تقرير يرصد نكبات القاعدة خلال 2023م
ضربات متتالية وموجعة تعرض لها تنظيم داعش في اليمن عقب سقوط العديد من خلاياه في قبضة الأجهزة الأمنية بالتزامن مع تراجع كبير بعملياته.
وبسبب افتقار تنظيم داعش في اليمن إلى الموارد والقيادة، تمكنت الأجهزة الأمنية في البلاد من إسقاط خلايا التنظيم واحدة تلو أخرى كان آخرها، سقوط مسؤول أمني للتنظيم في محافظة المهرة، خلال عملية نوعية للداخلية اليمنية.
لكن ورغم سقوط خلايا داعش وتراجع عملياته، وتحدي اندماجه مع القوى القبلية لا سيما في محافظتي البيضاء ووادي حضرموت، إلا أن عناصر التنظيم الإرهابي ما زالوا يشكلون تهديدا محتملا، وفقا لخبراء يمنيين في تصريحات لـ”العين الإخبارية”.
وكان تنظيم داعش في اليمن توعد بشن عمليات إرهابية ضد التحالف العربي بقيادة السعودية والمجلس الرئاسي والمجلس الانتقالي، والمقاومة الوطنية، وذلك في إصدار بعنوان: “إلى أين تذهبون؟” نُشر في أغسطس/آب 2022.
سقوط الخلايا
في 1 يوليو/تموز الجاري ألقت الداخلية اليمنية القبض على مسؤول للاستخبارات في تنظيم داعش، وهو أجنبي يحمل الجنسية السورية في محافظة المهرة، شرقي البلاد، الذي يعرف داخل التنظيم بـ”الأمني العام للولاية”.
وزارة الداخلية في حكومة اليمن المعترف بها دولياً قالت في بيان إن “المقبوض عليه يدعى “عبيدة الرزج”، ويكنى بـ”أبو دانية السوري”، وهو مسؤول الاستخبارات بتنظيم داعش، وكان يعمل كسائق شاحنة منتحلاً شخصية تحمل اسم “أحمد أنور العكف”.
ضربة أمنية تأتي بعد أقل من شهرين على سقوط إحدى أكبر خلايا تنظيم داعش في قبضة السلطات الأمنية اليمنية، وتحديدا في يافع في محافظة لحج، جنوبي البلاد.
ففي 26 مايو/أيار، نجحت قوات الحزام الأمني في اليمن في ضبط خلية داعشية إرهابية تتألف من 7 أعضاء بينهم 4 أجانب، في أثناء تسللها من مناطق مليشيات الحوثي في محافظة البيضاء إلى المناطق الجنوبية المحررة.
وبحسب مصادر خاصة لـ”العين الإخبارية”، آنذاك فإن الخلية الداعشية المضبوطة تضم القيادي الداعش “أبو شامخ القحطاني”، وهو أجنبي لا يحمل الجنسية اليمنية، وكان يستقر في صنعاء قبل أن ترسله المليشيات الحوثية للمناطق المحررة.
واتهمت مصادر أمنية مليشيات الحوثي المدعومة من إيران بإرسال خلية داعش بقيادة القحطاني لتنفيذ عمليات إرهابية في جنوب اليمن، مشيرة إلى أن المليشيات أرسلت بشكل متكرر خلايا داعشية لضرب عدن والمدن الجنوبية المحررة، وذلك في إطار تعاون تنظيمات داعش والقاعدة والحوثي.
وكانت الداخلية اليمنية ضبطت في 13 فبراير/شباط الماضي عنصرا خطرا من تنظيم داعش الإرهابي، وذلك في محافظة حضرموت (شرق) عقب أسابيع من ملاحقته بعد اغتياله جنديا مطلع يناير/كانون الثاني الماضي.
كما ضبطت في يوليو/تموز 2022 نحو 4 قادة بارزين في تنظيم داعش الإرهابي، وذلك ضمن حملة أمنية نوعية شاركت فيها وحدات أمنية وعسكرية خاصة في مديرية “القطن” في وادي حضرموت.
ومن بين المضبوطين قياديان داعشيان هما الإرهابي”أبومحمد المداني” مسؤول أمني بداعش في “قيفة” و”يكلا” في البيضاء، والإرهابي “عبادة العدني” قائد كتيبة المدفعية للتنظيم في ذات المحافظة الخاضعة للحوثيين.
داعش والحوثي.. مسرحيات مفضوحة
لم يعد خافيا تحالف الحوثي والقاعدة ضد تنظيم داعش في محافظة البيضاء (قلب اليمن) ضمن استراتيجية استهدفت من خلالها المليشيات إضعاف وتطويع التنظيمين الإرهابيين (القاعدة وداعش) في سبيل خدمة أنشطتها الإرهابية الواسعة.
