اخبار محليةالأمناء نت

وثائق تكشف فضائح استيراد الأدوية.. من المسؤول؟ وكيف وصلت؟

حاويات الـموت في عدن!
وثائق تكشف فضائح استيراد الأدوية.. من المسؤول؟ وكيف وصلت؟

(الأمناء/ تقرير: عبدالرحمن أنيس:)

الأدوية المهربة في عدن.. جريمة بحق الإنسانية على طاولة السلطات والنائب العام

المنطقة الحرة والجمارك يخلون مسؤوليتهم تجاه الأدوية التالفة

كيف أفرجت الهيئة العليا للأدوية عن الشحنة؟ ولماذا؟

ما أبرز الأدوية المنتهية التي أصرت هيئة الأدوية على الإفراج عنها؟

هيئة الأدوية.. أهي المسؤولة عن تهريب الأدوية؟

يفتح العمّال باب حاوية حديدية تم إنزالها في ميناء الحاويات بعدن، يتقدم أحد الضباط برتبة نقيب إلى الحاوية ويتحسس كراتينها ثم يفتح أحدها لفحص محتوياتها، أخرج عينةً ونظر إلى لونها باستغراب، ثم جال ببصره يمنة ويسرة وعلامات الاندهاش تغزو وجهه مما رآه في تلك الكراتين!

أمضى الضابط وقتاً في تفقد البضاعة، ثم دوّن في تقريره الملاحظات الآتية:

1- الحاوية غير مبردة منذ وصولها إلى ميناء عدن قبل ستة أشهر.

2- يوجد رطوبة على الكراتين.

3- يوجد نمل وبيوت العنكبوت بين باكتات الأدوية.

كانت تلك الشحنة مملوكة لشركة (فارما بيديا) للاستيراد (انظر الوثيقة رقم 1).

رفع الضابط – الذي يشغل منصب رئيس قسم الأدوية والمخدرات في شرطة المنطقة الحرة – تقريره إلى شرطة المنطقة الحرة مقترحًا إتلاف الشحنة، لكن الهيئة العليا للأدوية ترفض ذلك، وتطلب الإفراج عن الشحنة على أن يتم تحريزها في مخازن الشركة المستوردة تحت إشرافها.

وصلت تلك الشحنة الى ميناء عدن في 14 نوفمبر 2020 قادمة من باكستان، وبعد ستة أشهر كاملة من بقائها في الميناء، وجه مدير عام الهيئة العليا للأدوية الدكتور عبدالقادر البابكري خطابًا في تاريخ 27 يونيو 2021 إلى مدير جمرك ميناء عدن للحاويات يطلب فيها الإفراج عن الشحنة وتحريز الكمية التي تحوي ستة أصناف دوائية في مخازن شركة فارما بيديا تحت إشراف الهيئة. (انظر الوثيقة رقم 2).

في تاريخ 5 يوليو 2021 وجه العميد عبدالسلام العمري مدير عام شرطة المنطقة الحرة خطاباً إلى مدير عام الهيئة العليا للأدوية بعدن، كان مضمون المذكرة: (نرجو منكم إعادة النظر في الإفراج وأمر التحريز فقد تغيَّرت ألوان الأصناف الطبية جراء تعرضها لدرجة حرارة عالية) “انظر الوثيقة رقم 3”.

لكن هيئة الأدوية تصر على الإفراج تحت ذريعة أن كمية الحاوية المقدرة بعشرات آلاف من الباكتات بين قوارير وأمبولات وأشرطة، ستحرز في مخازن الشركة المستوردة.

أخيراً يقرر مدير الجمرك تسليم الإفراج لمندوب الهيئة العليا للأدوية، كاتبًا في توجيهه (على مسؤولية الهيئة العليا للأدوية). “انظر الوثيقة رقم 2”.

