جمعية كويتية متهمة بالتلاعب بأموال التبرعات تغزو القطاع الصحي في حضرموت
عدن24| العرب:
فرع الإخوان المسلمين في اليمن لا يشذّ عن أسلوب باقي فروع التنظيم الدولي في المراوحة بين العمل السياسي والعسكري الخشن، والعمل التطوعي والخيري الناعم لاختراق المجتمعات المحلية مستفيدا في ذلك من القدرات المالية التي تضعها فروع أخرى من التنظيم تحت تصرّفه.
عدن – ينفذ حزب التجمّع اليمني للإصلاح فرع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، بالتوازي مع جهوده السياسية وتحرّكاته العسكرية الهادفة إلى الحفاظ على نفوذه في عدد من مناطق البلاد، عملية اختراق ناعم لعدد من المرافق والقطاعات الخدمية الحساسة في تلك المناطق، مستعينا بالقدرات المالية لفروع أخرى من التنظيم الدولي.
ويخوض حزب الإصلاح في الوقت الراهن إحدى أهم معارك النفوذ في محافظة حضرموت الغنية بالنفط والمنفتحة على البحر والمجاورة لمحافظة مأرب معقله الرئيسي.
ورغم ما يواجهه الحزب من مصاعب في الحفاظ على دوره في الإدارة المحلية للمحافظة، وكذلك دوره العسكري ضمن قوات المنطقة العسكرية الأولى، فإنّ تركيزه على “العمل التطوعي والخيري” لا يزال يضمن له وجودا في قطاعات ذات أهمية في الحياة اليومية للمواطن العادي مثل الصحّة والتعليم.
ويسجّل متابعون للشأن المحلّي في حضرموت تكاثف أنشطة جمعية العون المباشر الكويتية في المحافظة من خلال ما تنجزه من مبادرات ومشاريع في القطاع الصحّي مستغلّة النقائص التي يشهدها القطاع هناك وفي أغلب مناطق اليمن.
وتعرف الجمعية التي أسسها الإخواني الكويتي البارز عبدالرحمن السميط مطلع ثمانينات القرن الماضي بثرائها الشديد المتأتي أساسا من نشاطها في جمع التبرعات.
ورغم ما اكتسبته الجمعية من سمعة في العمل الخيري في الكثير من البلدان الفقيرة وخصوصا في القارّة الأفريقية إلاّ أن اتهمامات بالتلاعب بأموال التبرعات وتحويلها لتمويل النشاط الحزبي للتنظيم الدولي في عدّة بلدان، لاحقتها من خلال رصد قامت به السلطات الكويتية قبل ثلاث سنوات وأظهر وجود مخالفات في عمل ثمان وثمانين جمعية خيرية تابعة لجماعة الإخوان في مقدمتها جمعية الإصلاح الاجتماعي وفروعها التي تبلغ قرابة الثمانين فرعا.
ويظهر تركيز الجمعية على الساحة اليمنية أنّ حزب الإصلاح الذي يعمل كواجهة لجماعة الإخوان ضمن المستفيدين من أموال التبرعات الكويتية التي تقوم جمعية العون المباشر بتحويلها عن غرضها الأصلي وهو العمل الخيري إلى تشكيل محفظة للتمويل الحزبي، فضلا عن الدعاية الإيجابية للجماعة التي يجنيها الحزب من انخراط الجمعية في إنجاز مشاريع حيوية ذات انعكاس مباشر على حياة السكان.
وفي أحدث تدخّلاتها في القطاع الصحي بحضرموت افتتحت الجمعية قبل أيام مستوصفا صحيا في المحافظة مخصصا لخدمة نحو سبعة آلاف ساكن وذلك بأموال تبرعات تمّ جمعها في الكويت.
ونُقل عن نائب المدير الإقليمي لجمعية العون المباشر، مكتب اليمن، أحمد وهاب قوله إن المستوصف الذي أقيم في منطقة مهينم بمديرية الريدة وقصيعر يهدف إلى تقديم خدمات الرعاية الصحية للآلاف من الأشخاص الذين لا يستطيعون الحصول عليها.
وأضاف متحدّثا لوكالة الأنباء الكويتية أن الجمعية تهدف من إنشاء المرافق الصحية إلى تعزيز القطاع الصحي في اليمن بعد أن غدت خدمات الرعاية محدودة نتيجة النقص المزمن في الإمدادات والمعدات.
وعلى غرار ما هو جار في حضرموت تتعامل السلطات المحلية في عدد من المحافظات اليمنية مع الجمعية الكويتية دون معرفة بخلفياتها الحزبية والأيديولوجية، وذلك بدافع الحاجة إلى تحسين الخدمات الأساسية التي تعرف نقصا فادحا في تلك المحافظات.
ويضاف المستوصف الجديد لثلاثة عشر مشروعا صحيا أنجزتها الجمعية في تريم وشبام وسيئون والقطن وغيرها من مناطق وادي حضرموت.
ويُعتبر جمع التبرعات في الكويت من قبل الجمعيات الخيرية أحد أبرز مصادر تمويل التنظيم الدولي لجماعة الإخوان وفروعه المنتشرة في الدول الإسلامية وغيرها.
ويذهب جانب منها لدعم جماعات جهادية مرتبطة بالمشروع الإخواني أو لتكريس المفاهيم السلفية للدين عبر ما تطلق عليه تلك الجمعيات صفات الدعوة والصحوة واحتضان الناشئة المسلمة أو تقديم المساعدات للمحتاجين للاستفادة من أصواتهم في ترجيح كفة التيارات الإخوانية في الانتخابات التي تجري في هذا البلد أو ذاك.
وفي سنة 2020 وإثر نشاط غير عادي في عملية جمع التبرعات تحت عنوان مساعدة المتضرّرين من جائحة كورونا كشف إمام مسجد في منطقة جابر الأحمد بالعاصمة الكويت أنّ تسعين في المئة من الجمعيات الخيرية تقوم بسرقة أموال التبرعات ولا توصلها إلى الغاية المقصودة منها.
وكان قد ورد اسم جمعية العون المباشر إلى جانب العشرات من الجمعيات الكويتية المتهمة بالتلاعب بأموال التبرّعات من بينها جمعية الشيخ عبدالله النوري والهيئة الخيرية الإسلامية العالمية وجمعية إحياء التراث الإسلامي وجمعية النجاة الخيرية والعلوم الإسلامية وجمعية السلام للإعمال الإنسانية والخيرية.
ويولي الإخوان في اليمن أهمية استثنائية لاختراق محافظة حضرموت والسيطرة عليها لمنع المجلس الانتقالي الجنوبي من ضمّها إلى مشروعه القائم على استعادة دولة الجنوب المستقلّة.
ودعا صلاح باتيس القيادي في حزب الإصلاح مؤخّرا إلى جعل المحافظة جزءا مما سماه “الإقليم الشرقي”، قائلا في منشور على منصة إكس إنّ إشهار مجلس حضرموت الوطني “يعتبر ركيزة أساسية من ركائز العدالة ورفض التبعية وانتزاع السيادة والندية والقرار والإجماع الحضرمي، وهذا من وجهة نظري مفتاح الحل، ليس لحضرموت والشرق فقط، بل ولليمن بشكل عام شمالا وجنوبا وشرقا وغربا”.