تلك الاستراتيجية تمثلت بدفع مليشيات الحوثي لخلايا القاعدة وداعش إلى المناطق الخاضعة للحكومة اليمنية، ووصل الأمر إلى مد تنظيم القاعدة بالطائرات المسيرة مؤخرا.
يأتي ذلك في وقت ترفع فيه مليشيات الحوثي شعار الحرب على الإرهاب كذريعة لتمددها في المحافظات اليمنية ولاعتقال اليمنيين، كان آخرها في 7 من أبريل/نيسان الماضي عندما حاولت اعتقال أحد الأشخاص في صنعاء.
آنذاك خرجت مليشيات الحوثي على وسائل إعلامها تزعم أن عنصرين من داعش فجرا نفسهما داخل حافلة ركاب في أثناء محاولة القبض عليهما، ما أدى إلى مصرعهما ومقتل مواطنين اثنين، دون أن تبث أي لقطات مصورة للواقعة.
مصدر أمني بصنعاء نفى المعلومات الحوثية، وأكد أن ما حدث أن عناصر المليشيات الحوثية اعترضت حافلة ركاب للقبض على شخصين، إلا أن أحدهما ويدعى “إبراهيم الجراف” رفض تسليم نفسه وفجر قنبلة كانت بحوزة عنصر حوثي، ما أدى لمقتله مع عنصر المليشيات.
واعتبرت المصادر، في حديث لـ”العين الإخبارية”، المزاعم الحوثية مسرحية مفضوحة، وأن المليشيات تبحث عن عمليات وهمية لتسويق نفسها أمام المجتمع الدولي أنها تحارب الإرهاب، فيما هي تتخادم بشكل واضح مع تنظيمي داعش والقاعدة
علاقة وثيقة
ما قالته المصادر أكده الخبير العسكري اليمني العميد ثابت حسين صالح، أن مليشيات الحوثي أصبحت تملك علاقة وثيقة مع تنظيم داعش، مشيرا إلى أن التنظيم تعرض لضربات موجعة ليس في اليمن فحسب، وإنما خارجه أيضا.
وقال صالح، في تصريحات خاصة لـ”العين الإخبارية”، إن “تنظيم داعش تعرّض لضربات موجعة، ليس فقط في اليمن، ولكن في العراق وسوريا، ما أضعف حركته بشكل كبير”.
وأشار إلى أن نشاط “داعش” في اليمن بات محددا للغاية مقارنة بتنظيم القاعدة، ويمكن محاصرة هذا النشاط عن طريق محاصرة مأواه ومصادر دعمه والقوى التي توفر له الحماية.
وعن مناطق داعش في اليمن، أكد الخبير اليمني وجود داعش بشكل محدود في محافظة البيضاء بشكل خاص، ومن المتوقع أيضا في وادي حضرموت، منوها بأنه على “القوات الجنوبية التي أخذت على عاتقها مكافحة الإرهاب التركيز على هاتين المنطقتين بشكل خاص”.
وقال إن “القوات الجنوبية بشكل عام حققت نجاحات كبيرة في توجيه ضربات قوية ومؤثرة للتنظيمات الإرهابية، سواء القاعدة أو داعش، خصوصا أن هذه التنظيمين علاقتهما وثيقة وتخادمهما مع جماعتي الإخوان والحوثيين معروفة”.
وأضاف “أصبح لزاما على القوات الجنوبية أن تكافح هذه الجماعات الإرهابية من خلال العمليات المتعددة التي أطلقتها سواء كانت “سهام الشرق” أو الجنوب، وسبق ذلك تحرير ساحل حضرموت وتطهير شبوة من هذه التنظيمات”.
وأكد وجود تعاون استخباراتي بين القوات الجنوبية ومع دول التحالف ومصر والولايات المتحدة وغيرها من القوى المعنية بمكافحة الإرهاب.
صراع على المركز
وحول الصراع القائم بين القاعدة وداعش في البيضاء أو اليمن يرى صالح خلال حديثه لـ”العين الإخبارية”، أنه انعكاس للصراع القائم بينهما على مستوى المركز.
وتابع: “من المعروف أن القاعدة وداعش نشطان بفاعلية، لكن اختلفا على الزعامات.. لا يمكن القول إن هناك خلافا حادا وجذريا باعتبارهما أدوات إرهابية تستخدمها أجهزة مخابرات محلية وإقليمية ودولية بما فيها مليشيات الحوثي التي تستخدم هذين التنظيمين لضرب المناطق المحررة”.
ودلل صالح على حديثه بشأن خلاف القاعدة وداعش بعدم نعي الأول (القاعدة) لمقتل زعيم داعش أبوبكر البغدادي، وكذلك لم ينع الثاني (داعش) مقتل زعيم القاعدة الإقليمي قاسم الريمي، ولكن في كل الحالات الصراع صراع زعامات.
وأشار إلى أنه داخل القاعدة وداعش يوجد أيضا صراع داخلي على القيادة وعلى أساليب تنفيذ العمليات.
المصدر