تقرير خاص لـ"الأمناء" : هل فشل الرئاسي في إدارة مهامه للمرحلة الانتقالية؟
(الأمناء / تقرير خاص :)
من يقف وراء تعطيل الخدمات في العاصمة عدن ومحافظات الجنوب؟
فيم تتمثل دلالات ومؤشرات فشل الرئاسي في إدارة مهامه للمرحلة الانتقالية؟
كيف تعمد الرئاسي استهداف الجنوب بحروب الحصار وتردي الأوضاع؟
لماذا تخلى الرئاسي عن الاهتمام بالخدمات وعجز في وضع معالجات للفساد الحكومي؟
يا ترى أيش النهاية؟
أعلن الرئيس السابق عبدربه منصور هادي، المقيم في العاصمة السعودية الرياض، في 7 أبريل/نيسان 2022م في خطاب متلفز، تشكيل مجلس قيادة رئاسي في بلاده، سلّم بموجبه صلاحياته، في مسعى لتوحيد الصفوف في المعسكر الذي يقاتل الحوثيين في البلاد منذ أكثر من سبع سنوات.
وتشكل المجلس الرئاسي من 8 أعضاء برئاسة رشاد العليمي، وعضوية كل من سلطان علي العرادة، وطارق محمد صالح، وعبد الرحمن أبو زرعة، وعثمان حسين مجلي، وعيدروس الزبيدي، وفرج سالمين البحسني، وعبد الله العليمي.
فشل ذريع:
ومنذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي قبل نحو أكثر من عامين، لم يحقق أي إنجاز يذكر على مختلف الجوانب في المحافظات الجنوبية المحررة.
واستبشر أبناء المناطق الجنوبية المحررة خيراً في مجلس القيادة الرئاسي عقب إعلان الرئيس السابق عبدربه منصور هادي نقل كامل صلاحياته إلى هذا المجلس، غير أن المؤشرات تؤكد عكس ما كان متوقعًا.
ولم ينجح مجلس القيادة الرئاسي في تحقيق أي إنجاز منذ تشكيله، حيث تشهد المناطق المحررة ترديًا في الخدمات المعيشية والخدمية مع غياب صرف المرتبات بانتظام، بالإضافة إلى الفشل الاقتصادي وتدهور وانهيار العملة المحلية.
وتعرضت المناطق الجنوبية المحررة لحروب قذرة من السلطة السابقة الخاضعة لسيطرة الإخوان، التي استخدمت الخدمات والمرتبات والاقتصاد أسلحة في حربها السياسية لتركيع الشعب في الجنوب.
تدهور مريع:
وتعيش العاصمة الجنوبية عدن والمحافظات المجاورة تدهورا مريعا في شتى المجالات الخدمية والتنموية والاقتصادية منذ تسلم مجلس القيادة الرئاسي مهام السلطة لاستكمال تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية. ودفع أبناء عدن ومحافظات الجنوب النصيب الأكبر من معاناتهم جراء هذا التدهور والفشل الذريع الذي مني به المجلس الرئاسي ممثلاً برئيسه رشاد العليمي، وما صاحب ذلك من فساد نخر وزارات الحكومة السابقة لمعين عبدالملك وعجز الحكومة اللاحقة لبن مبارك في إحداث تغييرات إيجابية ملموسة للحد من هذا الفساد ومحاربته.
أوجه المعاناة:
وتمثلت المعاناة في تردي الأوضاع المعيشية والخدماتية وانقطاع المرتبات وتدهور العملة المحلية وسقوطها إلى أدنى مستوى في تاريخنا القديم والمعاصر، وأثبت المجلس الرئاسي فشله الذريع في القيام بمهامه التي جاء من أجلها على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية، وفي عهده اكتفى رئيسه رشاد العليمي بالرحلات المكوكية خارج البلاد، متناسيا حجم المهام الملقاة على عاتقه. وبدلاً من تحمل مسؤولياته تجاه المواطنين وفي لملمة الشمل وتوحيد الجهود لتوجيه بوصلة المعركة لتحرير ما تبقى من المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين سعى العليمي إلى إثارة الفتن وتوسيع بؤرة التوترات في المناطق المحررة وتحديداً المحافظات الجنوبية، وأنشأ تشكيلات عسكرية تابعة له وبدلاً من توجيهها إلى مناطق جبهات الحدود الممارسة للحوثيين ، قام بإنشائها لتتوجه صوب المحافظات الجنوبية التي تمتلك من القوات العسكرية والأمنية ما يكفي لحمايتها ، بل ولتوجهها لتحرير ما تبقى من المحافظات الشمالية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.
وشهدت العاصمة عدن في عهد المجلس الرئاسي الذي يرأسه رشاد العليمي انهيار خدمة الكهرباء وتصاعد ساعات الإطفاء مقابل ساعات التشغيل ، ما يُنذر بتكرار الأزمة التي تعاني منها عدن والمحافظات الساحلية في فصل الصيف من كل عام.
وشهدت خدمة الكهرباء في عدن انهياراً ملحوظاً خلال الأيام الماضية وارتفعت ساعات الإطفاء ما بين 5 – 8 ساعات مقابل ساعتي تشغيل فقط.
حصار مفروض:
وتحمل أبناء العاصمة الجنوبية عدن فوق طاقتهم من المعاناة المستمرة التي عكست مدى الحصار المفروض والمتعمد عليهم ، والحرب المفتوحة التي تشنها قوى الاحتلال اليمني منذ حرب صيف ١٩٩٤م وحتى اليوم ، والتي كان آخرها في عهد تولي رشاد العليمي رئاسة مجلس القيادة الرئاسي ، واكتفاءه بالتعيينات الخرافية للقيادات الإصلاحية والإخوانية التي أثبتت فشلها الذريع في مراحل سابقة وكانت سبب زعزعة الأمن والاستقرار في المحافظات الجنوبية في فترات سابقة وممن أثبتت الوقائع على الأرض تخادمها مع الإخوان والتنظيمات الإرهابية ومع الحوثيين المدعومين من إيران.
وتساءل نشطاء جنوبيون لرئيس مجلس القيادة الرئاسي: ماذا قدمتم للجنوب والمناطق المحررة منذ توليكم لمجلس القيادة الرئاسي؟ إذ لم تطبعوا الأوضاع ولم تعالجوا الخدمات وها هي عدن ومدن الجنوب اليوم تغرق في ظلام دامس منذ مجيئكم إلى معاشيق أنت ورئيسي حكومتك السابق معين واللاحق بن مبارك وشلتك من الوزراء في حكومة المناصفة التي فاح فسادها في أرجاء المعمورة؟!
فشل هيكلة المؤسسات السيادية والمالية والبنك المركزي:
وفشل المجلس الرئاسي منذ مجيئه في هيكلة المؤسسات السيادية والمالية والبنك المركزي، وفك ارتباط المؤسسات عن صنعاء وبناء مؤسسات بديلة لها في العاصمة عدن وتعزيز قدرتها المالية والإدارية وفقا للأنظمة والقوانين النافذة، والبدء الفوري بتفكيك أجهزة الدولة العميقة والعمل بآليات جديدة تضمن القضاء على “سياسة الاحتواء” التي تمارس على محافظات الجنوب، والعمل وفقا لرؤية دقيقة لبناء المؤسسات الحكومية وتهيئة الظروف الملائمة للاستثمار والتنمية واستقرار الخدمات، وتشغيل مصفاة عدن لتكرير النفط، والعمل بكل الوسائل لتصدير النفط وبيعه لتمويل خطة الإنفاق الحكومية، وإغلاق الحدود وتطبيق القوانين المالية والضريبية والجمارك في المنافذ الحدودية البرية والبحرية بمثل ما أقدم عليه الحوثيون، وفرض قيود مالية وادارية على تدفق البضائع الصناعية والزراعية “الضرورية” القادمة من مناطق الحوثي، وتفعيل القوانين التجارية، وتحصيل الموارد السيادية وفرض سياسة نقدية تضمن حماية العملة المحلية المتداولة في عدن من الانهيار أمام العملات الأجنبية، وتعزيز الكتلة النقدية من الموارد الخارجية، والوقف الفوري للنفقات والرواتب التي يتم صرفها من موارد محافظات الجنوب الى محافظات ومؤسسات الحوثي ، تنفيذا لقرار مجلس الوزراء ، واعتبارها جريمة تستحق المسائلة والعقاب ، واغلاق فروع البنوك التجارية كافة والتي مازالت مراكزها المالية والإدارية في صنعاء ، وتأهيل بنوك عدن وتقديم التسهيلات البنكية اللازمة للقيام بدورها بحسب القوانين والأنظمة النافذة ، والسيطرة على سوق الاتصالات والانترنت بعيدا عن صنعاء ، وتطوير شركة عدن نت ، وتوسيع نطاق تغطيتها لكافة المحافظات ، والعمل مع الاقليم والعالم والزامهم على فتح مراكز إدارية ومالية للمنظمات والوكالات الأممية والدولية في العاصمة عدن ، وتقديم التسهيلات البنكية اللازمة لتوريد تمويلات المساعدات الانسانية الى البنك المركزي والبنوك التجارية في العاصمة عدن ، والعمل على تحويل عوائد المغتربين الى بنوك عدن ومحافظات الجنوب حسب تصريحات نارية سابقة للدكتور محمد سعيد الزعوري وزير الشؤون الاجتماعية والعمل في حكومة المناصفة والذي كشف في حديث له مع إذاعة هنا عدن آنذاك عن حقائق صادمة عن الوضع الاقتصادي وانهيار العملة في العاصمة عدن ومحافظات الجنوب والخيارات المتاحة إزاء ذلك قبل الإنهيار الوشيك الذي نعيشه اليوم حقيقة ملموسة في ظل قيادة رشاد العليمي لمجلس القيادة الرئاسي والذي حذر من وقوعه الوزير الزعوري حينها.
