إخوان اليمن في 2023.. عام سقوط قناع الشراكة مع الحوثي
وتكشفت توجهات الإخوان في 2023 بشكل جلي، من خلال التقرب لمليشيات الحوثي، ومحاولة عقد تحالفات مع الانقلابيين، رغم اجتهاد حزب الإصلاح الإخواني خلال سنين الحرب لإظهار أنفسهم أعداء للحوثيين، غير أن العكس هو ما اتضح.
عام 2023 بدأ بأخبار عن لقاءات ومؤتمرات بين الحوثيين والإخوان، كما أنه انتهى بنفس هذه اللقاءات المشبوهة التي تمت داخل وخارج اليمن، في تأكيد واضح على التخادم المتبادل والتنسيق بين الجانبين، والانتهازية التي ينتهجها الطرفان للحصول على أكبر قدر من المكاسب السياسية.
مؤتمر واشنطن
في بداية يناير/كانون الثاني عام 2023، نظمت قيادات إخوانية مؤتمرا بمشاركة الجناح الناعم للحوثيين في واشنطن، هدفه التأثير على الرأي العام الدولي وتغيير وجهة نظر العالم عما يجري في اليمن من حرب حوثية مستعرة.
فالمؤتمر المزعوم الذي أثار الجدل على نطاق واسع وضم نحو 15 شخصية بينهم خبراء أجانب بجانب قيادات إخوانية يمنية سابقة لم تعد تملك أي تأثير فعلي على الأرض، كرس لاستهداف السعودية ودول التحالف العربي والتحريض على دورها في اليمن، في تعاون واضح مع المليشيات الحوثية.
واستخدم الإخوان أوراقا وشخصيات باتت محروقة على الساحة اليمنية، وفق مراقبين، على رأسهم خالد اليماني وزير الخارجية الأسبق، ونائب رئيس مجلس النواب اليمني عبدالعزيز جباري، ووزير النقل اليمني الأسبق صالح الجبواني، ومحافظ سقطرى السابق رمزي محروس، وعصام شريم عضو مجلس الشورى اليمني.
ورغم محاولة منظمي ما سمي بـ”مؤتمر واشنطن نحو سلام وديمقراطية مستدامين في اليمن” إظهاره بمظهر وطني يمني، إلا أن الكلمات الصادرة فيه لقيادات إخوانية من حزب الإصلاح اليمني وناشطين موالين له، تؤكد وحدة الهدف للحوثي والإخوان ضد دول التحالف العربي وضد المجلس الانتقالي الجنوبي والمجلس الرئاسي.
وهاجمت كلمات المشاركين في المؤتمر المشبوه، بينهم قيادات إخوانية، دور التحالف العربي، مما أظهر دعم إخوان اليمن للمشروع الحوثي الإرهابي الانقلابي المدعوم إيرانيا.
وفشل مؤتمر واشنطن، الذي أعدته جهات يمنية إخوانية وحوثية ولوبيات دولية معادية للتحالف العربي، في تحقيق أي نتائج تذكر، غير إلقاء كلمات وحضور واستثمار أوضاع الشعب اليمني والمتاجرة بمعاناته.
وليس هذا فحسب بل إن المؤتمر الذي حضره المبعوث الأمريكي لليمن ذهب لتبني مطالب مليشيات الحوثي وتسويق رؤيتهم لإنهاء الحرب في اليمن، بزعم أنها “ضرورة لإيجاد تسوية سياسية شاملة”.
لقاءات صنعاء
وإذا كان عام 2023 بدأ بمؤتمر حوثي إخواني في واشنطن فإنه توج بلقاءات في أواخر العام نفسه، ولكن هذه اللقاءات تمت في مدينة صنعاء، وتحت إشراف الحوثيين أنفسهم الذين استضافوا قيادات إخوانية بحجة “دعم غزة”.
وبدأت تلك اللقاءات عقب اجتماع عقده القيادي الحوثي علي القحوم بقيادات تنظيم الإخوان منصور الزنداني وفتحي العزب في صنعاء، لتتبعه سلسلة من الرسائل المتبادلة بين الطرفين امتدت من تعز إلى صنعاء.
وكان أبرز تلك الرسائل دعوة القيادي الحوثي مهدي المشاط للإخوان في تعز بتجميد الجبهات وتحييد المحافظة وإدارتها بشكل مشترك، فيما وصف بـ”مبادرة تعز”، التي استهدفت فصل ملف تعز عن اتفاق الهدنة السارية وعن اتفاق ستوكهولم، الذي تضمن تفاهمات خاصة بتعز.
ثاني تلك الدعوات التي خرج بها القيادي الحوثي البارز محمد البخيتي من دعوة لحزب الإصلاح (فرع تنظيم الإخوان في اليمن) إلى الانضمام للمليشيات، فيما زعم أنه “محور المقاومة” لمواجهة ما يجري في غزة.
ودعا البخيتي قادة وأفراد إخوان اليمن إلى”فتح صفحة جديدة وطي صفحة الماضي وتوحيد الصف على امتداد العالم الإسلامي لمواجهة “العدوان الغربي بقيادة أمريكا على فلسطين”، مؤكدا أن قادة وقواعد المليشيات جاهزون لذلك.
وإجمالا، استهدفت اللقاءات والدعوات الحوثية-الإخوانية “بناء العلاقات” و”التنسيق المستمر” لتعزيز ما أسموه “الجبهة الداخلية” و”الشراكة”، حفاظا على “الاستقلال والوحدة.
واعتاد الإخوان والحوثي على ارتداء العديد من الأقنعة والتعامل بمواقف متناقضة مع القضايا والصراع الدائر في البلاد منذ أكثر من 9 أعوام، حيث مدوا جسور التواصل والقنوات المفتوحة على المستويات كافة.
تغيير الجلود
في محاولة “بائسة” لامتصاص الصدمات بعد نزيف سياسي حاد، أجرى حزب الإصلاح الذي يعتبر الذراع السياسية للإخوان حملة تغييرات واسعة لهيكل قياداته وتدويرها على مستوى المحافظات، منها في مأرب وأمانة العاصمة وصنعاء والحديدة والجوف وسقطرى والمهرة وحضرموت.
خطوة الإخوان بـ2023 والتي تعد الأولى منذ سنوات، استهدفت العودة إلى صدارة المشهد اليمني من خلال إزاحة القيادات القديمة وتعيين قيادات “مرنة” في مسعى لاحتواء النزيف السياسي الذي تعرض له الحزب، فضلا عن تقويض وحدة الجنوب في مواجهة مليشيات الحوثي.
وتأتي تلك الخطوة ضمن محاولات إقليمية للبحث عن موطئ قدم لإخوان اليمن في المحافظات الجنوبية، غير أن مراقبين اعتبروا الإخوان الوجه الآخر للحوثي، فهما ينطلقان من نفس الفكر والمعتقد، والحديث عن إعادة تدوير القيادة أو تحديثها ليس أمرا حقيقيا، فتنظيم الإخوان في اليمن سلالي القيادة، مثله مثل مليشيات الحوثي”.