العرب اللندنية : الحوثيون يستعرضون قوتهم البحرية على وقع التوتر بين واشنطن وطهران
ويحاول الحوثيون تعزيز ما يعتبرونه قوة الردع الخاصة بهم في المجال البحري، بعد أن استخدموا خلال السنوات الماضية الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة كسلاح لابتزاز المجتمع الدولي واستهداف مصالح الإقليم الاقتصادية.
ويتزامن التصعيد الحوثي مع التوتر الذي يسود العلاقات الأميركية – الإيرانية وإعلان البحرية الأميركية عن نشر قوات جديدة في البحر الأحمر لحماية الممر الملاحي في أعقاب احتجاز الحرس الثوري الإيراني المزيد من ناقلات النفط بالقرب من مضيق هرمز.
وبينما يحاول الحوثيون ربط تصعيدهم بما يعتبرونه استهدافا أميركيا مباشرا لهم، تشير المعطيات إلى ارتباط هذا التصعيد بمصالح وأجندات طهران ومحاولتها التلويح بأن أذرعها العسكرية في المنطقة ليست قادرة على تعطيل الحركة الملاحية في مضيق هرمز فقط، بل في مضيق باب المندب كذلك.
واتّخذ التصعيد السياسي والعسكري والإعلامي الحوثي منحى تصاعديا لافتا خلال الأيام القليلة الماضية، وفي هذا السياق ندد مجلس الوزراء التابع للحوثيين في صنعاء السبت بما وصفه “التواجد الأميركي المكثف قبالة السواحل اليمنية وباب المندب الذي يمثل شريان حياة لاقتصاد العالم”، وقال بيان المجلس وفقا لما نشرته وكالة الأنباء الرسمية التابعة للحوثيين إن “تواجد القوات الأميركية في السواحل والمياه الإقليمية للجمهورية اليمنية وبعض القواعد العسكرية عمل عدائي ستكون له آثاره الكارثية على المنطقة والعالم”.
وأشارت الوكالة الحوثية إلى أن المجلس في اجتماعه برئاسة عبدالعزيز بن حبتور وصف التواجد العسكري الأميركي بأنه “تحصيل حاصل لعدوان وحصار الولايات المتحدة على الشعب اليمني منذ مارس 2015 حتى اللحظة”.
وأكد المجلس أن “القوات المسلحة ممثلة بالقوات البحرية جاهزة للتعامل مع ذلك التواجد الذي يمس بالسيادة اليمنية وينافي القوانين والأعراف الدولية”.
وحول دلالات التصعيد الحوثي قلل الباحث العسكري اليمني العميد ثابت حسين من أهمية التهديدات الحوثية، مشيرا إلى أن الحوثيين من الناحية العسكرية غير قادرين على استهداف المصالح الأميركية في أي مكان، بما في ذلك المياه الإقليمية لليمن وأيضا البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب.
ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أن “التصريحات والاستعراضات الحوثية للقوة في البحر الأحمر تهدف إلى إقلاق أمن واستقرار الملاحة ودول الإقليم على الأقل من الناحية النفسية بالنظر إلى خطورة استخدام الطيران المسير والصواريخ الموجهة، بينما تظل فرصة الحوثيين عسكريا ضعيفة ناهيك عن خوفهم من ردود الفعل المحتملة حيال أي استهداف مباشر سواء كان من أميركا أو حتى السعودية والإمارات”.
وأضاف “يبدو أن الهدف الأساسي للحوثيين من وراء التصعيد والوعيد والتهديد هو الابتزاز للحصول على تنازلات أكثر من جانب سلطة ‘الشرعية’ اليمنية”.
وقالت وكالة الأنباء الحوثية إن وزير الدفاع في حكومة الحوثي محمد ناصر العاطفي ترأس اجتماعا استثنائيا لقيادة القوات البحرية، بحضور قائد القوات البحرية، وقائد ألوية الدفاع الساحلي، ورئيس عمليات القوات البحرية، وقائد القاعدة البحرية في الحديدة، وعدد من قادة الألوية والوحدات التخصصية في القوات البحرية والدفاع الساحلي.
ويرى الباحث السياسي والعسكري اليمني عبدالوهاب بحيبح في تصريح لـ”العرب” أن “التهديدات الحوثية باستهداف القوات البحرية الأميركية في البحر الأحمر تزامنت مع تهديدات الحرس الثوري الإيراني التي أطلقها العميد رمضان شريف المتحدث باسم الحرس الثوري والذي قال إن قواته ستحتجز السفن الأميركية في حالة وقوع أي ‘أذى’ بتحريض من الولايات المتحدة”.
وقال بحيبح إن “هذه التصريحات الحوثية تأتي في سياق موقف إيران، خاصة بعد إعلان القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية وصول أكثر من ثلاثة آلاف من قوات المشاة البحرية والبحارة الأميركيين إلى منطقة الشرق الأوسط، في عملية خصصت حسب التصريحات الأميركية لمواجهة التهديدات الإيرانية، خاصة عقب المحاولات الإيرانية لاحتجاز ناقلتين نفطيتين في المياه الدولية بخليج عمان، أفشلتها القوات البحرية الأميركية”.
وأضاف “بالنظر إلى التهديدات الحوثية فإن الحوثيين يمتلكون القدرات الصاروخية والطائرات دون طيار المزودة بالسلاح والأجهزة المتفجرة المسيرة والزوارق الانتحارية والألغام البحرية، وقد زودتها إيران بهذه المنظومات خلال السنوات الماضية لتشكل بذلك حضورا عسكريا بالقرب من باب المندب والممرات الملاحية في البحر الأحمر، وهو ما يعد نقطة ارتكاز متقدمة لنفوذها العسكري، يمتد من مضيق هرمز والممرات الملاحية في الخليج العربي وصولا إلى مضيق باب المندب والممرات المائية في البحر الأحمر عبر ذراعها الحوثية”.
وحول قدرة الحوثيين على إلحاق الضرر بحركة الملاحة البحرية الدولية في البحر الأحمر تابع بحيبح “بلا شك هذه القدرات قد تمكن الحوثيين من تعريض البواخر الحربية والتجارية قبالة الساحل اليمني للخطر، لكن في الوقت نفسه أستبعد أن يخاطر الحوثيون باستهداف القوات الأميركية؛ حيث يدركون، ومن خلفهم إيران، خطورة هذه الخطوة التي قد تجعل الحركة الحوثية في صدام مباشر مع الولايات المتحدة والتي هي في الأساس لا تنظر إلى الحوثيين كحركة مهددة لمصالحها الإستراتيجية، كما أن الحركة نفسها لا تسعى للصدام مع الولايات المتحدة بل تحاول تقديم نفسها كحليف لها في مواجهة الإرهاب في المنطقة”.
واعتبر بحيبح أن التهديدات الحوثية هي “رسالة إلى الداخل، وتأتي في سياق تحشيد الداخل؛ حيث تظهر الحركة نفسها من خلال هذه التهديدات الفارغة من المحتوى بأنها حركة تحارب النفوذ الأميركي وتدافع عن المصالح اليمنية وتطبق شعارها الشعبوي ‘الموت لأميركا’ الذي من خلاله تحشد المقاتلين للسيطرة على اليمن وتكريس حكم عبدالملك الحوثي وسلالته”.
وكان مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين، التقى في وقت سابق رئيس أركان القوات البحرية والدفاع الساحلي الحوثي العميد منصور أحمد السعادي، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الحوثية التي أشارت إلى أن اللقاء ناقش “نتائج عمليات تطوير برامج تأهيل القوات البحرية لتنفيذ مختلف العمليات المنوطة بها لحماية المياه الإقليمية اليمنية والذود عن الحمى في المياه اليمنية والتي تمثل مسؤولية كبيرة”.
وقالت الوكالة “جرى خلال اللقاء الوقوف على مستوى التسليح النوعي الذي باتت تمتلكه القوات البحرية بما يمكنها من مواجهة العدو بكل جدارة واقتدار ويضعها في مستوى التحديات”.