وكالة إخبارية إماراتية تتابع تحركات بن مبارك في المكلا / صور
كسب ثقة المواطن.. معركة جديدة للحكومة اليمنية
لا تقتصر الملفات المطروحة على طاولة الحكومة اليمنية على تنفيذ إصلاحات شاملة ومحاربة الفساد كأولويات عاجلة حددها مجلس القيادة الرئاسي، بل تبرز مسألة كسب ثقة المواطن بالمحافظات المحررة كمعركة جديدة وتحد صعب أمام رئيس الوزراء الجديد أحمد عوض بن مبارك.
فمنذ تعيينه رئيسا للوزراء مطلع فبراير/شباط الماضي، يحاول بن مبارك إعادة ثقة الناس المفقودة بالحكومة ومؤسسات الدولة، وذلك من خلال اللقاءات المباشرة التي يستمع فيها إلى همومهم واحتياجاتهم الضرورية، بهدف الخروج بمعالجات صحيحة لكافة المشكلات القائمة.
على مدار شهرين نفذ بن مبارك سلسلة من اللقاءات والجولات الميدانية للمرافق الحكومية المرتبطة بشكل مباشر بمصالح الناس، كما قام بزيارات مفاجئة لمؤسسات ومرافق حكومية في العاصمة المؤقتة عدن، كان الناس يفتقدون إليها مع الحكومات الشرعية المتعاقبة منذ 9 سنوات.
ولا يتوقف هذا التحدي في إطار العاصمة المؤقتة عدن، حيث يخطط بن مبارك لزيارة كافة المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليا، والتي دشنها بالفعل، أمس الإثنين، بزيارة مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، شرقي البلاد، كمحطة أولى ستشمل محافظات مختلفة.
وينحدر رئيس الحكومة من محافظة حضرموت، لكنه أكد، في تصريحات نقلها الإعلام الحكومي أمس الإثنين، أن تدشين زياراته للمحافظات من حضرموت، مؤشر على اهتمام القيادة السياسية بالمحافظة التي تشكل “رافعة وقاطرة للتنمية والاستقرار والمشروع الوطني”، ونموذج للاستقرار، وفقا لتعبيره.
وأشار بن مبارك إلى أن الزيارة تهدف إلى “الاقتراب أكثر من قضايا الناس ومشكلاتهم والعمل على إسناد جهود السلطات المحلية للقيام بواجباتها في إطار الدور التكاملي على المستوى المركزي والمحلي للإيفاء بالالتزامات تجاه المواطنين، خاصة في تحسين الخدمات الأساسية وتحريك عجلة التنمية”.
شفافية وشراكة في التحديات
في خطاباته السابقة، يحرص بن مبارك على مصارحة الناس بصعوبة الوضع الاقتصادي الذي تعيشه حكومته، ويؤكد أنه لن يقدم وعودا كاذبة يزعم فيها أنه يمتلك حلولا سحرية للوضع.
وفي حضرموت، كان رئيس الحكومة يركز على هذه الزاوية، ويؤكد أهمية إشراك المواطنين في هذه التحديات، وأن يشعروا أن حكومته تمر بنفس معاناتهم وإعادة الثقة إليهم بمسؤولي الدولة والحكومة والسلطات المحلية.
وقال بن مبارك إن زيارته إلى حضرموت، ليست للقاء بالنخب فقط، بل للاقتراب من المواطنين والاستماع إلى احتياجاتهم ليشعر المواطن أن الحكومة مهتمة وحريصة على لمس معاناته والعمل بكل الإمكانات على تخفيفها وتحسين مستوى معيشته اليومية.
ويبدو خطاب الحكومة الجديدة مغايرا لما سبقها، حيث يؤكد بن مبارك أن عنوان المرحلة الحالية هو الشفافية والمساءلة والمضي في برنامج الإصلاح المالي والإداري ومكافحة الفساد لإعادة الثقة مع المواطن وتجاوز التحديات والصعوبات والحرص على اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب، وأن يستوعب الجميع أنه ليس هناك شخص فوق القانون.