تمكين الإخوان في دوائر المجلس الرئاسي:
ويتهم الجنوبيون رئيس المجلس الرئاسي بعدم الاهتمام بالوضع الخدمي، وتمكينه السياسي لرموز الإخوان في دوائر مكتب رئاسة المجلس، وبغض الطرف عن وضع معالجات وحلول للفساد المالي والإداري المستشري في معظم الوزارات والمرافق الحكومية ، واكتفاءه بالتصريحات بحل المشكلات والمعاناة التي يعاني منها المواطنون في جوانب الخدمات وما يتعلق بالجوانب المعيشية وتدهور العملة.
أبرز أسباب فشل المجلس الرئاسي:
وكشف سياسيون لصحيفة “الأمناء” عن أهم أسباب فشل المجلس الرئاسي، في تقديم الخدمات للمواطن في المناطق المحررة، مؤكدين أن رئيس الوزراء وبعض أعضاء مجلس القيادة الرئاسي هم أبرز المشاكل التي تقف أمام الإصلاحات.
ولم يحقق المجلس الرئاسي أي إنجاز رغم مرور أكثر من سنتين على إنشائه، حيث انهارت المؤسسات الحكومية، وانهار الوضع الاقتصادي في عهده ولم تحدث تغييرات حكومة بن مبارك أي جديد لمعالجة هذه المشكلات ، والفساد الذي استشرى في عهد حكومة معين عبدالملك ، ووقفت عاجزة عن حلحلة أي نوع من الملفات الساخنة وأهمها ملف الخدمات وانقطاع المرتبات ومحاربة الفساد وغيرها من الملفات ذات العلاقة بمهام الحكومة.
موقف المجلس الانتقالي الجنوبي:
وقبل نحو أسبوعين اتهم المجلس الانتقالي الجنوبي الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا بالفشل في إدارة ملف الخدمات، مطالبا بوقف العبث في هذا الملف. وقال المجلس في بيان أصدره في ٢٤ ابريل ٢٠٢٤م ، إن هيئة رئاسته عقدت اجتماعا دوريا ناقشت فيه الأوضاع في العاصمة عدن، وباقي محافظات الجنوب، والمعاناة المستمرة للمواطنين جراء تدهور الخدمات وفي مقدمتها خدمتا الكهرباء والمياه.
ويؤشّر هذا الموقف على بداية أزمة بين السلطة اليمنية التي يقودها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، والمجلس الانتقالي الذي يقوده الرئيس عيدروس الزبيدي والذي يطالب باستعادة دولة الجنوب المستقلة معتبرا الوضع الحالي مجرّد مرحلة انتقالية مؤقتة، ولا يرغب المجلس في تحمل المزيد من أعباء ناتجة عن أخطاء الحكومة وما تسببه من معاناة لا تطاق لأبناء العاصمة عدن ومحافظات الجنوب.
أزمات متعمدة:
ويرى ناشطون أن “الأزمات التي يعيشها شعب الجنوب اليوم أزمات متعمدة هدفها اخضاع شعب الجنوب والمجلس الانتقالي الجنوبي لتسويات سياسية لا تتوافق مع مطالب أبناء الجنوب في استعادة دولتهم كاملة السيادة”.
وأكدوا أن “التدهور الفظيع والسريع في العملة وتضييق الخناق على شعب الجنوب خاصة بالعاصمة الجنوبية عدن، وتعطيل الخدمات بشكل هستيري ، وتفريخ مكونات كرتونية هو تجسيد عملي لمحاولة الإطاحة بالمجلس الانتقالي الجنوبي، وتحجيمه عبر الضغط على شعب الجنوب بحرب الخدمات، وتحميل الانتقالي المسؤولية ودفع الشعب للانتفاض ضد الانتقالي ومن ثم الانفراد بشعب الجنوب وتسليم أرضه وثرواته ومقدراته لميليشيا الحوثي الإيرانية عبر مكونات كرتونية جنوبية يجري انشائها بهدف إثناء شعب الجنوب عن تحقيق أهدافه وتطلعاته باستعادة دولته المستقلة والفيدرالية”.