اخبار محليةعدن تايم

انعدام الكادر التعليمي في مديرية سرار يافع .. هل يستنهض ضمير المعنيين؟!

في مدارس سرار ، لا شيء أقسى من مرارة الانتظار لعام دراسي جديد، قد مضى موعد قدومه ..
معلمون متعبون على سكة الصبر المديد ، بلا أمل يرجى بين فتات المعاش وضيق العيش..
وطلاب يحتضنون حلمهم الكبير في حقائب صغيرة أمام فصول مؤصدة الأبواب ..

تقع مديرية سرار شمال غربي محافظة أبين ، ويبلغ عدد سكانها وفق تقديرات العام 2004 ، 15093 نسمة ، ويقع مركزها الإداري أسفل منطقة حوج.. تتصل مديرية سرار بمديرية خنفر عبر سلسلة تضاريس جبلية وتربط بينهما طرق رئيسة للموصلات والحركة الطبيعية ..

مع توقف العملية التعليمية في مديرية سرار حاولنا تسليط الضوء على هذه القضية الملحة، التي أصبحت جزءً من قضية وطنية شاملة، تتطلب موقفا حاسما قبل فوات الأوان.. ذلك لعلنا نجد حلاً يساعد على عودة الطلاب إلى المدارس، وسط هذا الوضع الذي تتفاقم خطورته اليوم أكثر من أي وقت مضى..

مدارس مديرية سرار مغلقة إلى الآن
الطلاب لم يعودوا إلى المدارس
والعملية التعليمية مهددة بالتوقف التام ..
– ماهي الاسباب ؟
– وما هي الحلول ؟
– وهل ثمة أي مبادرات لحلحلة هذا الأمر الخطير ؟

تساؤلات نطرحها على الأستاذ فوزي محمد علي، مدير مكتب التربية بمديرية سرار، والذي استهل حديثه إلينا قائلا:

قضية التعليم في مديرية سرار، قضية شائكة جداً ولا علاقة لها بالاضراب البتة، فهناك الكثير من الأمور التي تراكمت في غفلة هذا الزمان وفي خضم النسيان ، جعلت من العملية التعليمية مهمة في غاية الصعوبة… يستطرد القول :

منذ أن تعينت مديرا لمكتب التربية، ونحن نعاني من هذه التراكمات وتداعياتها ، التي أثقلت كاهل من كانوا قبلنا في إدارة المكتب، ولكن بتعاون الجميع، وخلال الأربعة الاعوام الأخيرة، كان المكتب يعمل حلولا ترقيعية، لكي نسير العام الدراسي بالممكن، ولا نضطر إلى إغلاق المدارس..
فتم تشكيل لجنة خاصة بمكتب التربية، تتابع الجهات ذات العلاقة وأهل الخير والداعمين، لتسيير العملية التعليمية، والحمد لله كانت ناجحة إلى حد كبير، ولكن هذا صار الآن من الماضي..

ودعني أقول لك صراحة: بأن الذي (يدعمك) مرة سيعتذر في الثانية.. فكل وأحد منهم له ظروفه ومبرراته ونقدر لهم ذلك، وقد قاموا بكل ما استطاعوا من واجب تجاه التعليم، وجزاهم الله خيرا على كل ما بذلوه…!

إن أهم الأسباب التي دفعت المكتب إلى اتخاذ قرار تعليق العمل هذا العام ؛ – وهو أمر مؤسف ما وصلنا إليه من عجز تام عن فتح المدارس ، تتلخص في التالي:

1- النقص الحاد في الكادر التعليمي لمكتب التربية بسرار، حيث أن بعض المدارس لا يوجد بها معلمين ثابتين على الإطلاق ، وتعتمد أساساً على المتعاقدين، فمثلا «مدرسة ثنهة» ليس فيها معلمين ثابتين، و «مدرسة حَبَر» يبلغ عدد شعبها الدراسية 19 وبها 3 معلمين أساسيين فقط..
أما «مدرسة حمة» فعدد الشعب الدراسية فيها 12 شعبة، بينما عدد المعلمين 3 ..
وكثير من المدارس في مديرية سرار تسير على هذا المنوال.

إذا قلت لك بأن عدد المعلمين في فاتورة المكتب لا يتجاوز 200 معلم، بينهم المرضى والمتوفيين، فماذا عسانا فاعلون؟ وأي المدارس سنفتح مع هذا الوضع الحاصل أمامك ؟!

2- الظروف المادية الصعبة للمعلم الأساسي تقع في طليعة هذه المشكلات التي تجر وراءها معاناة مريرة لا تتوقف، فأكثر راتب أتقاضاه شخصيا بوصفي مديرا لمكتب التربية، يبلغ 94 ألفا، بينما بقية الموظفين رواتبهم زهيدة جداً، تتراوح بين 65 ألفا كأعلى راتب و 36 ألفا فقط كأقل راتب، فكيف يمكن أن يعمل معلم بدرجة بكالوريوس راتبه 48 ألف ريال، في ظل الظروف الاقتصادية الحالية وغلاء الأسعار؟.

3- عدم دفع رواتب المتعاقدين لعدد 144معلما ومعلمة متطوعين، تم إدراجهم كمتعاقدين مع منظمة «اليونسيف» عبر مكتب التربية والتعليم ، ووزارة التربية ممثلة بقطاع التعليم وشؤون الموظفين ، وإلى يومنا هذا لم يستلم اي متعاقد ريالا واحدا من حافزه المقرر في العقود الرسمية.

4- عدم توفر الكتاب المدرسي، من الصف الرابع الابتدائي إلى الصف الثالث ثانوي، وكذلك السبورات في جميع المدارس منتهية الصلاحية، وبامكانكم النزول إلى الواقع لتشاهدوا بأم أعينكم ما نحن نعيشه واقعاً مراً في تربية سرار ..!
هذه أهم وأبرز الأسباب التي جعلت المكتب يعلق الدراسة في المديرية!!.

أما أسباب وصولنا إلى هذا الوضع الخطير يمكن إيجازها في الآتي:
( أ ) توقف التوظيف منذ عام 2011م إلى يومنا هذا.
(ب) إحالة عدد كبير من المعلمين إلى التقاعد، وهذا أحدث أزمة كبيرة من دون الاستفادة من الشاغر الوظيفي، وخاصة «مديرية سرار».
(ج) ما نراه ونلاحظه، أن هناك عدم جدية من قيادات المحافظة، في الإهتمام بمديريات المناطق الريفية، حيث التعامل معها يجري وكأنها ليست من مديريات المحافظة.. فلو أتينا على ذكر المنظمات، نجد بأن شعارهم «رعاية الطفولة» و «تعليم الفتاة»، لكنها تظل مجرد شعارات لا قيمة لها ولا أثر على أرض الواقع، فمثلا: هنالك تسرب عدد كبير من الفتيات عن التعليم الأمر الذي يفاقم ظاهرة الأمية ويعززها، وذلك لعدم توفر معلمات في المناطق الريفية..
تجدهم في المنظمات يتشدقون باسم تعليم «فتاة الريف»، بينما لا يصل شيء مما اعتادوا على قوله من شعارات براقة عديمة الجدوى.. وكذلك الأمر نفسه ينطبق على ما يرددونه دوما باسم الطفولة، في الوقت الذي فيه أبناؤنا مجبرون على التعليم تحت الأشجار وفوق الأحجار ، معرضون لحر الشمس والمطر والرياح والأتربة.. إنها مأساة حقيقية بكل تأكيد.. مأساة تدحض كل شعاراتهم الجوفاء وتلقي بها خارج سياق الزمن وخلف ضمير الإنسانية …!!

– 144 متعاقدا لم يتقاضوا ريالا واحدا إلى اليوم

بدوره يتكرم الأستاذ مرشد عبدالله هايل مدير ثانوية حطاط، بالإجابة عن الأسئلة المطروحة أعلاه ، من الزاوية التي يراها ويتعايش معها طوال أكثر من 28 سنة أمضاها ولا يزال خدمة في سلك التعليم الأساسي والثانوي، يقول :

تعاني مدارس سرار من نقص شديد في الكادر الوظيفي وخصوصاً مدارس القرى النائية ، ومع توقف التوظيف منذ أكثر من عقد ، تناقص عدد المعلمين بسبب التقاعد، أما بأحد الأجلين أو بالمرض أو بالوفاة ..
وكذلك انتقال بعض المعلمين إلى مديريات أخرى ، حيث كان يتم في السابق معالجة النقص بالتعاقد مع خريجين، لتغطية ذلك النقص ، كون السلطة المحلية كانت تساهم بجزء من المبالغ، الى جانب مساهمة مصنع الاسمنت الذي كان يقدم جزءً من مبلغ التعاقد ..
وفي العام الماضي تم التعاقد مع أكثر من 144 خريجا بواسطة مكتب التربية، على أن تتكفل منظمة اليونيسيف بدفع ما قيمته 50 دولارا في الشهر لكل متعاقد ، ولكن إلى الآن لم يتم دفع ريال واحد من قبل اليونيسيف للمتعاقدين، وعندما تم التخاطب من قبل مدير التربية سرار ؛ تم أشعاره بأن وزارة التربية والتعليم هي من ألغت اعتماد مديرية سرار من التعاقد، لأن الوزارة هي المخولة بتحديد المديريات التي تحتاج إلى المتعاقدين، بينما اليونيسيف عليها التمويل فقط .

مدير التربية سرار بدوره، حاول أن يقدم للبعض من المتعاقدين مواد غذائية من محلاته الخاصة، على أمل أن تصرف لهم مبالغ التعاقد ويتم تسديد الدين الذي عليهم ولكن ذلك لم يتم .
وما كان أمام مدير التربية إلا أن يتوجه إلى صندوق التربية، ويطالب بتسديد الديون التي عند بعض المتعاقدين، بيد أن المبلغ الذي في الصندوق لا يكفي لتسديد الدين .

وهناك مشكلة أخرى ، هي أن المتعاقدين لم يأخذوا مواد غذائية بالتساوي، فكل واحد عليه مبلغ مختلف عن الآخر، حسب احتياجه الخاص.

لذلك نحن الآن أمام مشكلة المتعاقدين العام الماضي، وأمام نقص المعلمين ، ويتزامن ذلك مع عدم وجود جهة تدعم مكتب التربية في المديرية، لحل أزمة المعلمين هذا العام ..
سببان رئيسان لتعليق الدراسة في مدارس مديرية سرار .!

إذن، لا معالجات ولا حلول جذرية أو مؤقتة، لمأساة الطلاب والمعلمين معا، في ظل إهمال وفشل رسمي مباشر ، يقابله استسلام تام لأهالي عاجزين يضربون كفا بكف ، أمام المدى المخيف الذي وصل اليه حال التعليم في سرار ..

المصدر

جوجل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى