اخبار محليةالأمناء نت

​هجمات الـــHـــوثيين على السفن تعمق أزمة نقص البحارة عبر العالم

​هجمات الـــHـــوثيين على السفن تعمق أزمة نقص البحارة عبر العالم

(الأمناء نت / صحف )

اعتبر النقص العالمي المتزايد في عدد الراغبين في العمل على متن السفن التجارية من بحارة وغيرهم إحدى التبعات الجانبية لسلسلة أطول من التعقيدات والمشاكل ذات الطابع الأمني والسياسي والاقتصادي التي تسببت بها هجمات الحوثيين في البحر الأحمر الذي يمثل أحد الشرايين المهمة لحركة التجارة البحرية الدولية.

ومع استمرار هجمات الجماعة المتحالفة مع إيران وتحوّلها إلى مواجهة ضدّ التحالف الذي شكلته الولايات المتحدة وبريطانيا لمواجهتها، يرفض البحارة المصدومون الإبحار عبر البحر الأحمر، حسبما أظهرت مقابلات أجرتها وكالة رويترز مع أكثر من خمسة عشر من أفراد طواقم السفن والمسؤولين في قطاع الشحن.

وتفاقم الهجمات من مشكلة نقص البحارة التي تواجه القطاع بالفعل على مستوى العالم بعد أن أدت جائحة كورونا إلى إبقاء البحارة على متن السفن لعدة أشهر إلى جانب الحرب في أوكرانيا التي تسببت في مخاطر في البحر الأسود.

وقال مصدر في القطاع مطلع على الأزمة “البحارة أقل عددا وأقل إقبالا على الإبحار عبر تلك المنطقة، وصار التحدي أكبر الآن”

وبدأ الحوثيون لأول مرة بشن ضربات بطائرات مسيرة وصواريخ على الممر المائي المهم في نوفمبر الماضي في ما يقولون إنه تضامن مع الفلسطينيين في قطاع غزة. وتسبب أكثر من 70 هجوما في إغراق سفينة والاستيلاء على أخرى ومقتل ثلاثة بحارة على الأقل.

وتراجع إبحار سفن الحاويات عبر البحر الأحمر بنسبة ثمانية وسبعين في المئة في مايو مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، حسبما يظهر تحليل من منصة بروجكت 44 للخدمات اللوجستية، حيث تؤثر الشركات الإبحار عبر طريق رأس الرجاء الصالح الأطول حول أفريقيا، مما يزيد التكاليف ويطيل فترة الرحلات.

وقال كوستاس راسياس، العضو في نقابة المهندسين البحريين اليونانيين، ردا على سؤال عما إذا كان سيعود مرة أخرى “جوابي واضح للغاية، وهو لا”.

وأضاف “نحث أعضاء النقابة على عدم الاستسلام للضغوط ووضع سلامتهم وحياتهم في المقام الأول، والمطالبة بعدم العمل في مناطق الحرب بأي ثمن”.

والتقى تشارلز واتكينز، خبير علم النفس السريري والرئيس التنفيذي في مؤسسة مينتال هيلث سبورت سوليوشنز، مع أربعين بحارا من طاقمي سفينتين أبحرتا عبر البحر الأحمر. وخلص إلى أن الكثيرين منهم أصيبوا بصدمات بينما يفكر بعضهم في ترك المجال.

وقال واتكينز “يمكن أن تحدث لهم اضطرابات في النوم وكوابيس، ويمكن أن يصابوا بالذعر بسهولة ويمكن أن يشعروا بالتوتر، ويمكن أن تتطور لديهم رغبة مفاجئة في عدم تناول أي طعام”.

وتمثّل حالة راسياس المهندس البحري اليوناني البالغ من العمر أربعة وثلاثين عاما نموذجا عما تحدثه هجمات الحوثيين على السفن من هلع في صفوف البحارة يمكن أن يصل حدّ خسارتهم لمواطن عملهم.

وعندما سقط صاروخ بالقرب من سفينته في البحر الأحمر، أخذ الرجل على نفسه عهدا بأن يتوقف عن الإبحار في المياه المحفوفة بالمخاطر. وقال معلّقا على ذلك “أُصبت بصدمة وسألت نفسي عما هو أكثر أهمية، حياتي أم دخل أفضل”.