عدم الاكتفاء بالتقارير
وفي جولة ميدانية قام بها فجر اليوم الثلاثاء بمدينة المكلا، قال بن مبارك إنه منذ توليه رئاسة الحكومة حريص على الالتقاء والاستماع الى المواطنين وعدم الاكتفاء بالتقارير المرفوعة، ولفت إلى الدور المناط بالمواطنين في إسناد جهود الحكومة لتحقيق هدفها في تعزيز الشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد.
وذكر بن مبارك، الذي ظهر في لقطات مصورة وهو يجري أحاديث ودية مع المواطنين، أن خدمة المواطنين وتخفيف الأعباء عنهم “مهمة وطنية وأخلاقية وتجسيد حي للعلاقة الوثيقة والالتزام المهني بين المسؤول والمواطن.
نموذج ملهم
وفي أمسية رمضانية عقدها، مساء أمس الإثنين، مع القيادات المحلية والتنفيذية والعسكرية في المكلا، أكد بن مبارك حرص الحكومة أن تكون محافظة حضرموت نموذجا ملهما في التنمية واستغلال إمكانياتها ومقوماتها في دفع عجلة النهوض الاقتصادي، وبما ينعكس على أبناء حضرموت ومستوى معيشتهم، والاقتصاد الوطني بشكل عام.
وفي ظل ظروف صعبة مع افتقار الحكومة لأكثر من 70 في المائة من مواردها جراء توقف تصدير النفط بسبب الهجمات الحوثية في أكتوبر/تشرين الأول 2022، لا يوجد في جعبة رئيس الوزراء الكثير من الحلول للمشاكل والأولويات التي يعاني منها الناس، وخصوصا في حضرموت، التي كان نفطها الخام، يشكل رافدا رئيسيا لخزينة الدولة التي تعاني حاليا وتعيش في وضع حرج.
ودعا بن مبارك، القيادات الحضرمية التي التقاها غداة وصوله المكلا، إلى التفكير بشكل استراتيجي لاستغلال المقومات التي تمتاز بها محافظتهم، ووجه بالعمل وفق مبدأ الأولويات ومعالجة الأمور وفق منظور استراتيجي يساعد على تحقيق مراكز تميز وتحشيد الموارد لها، كما هو معمول به في تجارب عدد من البلدان كانت تمر بذات الأوضاع.
وحسب وكالة “سبأ” الرسمية، فقد أعرب بن مبارك، عن تفهمه لطبيعة الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطن، ومعاناته التي فرضتها حرب مليشيات الحوثي الإرهابية في الجانبين العسكري والاقتصادي، وما تعمل عليه الحكومة بالتعاون مع السلطات المحلية لتخفيف هذه المعاناة.
كما أكد الحرص على “خلق حراك استثماري وشراكة استراتيجية مع القطاع الخاص” في حضرموت لتقديم نموذج في النهوض الاقتصادي يمكن تطبيقه في بقية المحافظات.
رهان على الدعم الإقليمي والدولي
وفقا لمصادر حكومية لـ”العين الإخبارية”، يحظى رئيس الحكومة الجديد، أحمد بن مبارك، بدعم إقليمي ودولي لا محدود لتنفيذ إصلاحات شاملة، خصوصا في مسألة توفير وانتظام الخدمات العامة من كهرباء ومياه وتأهيل شبكة طرقات.
وأشارت المصادر إلى أن التحدي الصعب يتمثل في طمأنة الشارع بالمحافظة على استقرار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية وضمان رواتب موظفي القطاع العام، وهذا لن يكون بالعمل السهل، في ظل افتقار الخزينة العامة للموارد الرئيسية من بيع النفط، وكذلك في ظل استمرار الحرب الاقتصادية الحوثية.
ويراهن بن مبارك، حسب المصادر، على دعم إقليمي ودولي لتنفيذ إصلاحات عاجلة وتجفيف الفساد، والتي من شأنها إطلاق مشاريع استراتيجية يلمسها المواطن بشكل مباشر.