في زحمة تكالب المعاناة.. رفع سعر الخبز بعدن يهدد بانفجار غضب شعبي عارم
“عُض قلبي ولا تعض رغيفي” ، جملة تختصر رحلة عذاب الفقراء دفاعاً عن الخبز ، ورفعه منزلة تفوق القلب أي أقدس من الحياة نفسها.
الخبز فجر إنتفاضات شعبية في مصر عام ١٩٧٧م التي وصفها السادات بإنتفاضة حرمية وأنزل الجيش إلى الشوارع لقمعها ، كما شهدت سنوات لاحقة إنتفاضات مماثلة في تونس والجزائر والسودان وغيرهم.
في اليمن تتلبد السماء بسحب الغضب ويتزعزع الأمن الغذائي في كل المناطق، ويتفاوت الإستياء الصامت شمالاً ، والتحرك على الأرض جنوباً ،حيث ثقافة المقاومة مكون نفسي متجذر في الوعي الجمعي للناس.
في عدن تم إعلان رفع (الروتي)وهو قوت كل أبناء المدينة ، أو هكذا فُهم من قرار المحافظ وهو محسوب على الإنتقالي ، في توقيت حرج ليرفع سقف المعاناة، ويدفع نحو إنفجار الشارع إحتجاجاً على كل شيء : غياب الخدمات ، جلد المدينة حد الإنتقام من تاريخيتها بحرمانها من الكهرباء والماء ، والإعتراف بفساد مهول في ملف وقود كهرباء عدن ، مع غياب كلي للشفافية وفتح ملفات الفساد الحكومي السياسي المناطقي ، الذي يستنزف ميزانيات الدولة، ويعيد توجيه المليارات لجيوب أصحاب السلطة والنفوذ.
ومع إعترافات رئيس الحكومة الجديدة بن مبارك بشبكات الفساد الرسمي، إلا انه لم يحرك ملف دعوى ولم يوجه النائب العام بذلك ، ما يضعه في خانة الأسئلة المشوبة بالريبة، أما بعدم الجدية وإما بالشراكة، وهي أسئلة مستحقة وحده بن مبارك من سيجيب عليها، بقرار فوري برفع غطاء الحماية عن الفاسدين ، وإحالة ملف وقود الكهرباء للقضاء.
في زحمة تكالب المعاناة يأتي رفع الخبز ليضع كل مؤسسات الدولة على مفترق طريق إنفجار إجتماعي ،غير مسيطر عليه في عدن ، يطيح بالإستقرار النسبي، ويضع الحكم في حالة من الإضطراب ،ويدفع بصدقيته إلى عين العاصفة.
في موضوع الخبز وتردي الخدمات تتراجع سلطة الشعارات في وجدان الناس ، يخبو وهجها وتتكسر أنصال تخويف الشعب بخيانة القضية الجنوبية، ويتساوى الشرعي مع الإنتقالي في الوعي العام ؛ لشراكة الأول في سلطة يدينها في بيانات أُطره ويحملها أسباب الفشل الخدمي، ولا يتخذ خطوة ولو بمجرد التلويح بالإنسحاب منها، للضغط وتحسين وضعه بين حواضنه.
آخر ماتبقى لفقراء عدن الخبز ، وإن تم المضي بزيادة أسعاره سينفجر الشارع العدني ، ومعه كل الجنوب وحتى فقراء كل اليمن، في إنتفاضة عارمة لن تجد السلطات الوقت الكافي لإحتواء الشارع ،وتوسيع مسكنات الوعود ، وسيتحول توصيف إنتفاضة الخبز ،من إنتفاضة حرمية كما تحلو عادة للأجهزة الأمنية العربية وصفها، إلى إنتفاضة ضد الحرمية في اليمن ، حرمية السلطة لا جوعى الشعب.
من حساب المحلل السياسي الجنوبي والكاتب/خالد سلمان
* ملاحظة:المقال لا يعني بالضرورة رأي الموقع بل رأي كاتبه
المصدر