تُرى لماذا لا تتلف كمية ثبت بالدليل أنها لم تعد صالحة للاستخدام الآدمي؟ وما الجدوى من مطالبة تاجر بتحريز عشرات الآلاف من باكتات وقوارير الأدوية في مخازن شركته؟ وهل تم تحريزها فعلاً أم بيعت في السوق؟.. أسئلة لا يعلم إجابتها إلا الله في عرشه ثم مسؤولو الهيئة العليا للأدوية في أرضه.

 

أسماء الأصناف المنتهية:

كانت أسماء أصناف الأدوية المنتهية التي أصرت هيئة الأدوية على الإفراج عنها كي تحرز في مخازن الشركة المستوردة كالتالي:

 1- المضاد الحيوي لينزوليد (أوكسازوليدينون مضاد حيوي للعدوى البكتيرية الخطرة) كمية 5000 علبة.

2- دواء باراسيتامول (24 ألف علبة).

3- ليفوفلوكساسين (يستخدم لعلاج العدوى البكتيرية التي لا يمكن علاجها بمضادات حيوية أخرى). ( 30 ألف قارورة و 15 ألف باكت).

4- ميثيكوبال (صنفين أقراص وأمبولات). ( 40 ألف باكت). “انظر الوثيقة رقم 4”.

 

غرامات مريحة للتاجر:

يتحايل كثير من تجار ومستوردي الأدوية، فبدلاً من دفع مبلغ كبير لاستئجار حاوية مبردة من بلاد المنشأ، يأتون بالأدوية في حاويات حديدية حارة، ويدفعون عند وصولهم غرامة اثنين مليون ريال للهيئة العليا للأدوية التي تكرر استلام الغرامة منهم في كل شحنة. “انظر الوثيقة رقم 5”.

إذا استأجر التاجر حاوية مبردة سيدفع خمسين ألف دولار، منها خمسة ألف دولار ثمن إيجار الحاوية و 45 ألف دولار مبلغ ضمان يرد حين عودة الحاوية المبردة للشركة التي أجرتها، ولكن للربح السريع يأتي التاجر بالأدوية في حاويات حديدية حارة ويدفع غرامة أقل بكثير مما سيخسره لو استأجر حاوية مبردة.

ومن ناحية أخرى تستفيد الهيئة العليا للأدوية من ذلك حيث تأخذ غرامة اثنين مليون ريال على كل حاوية غير مبردة، دون اتخاذ أي إجراء إضافي ضد المستورد الذي يكرر دفع الغرامة مع كل شحنة.

 

محاضر إثبات حالة:

حصلنا على عدة محاضر (إثبات حالة)، وقعها المسؤولون في أمن الميناء والجمرك تحسباً لأي مساءلة قانونية مستقبلا نتيجة استهلاك المواطنين لأدوية بشرية تستورد بطريقة مخالفة لبروتوكولات استيراد الأدوية.

 في 23 أكتوبر 2023، جاء في محضر إثبات حالة أنه تم معاينة وتفتيش حاوية نوع حديد (غير مثلجة)، تتبع شركة الجبل فارما للأدوية، لكن تم صرف شهادة إفراج للأدوية التي تحتويها من قبل الهيئة العليا للأدوية. “انظر الوثيقة رقم 6”.

كما حصلنا على صورة من مذكرة وجهتها الهيئة إلى مدير جمرك الميناء تطلب فيها الإفراج عن الحاوية المذكورة وعليها توقيع مندوب الهيئة بأن الأدوية مطابقة للمواصفات. “انظر الوثيقة رقم 7”.

ليس ذلك محضر إثبات الحالة الوحيدة الذي طالعناه، وجدنا العديد من محاضر إثبات الحالة، منها محضر إثبات حالة بتاريخ 25 نوفمبر 2023 يفيد بمعاينة وتفتيش حاوية نوع حديد غير مثلجة تحتوي على شحنة أدوية قادمة من تايلند باسم المستورد (محلات الجبر التجارية)، ويفيد المحضر بأنه تم صرف شهادة إفراج للأدوية من قبل الهيئة العليا للأدوية. “انظر الوثائق رقم 8 +9”.

