إجراءات سوق المال تضيق الخناق على الحوثي
يمضي البنك المركزي اليمني، ومقره الرئيسي في عدن، بإجراءاته القانونية لمعالجة الوضع المضطرب في سوق المال والصرافة الذي عبثت فيه مليشيات الحوثي ملياً.
آخر تلك الإجراءات، وقف البنك المركزي اليمني التعامل مع 6 بنوك ومصارف إثر عدم استجابتها لقرار محافظ البنك رقم (17) لسنة 2024 القاضي بنقل المراكز الرئيسية للبنوك التجارية والمصارف الإسلامية وبنوك التمويل الأصغر إلى العاصمة المؤقتة عدن.
ووجه البنك المركزي في قرار له كافة البنوك والمصارف وشركات ومنشآت الصرافة ووكلاء الحوالات العاملة في اليمن وقف التعامل مع بنوك ومصارف “بنك التضامن” و”بنك اليمن والكويت” و”مصرف اليمن والبحرين الشامل”، و “بنك الأمل للتمويل الأصغر” و”بنك الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي” و”بنك اليمن الدولي”.
وأكد المركزي اليمني أن هذه البنوك “لم تلتزم بأحكام القانون وتعليماته بعدم الامتثال لمتطلبات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، واستمرارها في التعامل مع جماعة مصنفة إرهابية وتنفيذ تعليماتها بالمخالفة لقواعد العمل المصرفي وأحكام القانون وتعليمات البنك المركزي”.
وأشار إلى أن هذا التدخل ووضع القيود على أنشطة البنوك المخالفة يستهدف “إجبارها على الامتثال لأحكام القانون وحرصاً على سلامة القطاع المصرفي في البلاد”.
يأتي قرار البنك المركزي الصادر اليوم الخميس، عقب قرار قبل يومين استهدف حظر مزاولة نشاط الحوالات المالية الخارجية إلا على البنوك أو شركات الصرافة المستوفية كافة الشروط والمعايير المعتمدة من المركز الرئيسي للبنك في عدن.
كما فرض مركزي عدن على البنوك الراغبة في التعاقد مع وكيل لتقديم خدمات الحوالات الخارجية، التقدم للبنك بطلب رسمي للحصول على خطاب عدم ممانعة.
يأتي هذا في ظل جهود البنك المركزي اليمني بعدن لتحرير الجهاز المصرفي من عبث مليشيات الحوثي وقبضتها، بحسب خبراء اقتصاديين يمنيين تحدثوا مع “العين الإخبارية”.
كما تأتي هذه الخطوة قبل يومين من انتهاء المهلة التي منحها البنك المركزي في 2 يونيو/حزيران لكل البنوك التجارية لنقل مراكزها الرئيسية من صنعاء الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي إلى العاصمة المؤقتة عدن.
الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد بجامعة تعز اليمنية الدكتور محمد قحطان توقع تأثيرا إيجابيا للقرارات الأخيرة الذي أصدرها البنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن.
وأضاف الخبير اليمني لـ”العين الإخبارية” يمكن أن يكون للقرار تأثير إيجابي على ميزان المدفوعات اليمني، وبالتالي تحسن الوضع الاقتصادي، وبنفس الوقت تحرير الجهاز المصرفي من قبضة مليشيات الحوثي.
قحطان اشترط عودة مؤسسات الدولة الشرعية، وعدم غياب السلطات المالية عن الواقع، واستعادة نشاط المسؤولين والمؤسسات المعنية من داخل البلاد، حتى تستطيع تنفيذ مثل هذه القرارات المهمة.
أكبر الضربات
من جهته، يصف الخبير اليمني المتخصص بالشؤون الاقتصادية، ماجد الداعري، القرارات الأخيرة للبنك المركزي بـ”الموفقة”، ويرى أنه أولى للمركزي بعدن ضمن سلسلة عقوباته المتخذة في إطار معركته الوطنية مع المليشيات الانقلابية والبنوك المتمردة الرافضة نقل مراكزها الرئيسية إلى عدن.
وقال الداعري لـ”العين الإخبارية” إن “تلك البنوك أصبحت ملزمة بالحصول على موافقة البنك المركزي المعترف به دوليا بعدن، لاستمرار نشاطها المصرفي وتلقي تحويلات المغتربين اليمنيين وأية تمويلات أو تحويلات خارجية، عبر شركات التحويل الدولية”.
وأشار إلى أنها “واحدة من أكبر الضربات التي يمكن توجيهها لمليشيات الحوثي”، لأن التحويلات الخارجية أهم مصادر أرباحها وحصولها على العملة الصعبة”.
خاصة بعد مطالبتها من قبل بنوك مركزية خليجية ومؤسسات مالية دولية وبنوك خارجية مراسلة بتراخيص البنك المركزي اليمني لمزاولة نشاط التحويلات المالية حتى تستمر في التعامل معها، بحسب الداعري.
واعتبر الخبير اليمني أن ذلك يتيح للبنوك الحكومية وغيرها التي تتخذ من عدن مقرا لمراكزها الرئيسية أن تكون البديل عن البنوك المتمردة الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
عوائد القرار
الداعري تطرق إلى ما يترتب على القرار من عوائد مالية، تتمثل في تحويل أموال تصل إلى قرابة خمسة مليارات دولار من تحويلات المغتربين إلى عدن، التي كانت تذهب سنويا إلى صنعاء وما حولها من مناطق المليشيات.
لافتا إلى أن تلك التحويلات جعلت المركز المالي للمليشيات الحوثية الأقوى، ومنحها سطوةً على كل القطاع المصرفي والتلاعب بصرف العملة المحلية، والتحكم بالحوالات الداخلية لتحقيق فوارق صرف بمليارات الريالات يوميا.
الداعري أوضح أن ثمة سلسلة نتائج أخرى مترتبة على قرار مركزي عدن، كوقف التحويلات الداخلية عبر تلك البنوك والشبكات التابعة لها، وإيقاف كل الامتيازات المتعلقة بالمزادات والاعتمادات المستندية.
بالإضافة إلى فصل تلك البنوك من نظام “السويفت”، وقطع علاقاتها الخارجية مع البنوك الدولية المراسلة وعزلها بحدود صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين.
واختتم الداعري تصريحه بالإشارة إلى إمكانية وصول تداعيات القرار إلى إلغاء تراخيص عمل تلك البنوك، ووضعها في القوائم السوداء، كبنوك غير ممتثلة لقوانين وإجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وإبلاغ المؤسسات الدولية المعنية بضمها إلى قوائمها أيضًا.
وكانت مليشيات الحوثي أصدرت بيانا يهدد بتكثيف حربها الاقتصادية على الحكومة الشرعية، ردا على إجراءات البنك المركزي اليمني الذي أعلن من جهته حالة انعقاد دائم لمواجهة الحرب الحوثية ضد القطاع المصرفي.
المصدر