إذاعة وتلفزيون عدن.. الوجه الحقيقي للجنوب
4 مايو/ ياسر القفعي
لكل بلد تاريخ ولكل أرض حضارة ولكل إنسان ثقافة ولكل جغرافيا حدود، ولكل امتداد حاضر ولكل ماضي مستقبل، هكذا هي الحياة وهكذا حال الإنسان على ظهر هذه الدنيا، يرحل الإنسان وهذا قدر الله لكن يبقى أثر الإنسان وتبقى ملامح الماضي، يبقى التاريخ شاهداً عن الماضي بكل الألوان والأشكال ويبقى الإنسان هو العنوان، بل يبقى ركيزة الحياة ومحور الحدث، حتى تأتي فترة ويبقى الإنسان التاريخ بنفسه.!
تلك مقدمةً بسيطة أردت أن أبداء بها موضوعنا الذي طال انتظاره كثيراً، والذي يجعل المرء في حيرةً من أمره، نحنُ في الجنوب العربي شعب ذات حضارة، ولنا ثقافتنا وتاريخنا الجميل، لنا معالمنا ولنا خصائصنا، سبقنا دول المحيط في التقدم والتحضر، كانت عاصمتنا ( عدن ) الحبيبة من العواصم السباقه الذي شهدت انطلاق أول إذاعة وتلفزيون في شبه الجزيرة، وإصدار أول صحيفة، وكانت عدن من بين المُدن الأولى في التقدم والتطور العلمي والحضاري والثقافي والماضي خير شاهد.!
إذاعة وتلفزيون العاصمة عدن هما من أول اساسيات النهضة التقدمية في البلد والاقليم والمنطقة برمتها، وهما جزء من ثقافة وتاريخ وحضارة هذا الشعب سابقاً وحاضراً ومُستقبلاً بحول الله، كانا إذاعة وتلفزيون عدن وجه الدولة الحقيقيان ولابد أن يعودان كما كانا في الماضي، بل إن الإذاعة والتلفزيون كانا صوت الشعب جنباً إلى جنب مع الصحف والمجلات وكل هذا تحت راعية الدولة وادارت وكالة أنباء الجنوب ثم مؤسسة 14 اكتوبر للصحافه والطباعة والنشر، والذي كان لها الدور الكبير بعد استقلال الوطن وطرد المستعمر البريطاني، وبعد اجتياح بلادنا في صيف 94م، تغيرت الأمور كثيراً.!
وتعرض أرشيف وتاريخ الإذاعة والتلفزيون للنهب والسرقة ومحو كل جميل، وسُرح الكادر ومنهم من تعرض للقتل، والجميع يعرف هذا وكل هذا الاضطهاد حصل من قبل القوات الغازية بقيادة المثلج عفاش وحلفائه من حزب الإخونج وكل المتنفذين الذين جاءت بهم عصابات 7/7 المشؤوم، وتعاملت حكومة صنعاء المحتلة مع مؤسسة الإذاعة والتلفزيون في عدن وكوادرهما من درجة ثانية وسرحت الغالبية العظمى، وفعلت كل هذا مع وكالة أنباء الجنوب وكل المؤسسات الرسمية والصحف كحال تعاملها مع الشعب الجنوبي عامة.
ثم أتى اجتياح الجنوب ثانيةً في العام 2015م من قبل عفاش نفسه ومعه هذه المرة الحوثيين وكل عناجهة والقبائل والمتفذين الشمالين، ليدمروا مابقي من معالم الإذاعة والتلفزيون وهو المقر الرئيسي لهذان الكيانان في العاصمة ( عدن ) وتسريح كل المذيعين والمذيعات وكل العاملين في قطاع الإذاعة والتلفزيون وينهبوا كل محتويات القطاع، ساعدهم في هذا حكومة المهجر مايعرف بالشرعية التي قامت بنقل التلفزيون إلى جده وتغير طاقمه العامل بعاملين من أبناء العربية اليمنية، والاستغناء عن المذيعين الرسميين الجنوبيين، وقاموا بحل الإذاعة وانهائها عن الوجود ووقف بث اثيرها ومواد ابرامجها، وطرد الاخوة المذيعين و المذيعات، ولم يتوقفوا عند هذا بل قامت حكومة الشرعية المهاجرة بوقف مرتبات ومعاشات هؤلاء الأبطال الذين أفنوا حياتهم خدمة للوطن وقدموا عصارة جهدهم ضاربةً بذلك عرض الحائط.!
حكومة الشرعية المزيفة حاربت كل كوادر قطاع الإذاعة والتلفزيون وحرمتهم كل حقوقهم التي كفلها لهم الدستور، وتركتهم يعانون الأمرين في ظل تردي الوضع المعيشي وهناك من توفاه الله وهو يندب حضه التعيس، ولم يحصل على أبسط حقوقه كمثل المرتبات، ولعل آخرهم المخرج محمد محمود السلامي رحمة الله تعالى الذي انتقل إلى رحمة الله الامس، والقائمة تطول في هذا الباب، السؤال هنأ لماذا المجلس الانتقالي يغض الطرف حيال هذا الاضطهاد والعنهجية وتلك الممارسات اللانسانية، وهذا التدمير المُمنهج الذي تقوم به حكومة الشرعية المزعومة؟.!
بما أنني مواطن جنوبي ومعي كل المواطنين الاحرار نطالب المجلس الانتقالي ونقابة الإعلاميين والصحفيين الجنوبيين بالتحرك العاجل وحل هذه المعضلة والمشكلة الجسمية واسترداد الإذاعة والتلفزيون إلى مكانهما الأصليين وإعادة الكوادر وتعويضهم عن كل ما تعرضوا له وجبر خواطرهم وصرف مرتباتهم دون قيداً أو شرط ومحاسبة وزير إعلام حكومة العليمي، الذي هدد بالعلن أنه حتى وإن عاد تلفزيون عدن سيعود إلى مأرب في تحد صارخ للشعب الجنوبي وتاريخه النضالي ولكل مؤضفي قطاع الاذاعه والتلفزيون.!
أطلت في الموضوع ولكن مثل هذا موضوع يحتاج إلى سرد مجلدات كاملة تتحدث عن الظلم والقهر والاستبعداد الذي تعرضا له قطاع الإذاعة والتلفزيون ومؤضفيهما المخلصين، هنأ أكرر مناشدتي العمل على البداء في فتح هذا الموضوع وحله سريعاً وإعادة الإذاعة والتلفزيون إلى عدن كونهما يمثلان وجه الدولة الحقيقيان وصوت الشعب ويعُدان جزء من تاريخ هذا البلد وحضارته الضارب جذوره في أعماق التاريخ.!
رحم الله كل شهدائنا المذيعين والمذيعات الذين توافاهم الله خلال هذه الفترة الصعبة وهم يأملون حصولهم على حقوقهم ومرتباتهم وإعادة إذاعة وتلفزيون عدن إلى المكان الأصلي لأجل أحياء التاريخ الماضي الجميل الذين قضوه بين جدران المقرين الرسميين لإذاعة وتلفزيون عدن، واعان الله من لازال يعاني صعوبة الحياة ويكابدها مترقبن حصوله على حقوقه وآملن أن يأتي يوماً يرى الإذاعة والتلفزيون عادا للبث والعمل من داخل عدن الحبيبة، اكتفي بهذا وللحديث بقية إن شاء الله في حال أن لم يتم السماع إلى كلامنا المنطقي، دمتم ودام الوطن بخير