بسبب الظروف الصعبة.. غياب العديد من العادات والتقاليد الرمضانية
4 مايو / استطلاع: مريم بارحمة
رمضان شهر العبادة والرحمة والمغفرة والعتق من النار، ولهذا الشهر فرحة كبيرة فهو يأتي لنا كل عام مرة. وبرغم الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها شعب الجنوب إلا أن هذا لم يمنع من الابتهاج وبساطة الاحتفال بقدسية هذا الشهر الكريم فنشاهد أن المدن والشوارع وحتى الأحياء السكنية اكتست ولبست الزينة الرمضانية التي لا يكاد يخلو شارع أو بيت منها، وكذلك موائد الإفطار الجماعي التي تقام في معظم محافظات ومدن الجنوب وشوارعها واحيائها السكنية ولرمزيتها وأهميتها وعظيم أجرها فقد شارك الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الإفطار الجماعي السابع الذي أقيم يوم الجمعة 15 مارس 2024م، بساحل كورنيش الشهيد جعفر محمد سعد بمديرية خور مكسر بالعاصمة عدن، ونظمه المجلس العزابي، لما لها من بث روح التأخي والألفة والتكافل بين شباب الجنوب.
بهذا الاستطلاع نسلط الأضواء على أهم مظاهر الاحتفال بهذا الشهر الكريم .. وكيف ينظر له من جميع فئات المجتمع نساء ورجال شيوخ وأطفال . وما أهم العادات والتقاليد التي تميز وتقام في هذا الشهر الكريم بمجتمعنا الجنوبي؟ وهل اثرت الظروف المعيشية على الطقوس والعادات والتقاليد الرمضانية؟ وكيف كان استقبال الاطفال والمرأة لهذا الشهر؟ وما أهم الأطباق التي تقدم في الموائد الرمضانية؟
وكيف يواظب النساء والرجال والاطفال على اداء صلاة التراويح وعمل الخير؟ وهل هناك دور للمساجد في تقديم حلقات العلم والذكر والمسابقات القرآنية في هذا الشهر الفضيل؟ وكيف يتعامل الجار مع جاره بهذا الشهر الفضيل؟ وكذلك موائد الافطار الجماعي ورمزيتها بالنسبة للمواطن الجنوبي؟ وما مدى دور الجمعيات الخيرية في تقديم الصدقات للمحتاجين؟
-الإبقاء على روحانية الشهر
الأستاذة التربوية نادرة مصطفى حنبلة تقول:” بشهر رمضان المبارك يحلو لنا تزيين شوارعنا؛ ترحيبا وإجلالا لشهر اكتر فيه العبادات ويتفشى فيه السلام وزيارات الأهل ودعوتهم للافطار واعداد ما تتطلبه سفرة فطور رمضان من أكلات ومنها: الشوربة، والعتر، والسمبوسة، والباجيا، ولكنها قلت كثيرا بحكم الظروف المعيشية الصعبة إلا أن تمسك الناس بهده العادات يتسم بروح الإبقاء على روحانية الشهر فمنها :” اعداد الوجبات ومنها ما يتم توزيعه على الجيران كتقليد أو صدقة للمحتاجين، وزيارات الأهل والإفطار عندهم أو دعوتهم للإفطار، تزيين الشوارع بالأنوار والزينة، والسماح للأطفال باللعب حتى وقت متأخر، وكانت من العادات الالتفاف حول لعبة الورق والدمنا وان اقتصرت الآن على كبار السن، وتدارس الأحاديث الشريفة وقراءة القرآن الكريم والتسابق على ختم القرآن أكثر من مرة، وبأول يوم لابد أن نستقبل رمضان كعيد نلبس له الجديد، هذه بعض العادات وليست كلها”.
-شهر الرحمة والتسامح
وتؤكد الاستاذة عيشه فرج يسلم الصاعري، مدير عام تنمية المرأة بديوان محافظة لحج، عن الاجواء الرمضانية قائلة:” يمتاز شهر رمضان بالتسامح والرحمة وعمل الخير فالمجتمع الجنوبي يمتاز بالرحمة والتكافل، وكذلك تجمع العائلة والاصدقاء والجيران على موائد الإفطار ترحيبًا بالشهر الفضيل وتعليق الزينة، وشراء الفوانيس والالعاب النارية وقبل قدوم الشهر تذهب النساء للتسوق وشراء مستلزمات شهر رمضان، وتجهيز المطبخ وتنظيف البيت بشكل اكبر وأوسع حتى إذا البيت نظيف وتزينه”.
-روحانية رمضان تُعكره الظروف
بدورها الأستاذة أمل احمد المصلي، رئيسة مؤسسة أمل لرعاية الأيتام والفقراء والأعمال الإنسانية، تتحدث عن تأثير الظروف المعيشية المتدهورة في الطقوس والعادات والتقاليد الرمضانية:” أثر ارتفاع الأسعار، وتأخير استلام الرواتب، في بعض طقوس في العادات والتقاليد من النواحي المادية والقدرة الشرائية للمواطن الجنوبي، والاحتفال باستقبال رمضان، وبالرغم من كل الظروف التي يعيشها شعبنا الجنوبي لكل كل اسرة تحتفل بأبسط الأشياء فروحانية رمضان واجواءه موجودة “.
-فرحة رمضان
بينما تتحدث أ. عيشه قائلة:” من مظاهر استقبال رمضان الاستعداد للعبادة بهذا الشهر والزينة والاضاءة، وتجهيز المنزل والمطبخ بما نحتاجه من الأواني والمواد الغذائية كل حسب ظروفه، وشراء الملابس الجديدة من جلابيات للنساء والأطفال لاستقبال رمضان، بينما الأطفال يستقبلون رمضان بالترحيب واللعب بالألعاب النارية والزينة وفوانيس الزينة التي تزين البيوت”.
-عودة ذكريات الزمن الجميل
وتضيف أ. نادرة:” عندما كنا أطفالًا نحمل طاسة(وعاء معدني) أو قصعة(علبة معدنية) لبن فاضية طبعًا ونجوب شوارع الحي نرحب برمضان ونقف عند كل بيت وعلى صاحب البيت اعطائنا الحلوى أو قطعة نقدية، وعندما كبرنا كنا نعد العدة لما سنعمله من عبادات وما سنلعبه خلال الشهر، ونتصالح إن كانت بيننا خصومة، لكن اختفت هذه العادات أو بساطة استقبالنا لرمضان وافتقدناها بعد الوحدة 1990م، لكنني سعدت كثيرًا السنتين الأخيرة وهذا العام عندما رأيت الاطفال يجوبون الشوارع يحملون الفوانيس ويرحبون برمضان فرحين به، دمعت عيني فعلًا وأنا أراهم ببساطتهم وطفولتهم، يصرخون مرحب مرحب يا رمضان يا مرحبا بك يا رمضان”.
-غياب الأطباق
وتتحدث أ. نادرة عن أهم الأطباق والأصناف التي اختفت من موائد إفطار اغلب شعب الجنوب، قائلة: “الشربة باللحم، وكذلك اللحم عن الموائد بسبب الظروف المعيشية الصعبة وإرتفاع سعر الكيلو إلى 14 ألف ريال يمني، السمبوسة بالدقة (باللحم المفروم) واستبدلت بالبطاطس والبصل، الباجيا والعتر، وأيضا الشفوت أهم الوجبات لارتفاع أسعار الحقين والزبادي، واللبنيه بالفواكه هي الأخرى غابت عن معظم الموائد، وكذلك الجيلي والبدنج ارتفع سعره ونادرا ما يقدم في رمضان، والفواكه بشكل عام غابت عن الموائد برمضان وكذلك في بقية أشهر السنة. للأسف المعاناة وصعوبة المعيشة في الجنوب جعلت الأسر تقتصر على أكلات محددة وأقل تكلفة إن استطاعت الوصول اليها”.