كما عثرنا على محضر إثبات حالة بتاريخ 1 نوفمبر 2023 يفيد أيضاً بمعاينة وتفتيش حاوية نوع حديد غير مثلجة تحتوي على أدوية بشرية واصلة من الهند، باسم المستورد/ معمل النور للأدوية، “انظر الوثيقة رقم 10″، وتم صرف شهادة إفراج للأدوية من قبل الهيئة العليا للأدوية أيضاً. “انظر الوثيقة رقم 11”.

 

الأمن والجمارك يخلون مسؤوليتهم:

قبل عام ونصف وتحديداً في 2 يونيو 2022، تم إرسال مذكرة مشتركة حملت توقيعين: مدير عام جمرك المنطقة الحرة محسن قحطان ومدير عام شرطة المنطقة الحرة العميد عبدالسلام العمري، كانت المذكرة موجهة لمحافظ عدن، ومنسوخة للنائب العام ورئيس محكمة استئناف عدن ومدير أمن عدن والهيئة العليا للأدوية.

جاء في المذكرة الموجهة للمحافظ لملس: (نحيطكم علما بأن هناك شحنات أدوية تصل إلى ميناء المنطقة الحرة محملة بحاويات غير مبردة وغير مخصصة لحفظ الأدوية، وقد تم اتخاذ إجراءات من قبلنا برفع مذكرات إلى الهيئة العليا للأدوية، كما تم أخذ تعهدات على مستوردي الأدوية بعدم استيراد أي أدوية بحاويات، ولكن لا زالت توصل بعض شحنات الأدوية محملة بحاويات غير مبردة وغير مخصصة لحفظ الأدوية، ويتم الإفراج عنها من قبل الهيئة العليا للأدوية).

واختتمت المذكرة المشتركة الموجهة لمحافظ عدن بالقول: (وعليه فإن أمن المنطقة الحرة وجمرك المنطقة الحرة يخلون مسؤوليتهم عن وصول أي أدوية بحاويات غير مبردة وغير مخصصة، وتتحمل مسؤوليتها الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية). “انظر الوثيقة رقم 12”.

وسبق ذلك قيام مدير عام شرطة المنطقة الحرة العميد عبدالسلام العمري بإرسال خطاب إلى رئيس هيئة المنطقة الحرة حسن حيد يحذر فيها من أن الأدوية تصل إلى الميناء بحاويات حديد، ثم تنقل بعد تنزيلها من الحاويات إلى ثلاجات مبردة، في حين يجب أن تكون مبردة منذ بداية تصديرها من بلاد المنشأ، محذراً من أن هذا الأمر يشكل خطراً على حياة المواطنين المستهلكين للأدوية “انظر الوثيقة رقم 13”.

تلا ذلك توجيه مدير جمارك الميناء محسن قحطان إلى مدير الرقابة الخارجية وقسم المعاينة في الجمارك بعدم السماح بتفريغ الأدوية إلى ثلاجات مبردة بعد وصولها وإخراجها من الميناء بنفس الحاويات التي وصلت بها، كون الهيئة العليا للأدوية على علم بوصولها في حاويات غير مبردة. “انظر الوثيقة رقم 14”.

 

وجهة نظر هيئة الأدوية:

حاولت التواصل هاتفيا وبرسائل الواتس آب مع الدكتور عبدالقادر البابكري رئيس الهيئة العليا للأدوية، وعرضت عليه طرح وجهة نظره في هذا الأمر، حرصا على عدم تغييب وجهة النظر الأخرى، وقد رد عليَّ بأنه مسافر خارج البلاد، وإجمالا فصفحتي متاحة لأي تعقيب يصل من طرف الهيئة العليا للأدوية.

 

ختاما:

 

هذا التقرير لو نشر في بلد آخر لتسبب في إيقاف عدد كبير من المسؤولين على ذمة التحقيق، هذا أمر يتضرر منه كل مواطن وكل مستهلك للدواء من الصيدليات، الغني والفقير، الصغير والكبير، المسؤول وعامة الناس، فهل نرى تحقيقا جديًا في هذا الأمر؟!



المصدر

جوجل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى