المقالات

طفلة تبكي دما في غزة بدل الدموع يامسلمين

كنا نسمع مقولة ستبكي دم ، وكثيرا ما اعتبرناها مجازية لان البكاء في عادته دموع وليست دما ، وكان التعبير بهذه الصيغة ( تبكي دما ) دلالة على ان البكاء يصل مداه حد جفاف العين ونزيفها دما من كثرته ، حتى ان ماذكر في القرآن الكريم عن النبي يعقوب عليه السلام في بكاءه الشديد على فقد ولده يوسف لم يكن دما بل كان دمعا حتى ابيضت عيناه من الحزن .
ماجرى في غزة ومايجري من تدفق شلال الدم الذي انسكب من اشلاء الرجال والنساء والشيوخ والاطفال لايتصوره انسان ويصدق من يقول بانهم في غزة يبكون دما ، كيف لهم ان يكونوا وسط جيرانهم في العقيدة والعروبة والانسانية ومحاطين بأهل بالنخوة والشهامة والاصالة والعراقة والبطولة والفداء والنجدة ونصرة المظلوم ثم لايجدوا من ذلك شيء على ارض الواقع غير الخذلان والحصار وكأن القائل يقول : ايعقل ان ينتظروا فناء غزة واهلها حتى يتركوهم فريسة سائغة لابشع مخلوقات الارض بني صهيون قتلة الانبياء ناقضي العهود،

اي وفاء لهم مع بني صهيون حتى يلتزم الجوار العربي بمعاهداته معهم وهم الذين يشنون علينا حملاتهم المسعورة عبر التاريخ ، فلايمكن ان تنسى مصر والاردن وسوريا ولبنان حروب العدوان الصهيوني عليهم وهاهم اليوم يتركون غزة لينفرد بها الصهاينة ليبيدوها من على الخارطة فيحرثونها حرثا يجتثون البشر والحجر والشجر.

لعلها رسالة وصلت الينا بعد انقضاء عهد النبوة والرسل المذكرين للخلق بربهم ، هذه الطفلة التي ولدت في احدى مشافي قطاع غزة وهي تبكي مثل باقي الاطفال ساعة الولادة لكن الرسالة التي وصلت للانسانية والعروبة والاسلام على وجه الخصوص هو ماذرفته هذه الطفلة الباكية ، فقد بكت دما يقطع شرايين القلوب ويبكي امة قد جفت دموعها ويوقضها من سباتها ويحيي فيها عزتها وكرامتها لو كانت تعي ذلك.

ان الطفلة الباكية دما في غزة ، هي غزة التي لم تجد يدا تحن عليها وتمد لها رشفة ماء او كسرة خبز او حبة دواء ، غزة التي لم تجد من يداوي جراحها بعد ان دمرت الصهيونية الحاقدة مستشفياتها وقتلت الاطباء والمسعفين ، غزة التي لم تهتز مشاعر وكبرياء حكام العرب والمسلمين حين سمعوا وزيرا صهيونيا يوصي الجيش باستخدام القنبلة النووية لابادة غزة.
غزة اليوم لم يعد في مقلها دموعا تذرفها فقد جفت وهي اليوم تبكي دما وقد رأينا الطفلة الغزاوية التي ولدت تبكي دما على وضعنا المذل فقد اجتمعنا ٥٤ دولة عربية واسلامية لنخرج من الاجتماع اما مطأطين الرؤوس خوفا وخجلا واما متبجحين رافعين رؤوسهم مؤكدين صدق وفاءهم للعهود مع بني صهيون بانتصارهم لصالح مشروع الابادة لغزة التي احرجتهم ، فلم يعد على وجه الارض غير غزة من يرتبط بالله قولا وفعلا ويقاوم الاحتلال ويدافع عن دينه وعقيدته ، فهم اليوم يبكون دما ليس على حالهم ومأساتهم بل على سقوطنا كعرب ومسلمين في الانحطاط الديني والاخلاقي ، فابكي ياغزة دما بدل الدموع فانت بين وسط جغرافي فقد ارتباطه بالتاريخ والاحساس والمشاعر ولم يعد يحمل معاني النخوة والشهامة كاجداده هم اليوم مسخ.

المصدر

جوجل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى