الحوثي يتحصل سنويًا على 1.7 مليار دولار
كشفت صحيفة أمريكية، في تقرير، عن تحصيل مليشيا الحوثي قرابة ملياري دولار إيرادات سنوية من الرسوم الجمركية فقط، من المنافذ ومداخل المدن والموانئ الرئيسية منها ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتها الذي يعد أهم وأكبر الموانئ في البلاد.
وقالت صحيفة “كومون سبيس” الأمريكية، في تقرير حديث لها، إنه “بالنسبة لكثير من اليمنيين، خلقت سنوات الحرب المستمرة بلداً بلا وجهة واضحة”. بينما “يعاني البلد من انهيار اقتصادي عام، وملايين يحتاجون إلى المساعدة الطارئة”.
وأكد التقرير، أن “القرارات المصيرية” أصبحت “تتخذ من قبل جهات خارجية بدلاً من الفاعلين المحليين”، ولذا “فإن ضعف الاقتصاد قدم فرصة مثمرة للفاعلين لكسب رهانهم والاستفادة من خلق اقتصاد حرب”.
و”مفهومياً وبأبسط صورة له”، يقول التقرير إنه “يمكن تعريف “اقتصاد الحرب” بأنه “استمرار دورة النشاط الاقتصادي بواسطة وسائل أخرى”.
ويوضح أكثر “الغرض من استخدام “وسائل أخرى” في اقتصاد الحرب يمكن أن يختلف. تشكل جوانبه السلبية، التي يمكن للمرء ان يلاحظها في اليمن، استخدام مجموعة واسعة من الفرص والأدوات والوسائل المتاحة للفرق المتحاربة في سياق معين لكسب رأسمال اقتصادي أو ميزة، بغض النظر عن مدى غير أخلاقية هذه الأساليب وبغض النظر عن نتيجة الصراع”.
في الوقت نفسه، يمكن أن تتضمن جوانبه الإيجابية استخدام النشاط الاقتصادي المباشر والقوانين لزيادة الإنفاق العسكري لغرض هزيمة غزو أجنبي أو منعه، وبالتالي إنهاء الصراع أو منعه. بشكل عام، في تجلياته الإيجابية والسلبية، ينتهك “اقتصاد الحرب” قواعد الاقتصاد الطبيعي العادي لتحقيق أهداف معينة، وفقاً للتقرير.
وتجدد الصحيفة التأكيد: “كان ظهور “اقتصاد الحرب” في اليمن ممكناً لوجود مجموعة واسعة من التحديات التي تواجه الدولة اليمنية”. أما أبرز هذه التحديات وأهمها فتقول إنها “الفساد المالي والإداري، ونقص الكفاءات، والمحسوبية، وضعف محفظة التصدير”.
ومن وجهة نظر الصحيفة ترى أن “استخدام تكتيكات “اقتصاد الحرب” من قبل الأطراف المتحاربة” يؤدي “زيادة الإيرادات إلى تعقيد مثل هذه التحديات”.
واستعرضت الصحيفة، في تقريرها، التحديات التي أدت إلى ظهور “اقتصاد الحرب” في البلاد، وأهمها يعود إلى اعتماد “الاقتصاد اليمني للأسف بشكل أساس على عائدات النفط والغاز التي تمثل 70-80% من ميزانية الحكومة و90% من إجمالي الصادرات. كما شهد اليمن فترات من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، مما أدى إلى سلسلة من الصراعات الداخلية، مدعومة في بعض الأحيان بدعم وتدخل إقليمي خارجي، مما أضاف عبئا إضافيا على اقتصاد البلاد، وفقا للتقرير.
ليس هذا فحسب، بل إن “توقف إنتاج النفط والغاز في أعقاب انقلاب الحوثيين ضد الحكومة في عام 2014”. وكذلك “تقلصت أيضا المساعدات الدولية، سواءً على شكل منح أو قروض للتنمية، نظرا لتحول الاهتمام الرئيسي للمجتمع الدولي في اليمن إلى القضايا الأمنية والإنسانية”، من ضمن التحديات التي أفرزت “اقتصاد الحرب”.
ولفت إلى أن “أول سنتين من الحرب” مثّلتا “هدنة اقتصادية، استنزفت خلالها جميع احتياطيات النقد الأجنبي”.
وأضاف التقرير: “وبعد ذلك تم نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، مما أدى إلى انقسام نقدي جعل واقع الحياة الاقتصادية اليومية للمواطن البسيط معقداً للغاية. وكان تنفيذ المعاملات المالية صعبا جدا بسبب نظام مالي متشظٍ وغياب قوانين وتنظيمات مالية ونقدية شاملة”.
كما كان لخسارة الأرواح البشرية تداعيات اقتصادية. وفقاً لذات التقرير، خصوصا وأن “معظم ضحايا الحرب من الفئة العمرية التي من المفترض أن تكون في ذروة إنتاجيتها، وأن تكون معيل أسرها. ولذلك “في غيابها، تبقى الأسر دون معيل، مما يشكل عبئاً اقتصادياً واجتماعياً على الدولة والمجتمع”.
وأشار التقرير إلى أنه، في تعليقه على هذا الأمر، يقول نبيل الشرعبي، الباحث المتخصص في الشؤون الاقتصادية، إنه “نتيجة لما تعرضت له الاقتصادات العامة والخاصة، تعرضت الاقتصاديات الصغيرة المتعلقة بالأسر والأفراد لأضرار كبيرة… فقد فقد مئات الآلاف من العمال مصادر دخلهم الوحيدة، وفقد الموظفون الحكوميون تدفق رواتبهم المستقرة، وأصبح العديد منهم غير قادرين على تعليم أولادهم أو توفير احتياجات عائلاتهم الأساسية.”
وتطرقت الصحيفة إلى الأثر البالغ الذي تخلفه القوى غير الشرعية في مناطق نفوذها، على خدمات المنظمات المحلية والدولية المُقدمة للمدنيين.
وقالت الصحيفة، إن “البيانات المستمدة من مصادر يمنية مختلفة” تشير “إلى أنه في المناطق التي يفتقر فيها الفاعلون السياسيون الرئيسيون إلى شرعية أو عاجزون عن ممارسة السلطة، يمارس أطراف غير تقليدية أخرى وظائف الدولة.”.
وأضافت: “وعادة ما تضطر المنظمات الدولية التي تسعى لتقديم المساعدة إلى التواطؤ مع تلك القوى غير التقليدية”، مشيرة إلى أنه “غالبا ما تعمل منظمات الإغاثة جنبا إلى جنب مع منظمات المجتمع المدني لأنه يمكن للأخيرة تعبئة القوى على الأرض من خلال استقطاب السكان المحليين والوصول إلى المواقع الجغرافية النائية.”.
ومع ذلك، تجد منظمات المجتمع المدني نفسها في صراع مع السلطات غير التقليدية، وفقا للصحيفة الأمريكية “حيث يُنظر إليهم على أنهم أذرع للقوى الأجنبية ويُعتبر عملهم كمقدمي المساعدات أداة سياسية اجتماعية أجنبية، ويتم رد هذا العمل بالرفض والعراقيل”.
وترى أن “هذه الحالة غير المستدامة” تتسبب “في إجبار منظمات الإغاثة على دفع رشى أو ضرائب والامتثال لقواعد تعرض حيادها للخطر. ثم يتم استخدام الدخل من هذه الضرائب لتمويل العمليات المسلحة ودفع رواتب المقاتلين، بالإضافة إلى تجنيد الأطفال في المعارك”.
وفي الوقت نفسه، يقول تقرير الصحيفة، إن “التحقيقات التي أجرتها وكالة اسوشيتد برس” تشير “إلى تلاعب المساعدات من قبل الحوثيين”، مؤكدة على أن “المليشيا الحوثية” جعلت “منح الوصول إلى المناطق التي تحت سيطرتها مشروطا بمجموعة من الشروط التي رفضتها المنظمات الإغاثية جزئيا في البداية وبعضها سمحت فيما بعد، لأنها ستمنح الحوثيين مزيدا من النفوذ على من يتلقى المساعدة”.
وأضافت: “ومع تردد منظمات الإغاثة وتذبذبها في مواجهة مطالب الحوثيين، تمكنت الأخيرة من الحصول على اليد العليا، مما تسبب في انقطاعات في توصيل المساعدات والسماح للحوثيين بتحويل المساعدات لدعم جهودهم الحربية”.
وكشفت الصحيفة عن الإيرادات المهولة التي يحصلها الحوثيون سنوياً من رسوم جمارك المنافذ والموانئ فقط، مستبعداً منها الضرائب المحلية على الشركات الكبيرة والصغيرة، والأفراد وفوارق أسعار الوقود ومادة الغاز والجبايات وغيرها.
وأوضح التقرير أن “إيرادات الحوثيين من المناطق التي تحت سيطرتهم” تصل “إلى أكثر من 1.7 مليار دولار سنوياً، حيث فرضوا رسوماً جمركية جديدة لمواجهة نقص الإيرادات”.
وذكر أنه وفقاً لتقارير حكومية رسمية “جمع الحوثيون تلك الرسوم الجمركية الجديدة من خلال إنشاء نقاط تحصيل ومنافذ في بعض مداخل المدن والموانئ الرئيسية التي تحت سيطرتهم”، لافتاً إلى أن “ميناء الحديدة هو واحد من أهم وأكبر موانئ اليمن التي تحت سيطرة الحوثيين ومن خلاله يتم إدخال معظم السلع إلى الأجزاء الشمالية من اليمن”.