-خلق بيئة داعمة للخير
ويتحدث معنا من محافظة شبوة الإعلامي حسن صالح الخليفي، عن المواظبة على أداء الصلوات في المساجد وصلاة التراويح وعمل الخير قائلاُ:” في هذا الشهر الكريم يجب التذكير بأهمية الصلاة ومنها: فضل الصلاة في المساجد ومنها مضاعفة الأجر ومغفرة الذنوب. وفضل صلاة التراويح، وفضل ليلة القدر. وكذلك فضل عمل الخير، مثل الصدقات والتطوع، وربطها بالبركة في الرزق وراحة البال”، مضيفًأ :” ويكون ذلك بخلق بيئة داعمة ومنها: تكوين مجموعات للصلاة في المساجد، وتبادل التذكير بين أفرادها. والمشاركة في الأنشطة الخيرية مع الأصدقاء والعائلة. وتشجيع بعضنا البعض على الاستمرار في فعل الخير”.
-الصبر والمثابرة
ويقترح الإعلامي حسن، للتغلب على التحديات التي قد تعيق أداء العبادات :” يجب إيجاد حلول للظروف التي تمنع من أداء الصلوات في المساجد، مثل العمل أو الدراسة. وتنظيم الوقت بشكل جيد لضمان تخصيص وقت للصلاة وعمل الخير. والصبر والمثابرة، وعدم الاستسلام للكسل أو الإحباط”.
-طقوس دينية مستمرة
ويتحدث معنا رئيس نقابة الصحفيين والإعلاميين م/ حضرموت الأستاذ فاروق أحمد العكبري، عن دور المساجد في تقديم حلقات العلم والذكر والمسابقات القرآنية في هذا الشهر الفضيل، قائلًا:” هناك الكثير من المساجد تقوم بحلقات العلم والذكر وتلاوة القرآن في شهر رمضان المبارك وعندنا في حضرموت جميع المساجد تقوم بذلك وأداء صلاة التراويح والمحاضرات والمسابقات الدينية”.
-تعزيز روابط الألفة
وعن كيفية تعامل الجار مع جاره في شهر رمضان الرحمة والتسامح يقول الإعلامي حسن:” يتعامل الجار مع جاره في شهر رمضان الفضيل بالعديد من الطرق، منها: تبادل التهاني بحلول شهر رمضان المبارك، سواء بشكل مباشر أو عبر الهاتف أو الرسائل، أو إرسال بطاقات معايدة أو هدايا رمزية تعبيرًا عن مشاعر الود والتقدير. وكذلك التعاون في تحضير الطعام: تبادل بعض الأطباق الرمضانية، خاصة مع الجيران الذين لا يملكون الوقت أو القدرة على تحضيرها. ومشاركة بعض المكونات أو الأدوات، مثل التوابل أو الأواني، لتسهيل عملية الطهي. ودعوة الجيران لتناول الإفطار في المنزل، خاصةً المحتاجين أو كبار السن أو من لا عائلة لهم؛ مما يُعزز روح الترابط والألفة بين الجيران”.
-لقاءات أخوية وتكافل اجتماعي
ويتحدث أ. فاروق عن موائد الإفطار الرمضانية ورمزيتها بقوله: “ترمز موائد الافطار الجماعي للتعاون والتكافل الاجتماعي ولقاء الاصدقاء في هذه المناسبات الدينية والاجتماعية والتعارف والمساهمة بعمل الخير ومساعدة المحتاجين”.
-قصور في توزيع المساعدات
وعن مدى دور الجمعيات والمؤسسات الخيرية في تقديم الصدقات والمساعدات للمحتاجين، تقول أ. امل المصلي:” ساعدت المؤسسات والجمعيات في جعل اغلب المجتمع إتكالي ينتظر المساعدات ولا يعمل، وكذلك بعض الأفراد في المجتمع يستلموا الصدقات أو المساعدات من أكثر من جهة، وأخرين لا يستلموا شيء. ومن جهة أخرى ارتفاع العملة الأجنبية أمام العملة المحلية قلل من الصدقات فأصبحت محصورة لناس معينة عن غيرهم، فهناك قصور كبير في توزيع الصدقات بطريقة سليمة وعادلة”.