوحدة الوطنية الجنوبية الى اعلى مراحل تماسكها , ليكون بعدها الجنوب موحداً وقادرا على مواجهة بقية السيناريوهات المحتملة ومقاومة الخيارات التي من الممكن ان تفرض عليه ، فهو من ناحية سيقضي على السيناريو الأول أعلاه من خلال تبني رؤية وطنية شاملة للجنوب ستنقذ شعبه من المعاناة الدائمة، وهو سيملك المقدرة على مواجهة السيناريو الثالث والرابع ، كما انه سيتمكن من صياغة وفرض علاقة استراتيجية قوية مع قوى الشمال المنخرطة في الشرعية لمواجهة الحوثيين كخيار لا بديل عنه”.
حرب شاملة :
السيناريو الثالث : يتحدث هذا السيناريو عن احتمال نشوب ” حرب شاملة في المنطقة تتدخل فيها بعض الدول الكبرى بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية للقضاء على أذرع إيران في المنطقة وعلى رأسها ” جماعة الحوثيين ” خاصة بعد ان اكتشفت واشنطن أن مقاربتها لخطورة وجود الحوثيين كانت خاطئة بنسبة 100 % ، وهي مقاربة بلغت ذروة حماقتها حينما منعت دول التحالف العربي من دخول الحديدة والسيطرة عليه ، باعتباره المنفذ الرئيسي الذي يتنفس منه الحوثيون والذي منه وإليه يأتي الدعم الإيراني بالسلاح والخبراء والمقاتلين أيضاً ! ، ولأن واشنطن اليوم تكتوي بنيران خطأ سياستها ، فيمكن ان تقدم على تصحيح هذا الخطأ الجسيم من خلال عملية عسكرية واسعة لكنها ستكون مكلفة ايضا !!
ويعتمد هذا السيناريو على نجاح بايدن في الانتخابات وهو احتمال ضعيف جداً ، ويمكن أن يأتي بديل ديمقراطي له مع إمكانية أن يتبنى نهج المواجهة مع الحوثيين وحزب الله ، وإذا ما تقررت هذه الحرب سيكون الهدف منها هو اجتثاث حركة الحوثيين من جذورها والقضاء عليها تماما ، أو تدمير آلتها العسكرية وفرض الحل السلمي عليها وفق المرجعيات الثلاث التي ستفرض أيضاً على الجنوبيين ، ولن يكون لدينا في الجنوب القدرة على مواجهة هذا السيناريو دون ان نكون قد حققنا مسبقا ما يتطلبه السيناريو الثاني ” .
تسليم التحالف ملف النزاع للأمم المتحدة :
السيناريو الرابع : إن يسلم التحالف العربي ملف النزاع في اليمن برمته الى الأمم المتحدة ، وان يعقد اتفاق أمني خاص مع الحوثيين ، وبالتالي يعتبر ان النزاع في اليمن ” شأن يمني ” خالص وأن لا علاقة له به ، وفي هذه الحالة سيطمع الحوثي في دخول مأرب أولا والهيمنة عليها ، ثم يمكن ان يتوجه بعد ذلك تباعاً نحو بقية محافظات الجنوب التي لن تكون قادرة على مواجهته دون ان تكون قد حصنت نفسها دفاعيا بتبني السيناريو الثاني كما اسلفنا ” .
هذه السيناريوهات الأربعة في مجملها تمثل ما يمكن أن يحدث في اليمن بشكل عام على المدى المتوسط والبعيد ، ومن المهم ملاحظة أن ثلاثة منها لا تتفق مع أهدافنا الوطنية كجنوبيين ، ويبقى تحقيق السيناريو الثاني الذي يمكن تسميته ب” خيار المواجهة الآمن الوحيد ” هو طوق النجاة لنا في الجنوب مع العلم أن هناك سيناريوهات لا تخدم حلفاءنا في الشمال ان صح مصطلح ” حلفاء ” عطفاً على مستوى العلاقة السطحية مع الإخوة في الشرعية اليمنية والتي لم ترتق حتى اللحظة إلى مستوى التحالف الاستراتيجي المدرك لخطورة الوضع الذي يشكله تنامي قوات وقدرات ومكانة جماعة الحوثيين ، كما ان السيناريو الرابع لا يصب في مصلحة التحالف العربي – كما يعتقد البعض – ولا حتى الأمن القومي العربي الذي سيواجه ” ابتزاز ” مستمر من قبل مليشيات الحوثي ان تمكنت من السيطرة على كامل المساحة الجغرافية للجنوب لا سمح الله ، حينها يحق لطهران ان تفتخر أنها قد سيطرت على أربعة بلدان عربية وأصبحت مجرد أدوات تابعة لها ضد بقية إخوانهم العرب ومصالحهم القومية ” .