9سنوات على نكبة اليمن
تسعة أعوام خلت على انقلاب مليشيات الحوثي على مؤسسات ومكونات الدولة اليمنية، ما أغرق البلد في حالة من الفوضى وانعدام الأمن.
ويصادف غدًا الخميس الذكرى الـ9 لنكبة الحوثي التي حلت باليمن في 21 سبتمبر/أيلول 2014، في انقلاب اجتاحت فيه المليشيات العاصمة صنعاء وأشعلت الحرب في باقي محافظات البلاد.
ولم تكتفِ مليشيات الحوثي بإسقاط مؤسسات الدولة، بل بدأت في إرهاب الفُرقاء السياسيين، فاحتلت مقرات الأحزاب وحاصرت منازل قادتها ولاحقت نشطاءها، وصادرت وسائل الإعلام الخاصة والعامة، ودشّنت مرحلة من “الاستبداد السياسي”.
كما ارتكبت مليشيات الحوثي “انتهاكات مروعة” بحق الشعب اليمني، وحولت البلد الآسيوي إلى “سجن كبير”، بحسب تقارير حقوقية أشارت إلى أنها شيدت أكثر من 600 سجن، واعتقلت أكثر من 16 آلاف شخص.
قتلى وجوعى
ورغم أن الأمم المتحدة تحتفي في الـ21 من سبتمبر/أيلول من كل عام، بيوم السلام العالمي، إلا أنه “يوم نكبة” لدى اليمنيين؛ ففيه دخلت بلادهم أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفقا للأمم المتحدة.
ولازال اليمنيون يتذكرون بعد 9 أعوام من انقلاب مليشيات الحوثي شعاراتها الزائفة التي رفعتها؛ منها: “إسقاط الجُرعة”، و”إسقاط الفاسدين”، و”تحقيق الشّراكة”، و”تنفيذ مُخرجات الحوار” قبل أن تنقلب عليها وتلقي بالملايين إلى دائرة الجوع والموت.
وتؤكد منظمات دولية أن ثلثي سكان اليمن – 21,6 مليون طفل وامرأة ورجل – يحتاجون إلى مساعدات حيوية، فيما وصل عدد القتلى بسبب الحرب الحوثية إلى أكثر من 400 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر، حتى نهاية العام 2022، بالإضافة إلى أن الأشهر المنصرمة من العام الجاري شهدت أعدادا إضافية من القتلى.
وبحسب تقرير حديث للجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات حقوق الإنسان في اليمن، وهي آلية مدعومة أمميًا، فقد وثقت قيام مليشيات الحوثي بـ782 واقعة استهداف للمدنيين ما أسفر عن سقوط 288 قتيلا و657 جريحا ورصد 161 واقعة تفجير ألغام سقط فيها 55 قتيلا و124 جريحا.
ووثق ذات التقرير خلال الفترة من أغسطس/آب 2022 إلى 31 يوليو/تموز 2023، أكثر من 2997 انتهاكا، سقط فيها 3287 ضحية، الكثير من منهم نساء وأطفال.
وكانت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات حقوق الإنسان وثقت منذ 2016 وحتى 2023، سقوط أكثر من 48 ألفًا و866 شخصًا، ضحية أكثر من 25 ألفًا و511 انتهاكًا ارتكبتها مليشيات الحوثي المدعومة إيرانيا.
خسائر اقتصادية
وتكبد الاقتصاد اليمني خسائر فادحة بسبب الحرب الحوثية بلغت تراكميا 143.3 مليار دولار خلال الفترة (2015-2022)، وهي مرشحة للارتفاع في ظل الانقلاب الحوثي، حسب تقرير حديث لمبادرة استعادة اليمنية المعنية بالدفاع عن منهوبات الحوثي.
ويشير التقرير إلى أن مليشيات الحوثي بعد أن استنزفت الاحتياطي الخارجي من العملة الصعبة للبنك المركزي اليمني، لتمويل عملياتها العسكرية، لجأت إلى السحب على المكشوف، فاستنزفت أرصدة البنك المركزي من النقد المحلي والتي تفوق 1.37 تريليون ريال، إضافة إلى التصرف في الاحتياطيات القانونية للبنوك التجارية والإسلامية المودعة لدى البنك المركزي اليمني في صنعاء.
كما “قامت مليشيات الحوثي في العام 2015م، بالسحب على المكشوف من البنك المركزي اليمني، ليرتفع رصيد السحب على المكشوف من 761 مليار ريال في نهاية 2014م إلى 4.20 تريليون نهاية العام 2021م”، في مخالفة للمادة 32 من قانون البنك المركزي اليمني رقم 14 لسنة 2000م وتعديلاته”، وفقا للتقرير.
قصف المنشآت النفطية
تأتي الذكرى الـ9 لـ”الانقلاب”، عقب مرور 11 شهرا على قصف مليشيات الحوثي المنشآت النفطية ومنع الحكومة اليمنية من تصدير النفط، ما حرم البلد الآسيوي من أهم موارده، وهدد بحرمان آلاف الموظفين من راتبهم.
وبحسب وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا معمر الإرياني، فإن مليشيات الحوثي لم تكتف بالحرب الاقتصادية وإنما صعدت منذ الهدنة الأممية في أبريل/نيسان 2022 من عمليات النهب المنظم للإيرادات العامة، والإيرادات الضريبية والجمركية للمشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة، وضاعفت جباياتها غير القانونية على القطاع الخاص، وقطاع الاتصالات.
وتشير التقديرات إلى أن إجمالي الإيرادات التي نهبتها مليشيا الحوثي خلال عامي 2022_ 2023 يبلغ (4 تريليون و620 مليار ريال) من قطاعات (الضرائب، الجمارك، الزكاة، الأوقاف، النفط، والغاز، الاتصالات).
ووفقا للإرياني، فإن تلك الإيرادات المنهوبة تعادل ثلاثة أضعاف إيرادات الدولة في العام 2014 والبالغة (ترليون و739 مليار ريال).
وللعام التاسع على التوالي، ترزح 12 محافظة وأجزاء من محافظات أخرى تحت سيطرة مليشيات الحوثي التي حولت حياة الملايين إلى “جحيم”، من “البطش والتجويع ونهب الممتلكات والحقوق ومصادرة مرتبات الموظفين وفرض التجنيد الإجباري على السكان إلى تفخيخ عقول الأطفال بمفاهيم طائفية متطرفة تمجد القتل والتوحش”.
أزمات تسببت بها المليشيات، فيما التحركات الدولية والإقليمية الساعية إلى إنهاء الحرب وإحلال السلام لا زالت تصطدم برفض حوثي ومراوغات، كان آخرها الجهود السعودية والعمانية والتي ينظر إليها اليمنيون بأمل كبير على أن تحقق اختراق لحياتهم التي أنهكتها الحرب.