تقرير مصوّر .. التلوث يهدد فرص مشاريع التحلية في بحر عدن
(الأمناء/ تقرير- نازك عبد الله:)
مخاطر التخلص من النفايات الطبية في المكبات العامة
د. الشعيبي: صناعة التدوير في عدن عشوائية ولا تخضع للرقابة ومضرة للبيئة
البيشي: التخلص من النفايات الطبية الخطرة في القمامة العامة سبب رئيس لتفشي الأمراض
إلى جانب الصراع الممتد منذ 8 سنوات، يواجه اليمن تحديات مناخية وبيئية صعبة، بينها ضعف إدارة النفايات سواءً الصلبة أو السائلة، فضلاً عن غياب الإدارة الآمنة للمخلفات الطبية.
وهو من بين أحد البلدان الأقل استثماراً للنفايات في المنطقة، إذ لا تزال الجدوى الاقتصادية لصناعة التدوير فيه ضئيلة جداً مقارنة بدول الجوار، لغياب المصانع المتخصصة وحوكمة القوانين المنظمة لهذه الصناعة، وفق الهيئة العامة لحماية البيئة في عدن.
وقبل الأزمة الحالية، كان إنتاج النفايات في اليمن يقُدّر بأكثر من أربعة ملايينِ طن في اليوم الواحد، مع غياب القدرة على التخلص السليم منها، وذلك وفق تقرير صادر عن الأمم المتحدة.
ويتلقى أكثر من خمسين معملاً مسجلاً لإعادة التدوير في البلاد المواد القابلةَ للتدوير، من خلال شبكة غير رسمية من سماسرة النفايات، ومتاجر شراء الخردة.
أضرار بيئية:
في مكب النفايات المركزي الواقع غرب مدينة عدن، تُحرق منذ عقود وبشكل شبه يومي مخلفات صناعية وكيماوية وطبية، دون فرز أو معالجة، وتتعدى خطورة انتشارها على شكل انبعاثات وأدخنة سامة صحة السكان القاطنين في محيط المكب، لتشمل التربة والمياه الجوفية والبيئة، حسب تقارير حكومية.
إلى ذلك أشار الد كتور وليد الشعيبي – مدير عام حماية البيئة في عدن – إلى أن ما يتم حاليا في ملف النفايات وإعادة التدوير في اليمن عموما وعدن خاصة “عمل عشوائي وغير منظم وبشكل انفرادي وبدون آلية أو رقابة ويفتقر إلى أبسط الطرق العلمية الحديثة الخاصة باستثمار المخلفات بالطريقة المثلى وبما يتلاءم ومتطلبات حماية البيئة”.
نفايات طبية خطرة:
وتتفاقم مخاطر التعامل مع النفايات عموما بوجود مخلفات طبية خطرة بينها أعضاء بشرية ومواد مشعة ودماء ملوثة يجري التخلص منها من قبل المؤسسات الطبية في مكبات النفايات العامة.
مدير عام مكتب الصحة والسكان في عدن الدكتور أحمد البيشي قال لـ”الأمناء”: “إن هناك معضلة حقيقية تتعلق بطريقة التخلص من النفايات عموماً، والطبية بشكل خاص لمئات المرافق الصحية في عدن ومحيطها، لافتاً إلى أن هذه المخلفات تُلقى في مكبات النفايات العامة، بما في ذلك الأعضاء المبتورة ومخلفات الولادة وحقن الأمراض المعدية وحتى الأدوية منتهية الصلاحية، ما ساهم في تفشي أمراض خطيرة بينها فيروس الكبد الوبائي والسرطان”.
ولفت البيشي إلى أن مكتب الصحة في عدن بصدد حل هذا الإشكال، من خلال إنشاء شركة متخصصة تتولى جمع النفايات الطبية والتخلص السليم منها وفق المعايير المتعارف عليها عالمياً وبالتنسيق والدعم المباشر من قبل السلطة المحلية في المحافظة.
تلوث يهدد فرص مشاريع التحلية في بحر عدن
وأمام هذا الوضع المختل في التعامل مع النفايات الصلبة في اليمن، تبرز صورة أخرى أكثر قتامة وخطورة على حياة السكان والأحياء البحرية في سواحل مدينة عدن، نتيجة تصريف أكثر من 80 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحي يومياً في مياه بحر عدن، لأكثر من ثماني سنوات.
ومن شأن استمرار تدفقِ هذه المياه غير المعالجة التسبب بكارثة بيئية، وفق خبراء حذروا من أن آثارها لن تقتصر على الأحياء البحرية ومصائد الأسماك فحسب، بل ستمتد إلى انتشار أمراض مختلفة في الأحياء السكنية المحيطة بالمياه الملوثة.
نادر باسنيد – الخبير البيولوجي ورئيس قسم البيئة البحرية في هيئة المساحة الجيولوجية – قال لـ”الأمناء”: “إن تصريف مياه الصرف الصحي في بحر عدن المستمر دون معالجة منذ 8 سنوات عمل على تكديس ومراكمة مخلفات فيزيائية وكيمائية وبيولوجية، وهو ما أثر بشكل كبير على المردود السمكي وعلى الصحة المجتمعية في مدينة عدن”.
ولفت باسنيد إلى أن اعتماد سكان عدن في غذائهم على الأسماك كوجبة رئيسية أدى إلى تفشي العديد من الأمراض في المجتمع، خاصة بين الأطفال، من بينها الحصبة والكوليرا والتيفود؛ لأن هذه الأسماك تتغذى من موائل ملوثة بمياه الصرف الصحي.
منوها الى أن الاستمرار في ضخ هذه الكميات الكبيرة من مياه الصرف الصحي غير المعالجة في شواطئ مدينة عدن يشكّل تهديدًا مباشرًا لفرص مشاريع تحلية المياه التي تطمح السلطات المحلية في المدينة إلى إنشائها للخروج من أزمة نقص المياه.