ونشرت معظم السفن فرق حراسة مسلحة على متنها للمساعدة في الدفاع عن الطاقم إذا ما تعرضت لهجمات، لكن نادرا ما يتم تدريب الطاقم أو تجهيزه لمواجهة صراع.

وقال جون بافلوبولوس، رئيس منظمة سي غارديان التي قامت فرق منها من الحراس المسلحين بتأمين الآلاف من الرحلات عبر المنطقة، “غالبية أطقم السفن التجارية ليس لديها أي تدريب عسكري على الإطلاق، ويتسبب أدنى انفجار في إرباك وتوتر لها”.

وقال بوريس باسينكو، القبطان الأوكراني لناقلة البضائع السائبة زوغرافيا المملوكة لليونان والتي أصابها صاروخ هذا العام بالقرب من اليمن، إنه يشك في أنه سيبحر مرة أخرى عبر المنطقة.

وأردف قائلا “تتساقط الصواريخ على مدينتي كل يوم، لكن صاروخا أصابني وأنا على بعد بضع مئات الأميال من أوكرانيا”. وأضاف “كل أفراد طاقمي في ذلك الوقت تقريبا لم يرغبوا في العودة إلى البحر الأحمر”.

وكان الفلبيني جونريز بالْبوَا البالغ من العمر ستة وعشرين عاما يتدرب على تشغيل المحركات وصيانتها ويقضي أول تسعة أشهر له في البحر على متن أول سفينة تمر عبر البحر الأحمر في ديسمبر الماضي بعد اختطاف سفينة غالاكسي ليدر. وظل طاقمه يحرس السفينة من القراصنة ويمسح المياه بحثا عن الخاطفين. وقال “كنا نشعر بالخوف والقلق، فحراسة سفينتنا عملية مخيفة”.

وذكر جون كانياس، رئيس العمليات البحرية في الاتحاد الدولي لعمال النقل، أن الاتحاد يساند البحارة إذا اختاروا عدم الإبحار.

ومن حق ما يقرب من 360 ألف بحار تغطيهم اتفاقية الاتحاد الدولي لعمال النقل في جميع أنحاء العالم رفض الإبحار في مناطق حرب محددة والمطالبة بالعودة إلى الوطن على نفقة الشركة المالكة للسفينة.

وقال كانياس إنه تم توسيع إحدى هذه المناطق في البحر الأحمر، والمعروفة باسم “منطقة العمليات الحربية” بناء على طلب الاتحاد الدولي لعمال النقل.

وتابع قائلا “أصبح العديد من الشركات المالكة لسفن أكثر ترددا الآن في الإبحار عبر المنطقة لأنها ببساطة لا تريد تعريض حياة البحارة للخطر”.

ويجري أكثر من ثمانين في المئة من التجارة العالمية عن طريق البحر ويعمل ما يقدر بنحو 1.8 مليون بحار في السفن، ويزداد نقص عدد البحارة المؤهلين.

ووفقا لأحدث تقرير عن القوى العاملة البحرية نُشر في عام 2021، هناك حاجة إلى انضمام حوالي ثمانية عشر ألف بحار إضافي كل عام لتلبية الطلب، وإلى آلاف البحارة رفيعي المستوى لخدمة الأسطول البحري البالغ قوامه ثمانين ألفا.

وقال مسؤول من الاتحاد إن بعض البحارة اليونانيين طلبوا بالفعل نقلهم إلى سفن أخرى لتجنب البحر الأحمر. وذكر مسؤولون أن أربع شركات يونانية على الأقل قررت في الأشهر القليلة الماضية عدم عبور المنطقة.

وقال جورج لوجوثيتيس، الرئيس التنفيذي لشركة ليبرا غروب الخاصة في الولايات المتحدة، “لا نحب التربح من آلام الآخرين. لن نرسل سفننا إلى هناك”.

وتنظر شركات أخرى في أمر كل حالة على حدة وتقيّم المخاطر التي قد تتعرض لها الأطقم والسفن.

وقال رينيه كوفود أولسن، الرئيس التنفيذي لشركة في.غروب، إحدى أكبر شركات إدارة السفن وتوفير الأطقم في العالم، إن عدد مرات عبور أسطولها بطريقة منظمة انخفض منذ بداية الصراع. وأضاف أن في الحالات التي اختار فيها العملاء من أصحاب السفن الإبحار عبر المنطقة “نعطي البحارة لدينا فرصة عدم الإبحار ويمكننا تغيير الطاقم”.



المصدر

جوجل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى